الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الحسناء النائمة

الحسناء النائمة
تأليف: شارل بيرو*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**

إهداء: إلى أختي المجتهدة و آخر العنقود، فتيحة الكيري، متمنيا لها التوفيق و السداد في مسيرتها الدراسية. تشجيعاتي و محبتي الأبدية يا أخيتي العزيزة.

كان يا مكان حتى كان في قديم الزمان ملك و ملكة يعيشان سعيدين في قصرهما، غير أنهما كانا يشتقان يوما بعد يوم لإنجاب ابن. و بينما كانت الملكة تستحم في النهر، ذات يوم، فإذا بضفدع تقول لها إذ سمعت ابتهالاتها:
– سيدتي الملكة، ستريان قريبا أمنيتكما تتحقق؛ إذ في أقل من سنة ستنجبان ابنة.
و بانتهاء سنة تحقق التكهن و أنجبت الملكة أميرة صغيرة. لقد كانت فرحة هي و زوجها، الملك، إلى درجة أنهما أرادا تنظيم حفلة كبيرة على شرف مولودتهما البكر. و إلى تلك الحفلة جاء كل أناس المملكة بما في ذلك الساحرات اللواتي تعمد الملك دعوتهن كي تمنحن فضائل نبيلة لابنته. و لكن حدث أن كانت ساحرات المملكة ثلاثة عشر ساحرة بينما كان بحوزة الملك اثنا عشر طبقا ذهبيا، مما جعله يستغني عن دعوة واحدة من بينهن دون أن يعير العاهل أي اهتمام لهذا الحدث.
على إثر انتهاء المأدبة، أهدت كل ساحرة موهبة إلى الأميرة. الأولى منحتها العفة و الثانية الجمال و الثالثة الغنى. غير أنه عندما بقيت الساحرة الأخيرة فقط لتقدم موهبتها، ظهرت الساحرة التي لم يتم استدعاؤها وهي قلقة جدا ثم قالت:
– عندما ستكمل الأمير سن الخامسة عشر ستتعرض لوخز بالمغزل و ستموت.
فغر كل المدعوين أفواههم من الدهشة و الخوف دون أن يعلموا ما يقدمون أو يؤخرون. غير أنه كانت قد تبقت ساحرة أخرى لكنها لم تكن تتوفر على القوة الكافية لإلغاء هذا السحر، و لهذا بذلت قصارى جهدها للتخفيف من تلك الإدانة:
– لن تموت، و لكن ستظل نائمة مدة مائة عام.
بعد هذا الحادث، أمر الملك بإحراق كل مغازل المملكة اعتقادا منه أنه بهذه الطريقة سيتفادى تحقق ذلك السحر.
كبرت الأميرة و نضجت فيها كل تلك المواهب بحيث كانت جميلة، متواضعة، ذكية… أميرة كانت تخلب لب كل من ينظر إليها.
وبعدها وصل اليوم الموعود: الميلاد الخامس عشر للأميرة و ترافق مع غياب الملك و الملكة عن القصر مما جعل الأميرة تغتنم الفرصة للقيام بجولة في القلعة. وصلت إلى البرج حيث التقت بإحدى العجائز التي كانت تغزل الصوف.
– ما هذا الشيء الذي يدور؟ قالت الصبية مشيرة إلى المغزل.
لكن أدنت أصبعها منه أكثر و بمجرد ملامسته أتى السحر أكله فوقعت الأميرة في سبات عميق.
بدأ النوم يدب في كل أرجاء البلاط وشرع كل الذين يعيشون خلف جدران القصر في الوقوع في النوم لأسباب مجهولة؛ الملك و الملكة والخادمات و الطباخ و الأحصنة و الكلاب انخرطوا في النوم بما في ذلك نار المطبخ. لكن ، بينما كان النوم يتعاظم في الداخل، بدأ ينمو في الخارج سياج من الورود البرية إلى أن غطى كل القصر تماما. لهذا بدأت تعرف الأميرة بالوردة البرية.
بمرور السنين، كان كثير من الفرسان الشجعان يعتقدون أنه من الممكن اختراق هذه الأجمة من الورد البري و الولوج إلى القلعة، لكنهم كانوا مخطئين إذ كان اختراقها أمرا مستحيلا.
و في يوم من الأيام وصل أمير ما و عاود الكرة. لكن، ما دام أثر السحر كاد يزول على إثر انتهاء المائة عام تقريبا، انفتحت الأجمة في وجه هذا الأمير ممكنة إياه من العبور إلى داخلها. طاف في أرجاء القصر حتى وصل إلى الأميرة التي افتتن بها مذ رآها. اقترب منها و بمجرد أن قبلها فتحت الأميرة عينيها بعد سباتها الطويل. و معها بدأ يستفيق تدريجيا، كذلك، كل أناس القصر علاوة على الحيوانات، و هكذا استعادت تلك المملكة ازدهارها و فرحها.
في تلك الأجواء من الفرحة تم زواج الأمير من الأميرة و عاشا سعادة أبدية.
*كاتب فرنسي عاش في القرن السابع عشر الميلادي. يعتبر واضع الحجر الأساس لنوع حديث في الكتابة الأدبية آنذاك يسمى بالحكاية الخرافية. و تعتبر حكاية “ذات القبعة الحمراء” من أروع ما كتب. و هي نفسها التي يدعوها العرب ب: “ليلى و الذئب”. وهذا الكاتب سليل أسرة فرنسية بورجوازية. لقد استطاع هذا الكاتب الفذ أن يصل إلى قلوب عشرات البلايين من البشر منذ نحو أربعمائة سنة إثر كتابته لعدة مجموعات قصصية تساعد على تربية الأبناء لكي تخدم أهدافا سامية كان يرى من الضرورة طرحها لأطفال المجتمع الفرنسي الذين كان يعيش بين ظهرانهم. أديب ألمعي و ميال إلى الفلسفة. توفي سنة 1703 للميلاد. و هذه القصة التي قمنا بترجمتها ها هنا، سمعنا مضمونها كثيرا دون أن نتحمس لقراءتها في اللغة الفرنسية و نحن مراهقون رغم قدرتنا على فعل ذلك لأننا كنا نرى أنها مبتذلة. و الآن ارتأينا ترجمتها من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية إيمانا منا بالقيم الإنسانية الرفيعة التي تحملها و منها ضرورة الصبر و التفاؤل لبلوغ المراد في الحياة.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *