الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

هل بقي كبير؟

2013-10-10 21.29 [320x200]

 

كان الوقت مساء عندما دخل قطيع الغنم حظيرة أبي شهاب يتقدمها كبش ضخم يرفع رأسه وقرنيه المفتولين عالياً يشمخ على القطيع كله ,وما هي إلا لحظاتحتى دخل أبو شهاب يحمل العلف والحشائش إلى قطيعه الغالي ,وكان الكبش يشرئب برأسه عالياً وكأنه يتفقد غنماته ويعدها لأنه وضع نفسه الحارس الأمين عليها.

فاقتربت منه غنمة ذكية وخاطبت الكبش : أيها الكبش العزيز لا تتصور مدى سروري من منظر أخواتي الغنمات وهن مجتمعات على طبق واحد بوجبة العشاء لأن اجتماعهم على الطعام بركة ومحبة .

واسترخت الغنمات وأخذت تجتر ,حتى نامت , إلا غنمة وكبش من فرحهما لم يناما,

وجرت بينهما المحاورة التالية :

الغنمة: يا صديقي الكبش لماذا صاحبنا أبو شهاب لا يقلدنا هو وأسرته مثلما نعمل؟

الكبش: (مقاطعاً الغنمة) وكيف يا صديقتي؟

الغنمة: فتنهدت وقالت له: منذ عدة أيام سمعت أبا شهاب يصرخ ويشتم ويرغي ويزبد على هذه الفوضى في أسرته…. وفهمت من صراخه أن أولاده لا يطيعونه ولا يأتمرون بأمره, ولم يرهم مرة واحدة ,مجتمعين على الطعام مثل قطيعنا. لقد راقبته من باب الحظيرة وتأثرت عليه وهو واجم الوجه يخاطب أم شهاب :ما بال أولادك ضيَّعوا بوصلة حياتهم ونظامها : أولهم حسام: يأوي إلى البيت الساعة الثامنة مساء يتناول العشاء واقفاً ويخرج من البيت دون تحديد اتجاه ,وكأن لا أم ولا أب له ولا من يحزنون, والثاني سعيد: يدخل البيت الساعة التاسعة يجلس مع والديه وهو الموعد الذي يتناولون عشاءهم ,وهو الوحيد الذي يشاركهم ذلك ,وهنا حدَّق والده وقال : شكراً لك يارب اجتمعنا ثلاثة فقط على الطعام.والثالثة سهير المدلله والوحيدة بين أخوتها تتناول كل وجبات عشائها في البوفيات ,همبرغر ..شاورمة ..فلافل ..لحمة .. حسب الميزانية ,فالشارع والبوفيه أفضل مكان عندها لتناول العشاء والوجبات السريعة لأن وقتها ضيق , ويتابع الأب بسخرية:(لديها إدارة أعمال –وشطبت والديها من مخيلتها ) والابن الرابع بشير يعود في الهزيع الثالث من الليل فيوقظ أمه المثقلة بأتعاب النهار وهموم البيت,وتصدر عنه جلبة مزعجة ,في أرجاء البيت ,حتى يأكل, ويؤكد الأب سخرية على بشير أيضاً : مدير أعمال في الشوارع مع رفاقه مع رفاقه ولأنه الأصغر في أخوته لا يهمه الإزعاج للآخرين ,ويسترخي أمام التلفاز مع بعض أخوته وربما للصباح وبزوغ الفجر,وهو موعد نومهم,فهو آت على يوم جديد ,ينام النهار ويسهر الليل .

وتابع أبو شهاب مخاطباً زوجته ,وسمعته الغنمة الواقفة في باب الحظيرة تسترق السمع كان يقول لأم شهاب : رحم الله أيام زمان كنت أنا وأخوتي وأولادنا نفترش الأرض على حصيرة من القش ,ونتحلق حول (مقلي الفخار) يتبخر منه عبق الطعام الساخن ,وصوت المعالق الخشبية يصدح,وكلنا رهن إشارة والدنا الذي تخطى الثمانين ولا مجال لأحدنا أن يخالفه لأن كبيرنا,تنهدت الغنمة الذكية قائلة للكبش :

يا صديقي ما الذي غيَّر هذه العادات الجميلة البسيطة المتواضعة؟ أجابها الكبش بتهكم وسخرية: الحضارة والتطور يا صديقتي .

الغنمة: إذا كانت الحضارة والعلم يلغي احترام الكبير ويفسد العلاقات الأسرية فبؤس هذه الحضارة ولسنا بحاجة لها لأنها تفكك الأسرة .

شعر الكبش بالمرارة وهزَّ رأسه وجسمه منتفضاً وصاح بقطيعه متابعاً إياهم:انتبهوا كلكم مدعون غداً للتوقيع على اعتراض وبيان مفصل تشاركوني في كتبته ننفي هذه المعاملة السيئة لأبي شهاب من أولاده وفوضى حياتهم طالبين منهم ما يلي:

-يا أولاد أبي شهاب عليكم طاعة كبيركم واحترام الصغير للكبير وطاعة الوالدين أمر من الله وعليكم بنظام معيشة في الأسرة فيه كل الاحترام والمحبة وطاعة الكبير في الأسرة والحارة والبلدة .؟ إذا كان هناك كبير!

وفي الغد نظَّم الكبش الاعتراض وقدمه إلى لأبي شهاب موقعاً من الجميع في القطيع وممهوراً بخاتم الكبش وكتب تحت الخاتم محبة الوطن قبل كل شيء… سبحان من جعل الحيوانات تحب بعضها أكثر من الإنسان .

التعليقات: 3

  • الأستاذ الفاضل أسعد مصيوط،

    الموضوع المطروح بغاية الأهمية من حيث دراسة التركيبة الأسرية الجديدة في مجتمعنا الشرقي مع الأخذ بعين الإعتبار النقاط التالية:
    ١- الأب في أغلب العائلات آمر ناهي يتحكم بالأسرة أحياناً بطريقة خاطئة تؤدي إلى نتائج سلبية في أغلب الأحيان.
    ٢- نسبة الأسر التي يتم فيها النقاش بين الأب و الأبناء بطريقة بناءة لا تتعدى ١٪ على أحسن تقدير.
    ٣- الفكرة دائماً أن الآباء معصومين عن الخطأ و الأبناء دائماً عصاة، وهذا أمر مرفوض تماماً.
    ٤- الجميع يبدع بطرح المشكلة دون تقديم أدنى فكرة عن الحل، وفي أحسن الأحيان يقوم الكبش بتوجيه أسرة ابو شهاب، فهل وصلنا الى مرحلة نتعلم فيها الإحترام الأسري من قطيع من الماشية، حتى ولو كان هذا المثل من قبيل التشبيه المجازي.
    ٥- هل تساءل الآباء يوماً عن سبب الفشل الذريع في ماوصلوا اليه من علاقات تسرية، ام أن الابناء قد تربوا في كوكب آخر، أليس الأب مسؤول مباشر عن تربية أبنائه، أم أن الجيد ينسب له و لطريقة تربيته والسيء للمجتمع وفي كثير من الأحيان تلام الأم.
    ٦- هل يمكن للأستاذ أسعد مصيوط المحترم أن يعرف ببعض السطور مَنْ يكون الكبير، ماهو تصورك عن الكبير؟

  • يقول أسعد مصيوط:

    الأخ المتابع دائماً الموقر ..

    سررت جداً بتعليقك الذي يدل على اهتمامك بالأمور التربوية ويشرفني تعليقك عليها ومن أعماقي أشكرك .
    نعم هناك يا أخي بعض الأسر يهيمن فيها الأب على قرارات الأسرة ,ولكن ليس أغلب الأسر .
    أنا يا أخي المتابع ليس على خلاف معك فأن لا أعتبر جميع الآباء معصومين عن الخطأ وهناك بعض الأبناء لهم حكمة وإرشادية أكثر من الآباء وهذا يعود لمدى تربيتهم وثقافتهم .
    الحل هو بديهي ..بالتعاون والتشاور والمحبة وتسيير أمور الأسرة بنظام هادف تربوي .
    – هل يستطيع الأب الحفاظ على أولاده بحجزهم من الاختلاط برفاق السوء في البيئة الاجتماعية؟ وكيف سيراقبهم ؟ فما يعطيه في البيت يتبخر خارج البيت .
    – الكبير يا سيدي الكريم : هو الأب الذي ينشئ أولاده منذ الصغر على تربية صالحة مليئة بالإيمان والنظام واحترام الآخرين وحب الوطن .
    – من أعماقي أشكرك أيها المتابع العزيز أكثر الله من أمثالك المتابعين .

  • يقول متابع دائم:

    السيد المحترم أسعد مصيوط

    يسعدني ان اتواصل معك على صفحات مجلتنا العزيزة، و ابارك فيك لهفتك و اندفاعك المحمود نحو ترتيب شؤؤن البيت الذي هو عماد المجتمع، وانطلاقاً من ذلك عندي بعض النقاط التي أريد لفت الانتباه لها
    1- الكبير حسب رأيك هو الاب الذي يربي و يعلم و ينشئ ابناءاً صالحين، وهنا الفكرة فهذا الاب المثالي هو الطفل الذي نقوم بتربيته بشكل صحيح ليصبح أباً مثالياً، ولكن بعدم تواجد مؤسسة تعليمية حقيقية و غياب الحوار بين الاب و الابناء في المنزل، وطريقة تفكيرنا التي تميل في احسن حالاتها إلى تقييم عمل الإنسان و نجاحه من خلال مردوده المادي، أظن اننا بعيدين كثيرا عن تحقيق غايتنا المرجوة.

    الغاية: مجتمع مثالي واعي، حضاري، مثقف.
    الواقع: مجتمع مفكك، هبوط واضح في مستوى التعليم، كثرة الملاهي الليلية و المطاعم على حساب المكتبات و دور العلم.
    الحقيقة: صعوبة كبيرة في تحديث أي عنصر من عناصر العملية التربوية بدءاً بالجهاز التدريسي و نزولا عند الطلاب و انتهاءاً في البيت حيث يغيب دور الام و الاب بشكل لافت في هذه الأيام.
    النتيجة: انحلال أخلاقي واضح مدعوم بتوفر التكنولوجيا الحديثة مثل شبكات التواصل الاجتماعي و التي لا تتناسب مع مستوى الحرية الذي كان متاحاً منذ فترة وجيزة و هذا ماتسبب بفوضى نوعاً ما لا يمكن السيطرة عليها بالطرق التقليدية و انما تتطلب خطة ممنهجة بعيدة المدى ممكن ان تستمر لسنوات و ذلك لتدارك الهوة بين ماكان متاح منذ فترة و ماهو متاح حالياص.

    المشكلة الرئيسية في الادوات و توفر الكادر المؤهل للقيام بهذه المهمة (انا اعترف ان العملية شاقة و مضنية)، فبدلا من ان نلعن و نشتم دعونا نتحاور مع من نظنهم في الدرك الاسفل و نحاول بناء منصة يمكن الانطلاق منها.

    سادتي
    انا لا احب الكلام النظري و لكن حقيقة للوصول الى النتائج المرجوة يتوجب علينا العمل ككل متكامل و هنا انا ادعو السيد الاديب سلوم سلوم لعقد جلسة ثقافية في المركز الثقافي تحت عنوان” شبكات التواصل الاجتماعي” ويعدد فوائدها و مساوئها و كيفية التعامل مع الابناء في هذا المضمار، ممكن ان تكون هذه البداية و نرفدها بتوعية في المدرسة و الكنيسة ايضا وذلك لأن هذا الموضوع “موضوع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت” خطير جداً على مجتمعنا الكفرباوي ان لم يتم التهيؤ له بشكل صحيح.

    لنعمل معا لغد افضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *