حوار مع الفنان هيثم الديب ( الجزء الأول)

by tone | 31 يناير, 2013 12:49 م

 

[1]

 

 

1– حبذا لو نعرف لمحة عن البطاقة الشخصية.

هيثم الديب مواليد 1961 تومين  الواقعة على ضفة نهر العاصي تقابل مدينة الرستن من الطرف الأخر وأعيش في بلدة كفربو من حوالي أربعين سنة 

2– ماذا بقي في الذاكرة من ذكريات الطفولة قبل المدرسة؟

 باعتبار أنني ولدت في تومين من المؤكد أن طفولتي قبل أن أدخل المدرسة كانت هناك و أكثر الذكريات التي لا تفارق خيالي حتى الآن هي التي قضيتها مع أترابي على شاطئ العاصي حيث كنا نلهو ونلعب ونتعلم السباحة وصيد السمك بواسطة الخيط والسنارة  ونجري على الشاطئ نلعب برماله وبكرة الطائرة ونفرح وغير ذلك .

3كيف كانت مسيرة التعليم عندك عبر مراحله والحالة الوظيفية بعد ذلك

 

بعد حصولي على الشهادة الثانوية الفرع الأدبي انتسبت لمعهد التربية الموسيقية في مدينة حلب وتخرجت منه بدرجة جيد جداً وبمرتبة الأول على طلاب حماه ,لمدة سنتين وعندما استلمت شهادتي وأتممت أوراق وظيفتي, عينت مدرساً لمادة التربية الموسيقية بمعهد دار المعلمين في حماه, وبعد مرور عام طلبت لأداء الخدمة العسكرية بسرية الموسيقى 190, بدمشق جوبر مزرعة, وبعد أن انتهيت من الخدمة العسكرية رجعت لوظيفتي حيث تفرغت للمسرح المدرسي وقمت بتشكيل فرقة كورال وفرقة غناء سياسي, وتدريس بعض الساعات على الآلات الموسيقية لأصحاب المواهب . وفي ذلك الحين أي في الثمانينات ذهبت إلى العاصمة دمشق لكي أشارك بنادي الهواة الذي كان يومها يبث على الإذاعة السورية يوم الثلاثاء ظهراً وكان لي ثلاث مشاركات الأولى : أغنية /البلبل ناغى غصن الفل/والثانية : /أغنية لا تصدق اليحكون عنك وعني/والثالثة :/موال الله يرضى عليك ياابني/حيث أعجب بصوتي الملحن المرحوم عبد الفتاح سكر, وأراد أن يعطيني أغنية باللهجة العراقية ,ولكن ضعف حالتي المادية ما كان يسمح بذلك وذلك بحضور الكاتب المرحوم عيسى أيوب حيث أن كلمات الأغنية كانت له وساعدني على ذلك الممثل المرحوم حسن دكاك الذي تعرفت عليه أثناء خدمتي العسكرية,  عندما كان أميناً لرابطة العباسيين للشبيبة بباب توما ونتيجة قيامي بالمشاركة بحفلات الرابطة بالغناء والتمثيل والعزف على آلة العود كرَّمني المرحوم بثناء منه وهذا الثناء ,وهو بحوزتي إلى الآن.

4- ما هي المعوقات التي صادفتك في حياتك؟

 

أعتبر جوابي لهذا السؤال تتمة للسؤال الذي قبله ,فالمعوقات التي أثرت على كل حياتي ونكَّدت علي عيشتي هي أحوالي المادية السيئة التي جعلتني أنقلب على ذاتي وأترك وظيفتي للذهاب إلى الخليج من أجل كسب المال للالتحاق بركب الفنانين في الإذاعة والتلفزيون ولكن قبل أن أستقر مادياً في الإمارات العربية وصلتني رسالة أن آتي إلى سورية لأن مديرية  التربية قد رفعت عليَّ دعوة نتيجة التأخر عن الالتحاق بوظيفتي عند انتهاء الإجازة  الأخيرة, فتركت كل شيء وأتيت لحضور جلسات الحكم ووضع نفسي تحت التصرف وكان ذلك بالفعل  , وفزت بالحكم على مديرية التربية حيث أن قرار الحكم نص على ما يلي (يعتبر المدرس المساعد هيثم الديب بريئاً من جرم ترك العمل ) ففرحت بذلك كثيراً وقررت العودة للوظيفة وممارسة مهنة الفن في بلدي من تعليم وغناء وعزف ….الخ  فتقدمت بطلب العودة للوظيفة عن طريق التسلسل وحصلت على شاغر اعتمادي وشاغر مهني ,وجميع الموافقات بحماه وأرسلت معاملتي لوزارة التربية بدمشق فأتى الرد للتريث رغم أنني وضعت مع طلبي هذا صورة عن قرار الحكم الذي يبرئني من جرم ترك العمل . وكان ذلك عام 1995م ومن حينها إلى هذا اليوم أي لمدة /17/سنة  تقريباً أرسلت عشرات الطلبات  والاسترحام للسيد وزير التربية المبجل ,ولكن لم أحصل على موافقته , وهذا يدل على أن الوزير أعلى من القانون, وأرفع من حكم القاضي في بلدي الحبيب ,ولكنني اعتمدت على الله وعلى نفسي وعملت عدة أعمال أقتات منها لقمة عيشي وأخيراً دارت بي الأيام  وقلَّت حيلتي فاقتنيت سيارة أجرة عمومية وبدأت أعمل عليها ليل نهار حتى أعيش بكرامة ,ولكن حظي أوقعني بعثرة أخرى كالعادة حيث أوقفني حاجز للجيش العربي السوري وأخذ مني سيارتي بتاريخ 23/7/2012م  وذلك بمدينة القصير- حمص ولم ترجع سيارتي التي هي مصدر رزقي الوحيد إلى هذا التاريخ اليوم.

