الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

ظاهرة الوقوف على الأطلال

 

ظاهرة تغلغلت بين ثنايا العصر الجاهلي و أصبحت محط أنظاره هي ظاهرة الوقوف على الأطلال ويمكن أن يتلخص تعريف هذه الظاهرة بأن الوقوف على الأطلال هو زيارة المكان الذي ما زالت به منازل الحبيبة أو القبيلة وتذكر الماضي .
وبعض المسرين يرون أن الوقوف على الأطلال أو بالأطلال هو طقس ديني جاهلي وهذا سر ثباته في مقدمة القصيدة الجاهلية فالوقوف على الأطلال في الشعر الجاهلي هو بمثابة المقدمة الموسيقية للسيمفونية في الموسيقى ويعد امرؤ القيس أول من أستخدم شعر الوقوف على الأطلال غير أننا لا نستطيع الجزم بذلك مؤكدين أو نافين لأن امرئ القيس قال
عوجا على الطلل المحبل لعلنا نبكي الديار كما بكى ابن خذام
فهنا يبين امرئ القيس أن ابن خذام وقف على الأطلال وربما هناك شعراء أخرون وقفو قبله .
والوقوف على الأطلال ليس بالضرورة الوقوف على أطلال المكان بل الزمان أيضا وهذا ما نراه في قول غازي القصيبي في مطلع قصيدته (يومان) :
رسمت الحلم موطننا
رسمت الصحو منفانا
لظاهرة الوقوف على الأطلال أسباب عدة أهمها :الحنين الذي يشعر به الأنسان في دار الحبيب بعد أن خلت هذه الدار من الحبيب فرؤية منازل الأحبة خالية تشعر الشاعر بالحنين والشوق وكان لانعكاسات البيئة الصحراوية على الناس قيامهم بالترحال بحثا عن الماء والكلأ وكان يسمى الناس الذين يتجمعون في موضع اللقاء بالخليط وهنا يبدأ شعر الوقوف على الأطلال عند ابن الغدير في الخليط :
إن الخليط أجد و البين فابتكروا لينة ثم ما عادوا ولا انتظروا
وقال جرير :
إن الخليط ولو طوعت ما بانا وقطعوا من حبال الوصل أقرانا
وقال بن حري :
إن الخليط أجد و البين فابتكروا وأهتاج شوقك أحداج لها زمر
وهناك أسباب أخرى للوقوف على الأطلال مثل البعد عن المحبوبة والاشتياق لها في دار الغربة أو موت المحبوبة وهنا يدمج الشاعر في قصيدته مشاعر الحزن بمشاعر الشوق ولعل من أبرز انعكاسات هذه الظاهرة على الشعر الجاهلي ابتداء الشعراء قصائدهم بالوقوف على الأطلال والبكاء على الديار والاستطراد الى وصفها وجعلوا ذلك شبه قاعدة فنية نادرا ما يخرجون عنها ومن مقدمات الوقوف على الأطلال قول زهير بن أبي سلمى :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
بها العين والأرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وأختم بالقول : إن ظاهرة الوقوف على الأطلال كانت من روائع المقدمات الشعرية أضافت رونقا خاصا على الشعر الجاهلي فأصبح يتميز برهافة الحس والجمالية في القصائد ويتفق معظم النقاد على أن ظاهرة الوقوف على الأطلال من أجمل ما قام به شعراء العصر الجاهلي ومصدر لجمال قصائدهم .

التعليقات: 17

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *