الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

من أنا…!؟

 

من أكثر ما يؤلمني في مجتمعنا هو عقدة الأنا و عدم القابلية للحوار و تقبل الاخر –و الكلام بشكل عام- , فالكل يفهم في كل شيء حتى لو لم يكن من اختصاصه -هاذا ان فهم باختصاصه- و الكل ينسب لنفسه أشياء وصل اليها الاخرون منذ سنين لمجرد أنه لايدي أنهم فعلوا, و الأسوأ من ذلك هو “عدم التطبيق” فما الفائدة من أن يتبنى شخص ما فكرة و هو نفسه غير مقتنع بها و لا يطبقها على صعيده الشخصي!؟ السبب واضح و لا يخرج عن نطاق حب الظهور الخداع و تكوين هالة ليس مستحقا لها سرعان ما تتحول الى فقاعة زائلة تأتي بنتيجة عكسية عليه و ليس على أحد غيره سوى الذين مرت عليهم فلسفاته و أصبحو جزءا من تلك الفقاعة.
هناك قواعد واضحة قبل أن يسمح الانسان لنفسه بان يدلي برأيه و أن يطرح نفسه كمفكر أو كناقد و ما الى ذلك من ألقاب لم تنشا من الفراغ…!
يقال: عليك أن تعرف نفسك و أن تحدد ميولك و أن تحصر أفكارك قبل أن تتفوه بكلمة واحدة في المواضيع التي لها حساسيتها و لها تأثيراتها التي قد تمتد لتصل الى أبعد مما تتصور.
أسئلة منطقية و لا تخرج عن نطاق الادراك البشري يجب بل ومن الضروري أن يسألها الانسان لنفسه قبل أن يبوح بما لديه أستطيع أن ألخصها في النقاط “اللازمة وغير الكافية” التالية:
. هل أنا مستمع و/أو قارئ جيد…!؟ : هذه المرحلة هي الأساس فكيف لي أن أدلي برأيي في موضوع لا أدرك أبعاده و ليس عندي خلفية جيدة عنه , و هنا يبرز الوعي و انكار “الأنا” في عدم الخوض في مواضيع لا علاقة لي بها لا من قريب و لا من بعيد و لا أمتلك سوى معلومات سطحية قد يؤدي و غالبا ما يؤدي الاستناد اليها في طرح أفكاري ذات الصلة الى اراء مضللة لي و لغيري ممن ليس لديهم القدرة على التمييز بين الصالح و الطالح في هذه الأمور, و هنا تكون الحكمة بالتزام الصمت و ممارسة فن الاصغاء فالصمت في كثير من الأحيان يكون أفضل المواقف و أكثرها حكمه.
.هل الموضوع يستحق التعليق…!؟ : فبعض المواضيع و ان بدت ذات عناوين رنانة نجدها فارغة من المحتوى و لا داعي لاكسابها أهمية غير مستحقة , الا لو كان الغرض منها التسلية فقط و هنا نجد دورا للتعليق الموجه الهادف “فنحصل على العنب دون أن نقاتل الناطور”.
.ما الغاية من الفكرة المطروحة…!؟: و هنا يبرز الفكر التحليلي للقارئ أو المستمع الجيد, فعلى أي شخص قبل أن يبرز ما لديه من أفكار أو تعليقات أن يعي تماما ما بين السطور و ما خلفية طارح الفكرة أو كاتبها و توجهاته و الهدف من المواضيع أو الأفكار المطروحة اذ اننا نجد أن كثيرا منها “خير و لكن الشر مقصده” فان كانت الفكرة برأيي ترمي الى الخير أستطيع حينها أن أعبّر في ظل القواعد السابقة. اما فيما لو كانت ترمي الى أشياء أعتقد أنها خارجة عن السياق الصحيح فحينها يبرز أيضا دور التعليق الموجه الذي أشيد فيه و أضيف الى ايجابية الفكرة و أنتقد بمهنية ما أعتقد أنه خارج عن السياق ليتسنى للغير أن يشاركني رؤيتي أو يصحح ما أعتقده و هنا تتغربل الأفكار وصولا الى الرؤى المشتركة, و بذلك “لا يموت الذئب و لا يفني الغنم”.
.ما هو المستوى العلمي و الثقافي للمتلقين و ما هو المشترك بينهم…؟: فمعرفة ذلك ضروري جدا بالنسبة لأي شخص يريد أن يكون لتعليقه أو لطرحه صدى في عقول من يقرأه أو يسمعه.و هنا أود ان أقول أن المعيار الاقوى للحكم على شخص أنه مثقف هو المجتمع فلا كثرة القراءة و لا كثرة الشهادات –رغم أهمية ذلك و دوره- تؤدي الى انسان مثقف, و لكن أن يسطيع الانسان أن “يستوعب” ما درسه و ما قرأه و أن يسقطه على الواقع بالفعل و ليس بالكلام الخلبي…
.ما هو التوقيت المناسب لابداء الرأي …؟: فادارة الوقت هي فن وعلم و في كثير من الأحيان نجد أن فكرة معينة قد تجد صدى لدى المتلقين في وقت معين أو مناسبة معينة أكثر بكثير مما لو طرحت في مناسبة أخرى لا تفيد المضمون…!
هذه الأسئلة برأيي يجب أن يتمحور حولها أي موضوع و أي طرح و أي تعليق, و لكن يبقى أهم سؤال ألا وهو من أنا وماذا حققت و أنجزت في حياتي من أشياء “أتميز بها عن الاخرين” أو على الأقل من أشياء تجعلني في “مصاف الندرة ” حتى أسمح لنفسي بالكلام و النصح في المواضيع التي “تميزت بها” فحصولي على شهادة جامعية مثلا لا يعني أنني متميز لأن هناك ألاف بل عشرات الالاف من الشهادات الجامعية , و لكن حصولي على براءة اختراع أو حق ملكية أو تحقيق نجاح لم يسبقني اليه غيري هو المعيار الذي يميز انسان عن انسان اخر في المجتمعات المتحضرة الراقية, و هنا لا أريد أن أبخس حملة الشهادات الجامعية –و أنا منهم- و غيرها من الشهادات حقهم و لكن كل ما أريده هو أن نضع الأمور في سياقها الصحيح و نعيد هيكلة أفكارنا بشكل نحترم فيه كل شخص في “ميدانه الصحيح“.
أخيرا أود أن أقول ان الذي دفعني الى كتابه ما كتبته هو كثير من الحوارات الساخنة المخيبة للامال على صفحات بلدتنا الحبيبة على “الفيس بوك” التي لا تنم عن أدنى درجات الوعي في الحوار و طرح الأفكار و التي لم تخل حتى من الشتائم المبطنة و المعلنة من أشخاص من المفترض أنهم متعلمين و وواعين…

التعليقات: 2

  • يقول أندیریا:

    أقولها للأسف فنحن شعب یعرف بکل شیئ حتی بشغل الحکیم والسیاسي والطباخ وکل شیئ تقریبآ..شکرآ لهذه الإضاءة المهمة ..

  • يقول رئيس التحرير:

    الكلام يحمل واقعية وعقلانية في الطرح …. ولكن حقَّك على الوعاء الذي امتلأ بما قرأت من هؤلاء … فالامتلاء الجيد يقدم الكلام الجيد … يتحدث عن الشعر وينتقد بلا قراءة ,واللسان والقلم له علاقة بمسألة القراءة … شكراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *