الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حنا وأرض كفربو

 

 

 

 

 

 

بسم الآب و الإبن و الروح القدس الإله الواحد آمين.

 

قال آبائنا و أجدادنا: (الأرض … عرض, إن لم تُغنيك بتسترك)

في ظل الأزمة الحالية التي يتعرض لها بلدي الغالي سوريا , تراجع الوضع الاقتصادي لمعظم الناس… فمعظم المهن تراجعت … و لكن الشيء الذي شمخ هي الأرض , فالعائلة التي تملك أرضا” زراعية لا تخاف من متغيرات الظروف و الأزمان , فغلالها الوفيرة كافية لكي تستر العائلة مهما حدثت من حولها زوابع و أعاصير.

فقد نتج عن الظرف الحالي ذوبان للثلج ليُكّشف المرج , حيث شعرت الناس بقيمة الأرض و بأن الأرض لا تباع بأي ثمنٍ كان… و قيمتها الكبرى تكمن في أنها ميراث الآباء و الأجداد…فمن يبيع ميراث أبيه… ؟!


لقد أنعم الله على بلدتي الغالية بأرض خصبة , تتنوع فيها المزروعات من القمح إلى اليانسون و الكمون و الشمرا و إلى الزيتون و الخضار و البطاطا و الشوندر السكري إضافة” إلى بعض أنواع الفاكهة…

و لكن هذه النعم بحاجة إلى زنود سمراء تعي قيمة الأرض و كيفية استثمارها بشكل جيد لكي تعطي مردودا” جيدا” تُعين الفلاح في درء خط الفقر …

فكثير من الناس يتحدثون عن مردود الأرض هكذا: ماذا يعطي دونم البعل في الموسم الواحد مقارنة” فيما إذا بُيعت الأرض و تم استثمار هذا المال في مشروع اقتصادي ما سلبي أم إيجابي , طبعا” هذه المقارنة غير صحيحة للأسباب التالية :

1–   الأرض هي وجود , بمعنى أنه لا وجود لي بدون الأرض…

2–   الأرض هي ميراث الآباء و الأجداد و لا يحق لي أن أبيعها… حيث قال الكتاب المقدس : ملعونٌ من يبيع ميراث أبيه…  

3–   الأرض تُغني فيما إذا استثمرت بطريقة صحيحة و الدليل على ذلك , أسأل نفسي سؤالا” : لماذا يتهافت الآخرين على شراء الأراضي … هل هم  جاهلون أم حكماء… أنا أعلم و الكل يعلم بأن مردود الأرض يتوزع كالتالي:

          أ‌–         أكثر من 50% من مردود الأرض يذهب لليد العاملة  , و هنا نسأل أنفسنا : أين هم شبابنا و شاباتنا… لماذا نستعلي على اليد التي أكلنا و شربنا من خيراتها…!

       ب‌–       قسم كبير يذهب سدى إلى يد التاجر

       ت‌–       قسم لا بأس به يذهب بأسعار رخيصة … مثل تبن الحصيد الذي يجب أن نجد طريقة  لتخزينه و من ثم بيعه بأسعار عالية ….

       ث‌–       الأرض المروية تملك خيارات كثيرة و منها : زراعة الأرض موسمين في العام … و التركيز على الأراضي البعلية بزراعة الزيتون و الكرمة بينها…

لدى أهلي حوالي 1.25 دونم حيث أقوم أنا باستثماره سنويا” حيث زرعت بها /40/ زيتونة و قمت بزرع الكرمة بينهم و لكن لتقصيري في سقايتها في البداية فقد ماتت الكرمة … و أقوم سنويا” بزراعة البامية و القتة و الجبس البعلي بين أشجار الزيتون… و السنة المقبلة أزرع حمص…

طبعا” إن إنتاج أرضي ( 1.25 دونم) لا تعيّش عائلة و لكن كلمة – أنا ذاهب لأعمل بأرضي لا تُثّمن بثمن… و عندما آكل أنا و عائلتي من ثمارها الطبيعية … أشعر بسعادة كبيرة لا أستطيع أن أصفها…

من هنا فأنا لا أستبدل أرضي بمال الأرض و مهما كان و أيا” كان ثمنه و قيمته المادية و المعنوية… فلو كانت الأرض تُشرى و تباع لانتهت الكثير من الحروب و النزاعات…

فأعظم ما تورثه لأولادك هي الأرض فهي الصنارة التي يُصطاد بها السمك…

صدّقني يا أخي عارٌ على الإنسان أن يبيع ميراث أبيه , فالميراث هو تاريخ وحضارة…

فقد كانت معظم أمثال السيد المسيح مستوحاة من الأرض :

–         مثل الزارع  متى (1:13-9)

–         مثل الكرامين متى (21 :33-46)

–         مثل حبة الخردل متى (13: 31-32)

–         مثل الزؤان متى (13: 24-30)

–         مثل الكنز و اللؤلؤة والشبكة متى (13: 44-50)

–         مثل العمال في الكرم متى (20: 1-16)

–         مثل الزرع الذي ينمو مرقس (4: 26-29)

–          مثل شجرة التين لوقا (21: 29-38)

و لكن إن لم أعرف ما قيمة هذا الكنز … فهنا المشكلة..!

المشكلة عندما ترفض العائلة فكرة العمل في الأرض… فإن أهملت الأرض فإنها تهملك… إن الأرض بكل خيراتها و معانيها تلامس الأمور الروحية… لذلك بقدر ما نبتعد عن مغريات هذه الحياة الفانية بقدر ما نلتصق بالسماويات و نلتفت إلى الشيء الأزلي الأبدي الذي يعطي الإنسان معنى” أعظم لحياته الدنيا و الآخرة…

عندما تسأل الناس عن أسباب بيعهم لميراث آبائهم و أجدادهم فتكون الأجوبة كالتالي:

–         نعم لقد بعتها , و لكنني اشتريت بثمنها أرضا” في جنوب البلدة…! و هنا أقول: هل يستبدل الميراث…

–         بعتها بسبب مرض ابني و إنني بحاجة ماسة إلى المال…! و هنا أقول: ألا توجد طريقة أخرى لكي – تفك ضيقتك- سوى هذه الأرض المسكينة , ألا تعلم بأنك شفيت ابنك جسديا” و لكنك سببت له مرض أزلي ببيعك لميراث العائلة…

–         بعتها لأنني أريد أن أستمتع بحياتي ,حيث أريد أن أشتري سيارة و يكون لديّ رصيد في البنك , حيث من قيمة فوائد المال الذي أبيع به أرضي أحصل على مردود أكثر من مردود الأرض …علما” أنني لن أعيش سوى حياة واحدة …! و هنا أقول:هل فكرت بميراث العائلة و مستقبل أولادك , بل بمال الحلال و ماذا ستُورث أولادك … فهل كل شيء يثمن بالمال… فأنا أعرف شخصا” قد قام ببيع أرضه , و قام بشراء سيارة بثمنها و أتذكر المبلغ بحوالي /1.250.000 / ل.س , و بعد حوالي شهر و نصف تعرضت السيارة و صاحبها لحادث مؤلم … اضطر على أثرها إلى بيع السيارة بقيمة /250.000 / ل.س … و هنا أقول : لماذا لا نستثمر أموالنا في الأرض التي نملكها من خلال إقامة المشاريع فيها مثل معمل أعلاف – معمل أجبان- مبقرة – تثمين عجول – … الخ , حيث تكون بالنسبة لي مورد رزق جديد و أحرس أرضي في نفس الوقت … و من إنتاج هذا المصنع أستطيع أن أشتري ما أريد…

–       بعتها لأنني أريد أن أسافر إلى بلاد بعيدة … فقمت ببيعها إلى الغرباء عن البلدة لأنهم دفعوا لي مبلغا” أكبر… و هنا أقول:أتمنى لك إقامة سعيدة في بلاد المهجر … و لكن هل تستطيع أن تنسى الأرض التي تربيت و ترعرعت بها … بل أين هم الأصدقاء و الأحبة… كل هذا ألا يستحق منك أن تكرّم مسقط رأسك بأن تنأى عن بيع أرضك للغريب أو أن تتبرع بأرضك للكنيسة أو لفقراء هذه البلدة التي لا نجد بها شيئا” -للأسف- يذكرنا بمغتربي هذه البلدة الحبيبة…

–         بعتها لأن جاري قد باع للغرباء و تعرفون أنني رجل ًمحافظ و لا أريد أن أقع في ورطة مع جاري الغريب…! أقول:هل هذا عذر بحق السماء , ألا تذهب عائلتك إلى هنا و هناك لكي تتسوق ,فإن لم يضبط الإنسان -رجلا” أم إمرأة – تربيته البيتية المبنية على قيم و مبادئ السيد المسيح فلا شيء على الأرض ممكن أن يضبطه…بل لنتخيل ما وضع أراضي البلدة لو أن كل شخص في كفربو فكّر بالطريقة التي تفكر بها…

–       بعتها لأنني أنا الذي اشتريت الأرض و ليست من ميراث أبي و من حقي أن أبيعها لمن أشاء…! و هنا أقول:ألا يشّرفك أن توّرث أولادك قطعة أرض,بل هل يبيع المرء الكنز الدفين… إنها الأرض التي تحتوي في داخلها على المئات من الكنوز الدفينة… لماذا لا نتذكر تعب أجدادنا و كفاحهم المرير من أجل المحافظة على هذه الأرض و توريثها لأبنائهم… صدقوني ذاقوا الجوع و العطش و لم يفكروا يوما” ما ببيع أرضهم… (يا حيف عليكم…)

–         بعتها لأنه لا يوجد لدي أحد يعمل في الأرض و أنا لا أستطيع أن أتابع أمور الزراعة بسبب انشغالي في أعمال كثيرة…! و هنا أقول:لماذا لا تشّجرها بالزيتون على سبيل المثال أو تزرعها بالحبوب ,و هذه لا تحتاج إلى تعب و متابعة كثيرة…أو أن تؤجرها لأحد إخوتك الفقراء …

–         بعتها لأنني تشاجرت مع جاري , فقررت أن أبيعها للغريب نكاية” به…! و هنا أقول:الله يسامحك… هل أصبح الميراث وسيلة لتصفية الحسابات بل هل نسيت أولادك .. ألا تعلم أن الأرض وجود , و أن (الذي لا يوجد به خير لبلده ,لا يوجد فيه خير لأحد)…

–         بعتها لأنني تعرضت للسرقة أكثر من مرة حيث قاموا بسرقة البطاريات و البخاخات … و هنا أقول : لماذا لا تقوم أنت و جيرانك بتسييج الأرض و تضعون حراسة للأرض… فالحِمْلُ على الجماعة هو خفيفٌ … بل أسألك سؤالأ” : إذا تعرض بيتك للسرقة … هل تبيعه؟ بالتأكيد ستقول لي : لا, و أنا أقول لك : إن بيتك و الأرض هما جزءٌ لا يتجزأ … فكن أكثر حكمة”… علما” أن رأس الحكمة هي مخافة الله…

 

 أجدادنا قالوا : الأرض عرض , أي الشرف .

إنهم لم يقولوها عبثا” بل عن حكمة و دراية و تجربة…

و الشيء المحزن أن في بلدتي الغالية هناك العديد من المكاتب العقارية , إذ يقوم بعضها بالعرض(السمسرة) على أراضي البلدة و ذلك للغريب و القريب , مقابل حفنة صغيرة من المال … و هنا أقول لهم : عندما يحكم الحاكم على مجرم , فإنه يصدر حكمه أيضا” على كل من له يد في الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر… فاعلموا أنكم مشتركون في جريمة بيع الأراضي للغرباء الذين لا نعرف من هم و من أين أتوا و ما هي أهدافهم

أليس من باب محبتكم للبلدة -التي تدّعون أنكم تحبونها- بأن  ترفضوا رفضا” نهائيا” أن يتم البيع عن طريقكم… طبعا” سيكون جوابكم بأنه سيبيع عن طريق الغير…هذا صحيح و لكن هل أقبل لنفسي أن أقوم بدور سلبي – مقابل حفنة من المال – تجاه نفسي و مبادئي و تجاه أهل بلدتي الأكارم…أليس جديرا” بكم أن تقوموا بدور المرشد لهذا الإنسان الذي يريد أن يبيع أرضه…