وهنا أكون قد ظلمت مرتين بدون أي تعويض أو عذر مقبول وحالتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ,وتقدمت بست شكاوى من أجل السيارة ولكن لا جدوى من ذلك ,وهناك أيضاً عدة معوقات وأكثرها من القائمين على القانون..

[2]


5- كيف يستطيع الإنسان أن يحقق النجاح في ميدان الحياة؟

 

بالعمل الدوؤب وتنظيم حياته ,إلا إذا صادف حظه ابن الحرام الذي يدمره ويقضي على حياته ومستقبله بدون أي رادع أو رحمة.

6-ما الشيء الجميل المشرق في كفربو؟ وما وجه المقارنة مع الماضي؟

 

القلة القليلة من الأبناء الذين يطيعون آباءهم والطلاب الذي يحترمون معلميهم , ومقارنة مع الماضي هو أن جميع الناس من بنات وبنين والذين كانوا يتساعدون ويعملون في الأرض ويأكلون خبزهم بعرق جبينهم  أما اليوم فكل الاعتماد على الأب فقط وهو بدوره يعتمد على اليد العاملة أي الفاعلة وهذا قمة العيب.

7- ما الأمر الذي صداه غير محبب في كفربو(أمر مزعج)؟ وما هي طرق معالجة هذا الأمر أو تجاوزه(الحل برأيك) ؟

 

 

هو استعمال الشباب للدرجات النارية والسيارات استعمالا غير لائق ويذلون أنفسهم للآباء لكي يتحسنوا عليهم بثمن البنزين والأركيلة والتدخين ,مما يؤدي بعد وقت إلى كارثة مالية تقع على عاتق رب البيت, وهو وحده المسؤول عن الأمر فيما بعد, وعلاج جميع المعضلات مما يتطلب أن يكون الأب رجلاً أمام زوجته  الغير مبالية والأولاد غير المسؤولين ويبحث له عن طريقة لحل مشكلته فلا يجد أمامه إلا بيع الأرض.

8- كيف تنظر للحالة  التربوية والاجتماعية في كفربو؟إذا كان هناك خلل معين أين الحل برأيك؟

 

الحالة التربوي ضعيفة ,والعلاقات الاجتماعية أكثرها يصب في خندق المصلحة,فمعظم الناس يصاحبك من أجل مالك, ولا يصعب عليه الابتعاد عنك عندما ينتهي من نيل غرضه, وهذه قمة الرذيلة والحل هو الرجوع إلى الله والضمير ثانياً والاعتماد على الذات ثالثاً أما رابعاً فكما يقول المثل الشعبي: على قد بساطك مد رجليك.

9- هل لديكم كلمة للمهاجرين والمغتربين من أبناء كفربو؟

 

  للمغتربين أقول: دعوا أجسادكم وعقولكم عندكم وأما قلوبكم فاتركوها عندنا ولجميعكم السعادة والتوفيق.


10- ما سر السعادة عند الأجداد  برأيك ؟

 

يكمن السر بأمرين هما الصدق والأمانة  في العمل, وفي جميع نواحي الحياة والإخلاص للأرض  وللعلاقات الاجتماعية بين بعضهم بعضاً ثانياً وهو الأهم في انبعاث السعادة للنفس البشرية هو البساطة وما تحمله من سلوك وقناعات وتواضع وتسامح ومحبة وغير ذلك وهذه الأشياء هي ما جعلت أباءنا وأجدادنا يعيشون عيشة سعيدة .

 

11- ماذا تقول في تراجع قيادة الأولاد عند بعض الأهل ؟وعدم التمسك في الميراث؟ وما نتائج ذلك؟

 

التراجع كارثة حقيقية وقد تؤدي إلى دمار العائلة ومن ثم انهيار المجتمع بعاداته وآدابه وأخلاقه وتخلي الأجيال الحالية والقادمة عن كثير من الإرث والاستهتار به وخاصة الأرض  فعندما لا يعرف الجيل قيمة الأرض فقد يقدم على بيعها  ليستفيد مالياً مؤقتاً ومن بعدها يجد نفسه فارغ اليدين وهذا ما يسوقه للانحراف بشتى أشكاله.

12- كيف نرفع الحالة الثقافية عند الكبار والصغار؟

ببرمجة الوقت الذي يذهب أكثره سدى, وبدون أي فائدة تذكر ومن ضمن الجدول الذي يجب أن يضعه الإنسان لنفسه إن كان يومياً أو أسبوعياً هو عامل المطالعة أولاً فهو العامل الأول لدرب الثقافة وكذلك البرامج العلمية والثقافية في التلفاز وهناك الجلسات التي تقام بين الأصحاب فإذا امتلأت بالمناقشات والأحاديث الثقافية أفضل من تشويها بالنميمة والاستغياب والتحريض على الشرور وإلى ما هنالك من الترهات .

                   

13-هل تود الحديث عن أمر لم أسألك عنه؟ ما هو هذا الأمر؟

 

نعم أريد الحديث عن غناء اليوم الذي هو مزعج أكثر مما هو مفرح عندما أستمع إلى الأغاني أشعر بالكآبة والحزن ,ويشدني الحنين إلى الأغاني القديمة الهادئة ذات الكلمة الجيدة التي تحمل المعاني السامية والتوجيهية والموسيقى الهادئة التي تتبع الصوت وترافقه وليست كما هي حال اليوم بموسيقى تطغى على الصوت حتى لا يكاد يسمع أو يوضح الكلمات ومخارج الحروف وهذا نداء لمطربي هذا الجيل:  استحوا على أنفسكم.

 14- حدثنا عن آلة موسيقية من  الأدوات التراثية وما عادت تستخدم اليوم.…..

   من الأدوات التراثية التي كانت  تستخدم في العرس هي آلة المزمار البلدي التي كانت ترافق الطبل  في الدبكات التي تدار في العرس وهذه الآلة صوتها قوي وتوفر لك السمع بدون أجهزة صوت حتى أن صوتها يطغى على صوت الطبل وهي آلة كفيلة بإدارة الدبكة بدون غناء أو آلة تسجيل أو أجهزة صوت  وعازف هذه الآلة يستحق التكريم والاحترام بالفعل 1- لأنه يحفظ بعقله كامل الأغاني التراثية وإلا فما كان يستطيع العزف لو ذلك.2- لأن النفخ بهذه الألة صعب جداً ويحتاج خبرة بحبس النفس داخل الفم والتنفس من الأنف لأوقات طويلة .

       15 – على من نضع العتب في تأسيس  نادي المتقاعدين؟

إن إنشاء نادي لكبار السن والمتقاعدين عن العمل مهم جدا وقد سبقتنا إليه دول الغرب المتقدمة  والتي تحترم الكهل وتجله ,فمن الضروري أن نفكر بهذا الإنسان الذي أفنى عمره من أجل سعادتنا ومستقبلنا وأني أحض وأشجع أصحاب الأموال الطائلة والمخزنة في البنوك بالقيام بهذا العمل الإنساني عاجلا ليس آجلاً.

 16- كيف ترى معاملة التراث في بلدتنا ؟

 كثيراً ما اقترحت وشجعت على ترميم البيوت القديمة المسماة (بيوت الغمس) حتى تبقى شاهداً حياً  لمن صنعه الأولون من بطولات في تشييد هذا البناء العظيم من جهة وليبقى ذكرى طيبة من رائحة الآباء والأجداد من جهة أخرى أما من الناحية الثالثة فهي برودته في الصيف وحرارته في الشتاء وطيبة العيش به لوسعه ولنقاء جوه.

   17-  لماذا في المجال الفني قلة الاحتراف بمعظم الفنون ما السبب برأيك؟


هو الآتي: إذا تأملت بأصحاب المواهب فقد تجدهم بالأغلبية من الطبقة الكادحة التي بالكاد تستطيع تأمين لقمة عيشها وأنا شخصياً أكبر مثال على ذلك فأني كما أسلفت سابقاً نجحت بنادي الهواة بدرجة جيدة ولكن الحالة المادي المتدنية جداً وقتئذ أثرت على مستقبلي الغنائي والفني بشكل عام ولتوضيح الأمر أكثر فلم أجد موهبة متفوقة بمجال ما عند الطبقة الغنية والتي تستطيع أن تخدم نفسها إن وجدت الموهبة  وعندما توجد هذه الموهبة عند الأغنياء فإن أصحابها يفضلون المال على تطوير ذواتهم والاحتراف والعتب يقع في هذه الحالة على الأهل من جهة وعدم انقلاب الموهوب على ذاته وتسخير ماله للتعلم والاحتراف بهوايته من جهة أخرى .

 18- ماذا تقول في هذه الكلمات:

المرابي: هو الشخص الذي يتلقى أجرة ماله إن أعطاه للآخر أقول لذلك المرابي: إن أعطيت مالك لفقير يقتات به لقمة العيش أو ثمن دواء أو معالجة مرض أو ما شابه ذلك فإن مال الربا حرام عليك ,وإن أعطيت مبلغاً من المال لشخص يقوم بمصنع أو متجر أو شركة وكنت أنت عاجزاً عن تشغيل هذا المصنع فحلال عليك أخذ ثمن تعطيل أموالك مع ذلك .

الراشي: إن كان الراشي يعيش في بلد تتحكم به البيرقراطية  فعليه أن يرشي بسرعة حتى يحصل على مبتغاه في أسرع وقت بدلاً من الانتظار لأشهر أو سنين ويمكن للأبد   فلو كان معي المال لأرشي لما كنت عاطلاً عن العمل الآن ,وأنا أستاذ للموسيقا وعندي قِدم, ولم أتقاض استحقاقاتي المالية حتى تاريخه, اليوم موعوداً بالرجوع لوظيفتي كوعد إبليس بالجنة وما زلت أتنتظر حكم القانون وضمير الوزير .

الطماع: جشع ,لا يشبع ولا يبالي إن أكل غيره أو لم يأكل , ومستعد لبناء مستقبله ولو على حساب الآخرين .

النمام : هو الذي يحاول الإيقاع بين الآخرين ومن صفاته الحقد والاستغياب .

التاجر: قذر إن جمع ماله بالغش والاحتيال ,وعظيم إن جمعه بالربح المعقول والمصارحة بيعاً وشراءً بكل مواصفات  البضاعة سلباً أو إيجابا.

الغيور : هو معطاء ونبيل وعلى خلق حسن ويفضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ولكن هو في بلدنا (كالجندي المجهول) الذي يعمل بصمت دون البحث عن الشهرة والمناصب والمديح وهو مستعد دائم للتضحية  حتى بنفسه فداءً للوطن .

المحب لبلده : قال المثل الشعبي من ليس فيه خير لأهله فليس به خير للآخرين أيضاً وهذا المثل ينطبق على الإنسان الذي لا يحب وطنه . وثقة الناس به تكون ضعيفة على عكس ثقة الناس القوية بالذي يحب وطنه وأهله.

   19- كيف ترى مجلة كفربو الثقافية ؟ وما هي المقترحات لتطويرها ؟

لقد استطاعت المجلة وبوقت قصير جداً نيل الإعجاب ,واكتساب أصدقاء كثيرين لها يشاركونها بمواضيع متنوعة تساعد بنهضتها و استمراريتها  واغتنائها بمواد كثيرة ويعود الفضل بذلك لإدارتها الواعية والمثقفة والحريصة كل الحرص على النجاح الدائم وارضاء جميع الأذواق والفئات . ومن أجل تطوير المجلة يجب التطلع الدائم لآراء المخلصين لها ومشاركتهم  لها بما يفيد الوطن والمواطن ومثال على ذلك الاعتناء دائماً بالتراث والمحافظة عليه وربطه مع الواقع الحالي وتطلعات المثقفين إلى المستقبل وكيف يجب أن يكون.

 

20- كلمة أخيرة

  الحقيقة مجلة كفربو الثقافية  منبر للجدية في الأفق المعرفة ومنبر لحفظ التراث  وهي صوت يستحق أن نفتخر به , لأنها تشجع الكتَّاب من كل الأعمار في بلدتنا وفي المغترَب, وترصد كل ما هو جميل و هي بحق ذاكرة كفربو والأهل وراية المحبة كما جاء في شعارها  وإدارتها متفانية من أجل شموخ كفربو  بدون أي مقابل, ويكفي الطيبة والإنسانية عند المسؤولين عنها ,بارك الله بهم ذخراَ للوطن .

 

 

 

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/2013-01-29-22.16-320x200.jpg
  2. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/aa-320x200.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/3231