إلى صديقي الشاعر الرحل حسين عبد اللطيف

by tone | 11 أكتوبر, 2017 10:02 م

الراحل ظهراً
…………….
رغم أن الوقت كان عند منتصف النهار حين وصلت إلى المدينة التي قيل لي أنه قرر أن يعيش ما تبقى من حياته في أقصى جنوبها. إلا أن كل أرصفة الشوارع التي مررت بها وأنا في طريقي .كانت مزدحمة جداً بالناس..في بداية الأمر تساءلت في دخيلتي.

عن سبب الأزدحام.غير أن شدة أشتياقي إلى صاحبي شغلتني عن التفكير بالجواب.
في طرف الساحة التي وصلت إليها أخيراً شعرت برغبة في التدخين. وفي ذات الوقت تذكرت أنني سبق وأن رميت علبة السكائر بعد نفاذها قبل وصولي إلى مدخل المدينة.بمسافة قصيرة .لذا أتجهت صوب أقرب حانوت.ومع لحظة وصولي طلبت من الرجل الموجود داخله علبة سكائر من النوع الذي تعودت على تدخينه .وبينما هو يقدم لي علبة السكائر سألته
-ما سبب الأزدحام
تفرس في وجهي بدهشة ثم سألني:-
غريب.؟
حدقت بكم دشداشته الفارغ من اليد ثم ناولته ثمن العلبة وأنا أجيب
-بالضبط.
وضع النقود في صندوق خشبي صغير كان يتوسط الأشياء المعروضة عند الرف الذي شغل جانباً من مقدمة الحانوت .ثم تناول قدحا زجاجيا مملوءا بالماء من قرب الصندوق الذي وضع النقود فيه قبل قليل.لكنه قبل أ أن يبدأ بالشرب سألني من جديد
سائح؟
سحبت سيكارة من العلبة التي فتحتها على التو .وبعد أن وضعتها بين شفتي أجبت
-كﻻ.
شرب قليلاً من الماء وبقى يحتفظ بالقدح في كفه.فيما راح يتفرس في وجهي لفترة أخرى قال بعدها:-
إذن؟
قلت وأنا أشعل مقدمة السيكارة:-
جئت لزيارة صديق.
هز رأسه من الأعلى إلى الأسفل ثﻻث مرات وفي الرابعة قال:-
آه.
وحين كف رأسه عن الحركة أعاد القدح إلى مكانه السابق ثم أضاف:-
الآن فهمت.
وأثناء ما هو يقول ذلك نفخت الدخان بأتجاه صورة لممثلة مصرية معلقة بجانب من الحانوت ثم قلت له:-
لم تجب على سؤالي.
وكما لو تذكر شيئاً ما على الفور أجاب:-
آه. …آسف..
وسكت لفترة وجيزة جداً ثم أستأنف بصوت مختنق
-شاعر المدينة .
ما به؟
فتح فاهه كي يستعد للكﻻم من جديد.لكنه قبل أن ينطق ساد المكان نحيب جماعي عندئذ حولت نظري من الرجل ذي اليد الواحدة إلى مصدر النحيب.حيث ألتقت عيناي بتابوت مرفوع فوق الرؤوس تتقدمه صورة الرجل الذي جئت لزيارته.في تلك الدقيقة عرفت سبب ذلك الأزدحام .ثم رحت أبكي أنا الآخر من الأعماق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/11128