و هنا أشدد على دور الكنيسة الضعيف تجاه الكثير من الأمور التي تهم الفرد و المجتمع

إذ أتمنى أن تقوم الكنيسة بدور حول ذلك عن طريق:

1-   توعية الناس حول موضوع الأرض , و ذلك من خلال الموعظة الأسبوعية للكاهن…و أيضا” من خلال إقامة الندوات حول ذلك…

2-   تشكيل لجنة خاصة في لجنة الوقف مهمتها :

–         دراسة الوضع المالي و الاجتماعي للذي يريد أن يبيع أرضه , بهدف تقديم المساعدة له …

–         أن تلعب دور الوسيط بين أهالي البلدة في موضوع بيع الأراضي بحيث يتم الاتصال مع أهالي البلدة من أجل شراء الأراضي المعروضة , إذ كثيرا” من الأراضي قد تم بيعها للغرباء و لم يسمع بها أحد من أهالي البلدة…بل لنسترجع بالذاكرة أرض الوقف الحالية(و التي تحدثنا عنها في المنتديات في مقالة مطولة للأستاذ طوني ناصر) و كيف حصلت عليها الكنيسة و ما كان لها من دور إيجابي لأهالي البلدة على مر العصور …

 

فلنضع يدنا بيد بعض و لتكن المحبة عنواننا, متكلين على الرب يسوع المسيح له المجد لكي نستطيع أن نبني بلدتنا الغالية على قلوبنا جميعا”…

ملاحظة:

مع هذه المقالة مقطع فيديو لطفل من كفربو اسمه حنا ( يمكنكم مشاهدة الفيديو ضمن صفحتنا على الفيس بوك ) … حيث قام والده بتصويره عام /2005/ من أجل أن يقدمه هدية” لولده عندما يكبر , و تحديدا” في وقت تسجل الأرض باسم حنا في السجل العقاري و على غلاف شريط الفيديو عبارة مكتوبة تقول:(( إلى ولدي الغالي حنا : قبل أن تفكر يوما” ببيع الميراث ,أرجو أن تشاهد شريط الفيديو … و شكرا”… ))

مفيد ناصر / 2012 /

و دمتم بألف خير

 

التعليقات: 5

  • باش مهندس مفيد ؛بارك الله فيك…….

  • يقول م.سلوم يازجي- م.جورج حلاق:

    الأخ مفيد إن اللذين لا يزالوا يبصرون النور أمثالك هم قليلون ,فقد دخلوا في ظلمات الحياة و عيونهم قد أصيبت بالعمى من هرولتهم وراء أهوائهم وشهواتهم ,ففقدوا موازينهم ولم يبقوا قادرين على التمييز بين النفيس والرخيص ,بين الصديق و العدو ,بين الخير والشر ………….. .
    بارك الله بك وبأمثالك الغيورين على هذه البلدة الجميلة ونتمنى لكم التوفيق و النجاح …

  • يقول متابع:

    كلام رائع جدا و ياريت كل الناس تفكر بهالطريقة قبل ما تبيع أراضيها!
    و لكن هناك مثل شعبي يقول “دنب ….. أعوج و لو حطوه بمية قالب”….
    أكيد أن من يبيع أرضه سيندم في وقت لا يفيد فيه الندم, ولكن ماذا سيخسر فيما لو باعها لأحد من أقاربه أو على الأقل لأحد الميسورين من أبناء البلدة…!؟ فيحصل على مبتغاه و في نفس الوقت لا يحرم بلدته التي تربى فيها و أكل من خيراتها من ربوعها و أراضيها الخيرة.
    الانسان حر في خياراته و لكن تنتهي حريته عندما تبدأ حرية الأخرين ,و بما أننا وصلنا الى زمن يصوغ فيه كل شخص مبادئه الخاصة التي تناسب أهوائه و شهواته, توجب علينا نحن المتمسكين بقيم الاباء و الأجداد أن نصوغ حالة من النبذ و العزل لأمثال هؤلاء من خلال مؤسسات بلدتنا الاجتماعية و الدينية, فبربكم هل يوجد انسان عاقل يقترب من انسان مليء بالأمراض دون أن يضع كمامة على أقل تقدير……..؟!

  • يقول الخوریة أنطوانیت:

    کلام رائع لمن یدرک أهمیته ..وکل ما ذکرته آنفآ حاصل بالفعل وأنا أثني علی دور الکنیسة في هذا الموضوع بالذات ..نحن في رعیتنا المتواضعة نحاول أللا تباع الأراضي إلا لأبناء القریة مع أنه قد بیعت أراضي کثیرة للغرباء بسبب الهجرة إلی الخارج شیئ مؤلم ولکن نحاول قدر المستطاع بأن لا تباع للغرباء من أجل أن نحافظ علی عاداتنا وتقالیدنا وقیمنا المسیحیة وهذا لیس تعصب إنما هو حقیقة وواقع معاش ..أکرر شکري للأستاذ مفید.. المقالة یجب أن تنشر بشکل أکبر بین الشباب ..

  • يقول أسعد مصيوط:

    الموضوع هام وحساس جدا” وجاء في الوقت المناسب والكاتب استطاع أن يقدمه في وقت مهم بالنسبة للأرض , حيث كانت مبادرة الكاتب المهندس مفيد ناصر من أجمل المبادرات لأنها كانت جامعة وشاملة بكل مايتعلق بالأرض , حيث رأى الأخ مفيد هذا المرض العضال يستشري فأراد أن يلفت نظر الناس إلى أن البساط يُسحب من تحتهم دون أن يدروا ويلات سحبه ..

    لقد عالج الأخ مفيد بيع الأراضي بطريقة وأسلوب جديد , حيث جعل من حنا ذلك الطفل البريء يستلذ بطعم تراب الأرض ويبقى طعمها حتى يكبر ويعرف قيمة الأرض حين يرثها من أبيه …

    غيرة الكاتب على أبناء بلده وحزنه على هذا البيع يبدو إيحاء” من كلمات المقالة وقد أحزنه إهمال الناس لأراضيهم وحز في نفسه هذا التصرف الهدام …

    رأى الأخ مفيد أن الظروف والأزمات المادية والمرض هي التي دفعت بعضهم للبيع ورأى أن هذه الأسباب غير مقنعة فهي آنية وتزول بسرعة , ولكن بيع الأرض إذا تم فأنت قد بعت نفسك ومجدك , لأن وجود الأرض يحقق الكيان والحياة عند الإنسان لأن الأرض كالأم الحنون , وهي أكثر حنانا” من الأم , لأن الأم ترضع أولادها لفترة وتودع الحياة لكن الأرض ترضع أبناءها مئات السنين من خيراتها وتعطيهم مما في باطنها إلى الأبد ولاتؤثر في الأرض العواصف والفيضانات ولا الحروب ولا الزلازل وتبقى شامخة شماء تتحدى كل شيء كما نوه عن ذلك المهندس مفيد …

    ويأتي التساؤل لماذا هذا البيع (بيع الميراث ) وهو ليس من حقك بيعه , فهو من الأجداد للأحفاد على مر العصور والقرون وهنا يحضرني قول سليمان الحكيم : (( لاتعطوا ميراثكم لأبنائكم مادمتم على قيد الحياة حتى لايباع وتنامون في الطرقات )) ..

    وقدم بعضهم الأسباب المتعلقة بعدم وجود من يحب الأرض حيث الكسل يحيط بالعائلة والسهر وبعضهم تحدث عن مصاريف المرض دفعتهم للبيع ونسي أن الدورة الزراعية تعطيه ربع ثمن الأرض , وترجع أهمية الأرض (الوطن) ويعرف ذلك المغترب , حتى أمثلة السيد المسيح كانت لها علاقة بالأرض (مثل الزارع – الكراممين – الزؤان والقمح ..الخ) …

    وهنا يحضرني قول الأجداد ( إياكم بيع الأرض لأن كل مايمر تحته الهواء يزول ) ويحز في نفس الأخ مفيد هذه الأعذار الواهية كالسفر أو شراء سيارة أو تبديل أرض بأرض …

    والنيجة أشكر الكاتب المهندس نائب رئيس التحرير في موقع مجلة كفربو الثقافية غيرته على أرض بلدته ونتمنى أن يتمثل هذا الأمر في نفوس شبابنا ورجالنا ويتمسكوا بأرضهم كما فعل الأجداد ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *