الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الغطـش AMBLYOPIA

images

 

هو نقص وحيد أو ثنائي الجانب في أفضل قدرة بصرية مصححة، والتي لا يمكن أن تعزى لتأثير أي تشوه بنيوي في العين أو السبيل الإبصاري الخلفي. ينجم الغطش عن شذوذ في تطور الخبرات البصرية في الحياة الباكرة، وهو ما قد يسببه أي مما يلي:

–       عدم الارتصاف العيني.

–       أسواء الانكسار غير المصححة.

–       أية اضطرابات أخرى تشوه الخيال الذي ينتقل من العين إلى الدماغ.

الغطش عبارة عن عيب في الرؤية المركزية، بينما تبقى الرؤية المحيطية طبيعية في جميع الحالات تقريباً. ويعد الغطش السبب الأول المسؤول عن تدني القدرة البصرية وحيد الجانب لدى الأطفال، وتقدر نسبة شيوعه بحوالي 2-4% من السكان في أمريكا الشمالية. وهذه حقيقة مزعجة بشدة، كون معظم حالات الغطش قابلة للوقاية أو العكس إذا ما اتبعت المعالجة المناسبة. يمكن في الوقت الحاضر تحديد الأطفال المصابين بالغطش أو المؤهبين له باستخدام تقنيات ماسحة مثل الانكسار الضوئي PHOTO REFRACTION، الذي يجرى في وحدات الرعاية الصحية الأولية. عند وجود أي شك بوجود غطش أو سبب مؤهب له، يحول الطفل نحو الطبيب المختص. وبالرغم من  أن الآلية الفيزيولوجية العصبية المسؤولة عن الغطش ما تزال غير مفهومة بشكل واضح، فإن الدراسات التي أجريت على كيفية التعديل التجريبي للخبرة البصرية عند حيوانات المخابر قد زودتنا ببعض المعلومات المفيدة. أظهرت الدراسات على حيوانات التجربة أنه قد تتطور درجات متفاوتة من الاضطراب في وظيفة عصبونا الجهاز البصري كنتيجة للشذوذ في الخبرة البصرية الباكرة. قد تفقد الخلايا في القشر البصري البدئي بشكل كامل قدرتها المتأصلة على الاستجابة للتنبيه الوارد من إحدى العينين أو كليهما. والخلايا التي تحتفظ بقدرتها على الاستجابة، قد تبدي نقصاً وظيفياً هاماً. تحدث الاضطرابات أيضاً في عصبونات الجسم الركبي الوحشي. أما الشبكية فتبقى طبيعية، أو على الأقل لا تسهم بشكل كبير في العيب البصري الكلي، حتى وإن أبدت بعض التبدلات. أظهر قياس عتبات حس الضوء باستعمال بقع متفاوتة الأحجام العديد من الموجودات، مثل زيادة الحجم الفراغي والتثبيط الجانبي، والتي تقترح بأن الحقول الاستقبالية RECEPTIVE FIELDS للعصبونات في الجهاز البصري المصاب بالغطش كبيرة بشكل شاذ. قد يكون هذا الاضطراب مسؤولاً عن ظاهرة الازدحام CROWDING PHENOMENON، التي تصبح فيها القدرة على تمييز أحرف سنلن أكثر صعوبة عندما تكون محاطة بأحرف متشابهة مثل نسق كامل أو لوحة كاملة. قد تؤدي هذه الظاهرة إلى كون القدرة البصرية أفضل بعدة سطور عند قياسها باستعمال أحرف مفردة منها عند استعمال أنساق كاملة.

التصنيف:

يصنف الغطش اعتماداً على الاضطرابات التي قد تسببه إلى:

1الغطش الحولي STRABISMIC AMBLYOPIA:

هو الشكل الأكثر شيوعاً من الغطش، ويتطور لدى الأطفال المصابين بانحراف مستمر في إحدى العينين. الحول الثابت غير المتناوب ( عادة الحول الأنسي ) هو الأكثر احتمالاً لأن يسبب غطشاً هاماً. يعتقد أن الغطش الحولي ينجم عن التنافس أو التداخل التثبيطي بين العصبونات التي تحمل الوارد من العينين، مما يؤدي إلى سيطرة العين المثبتة على المراكز القشرية للرؤية، ونقص مزمن في الاستجابة للوارد من العين المنحرفة. تم الافتراض ـ دون وجود إثبات ـ أن نفس هذه الآلية مسؤولة عن التخلص من الشفع عند الأطفال المصابين بالحول عن طريق الكبح. لكن لا يمنع الغطش بحد ذاته ـ كقاعدة ـ حدوث الشفع. قد يتطور الشفع لدى المرضى الأكبر سناً والمصابين بالحول طويل الأمد بعد الجراحة، بالرغم من وجود نقص غطشي في الرؤية. توجد العديد من المظاهر الخاصة بالغطش الحولي وغير الشائعة في الأنماط الأخرى من الغطش. فالقدرة على اكتشاف نماذج مؤلفة من أشرطة مرتبة متجانسة تتوافق مع أحرف سنلن تكون منخفضة بشكل أقل شدة عند مرضى الغطش الحولي منها عند استعمال أحرف سنلن لتقدير القدرة البصرية، وهذه ما تدعى باسم GRATING ACUITY. من الواضح أن الأشكال تشاهد مشوهة من قبل العين المصابة، وهذا ما يؤثر على رؤية الأحرف بشكل أكبر من تأثيره على رؤية الأشرطة. 

كذلك فإنه عندما تنخفض درجة الإنارة، تتدنى الرؤية في العين المصابة بالغطش الحولي بشكل أقل حدة منها في العين الطبيعية أو المصابة بآفة عضوية. تسمى هذه الظاهرة بتأثير المرشحة ذات الكثافة المعتدلة NEUTRAL – DENSITY FILTER EFFECT، في إشارة إلى الأداة التي تستعمل لكشفها. قد تتساوى القدرة البصرية بين العين الطبيعية والعين المصابة بالغطش في النور الخافت.

التثبيت خارج المركزي ECCENTRIC FIXATION:

يشير التثبيت خارج المركزي إلى الاستخدام الدائم لمنطقة خارج الحفرة من الشبكية من أجل الرؤية في العين المصابة بالغطش ضمن ظروف الرؤية المفردة. تشاهد الدرجات الخفيفة من التثبيت خارج المركزي، والتي تكتشف باختبارات خاصة فقط مثل:HAIDINGER,s BRUSHES, VISUSCOPY, MAXWELL’s SPOT، عند العديد من المرضى المصابين بالغطش الحولي والنقص الخفيف نسبياً في القدرة البصرية. أما التثبيت خارج المركزي الواضح سريرياً، والقابل للكشف بمراقبة الموقع غير المركزي للمنعكس القرني في العين المصابة بالغطش عندما تثبت على الضوء والعين الأخرى مغطاة، فإنه يفترض على وجه العموم أن القدرة البصرية أسوأ من 20/200.

2- غطش تفاوت سوء الانكسار ANISOMETROPIC AMBLYOPIA:

يلي الغطش الحولي من حيث الشيوع، ويتطور عندما تسبب أسواء الانكسار غير المتساوية بين العينين تشويشاً دائماً في أحد الخيالين المتشكلين على الشبكيتين. يعتقد أنه ينجم جزئياً عن التأثير المباشر لتشوش الخيال على تطور القدرة البصرية في العين المصابة، وجزئياً أيضاً عن التثبيط أو التنافس بين العينين بشكل مشابه للغطش الحولي.

يمكن للدرجات الخفيفة من تفاوت سوء الانكسار في حالات مد البصر أو الحرج      ( 1-2 كسيرة ) أن تسبب غطشاً، بينما لا يسبب تفاوت سوء الانكسار الحسري الخفيف      ( أقل من -3 كسيرة ) غطشاً عادة. لكن حسر البصر العالي وحيد الجانب ( -6 كسيرة ) يؤدي غالباً لنقص رؤية غطشي شديد.

3– الغطش بأسواء الانكـسار المتساويـة ISOAMETROPIC AMBLYOPIA

هو نقض ثنائي الجانب، خفيف نسبياً في القدرة البصرية, وينجم عن أسواء الانكسار الكبيرة غير المصححة والمتساوية بين العينين لدى الأطفال الصغار. آليته فقط تأثير تشويش الخيالين الشبكيين. يعد مد البصر الذي يتجاوز خمس كسيرات، وحسر البصر الذي يتجاوز عشر كسيرات عاملين مؤهبين قويين للغطش ثنائي الجانب. كما يمكن للحرج غير المصحح لدى الأطفال الصغار أن يؤدي لغطش في المحور المشوش ( غطش محوري MERIDIONAL AMBLYOPIA ).

 

4– الغطـش الناجـم عـن الحرمـان الحســيSENSORY    DEPRIVATION AMBLYOPIA:

ينجم عادة عن الكثافات الولادية أو المكتسبة الباكرة في الأوساط الشفافة. هذا الشكل من الغطش هو الأقل شيوعاً، لكنه الأصعب من حيث المعالجة، والأكثر أذية. يميل نقص الرؤية في هذا النوع من الغطش، والمحصور بعين واحدة، لأن يكون أسوأ منه عندما يصيب العينين بنفس الدرجة.

بشكل عام، يجب اعتبار الساد الولادي الكثيف، الذي يشمل 3مم أو أكثر من القسم المركزي من البلورة، قادراً على إحداث غطش شديد. كذلك فإن كثافات البلورة التي تكتسب خلال فترة الطفولة ( حتى 8-10 سنوات ) قد تكون مؤذية بالقدر نفسه. يعد غطش التغطية OCCLUSION AMBLYOPIA  شكلاً من غطش الحرمان الحسي، وينجم عن المعالجة المفرطة بالتغطية.

تشخيص الغطش: يتم تشخيص الغطش عند وجود دلائل على نقصٍ في القدرة البصرية، لا يمكن تفسيره اعتماداً على القصة وموجودات الفحص الفيزيائي. إن التمييز الموثوق بين الغطش والأسباب الأخرى لنقص الرؤية اعتماداً على خصائص الرؤية فقط غير ممكن في الوقت الحاضر. ظاهرة الازدحام، على سبيل المثال، مميزة للغطش لكنها غير واسمة. العيوب الحدقية الواردة مميزة لآفات العصب البصري، لكنها قد تتواجد في الغطش. قد يترافق الغطش في بعض الحالات مع شذوذ في العين غير قابل للإصلاح مثل نقص تنسج العصب البصري OPTIC NERVE HYPOPLASIA أو الثلامة COLOBOMA، والتي تكون بحد ذاتها سبباً للغطش. من الحكمة تجربة العلاج بالتغطية في هذه الحالات، فإذا تحسنت الرؤية كان ذلك إثباتاً على وجود غطش مرافق.

يستلزم الأمر إجراء عدة اختبارات في بعض الأحيان لتحديد درجة الغطش وشدته. يعد نموذج التثبيت العيني المزدوج الذي يدل على مدى تفضيل إحدى العينين على الأخرى، اختباراً موثوقاً نوعاً ما لتقدير مستوى الرؤية عند الأطفال بعمر أقل من 3 سنوات والمصابين بالحول. لكن هذا الاختبار قد يحمل إيجابية كاذبة، عندما يلاحظ وجود تفضيل لإحدى العينين مع أن الرؤية متساوية تقريباً بينهما، كما في حالات الانحرافات العينية الصغيرة. وسنتكلم عن طرق قياس القدرة البصرية عند الأطفال في فصل آخر.

المعالجة:

تتضمن معالجة الغطش الخطوات التالية:

–       التخلص من أي عائق للرؤية، إذا كان ذلك ممكناً ( مثل الساد ).

–       تصحيح أسواء الانكسار.

–       الإرغام على استخدام العين الأضعف، بالحد من استعمال العين الأفضل في الحالات وحيدة الجانب أو ثنائية الجانب غير المتناظرة.

1- استخراج الساد: يجب استخراج الساد القادر على تسبيب الغطش بأقصى سرعة ممكنة. إن إزالة الكثافات الولادية الهامة في البلورة خلال الأشهر 2-3 الأولى من العمر ضرورية من أجل التحسن الأمثل للرؤية. وفي الحالات ثنائية الجانب المتناظرة، يجب ألا تزيد الفترة الفاصلة بين استخراج الساد من العين الأولى واستخراج الساد من العين الثانية عن 1-2 أسبوع. كما يتوجب استخراج الساد المرضي الذي يتطور عند الأطفال بعمر أقل من 8-10 سنوات سريعاً ما أمكن.

 

2- التصحيح الانكساري:

يجب أن تصحح الوصفة البصرية، التي تعطى للمصابين بالغطش، كامل سوء الانكسار المحدد بعد إرخاء المطابقة، على وجه العموم. ونظراً لأن قدرة العين الغطشاء على التحكم بالمطابقة تكون محدودة عادة، فلا يمكن الاعتماد عليها لمعاوضة مد البصر غير المصحح كما هو الحال في العين الطبيعية. كما يجب تصحيح اللا بلورة فورياً بعد استخراج الساد. يمكن لكل من الغطش الناتج عن تفاوت أسواء الانكسار، وذلك الناتج من أسواء الانكسار المتساوية أن يتحسن بالتصحيح الانكساري بمفرده خلال عدة أشهر.

 

3- التغطية:

التغطية الكاملة FULL – TIME للعين القوية هي الطريقة الأكثر فعالية لمعالجة الغطش، عن طريق إرغام الطفل على استخدام عينه المصابة. تجرى هذه المعالجة باستخدام الضمادات القابلة للإلتصاق والمتوافرة تجارياً. لا فرق إذا أبقي الضماد على العين أثناء النوم أو أزيل. من البدائل التي يمكن أن تستخدم للتغطية بدلاً من الضمادات، أغطية مدمجة بالنظارات أو عدسات لاصقة خاصة عاتمة، وذلك في الحالات التي يحدث فيها تخريش في الجلد ناجم عن المادة اللاصقة المستخدمة ( يمكن التخلص من معظم المشاكل الجلدية المرافقة للأغطية بالتحول نحو استخدام صنف آخر، أو بتحضير الجلد بصبغة البنزوئين قبل تطبيق الضماد ). لكن يجب استخدام التغطية الدائمة فقط في الحالات التي يمنع وجود حول ثابت فيها أي إمكانية لتطور رؤية مشتركة مفيدة. يجب أن يمنح الطفل الذي تكون عيناه مستقيمتين بشكل دائم أو متقطع الفرصة لأن يرى بالعينين معاً، لتطوير الرؤية المشتركة. يمكن للتغطية الجزئية أن تعطي نتائجً مشابهة للتغطية الدائمة. يمكن اللجوء للتغطية المتناوبة، بتغطية العين ليوم أو لعدة أيام، ثم نزع الغطاء ليوم أو عدة أيام. عموماً، يجب الانتباه إلى جعل الطفل فعالاً بصرياً قدر الإمكان عندما يكون الغطاء موجوداً لتحقيق أفضل النتائج. أما فيما يخص استمرار المعالجة بالتغطية، فيعتمد ذلك بالدرجة الأولى على سن الطفل ودرجة الغطش فكلما كان سن الطفل أصغر عند بدء المعالجة، كلما كان التحسن أسرع، والقدرة البصرية النهائية أفضل. وكلما كانت شدة الغطش أقل لدى بدء المعالجة، كلما كان التحسن أسرع كذلك، والقدرة البصرية النهائية أفضل.

ويصبح احتمال التحسن أقل كلما ازداد عمر الطفل لينعدم تماماً عند نهاية الفترة الحرجة CRITICAL PERIOD، التي تقدر بحوالي 9 سنوات، لكنها تمتد حتى 9-11 سنة في حالات الغطش بتفاوت سوء الانكسار، وتقل حتى 5-6 سنوات في حالات الغطش الناجم عن الحرمان الحسي. عموماً قد تفيد القاعدة القائلة« باستعمال العلاج بمعدل أسبوع واحد لكل سنة من العمر»، فإذا كان عمر الطفل 3 سنوات، تستعمل المعالجة لمدة ثلاثة أسابيع، وإذا كان عمره 6 أشهر، تستعمل المعالجة لمدة 3 أيام. يجرى للطفل في نهاية هذه الفترة تقييم جديد، ويقرر الاستمرار بالمعالجة أو إيقافها بحسب الاستجابة. من الطرائق البديلة لمعالجة الغطش، تشويش النظر في العين القوية باستعمال الأتروبين( 0.5% أو1% ) لإفقادها القدرة على المطابقة، وبالتالي تشويش الرؤية فيها للقرب. يتضاعف هذا التأثير عند وجود مد بصر غير مصحح. تدعى هذه الطريقة في العلاج PENALIZATION. قد يلجأ بعض الباحثين لاستخدام مقبطات الحدقة مثل إيكوتيوفات اليود 1/8% في العين الغطشاء لزيارة قدرتها البصرية للقرب. الفائدة الرئيسية لهذه الطريقة أنها لا تحتاج إلى مطاوعة الطفل. النقطة النهائية المرغوبة للعلاج هي عندما يستعمل الطفل كلتا عينيه للتثبيت بشكل متناوب وحر وعفوي، بالرغم من أنه قد يستمر باستخدام إحدى العينين أكثر قليلاً من الأخرى، كما قد تكون القدرة البصرية في العين المعالجة أقل بسطر واحد على الأكثر على لوحة سنلن. قد يحدث النكس لدى نصف المرضى بعد فترة من إيقاف المعالجة، وعندها تعاد التغطية من جديد. يمكن للوقاية من النكس، استخدام نظام داعم للرؤية ACUITY MAINTENANCE REGIMEN بالاستمرار بالتغطية بمعدل 1-3 ساعات في اليوم لمدة طويلة، ثم تخفف تدريجياً.

 

عن كتابه (الحول

وأمراض العيون لدى الأطفال

 

 

STRABISMUS

AND PEDIATRIC  OPHTHALMOLOGY

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *