الحبيب له القلب.. والتاجر له الجيب

by tone | 30 يناير, 2013 11:23 م

[1]

 

 

إنه اليوم المنتظر 14 شباط عيد العشق والعشاق, وفيه يحتفل الكثيرون من مختلف أنحاء العالم بما يطلق عليه / عيد الحب/ ويتبادلون التهاني والهدايا والورود الحمراء ويرتدون الملابس ذات اللون الأحمر, تعبيراً عن شحنات الحب المكبوتة داخلهم, هذا العيد الذي لم يكن موجوداً قبل أعوام, ولكننا استوردناه من جملة الأفكار والعادات الغربية التي تم استيرادها, ومع أن الحب هو من أقدس العواطف الإنسانية وأرقاها, فمن الظلم أن تقتصر دلالاته على علاقة الرجل بالمرأة, لأنه يتعدى ذلك بكثير إلى مجموعة كبيرة من الدلالات السامية والراقية, ومن المعيب أيضاً أن ينحو منحاً اقتصادياً بحتاً, كما هي عليه حاله الآن, ليأخذ طابع المبالغة في ماديته ليصبح سلعة, ويرتبط مقدار المحبة بالقدر المادي للهدية, ولكن ومع هذا فقد وجد فيها أصحاب المحال التجارية مكسباً مادياً كبيراً وفرصة لاتعوض, لأن هذا اليوم هو غنيمة يتم اقتناصها بذكاء ودهاء واستقلال..

الأحمر يكتسح الساحة‏

قبل حلول الموعد وحتى الآن امتلأت الأسواق بالبضائع, وصبغت باللون الأحمر من ورود وأزهار, إلى ألعاب متعددة الأشكال والأحجام وأشهرها الدببة والقلوب الكبيرة.. والوسائد على شكل قلب, وكلها تتنافس في جذب الزبائن أما الغريب فهو الأشكال الأخرى الجديدة التي دخلت المنافسة, فلم تعد دمية الدب الأحمر سواء الصغير منه أو الكبير الذي يصل إلى الحجم الطبيعي هو الحيوان الوحيد في السوق, بل هناك أشكال أخرى كثيرة ومتعددة / فدخل الغزال ـ والفراشة والنحل, وحتى البقر والحمير/ دائرة التنافس لتشكل أمام بعض المحال حديقة حيوانات كبيرة لها لون واحد هو الأحمر, الهدف منها لفت الانتباه, وجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن, الذين هم من الشبان والشابات في مقتبل العمر على الأغلب, أما عن الأسعار فهي متباينة ومتفاوتة بين محل وآخر, وتختلف حسب الحجم, لتبدأ من مبلغ /200/ ل.س وترتفع بارتفاع وكبر الهدية لتصل لأرقام غير متوقعة.‏

الغالي .. لا.. تغليلو!!‏

فيما يبدو أن الأزمة الاقتصادية العالمية, والغلاء الكبير للمعدن الأصفر, قد أثرا أيضاً في هدايا المناسبة, وبمحاولة لرصد هذا السوق في مناسبة عيد الحب, فإن معظم الصاغة أكدوا أن الحركة خفت كثيراً عن السابق, بعد ارتفاع أسعار الذهب الذي يتعدى / الغرام الواحد/ 1400 ل.س/ وهو مبلغ كبير, وإن كان هناك بعض الزبائن, إلا أن الهدايا لم تتعدى بعض الحلي الخفيفة, كالأحرف الصغيرة والسلاسل القصيرة, ولكن كما قلنا حركة البيع خفيفة جداً, والغلاء هو السبب.‏

الورد.. للورد‏

أما الأشخاص الأكثر رومانسية, فيلجؤون للهدية الأكثر تعارفاً وتبادلاً بين الأحبة وهي الورود, ومع هذا فقد دخلت الورود أيضاً لغة التجارة, وارتفعت أسعارها بازدياد الطلب عليها, ولهذا نجدها في هذا اليوم قد ارتفعت بشكل مفاجئ إلى أسعار لم يسبق لها أن شهدته , فلا تقل أسعار الوردة الواحدة عن الـ 100 ل.س للطبيعي منها, وهذا نجده كثيراً في مراكز المدن والمناطق, أكثر منه في القرى البعيدة وإن كانت هذه أيضاً تخضع للعبة أيضاً, ولكنها بشكل أقل عن مثيلاتها.‏

صاحب أحد تلك المحال تحدث بصراحة قائلاً: إن هذا اليوم مهم جداً لنا من حيث المبيع, وفيه نبيع عن الشهر بأكمله تقريباً فالسوق تزدحم بالشبان والشابات, والكل يبحث عن هدية مناسبة ترضي الطرف الآخر, ومعظمها يحمل اللون الأحمر, والأسعار ترتفع لأن الزبون لايكاسر,ونحن لانخفض السعر, وإن كنا نفعل ذلك في اليوم التالي لتعود الأسعار لطبيعتها, ولكن خصوصية هذا اليوم, تجعل للسعر خصوصية أيضاً عندنا وعند الزبون , الذي يفضل الأغلى, لأن مقدار المحبة يقاس بارتفاع سعر الوردة.‏

ونحن نقول:‏

ما أحوجنا إلى الحب الصادق السامي, الحب بمفهومه العام ومعانيه الإنسانية الصادقة, النابعة من القلب, ولكنها بعيدة عن الجيب, لأن مقياس الحب لايرتبط بالمال, ولايرتبط بقيمة مادية, كما لايرتبط بيوم محدد, لأن أجمل الحب الذي يأتي بلا موعد, وإن ارتبط به, فليبتعد عن المظاهر المادية, التي تكون مجالاً للاستغلال والربح السريع للباعة والتجار.‏

عن جريدة الفداء/ الأحد: 14-2-2010


Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/145.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/3124