الأزياء الشعبية جزء من التراث

by tone | 3 ديسمبر, 2012 11:14 ص

[1]

 

إن المتتبع لأهداف العولمة يجد أن في أولويات قائمتها هي مسح الذاكرة الشعوب ،وسلب هويتها وتراثها فتراثنا الشعري الذي يجسد في فلسفة وجودنا على أرض وطننا الغالي ،

ويرسم بصمته ،ويرصد مكانه الثقافي . تعمل الامبريالية العالمية لاختراق شعبنا ،وتخطط لنهب تراثنا الثقافي وإذابته وطمس هويتنا الثقافية أيضاً، وأزياؤنا الشعبية هي جزء من تراثنا وهي مصدر تاريخي لنا، سواء ما بقي منها في الريف أم في البادية السورية.ومما يثير الانتباه أن هذه الأزياء لا تنتمي إلى فنان أو جيل بل هي من عمل الشعب كله. فهو الذي صمم وابتكر وصنع الأزياء الشعبية بما تتلائم مع البيئة والطبيعة والبنية الاجتماعية.إننا نلاحظ أن سكان المناطق الباردة يرتدون الألبسة السميكة فالمرأة ترتدي ثوباً مخملياً ودامرا طويلاً وسروالاً من الجوخ وتراعي أن تكون الألوان غامقة بحيث تمتص أشعة الشمس ولا تشعها . بينما في الصيف يلجأ الناس إلى ارتداء الألبسة القطنية الرقيقة الواسعة التفصيل ذات الألوان فاتحة لتعكس حرارة الشمس.
كما تختلف الأزياء حسب البنية الاجتماعية.فأزياء أغنياء المدن تعطينا بغناها وتعقيدها صورة عن الطبقة الأرستقراطية نظراً لتكاليفها الباهظة وكثرة زخارفها المشغولة بخيوط الذهب الخاص والفضة ، على عكس الثياب الريفية التي تمتاز ببساطتها ولكنها أحياناً لا تخلو من مطرزات بخيوط ذات ألوان بديعة تعكس ذوقاً رفيعاً وصنعة متقنة وهي أحيانا في اختلاف نوع القماش و التطريز ترمز إلى المنطقة والبيئة….
تتصف أزياؤنا الشعبية بأنها أولاً هي ثياب مريحة وذلك يتبين من خلال تفصيلها ومقاسها الفضفاض ، كما أنها ترضي غرور الشرقيين وكبريائهم إضافة أنها أخلاقية محتشمة ، فهي صحية أيضاً كما أنها كما أسلفنا جميلة فنية وغنية بزخرفتها . وما ينطبق على الزي النسائي ينطبق على زي الرجال ويكفي أن نشير أن الطقم العربي بكامل خرجه بخيوط الحرير على صدر الكلابية وأكمام الدامر يفوق سعره اليوم ستون ألف ليرة سورية ويزيد …فهذا الزي كلباس مع الكوفية و العقال على الرأس يمثل شموخ العربي في كل زمان وعلى أي ارض وجد عليه وهي موضة لا تتبدل أو تتغير على مر الزمان…
مثلها في ذلك مثل القفطان السوري الذي بات موضة العصر .فالقفطان في تراثنا العربي عامة و السوري خاصة هو ثوب عريق لبسه ملوك الآشوريون فكان الملك الآشوري في لبسه القفطان يمثل سيد العالم فهو يبدو به وما عليه من زخارف باذخة ومشابك ذهبية وأحجار كريمة معلقات تزيين الكتف منظر يفرض الهيبة ويأخذ بالعقول والألباب لفرض جماله . وقد انتقل هذا القفطان الآشوري مع الجيوش إلى مصر فالمغرب العربي ليتطور ويأخذ شكل البرنس وليصبح لباس الملوك في أوروبا وسيدات المجتمع و الصالونات …مثله في ذلك مثل لبس العباءة للمرأة متمثلة بزنوبيا ملكة تدمر المرأة الشامخة العربية التي وقفت ضد روما وقارعتها كانت تلبس العباءة التي تحمل في ثناياها الشرابات الحريرية ، وهي فضفاضة تتثنى بقماشها الرقيق الحريري الناعم و الطويل الذي تتلاعب به نسمات الهوا أحياناً فيفوح العطر منثوراً برائحته الذكية أينما سارت أو حلت . إنه لباس يدل على أنوثة المرأة في إشارات خاطفة مع أناقة المظهر والحشمة والاحترام .
هذا الزي ولد في سوريا أيضاً وما زالت المرأة تلبسه …
إنها أزياؤنا الشعبية هي جزء من تراثنا الشعبي وثروتنا القومية ، وهي التي ما زالت تعيد للأذهان حكاية الأثواب الرائعة التي باتت موضة العصر وتذكر أنها خرجت متن سورية وطننا الغالي .

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/لازياء-الشعبية-السورية.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/2580