الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

كيس البلاستيك الذي عشقته الأسواق فصار وباء

 

 

عندما دخل كيس البلاستيك الأسواق العالمية أواخر السبعينات من القرن الماضي اعتبره التجار والمستهلكون فكرة ثورية. رخيص التصنيع لا يكلف الباعة شيئاً يذكر. خفيف لا وزن فعلياً له. المستهلك يأخذ منه ما يشاء ليملأه بالبضائع والبائع لا يتذمر. عشقوه. وسرعان ما اجتاح الأسواق. اعتمدته كل محلات السوبرماركت والبقالات كبيرة وصغيرة، في الدول الغنية والفقيرة، في المدن والقرى، ثم اعتمدت المخازن الأخرى نسخا مختلفة منه، اسمك قليلاً، أجمل، أكثر تلوناً وأكثر جاذبية.
صار موجوداً بوفرة في كل المحلات. عند بائع الخضر والفاكهة نراه معلّقاً رزما رزما. نسحب واحداً للعنب مثلاً، وآخر للتفاح، وثالث للبندورة، وهكذا. في السوبرماركت نطلب من العامل ان يضع كل صنف أو الأصناف المتشابهة في كيس واحد لتسهيل تفريغها في المنزل. ومتى أفرغناها نستسهل رميها في سلة النفايات أو في دورة وظائف أخرى.
ونتيجة صفات هذا الكيس بدأ الإنسان يطوِّر استخدامه وكلما كانت المجتمعات أفقر توسّع دور الكيس. قد يتحول كيسا للنفايات في المطبخ أو الحمّام. كيسا لتخزين الطعام أو الثياب أو غيرها. بل حتى يستخدم أحياناً لنقل المياه ومكعبات الثلج. قد يصير أشبه بحقيبة يد لنقل كتب أو صحف أو غيرها لوقايتها من المطر. ففي النهاية هذا كيس، بلاستيك أو “نايلون” كما يسميه كثيرون. رقيق جدا ومتين. يقاوم الماء والرطوبة. خفيف. والاهم ان لا قيمة له. متى أردنا التخلص منه نفعل ذلك بلا تردد فسنحصل على عشرات مثله في أي لحظة.
لكن هذا الكيس، الذي يبدو أن كله فوائد، تحوّل في السنوات الأخيرة هاجساً بيئياً. دول ومجتمعات تسارع إلى التخلص منه. أخرى تصارع للتخلص منه. وحملات في العالم للتنبيه إلى مضّاره أملا في المساهمة في التخلص منه. فماذا حصل لكي يصير كيس البلاستيك منبوذا كأنه وباء؟
الأسباب كثيرة لا شك في أن في صلبها حقيقة لا يمكن أحداً أن ينكرها أو يتنكّر لها ليبقى خارجها أو يقنع نفسه أنه لا يراها: الوعي الأخضر بدأ يتعولم.
ولكن هل نحتاج فعلاً إلى هذا الوعي لنرى الوجه الآخر لكيس البلاستيك؟ الواقع أننا نراه أينما كان وليس في السوبرماركت أو سلال النفايات فقط. نراه يملأ الشواطئ ويطفو على وجه المياه والأرجح أن كثيرين “اصطادوه” أو “اصطادهم” وهم يسبحون في البحر. نراه يتطاير أمامنا في الطرق ويحط أحيانا على زجاج السيارة ونحن نقودها. ونراه عالقاً على الأشجار أو على الأسيجة. هذا كله بفضل خفة وزنه وقدرته على الطيران وطبعا بفضل خفة الإنسان في التخلص منه، فيتركه في البرية بعد نزهة أو يرميه من السيارة أو على الرصيف.
هذا ما نراه مباشرة. لكن حقيقة الضرر أكبر من ذلك بكثير والسر يتجاوز صفاته إلى مواد تصنيعه والاهم إلى دورة حياته. فهذا الكيس الذي أظهرت الدراسات أن معدل استخدامه لا يتجاوز 12 دقيقة يعيش ما يصل الى ألف سنة. ورغم ذلك كثرت معامل صناعته في محافظة حماه وغيرها حتى اصبح عددها ما يقارب العشرة معامل وهذا الكيس
مصنوع من مادة البوليثيلين وهي من المشتقات النفطية. وتالياً فإن إنتاج أكياس البلاستيك يساهم في استهلاك الطاقة وتلوث الهواء وارتفاع حرارة الارض. وما يستهلكه العالم منها سنويا يراوح بين 500 مليار وتريليون كيس.تقريبا وفي بلدة كفربهم نحتاج بشكل تقريبي7500كيس يوميا وبهذا فإن الطلب العالمي عليها يتقاطع مع مشكلة الطلب على النفط. ومثل فقط، ان الولايات المتحدة التي تستهلك سنويا نحو 100 مليار تستخدم أكثر من 12 مليون برميل من النفط لتفي بهذا الطلب.
الأهم أن مادة البوليثيلين تحتاج الى مئات السنين لكي تتحلل. إذا فإن مشكلة كيس البلاستيك لا تنتهي عندما نتخلص منه بل هنا تماما تبدأ. سواء أكان الكيس في مقابر النفايات أم كان يتجول في الطبيعة فإنه يتكسّر جزيئات سامة تتسرب إلى التراب والمياه وتفعل فعلها في النبات والحيوان ولا سيما منها الحيوانات البحرية
والبرية والنهرية .ومن هذا المقال نتمنى من كافة الأشخاص من يقرا هذا المقال أن يقترح لنا كيفية تخفيض نسبة استهلاك كيس النايلون والتخلص من أضراره ونجعل بلدتنا نظيفة من هذا الوباء

التعليقات: 1

  • يقول متابع:

    “اعادة التصنيع” هي الحل ليس لهذه المشكلة فقط بل لمئات المشاكل المشابهة, و هنا نعود للب المشكلة ألا و هو الانسان و مدى وعيه و المستوى الحضاري الذي وصل اليه المجتمع, و هنا أسأل لو وضعنا حاوية و كتبنا عليها خاص باعادة تصنيع أكياس النايلون “مثلا”, فيا ترى كم انسان في بلدتنا الكريمة سيتعب نفسه بفرز أكياس النايلون التي يستهلكها و التوجه الى هذه الحاوية لوضعها فيها…..؟! “انا شخصيا لا أستطيع الجزم” ولكن أستطيع تعميم السؤال على جميع المجتمعات في الدول النامية!…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *