الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الأدب النسائي في الوطن العربي

 

 

خاصة بعد أن اطلعت على أكثر من مقالة ودراسة ورأي حولها. وكدت أن استسلم واترك الموضوع وشأنه، لأنني لم اعتد على الكتابة إلا بدافع الحاجة… وحاجتي كانت دائما وقبل كل شيء تتصل في العثور على الحقيقة، وتفسير الغامض منها، والفهم عبر الكتابة عنها.؟…. ولهذا تأتي كتاباتي مختلفة في صيغتها عما يطرحه الآخرون، لأنها لم تكن في أي حال من الأحوال إلا محاولة بريئة وصادقة في البحث عن جواب شفاف وصادق.!…

 

1- والسؤال الأساسي والأول المطروح هو: هل يوجد حقا أدب نسائي.؟… وبالتالي يفترض أن يكون هناك أدبا رجاليا بالمقابل.؟ وما هي خصائصه وصفاته ومميزاته التي تدل عليه.؟ أي بمعنى هل يكفي أن تكتب المرأة موضوعا أدبيا حتى نصنفه بأنه أدب نسائي.؟… أو تصنيفها ككاتبة أو أديبة نسوية.؟… وهل يصح ويكفي الكتابة في شؤون المرأة ( على تنوعه ) حتى نصفه بأنه عمل يتعلق بالأدب النسوي.!؟…

 

أرجو ألا يكون كذلك. وإلا تحتم علينا إنشاء نقابات وأندية خاصة بالأدب النسوي مع ما سيفضي إليه هذا التصنيف من ملحقات وتشعيبات وقوانين تميزه عن غيره وتضع له شروطه.؟ وقد يؤدي في النهاية إلى ضم كل من كتب عن المرأة تحت لواءه حتى وان كان رجلا.!؟؟؟

 

بحيث يعيدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر. والبحث عن مسميات جديدة له تحفظ خصوصية ( أدب وكتابة وربما ثقافة المرأة كوحدة خاصة مميزة بمفردها ).!؟؟؟

 

ومن ثم ماذا سيكون موقفنا من الدراسات الاجتماعية والتاريخية والطبية والفلسفية والفنية وكل ما يمت للعلوم الأخرى -والتي لا تتصل بالأدب- بصلة.!؟ وتكتب فيها المرأة بحكم اختصاصها وموهبتها ومهنتها.؟… وهل نصنفها تحت الكتابات العلمية التاريخية الفلسفية الفنية النسائية… أيضا.!؟؟؟… أم أن لها تصنيفات أخرى لا نعرفها.!؟

 

وهل إذا بدأنا على هذا المنوال ستصل الحال بنا إلى طب وسياسة وفلاحة وهندسة وفنون نسائية..الخ..الخ..الخ.!؟

 

2– أنا أتصور وبكل بساطة بان هناك علم وأدب إنساني فقط، يشارك في بناءه وتطوره ونجاحه ذلك المخلوق الرائع الذكي الوحيد الذي استطاع أن ينتصر على كافة المخلوقات ألا وهو الإنسان…. وبان الإنسان بتناوبه في ثوب الذكر أو الأنثى -(( أنا استعضت بالذكر والأنثى عن الرجل والمرأة حتى لا احرم ما دونهما من حقوق (كالأطفال والفتيان) ولما لا الملتبسين في الخلقة والتكوين والجنس ( كالمخنثين) ))- لا يعكس بأي حال من الأحوال إلا هموم جنسه وقد يتجاوزه بدافع روحي وأخلاقي وديني بحت إلى الاهتمام والحماية والدفاع عما يحيط به من خلائق سواء بيئية أو حيوانية لأنه يدرك بحسه الفطري بأنه ينتمي إليها بطريقة أو بأخرى.!

 

وتصوري ذاك يقودني إلى الاعتقاد بعدم وجود جنسين من الأدب ( أدب ذكوري أو أنثوي) (أنا لا اتفق على ما جاء به البعض من تشبيه الأدب النسائي بالأدب الخليجي أو أدب المهجر.؟؟؟… تمهيدا لتكريسه والاعتراف به .؟؟؟ لان الموضوع يتعلق بجنس الكاتب وليس موطنه إلا إذا اعتبرنا بان المهاجرين والخليجيين من جنس واحد.!!!؟؟؟….) وبان الفارق الوحيد الذي يثير اللبس في وصف وتحليل وكتابة كل منهما تعود في الدرجة الأولى إلى الطريقة التي يعالجا فيها المشكلة التي يتحدثان عنها ونظرتهما الخاصة إليها. والتي تشبه في بعض أوجهها الفرق بين نظرة كاتب صحفي وطبيب كاتب.الخ… وهي تعتمد بدرجة كبيرة على الثقافة والتربية والبيئة الاجتماعية.

 

وأنا اعتقد بأن التسميات الحديثة التي التصقت بكتابات الأديبات العربيات ( أدب المرأة، أدب نسوي، أو أدب نسائي.!؟..الخ.) لم تكن أكثر من صفات أطلقت على أعمالهن لمحاولة إظهاره والدلالة على وجود أديبات عربيات وأدب يكتبه ويبدع به مثقفات ومتعلمات وكاتبات من الوطن العربي لا أكثر.!؟

 

خاصة بعد الاستقلال وحملات محو الأمية، والاعتماد على المرأة ومشاركتها في كافة المجالات التنموية، بعد إن كانت مهمشة وأمية وبعيدة عن الأضواء.

 

وتلك الحالة لم تكن بعيدة عن وضع الرجل سوى انه كان سباقا إلى الانخراط في البيئة الثقافية بصورة نسبية تتناسب مع حجم تفاعله ومساهمته في الميادين الأخرى.

 

وهذه الصورة بالتالي تختلف من بلد عربي إلى آخر كل حسب تاريخ انعتاقه من الاحتلال ووضع محو الأمية وتحرر المرأة فيه.

 

ولهذا لا يصح اعتماد تلك الصفات للدلالة على أدب مميز وخاص بعينه لأنها تفرغه من مضمونه وتجرد المرأة الكاتبة الخلاقة من حقوق تداولها للشأن العام ( الغير نسوي ) خاصة إذا ما وضعت في حالة الند والمنافسة مع الرجل في مواضيع ( نسوية ) قد يكون الرجل فيها أكثر إبداعا وقربا في تصويره للحقيقة منها.!؟

 

فقد يقترب الذكر في وصف حالة ما من مشاعر الأنثى لدرجة أكثر جراءة وصدقا مما يمكن أن تفعله هي ولأسباب تتعلق في الحفاظ على الحد الأدنى من أسرارها الأنثوية.!

 

وفي المقابل قد تقترب هي في طرحها وتناولها لموضوع اجتماعي أو سياسي أو عاطفي من عقل وخيال وحقيقة الذكر أكثر منه وذلك لأسباب تتعلق إلى إحجام هذا الأخير عن الإفصاح عنها لأسباب تتعلق بالعيب والسمعة والخوف من ربط الحدث بكاتبه.!؟

 

وقد لا يصيب التوفيق أي منهما في الوصول إلى تمثيل ووصف مشاعر الطرف الآخر بحيث يقف كل منهما مذهولا أمام الحقيقة إذا ما أنيط اللثام عنها.؟

 

إذا يقترب كل منهما من الصدق في وصف مشاعر وهموم الآخر بدرجة اقتراب أي منهما من صفاة الآخر.!…

 

فنجد عند الذكور من يتصف بدفء ورقة المشاعر ورهافة الإحساس وشدة التأثر والتعلق والإخلاص للعائلة والأطفال. كما نجد عند الإناث من يتصف بالخشونة في المعاشرة وحب المغامرة والخروج عما هو مألوف في طبيعتها ومعاملتها للغير.

 

ويقتربا كثيرا من طرحهما ووصفهما للحدث إذا ما تناولاه بصيغته الأكاديمية والبحثية المجردة.

 

3– أن يتم طرح الموضوع بعيدا عن الجنس والاستعاضة عنه بمراحل العمر المختلفة وتقسيمها إلى ثلاث مراحل بارزة ومتفق عليها ألا وهي:

 

ا- الفتوة: وفيها يبدأ الإنسان باكتشاف ذاته ومحيطه وموهبته. ولا يختلف الكاتب عند أي من الجنسين في نظرته الحالمة البريئة والمثالية للعالم الذي يعيش فيه.! بحيث تبدو الكتابة عنه لا تعدو أكثر من نزهة للمشاعر في حديقة الحياة الغناءة. وهو يمارسها دون أي تحمل للمسؤولية أو أي شعور بوزر وثقل الضوابط الاجتماعية، فأي مشكلة قد تعترضه لا تحتاج أكثر من بضع كلمات أو سطور في قصيدة… بحيث تعود الأمور بعدها إلى نصابها وكما كانت من قبل.؟… فالحياة لديه لا تتجاوز حدود غيمة عابرة تتمدد وتتشكل لترسم الصورة الجميلة التي يحلم بها.!؟

 

ب- الشباب: وفيها يبدأ الإنسان (من الجنسين) بالكتابة ورسم العالم الذي يحيط به بشيء من الشاعرية والخيال ولا يخلى في بعض الأحيان من الثورة.؟…

 

لقد بدأ يكتشف العوائق التي تحيط به والمتمثلة بالقوانين والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية…هذا بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الإشارات والرموز القابعة هاهنا في عقله ووجدانه تتربص به وتحد من طموحه.!؟… وفي بعض منها انعكاس لأمر صارم من أب يهابه.؟ أو دمعة دافئة سخية كانت قد سرت على وجنيني أمه الناعمتين تهزه.؟ وبينهما تتجسد تلك التعاليم الدينية التي تربطه بالخالق وتجمع بينه وبين ملائكته ورسله المبجلين والمفضلين لديه….ولا يستطيع مواجهة أي منهم وتحت أي عذر. فهم يسكنون كيانه ويشكلون جزءا لا يتجزأ من شخصيته واسمه وضميره ولا بد من التعايش معهم ولو كان ذلك على حساب حريته الذي تمناها واشتهاها.؟… ولهذا لا يتأخر من بث لواعجه ومشاعره ومآسيه على الورق دون أن يقترح حلولا لها.؟… فهو مستسلما في كل الأحوال لقدره لا حول له ولا قوة.!؟

 

وبعض كتاباته الحالمة الخجولة قد تطفق بالمعاني النبيلة والحب المفعم بالصدق…. والأمل بمستقبل طيب ومشرق حر…. جاهز لكي يغدق بكل ما لديه من عطاء لمجرد أن ينتهي من العبودية التي يعيش فيها،… متوجها لبناء حياة مشتركة مع الطرف الآخر.!؟ فهم يتشابهون بقدر ما في الصيغة والطرح.!

 

ج-سن الحكمة أو الرشد: حيث يبدأ كل من الجنسين باختبار معرفته لذاته وكشف مشاعر الطرف الآخر بحكم المعاشرة والخلطة ويبدأ بنقل خبرته ومهاراته إلى الغير.؟

 

فقد آن الأوان لكل من الجنسين الاقتراب -في تطرقهما للمواضيع المطروحة- من الحقيقة بشيء من التجرد والصدق والشجاعة.!… فلقد انتهت فترة المناورة والاختبار وبات كل طرف على دراية كافية بالآخر لدرجة يستطيع بها الحلول مكانه والتحدث بلسانه بشيء من الثقة والإصرار على لعب دوره كاملا. لقد اكتملت معارفه، ونضجت خبراته، وبدأت فترة العطاء الحقيقي في تدريب وتعليم ونقل النصيحة والمعرفة للغير.! وربما تخطي حاجز المؤازرة والدفاع ورد الظلم عنهم إلى المواجهة، مع كل ما يحمله ذلك من عواقب.؟… فهو الصادق مع نفسه المخلص لمبادئه.

 

4– إن سبب ازدهار فكرة الأدب النسائي يعود بالدرجة الأولى إلى عمل البعض على تحجيم دور الكاتبات العربيات وإبعادهم عن أخذهم الدور والمكانة الطبيعية التي يستحقونها. واعتباره أدبا خاصا يراعي نموذجا واحدا وهو النظرة الأنثوية وطريقة معالجتها للأشياء من ناحية وإلباسها صورة المدافعة عن حقوق المرأة -مع ازدهار حركات تحرر المرأة في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص- من ناحية ثانية.

 

ومما أعطى للمدافعين عن هذه الفكرة المصداقية هو اندماج بعض الباحثات عن الشهرة من كاتبات وأديبات الوطن العربي إلى تبني أفكار تلك الحركات بدلا من البحث عن أسباب تخلف وجهل وأمية المرأة في الوطن العربي والتي تعود إلى نفس الأسباب التي يعاني منها الرجل وهم في هذا سواء.!

 

وكان من نتيجته ازدهار ما يسمى بالأدب النسائي لما كان يتمتع به من حماية ودعم من السلطات الرسمية وفسح المجال واسعا أمام أعمالهن وكتاباتهن لإعطاء المصداقية لبعض الحكومات في الوطن العربي أمام العالم حول إعطاء المرأة حقوقها واندماجها بالحركة الثقافية العالمية.!؟

 

ولهذا بدأنا نشهد نشاطا متزايدا لترجمة كتاباتهن -عن غير وجه حق- إلى اللغات الأجنبية لأنهن يشتكين فيها من ظلم الرجل والزواج بالإكراه وحرمانهن من العمل…الخ الخ الخ ( وهو ما يثلج قلب الغرب ويفرحه لأسباب معروفة ) وكلها مشاكل اجتماعية عامة للرجل فيها ما للمرأة من نصيب في القهر.

 

هذا بالإضافة إلى إنهن لا يضفن إلى الأدب العالمي أي جديد سوى قراءة أعمالهن وكأنه خبر في جريدة ووصف لحالة إنسانية متخلفة ومزرية دون إظهار أي بعد عاطفي أو إنساني أو أدبي لأعمالهن.؟

 

وهذا ما شجع المصنفين لهن ولإعمالهن على الإصرار بوجود أدب خاص بالمرأة حتى يحافظون على احتكارهم للأدب وملحقاته( الصحافة والإعلام ودور النشر ) بصيغته الذكورية المعروفة.

 


5– وأخيرا أنا أعلق الآمال على جيل جديد من الكتاب من الجنسين تجاوزوا مرحلة الخوف أو الحرج أو الخجل من تناول أي موضوع ومن أي نوع ومن أي مستوى كان لما تمنحه وسائل التعلم والاتصال مع الغير من حرية في التعبير وبلاغة وجراءة في الوصف تجعل من كتاباته وأدبهم عملا واحدا موحدا بذائقة فنية متنوعة وملونة بألوان ثقافية وموهبية جديرة بالاحترام. وتؤهلهم للحاق بالآخرين دون تردد وهذا ما أتوقعه وأتمناه

المقال مأخوذ عن مجلة البحر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *