حبّ وحرب (قصة مسلسلة) … الحلقة الثانية (سهد)

by wisam-mo | 31 يناير, 2016 9:30 م

– سهد

قضيت تلك الليلة ككوكبٍ فارقه مداره… عيناي معلقتان بنافذة حلم ماجَرُؤَ قلبي يوماً على وهم فتحها …

وروحي تطوف حول النبض عساها تلتقط إشارة من جاذبية المدار …

في الساعات المخصصة لي لحراسة المكان حاولت جاهداً أن لايشغلني شيء عن القيام بواجبي، ولكن دون جدوى… أحمد الله أن كانت تلك الليلة هادئة فلم يتسبب شرودي بتفريطٍ في جنب الوطن … أما الساعات القليلة التي خُصِّصت لنومي حيث يتسلّم المهمّة سواي ، فقد قضيتها شارداً ذاهلاً مشرئبَّ النّظر نحو نافذة مضمّخة بالحلم…دون أن يراود عينيَّ النوم الذي تقاذفتُه فأدبرَ عنّي وما شفعت عنده حاجتي للحظة اندماج الجفنين في باحة العتمة …
مع إطلالة شعاع الفجر كنت مستعدّاً لتسلّم مهامي رغم الإرهاق الذي كاد أن يرمي بي بين براثن السقوط لولا أن استنفرتُ كل ما أملك من شجاعة لتفاديها… فالمهام المناطة بي لا تحتمل التهاون…
جاءنا طعام الفطور المكوّن من قطعة من الخبز مع عدد من حبّات الزيتون والقليل من الزيت والزعتر… ندرك أن الطعام لا يصل إلينا إلا وقد نهشت معظمه مخالب تجار الأزمات الذين لم تسلم المؤسسة العسكرية من وجودهم فيها .. لكننا نتناول طعامنا بصمت.. فليس الوقت مناسباً للاعتراض… ولن نفرّط في حق الوطن طلباً لبضع لقيمات ستحرق سارقها يوماً ما..
أثناء تناولي طعامي نبّهني زميلٌ لي أن هناك من يرقبني من بعيد… ذهلتُ عندما رأيتها… سألتُه: هل رأيتَها عندما حضرت؟ أجاب بالنفي… قال بأنه رآها واقفة تتأملني أثناء تناولي طعامي ولم يشأ أن يخبرني منذ البداية كي لا أترك الطعام … فجلوسنا حول هذه المائدة المتواضعة يثير في النفوس الشفقة مما يجعلنا نحاول أن لا يظهر منا للآخرين إلا ما يثير مشاعر العزّة والفخر… ولهذا نتناول الطعام في هذه الساعة المبكرة من الفجر… لكن يبدو أنها مثلي ضحية الأرق ومنبوذة السهاد…
التقت عيوننا للمرة الثانية.. لكن هذه المرة لا يفصلني عنها إلا مسافة من الرّوع ينتاب كياني … رغم أن نبضي اخترق امتداد الأعين المتلاقية ليتّحد بنبضها ….
هممتُ بالاقتراب منها عندما استوقفني نداء قائد الكتيبة للتأهّب.. فالوضع حذِر وعلينا أن نكون بكامل الجاهزية القتالية…
عدتُ إلى مكاني داخل الدبابة ثمّ التفتُّ نحوها، فإذا بالساحة خالية إلا من الجنود والمعدّات العسكرية.. لم أنتبه كيف تمَّ إخلاء الساحة من الطلبة الذين لم يكن عددهم يتجاوز عدد أصابع اليدين في هذا الوقت المبكّر…
سمعنا صوت إطلاق نارٍ من بعيد … فجاء الأمر إلى حملة الرّشاشات بالإطلاق في الهواء للإيعاز بأننا متواجدون ومستعدّون…
صمتَ الصوتُ زمناً ليس بالقليل.. بقينا في أماكننا مستعدين لأي هجوم… ساعتان ولم يحدث شيء… قرّر القائد إرسال مجموعة من العناصر للاستكشاف…
كنتُ من الجنود الذين وقع عليهم الاختيار للقيام بهذه المهمّة الخطيرة..
بل اختارني القائد لقيادة هذه المهمة…
يتبع في الحلقة القادمة مع (المهمة)

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/10218