الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

مواقف ومحطات : معركة الورثة

2013-10-26 19.58 [320x200]

 

كعادتي كل صباح خرجت باكراً إلى الحقول لأنفض عني غبار ليل قلق وأحلام مزعجة هجمت علي كالكوابيس وأخذت أتمتع برائحة الأشجار وعبق الأزهار والياسمين وحولي سنابل القمح الممتلئة تنحني تواضعاً كأنها تشكر الله على غيث غزير نالته هذا العام ما هذه الغيرية عند هذه السنابل تموت الحبة لتعطي حبات كثيرة فتقطعها الألات الحادة ولا أحد يحمدها أو يشكرها.

– ابتعدت قليلا عن القرية ثم عدت أدراجي من طريق آخر وأدهشني رؤية عصفور مستلقياً على ظهره ويحرك جناحيه كأنه يعبر عن شيء ما اقتربت منه وخاطبته بهدوء ولطف ماذا تعمل أيها العصفور الجميل ؟ أمريض حتى أساعدك ! وتحرك بكلتيه وغرد ساخراً وهو يردد: إنني استلقيت على ظهري ورفعت أطرافي لأشكر الله على نعمه وخيراته لأنكم معشر الناس لا تذكرون الله إلا في سنين العجاف والجفاف ونحن معشر الطيور لنا عتب عليكم وتابع هذا الطير قائلا: علمت من وسائل اعلامكم أن جرما سماوياً سيسقط على الأرض فقلت لأرفع أطرافي للأعلى لمنع هذا الكوكب من السقوط وتخريب الأرض فضحكت منه ساخراً وقاطعته : أيها الطير أنت لا شيء أمام سقوط الكوكب فغرَّد ساخطاً مني وهازئاً وقال: تباً لكم معشر الناس على كل منا أن يعمل ما يستطيع بالتعاون والمحبة لردع الأخطار لأنه بالمحبة نحقق المستحيلات .

وودعت صديقي الطير وأنا مندهش من فطنته وحكمته المفقودة لدينا وعدت إلى القرية من حيث أتيت ودخلت احدى شوارعها واستوقفني جلبة وصراخ وصخب عال اخترق النوافذ والجدران وفضوليتي دفعتني لذلك البيت مستفسراً الأمر وإذ أنا أمام عائلة وأخوة يصبون حقدهم عللى بعضهم كشلال هادر يتشاجرون ويختلفون و تابع

ويختلفون على اقتسام ميراث والدهم الذي يجلس مشدوهاً مما يرى من تقاذف الشتائم على بعضهم حتى تطورت المشادة باستعمال الأيدي فلا سمعوا تحيتي ولا ردوا سلامي وأبو إبراهيم يضرب أخماسه بأسداسه مما يرى من أولاده العاقين وهنا تدخلت وهدأت من عاصفتكم الهوجاء ومن سنامي وقاحتهم وقلت ما الأمر يا أبو إبراهيم قال بتلعثم وعصبية وغضب : يا رجل يريدون اقتسام الميراث لكي يبيعوا الأرض ليشتروا سيارات سياحية للرفاهية بدل أرض أجداد الأجداد ومن خولهم على بيعها …… تباً لهم من حمقى .

وهنا شعرت بضيق تنفس وصرخت بأبي إبراهيم: ألم تسمع نبي الله سليمان الحكيم قال في سفر الأمثال : ( لا تعطوا ميراثكم وأموالكم لأبنائكم وأنتم على قيد الحياة حتى لا تنتهي حياتكم على الطرقات) فانتفض الأب واقفاً وكان أبو إبراهيم استفاق من سكرته وضرب على المنضدة بقوة وقال : حاسماً الأمر : لن أعطيكم الميراث مهما حاولتم وبعد موتي اصنعوا ما تشاؤون .وتماسكت نفسي وبدأت واعظاً عليهم.

– كيف تتجرؤون وأنتم أخوة وتنالون من بعضكم وتتشاجرون بالكلام الصاخب المعيب بألسنتكم القذرة ألا تعلمون أن نظافة الإنسان بنظافة لسانه؟ ألا تعلمون بالخطر الذي يحدق بنا من اللسان؟ إنه تسونامي العصر .

– وقاطعني صغيرهم : ألهذا الحد خطر اللسان؟

قلت : نعم هو كالدفة التي تدير السفينة الكبيرة هذه القطعة الصغيرة (اللسان) به تقوم الحرب, وبه يكون السلام ,لقد استطاع الإنسان ترويض الحيوانات والوحوش والطيور والزواحف, ولم يستطع لجم لسانه فأنت تستطيع تذليل الأسد والنمر ولا تستطيع تذليل لسانك وترويضه على نطق الخير والمحبة . اللسان إما أن يكون خيراً أو شراً ..هذا اللسان يدير صاحبه كيفما يشاء ..إثم ..دناسة …كراهية.. محبة … لطافة .. حماقة ..إنسانية

– من ينبوع واحد يخرج ماء عذب وماء ملوث (اللسان) .

– من مصدر واحد تخرج اللعنة والبركة …. وحدقوا ببعضهم ولسان حالهم يقول من أين جاءنا هذا الواعظ حتى يشل اقتسامنا للميراث؟ وخاطبني أكبرهم : اضرب لنا مثالاً قلت: ألسنتكم الفاجرة على بعضكم شتم الأخ لأخيه, غضب وصراخ بعضكم على بعض ,عدم الانصياع لوالدكم ,قساوة وخشونة حديثكم معه، كله بسبب هذه العضلة الصغيرة (اللسان) ,والإنسان بأصغريه قلبه ولسانه ,وغادرتهم مودعاً حماقتهم وأنا غارق في زواريب الحياة ,وهمومها ومآسيها وإيقاعها المؤلم .

– ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *