الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

القدس في عيون حموية

 

 

552222
القدس معلم من معالم العروبة والإسلام ومدينة مقدسة عند كل الأديان السماوية وقد نكبت الأمة العربية والإسلامية والمسيحية فيها فاحتلت من قبل الصهاينة صناع الحروب والإرهاب في العالم وكانت الكارثة التاريخية التي حفرت وأثرت عميقاً في وجدان وروح الشعب العربي وقد ظهر هذا الأثر على ألسنة الأدباء والشعراء وفي أعمال الفنانين تصويراً صادقاً لعاطفة خلقتها هول هذه المأساة ، كما كثرت وتعددت أبعاد صورة القدس في كل عمل إبداعي وبما يتواصل وجداناً وفكراً مع هذه الكارثة من ماض وحاضر ومستقبل .
اليوم أردت أن أدخل عالم القدس الشعري ،أردت أن أراها من خلال عيون شعراء حماة فكانت لي الحوارات التالية مع عدد من شعراء حماة وكانت البداية مع الشاعر محمد عنان قيطاز حيث قال لي :
فلسطين هي الجرح النازف دائماً في شعرنا
فلسطين والقدس في شعري ونحن شعراء حماة من أكثر الناس إحساساً بالقضايا الوطنية والقومية وتعد فلسطين هي الجرح النازف دائماً في شعرنا فلا تخلو قصيدة وطنية من ذكرها وقصيدتي لن تركع القدس مشهورة ومعروفة.
• القدس في شعر محمد عدنان قيطاز جرح أورق وأزهر ، جرح يروي قصته التي يعرفها الجميع ولكن دون أدنى فائدة فشهوة الكفاح هرمت والميادين أقفرت من رداء الشموخ ، كما أن الثورة عارمة في شعره ، ثورة يحاول إشعالها في روح كل عربي محاولاً تحريك الكرامة ومنادياً بالوحدة والنضال والتحرر من عقدة الخوف والجوع مذكراً بأمجاد الأجداد ورافضاً بشدة الحالة الراهنة للعرب ، أيضاً القدس في شعره شامخة لن تركع أبداً وكل عار أصاب الأرض العربية سيمحوه دم أبنائها الأبطال .
يقول الشاعر في قصيدة لن تركع القدس :

لا وحق الفداء .. لن تــــركـــع القدس .. ولـــن يستلين حـــدُّ المجـــزرْ

لن تموت الحقوق إن كنت سيفاً عربيَّ المضاء في الساح مُشْهَرْ
أبداً لن تموت.. يا أرض ميدي فلقد جاءك الأعزُّ الأكثرْ
الدم الحرُّ لم يزل يتلظىّ ولنحنُ الوقود في كل مِجْمَرْ
ولنحنُ الأساة إن عزّ آسٍ لا سوانا بنبله يتدثّرْ
ولنا في ملاعب المجد سَبْحٌ سائلوها.. تجبْ إذا الفجر أسفرْ
مـــن قــديـم الزمـــان كنـــا .. ومــازلــنــا.. وتــبــاً لـحـاقــــدٍ إن زوّرْ

كلّ عار في أرضنا هو رجسٌ سوف نمحوه بالنجيع الأحمر

شغفتني زهرة المدائن حباً
فلسطين والقدس في شعر غازي فيصل الخطاب حزناً يتفطر له القلب على هذا الزمن القاتم وعلى ضياع الأقصى و صيحة مخنوقة تندد بالتخاذل والخوف وبثياب الذل والعجز التي لبسها الجمر المكابر حتى نسي ثأره ، صيحة ترفض القعود عن نصرة المقاومين وتشيد بالبطولات الفردية والجماعية وترثي الشهداء لتشعل نار الحزن والغضب فتتحطم الأغلال وترتفع آيات البشائر لأن الفجر لابد آت وإن كان بعد ليل طويل.
يقول الشاعر في قصيدة صيحة:
صحتُ لم أسمع أنا صوتي وما أيقظتُ أحزان المجامرْ
رجم الخوف قلوب الناس فارتاعت
ولم ينهب صحارى البين ناصرْ
رجعتْ ميسون تبكي…
لم تجد بعلاً يجيد الموت في سوق الضفائر
أيها المنسيّ يا شوك الصحارى
أيها المصلوب في جذع المعابر
حطمّ الأغلال واحمل جلدك المسلوخَ
واغزلْ
من لهيب الدمع آيات البشائرْ
خُطّ فوق الصفحة الأولى من الفجر نشيداً
يضرم النار في ليل العشائر
وقد تعددت قصائده التي عبرت عن هول مأساة فلسطين والقدس وسكنت كل دواوينه الشعرية ومن هذه القصائد : سداسية القهر والموت ، صيحة ، الشهيدة الطفلة إيمان حجو ، المولود السجين وائل،جنين المأساة والبطولة ، على أكناف مسرى أحمد .
حينما سألت الشاعر غازي الخطاب عن مكانة القدس منه ومن شعره قال لي :
أنا كغيري من شعراء حماة شغفتني زهرة المدائن حباً وأذكت في دفاتر أشعاري نار الحزن والغضب وظلت هاجس بياني.
من قصيدة على أكناف مسرى أحمد اخترت الأبيات التالية:

قلبي على الأقصى سحائب لهفةٍ عزّتْ على حسّي وشرح معاجمي
سكنتْ ندى روحي وحبرَ مواجعي ودمــوع أيامي ونَوْح حمائمي
واللهِ كــلّ مصــيبة فــتــاكــةٍ جللٌ إذا قيست بمسرى الهاشمي
هم ضيّعوا الأقصى فخطبٌ داهمٌ يجري على آثار خطبٍ داهمِ
الشمس جزّت شعرها انطفأت كما انطفأت من الذلّ المحضّ عزائمي
ستون عــاماً جرّعــتني علقماً ورمت عــيوني في أَتــون مآتم
وأنــا وآمــالي وكـلّ أحـبتي مِزَقٌ على موج الردى المتلاطم
وأنا وتاريخي وضوء مآذني في كــفّ سفّاح الخلــيل الآثــم

هل هناك منقذ؟!..هل ننتظر منقذاً؟!..
حدثني الشاعر عبد الوهاب الشيخ خليل الشعراني عن ذكرياته في مدينة القدس وأخبرني عن حاراتها القديمة والكبيرة والتي تشبه حارات حماة القديمة وهو الذي أمضى فترة من شبابه متنقلاً ما بين مدن فلسطين وقال لي:
– القدس وصلت لوضع يهين الأمة العربية والإسلامية إهانة صريحة صارخة والسؤال الذي يلح على الإنسان هو : هل هناك منقذ؟!..هل ننتظر منقذاً؟!..الجواب في ضمير الزمن .
• القدس في شعر عبد الوهاب الشيخ خليل الشعراني جرحاً وصل سويداء القلب، جرحاً تبتل بماء الوجد والشوق للوصال ، وتنديداً بوضع جعلنا نفقد الإحساس بالعيب أمام ضياع الأوطان وإهانة مسرى الرسول وتمادي العدو اللئيم محاولاً إيقاظ الشعوب والغيارى لحماية تاريخهم وإعادة الحياة إلى دمائهم وإذابة جليده بثأر الدم حين يغلي في النفوس مستنجداً بالمسلمين في كل مكان ومتفائلاً بأطفال سيغدون رجالاً يجعلون من النصر والصمود مبدأ لإنقاذ القدس قبلة الله التي من المستحيل أن تبقى تحت الاحتلال منادياً بالوحدة لتحريرها وجعل يوم النصر عيداً.
يقول الشاعر في قصيدة إنها القدس:

أيها المسلمون في كلِ مصرٍ هل نسيتم على الخنوع النّهودا
فالعذارى أمسين في القدس نهباً لذئاب ينهشن صدراً وجيدا
والعذارى لدى العلوج سبايا يستغثن المقدام والصنديدا
إنها القدس يا لعارٍ عظيم يصم الجدّ بالخنا والحفيدا
إنها القدس هل سمعتم نداها؟ هل شهدتم مصابها المشهودا؟
كلّ يوم مذلةٌ واعتداء يهتك العرض أو يهين المجيدا
كل يوم مسرى الرسول مهان إن مسرى الرسول أضحى طريدا

آثار القدس في قصائدي كأثر القلب في حياة الجسد
• عندما قرأت شعر رابعة الكيلاني تجلت لي صور المقاومة الشريفة وارتفعت صورة القدس بين الصور بهالتها القدسية النورانية ترافقها أحلام وآمال محتضرة تنتظر صحوة تشعل الدم في العروق أمام مقتل الأطفال وكل ما يحدث من ظلم وذل وعدوان بعد أن تهاون القوم عن نصرتها ولكن مع ذلك فالشاعرة ترى أن الصبح لابد قادم ترسمه حجارة الأطفال .
قلت للشاعرة :
قرأت ظلم الاحتلال في قصائدك ، وكانت فلسطين جرحك النازف لكنني مع ذلك بهرت بصورة القدس وهي ترتفع لتسكن شغاف القلب . إن سألتك هنا عن مكانة القدس في شعرك فبماذا تجيبينني؟
– تسكن القدس قلب قصائدي سكن القلب للجسد ، فأنت لا ترين القلب بالنظر إلى الجسد ولكنك موقنة بوجوده بدلائل نبض الحياة في الجسد وهكذا ترين آثار القدس في قصائدي كأثر القلب في حياة الجسد وقد أسدى لها العدوان الصهيوني خدمة من حيث لا يريد ذلك فأسكنها بجنون وحشيته قلوب الأحرار كل الأحرار في هذا العالم على اختلاف معتقداتهم ودياناتهم ولا يردّ أولئك الأحرار عن الهبوب لنصرتها غير انقسام أهلها واختلافهم.
أمنياتنا لهذا الليل أن ينجلي ليهب كل محبي القدس لنصرتها كما يجب ولتعود الحياة ، حقيقة الحياة إلى قلب الدنيا الذي يجعلها تنبض حقاً بالحياة .لأرى تحلة قسمي .
تقول الشاعرة في قصيدة قسم :

أقسمت بالنور من عينيك ينهمر والروح في الكف والأحلام والحجر
وما حــوى الليل من لألئ بـارقة ترنو إلى القدس والآمال تحتضر
أقسمت بالصبح لا يــرجى لـه بلجٌ إما صحى القوم من وعد به سكروا
وبالــدم السمـح لا يرجى له بــدلٌ إلا سرى القدس فواحاً به القدر
بقبة المسجد الأقصــى ، بساحــتـه بمقتل الطفل لم يحفل به البَطِرُ
إني أرى الصبح يرقى من حجارتهم ليملأ الكون حباً قد له نُذروا

ولاءنا للقدس ولاء عقائدي وانتسابنا لها مصيري
نخوة الأقصى،ترنيمة في محراب القدس ،إلى الشاعر الفلسطيني،قراءة في مدائن الثورة…وعناوين كثيرة لقصائد عديدة سكنتها فلسطين وتجلت فيها القدس بأبهى حللها عروساً للنور والنار ، عروساً بثوب أبيض طاهر ودم أحمر نازف،يرفض الاحتلال ويدعو لإشعال نار الثورة والكرامة وإيقاظ النيام مذكراً بأبطالنا وتاريخنا العربي العريق، رفضاً للتفرقة ولواقع العرب الحالي وحلماً بالوحدة وإيماناً بدور الشعوب ووقوفها في وجه نيرون كل زمان.
هكذا تجلت القدس في شعر حسان عربش وهو الذي حدثني عن مكانتها في قلبه وروحه وقصائده قائلاً”
– إنها القدس يرسمها نبض القلب ،غمامة تهطل بالنور والحب،عاصمة الشهادة والشهداء، تتوزع عشقاً وياسميناً ونضالاً على خارطة قصائدي ، نذرت لها أعذب ما في الروح من عنفوان فهي بوصلة العرب المؤمنين إليها تومئ القلوب.

هنا قدس القلوب ترفُّ سحراً فليـــس لشـمسِ عزّتها مغيبُ
إذا الفاروق كان لها عمادا فإنّ صـــلاحها البطلُ المهيبُ
تدافعُ عن عروبتها الغيارى ولو هطلتْ بساحتها الخطوب
رجالٌ من أعاصيرِ المنايا على قلـــب العداةِ لها هــبوب
من قصيدة نخوة الأقصى:
ما هم كم قبض الردى من وردنا وشبابنا مـــــهر البلاد ثمــــــــين
دمنا نــــشيد الأرض والـــتاريخ يسرج خيله من هاهنا المأمـــون
هي نخوة الأقصـى تجّـلت لـــيس … يدرك سرها باراك أو شـــــارون
هذا نــداء الـــقدس في أرواحـــنا عن عمره لا يسأل اللــــــــــيمون

كما أن فلسطين هي موسم شعرنا الأغلى وهي سورية الجنوبية على ثراها استشهد أبناء سورية الأبطال مثل عز الدين القسام وسعيد العاص وغيرهم كثير ،كما أن ولاءنا للقدس ولاء عقائدي وانتسابنا لها مصيري .
من قصيدة قراءة في مدائن الثورة :
دم يرتدي عنفوان النخيل
يفيض جداول طهرٍ
حدائق عشق ٍ
ويغدو بوجه الطغاة انفجارْ
وتدنو السماء لتحتضن القادمين
قوافل عز وغارْ
وللقدس تندى زهور الكلام
لموت ألفناه فخرا وفجرا
وإكليل غارْ
أليست دماء الأباة
منار
فلسطين يا أول الصامدين
ويا آخر الصامدين بوجه التتارْ
—————————————–
مازلت أنتظر شروق الشمس التي لابد طالعة
• عندما نبحث عن صورة القدس في شعر رضوان الحزواني نجده يستحضر رمزية عدد كبير من الشخصيات العربية التاريخية كعنترة وزهير بن أبي سلمى وعمر بن الخطاب وغيرهم كثير ليعرض من خلال هذه الشخصيات واقع القدس وفلسطين والأمة العربية فهو يعمل على سرد مواجع هذه الأمة لإثارة النخوة الكامنة مبشراً بولادة فجر جديد يوقف شلال الدماء المتزايد منتظراً سلام الأبطال لا المتخاذلين .
يقول الشاعر في قصيدة سقوط الرخ مفتخراً بنصرهم في حرب تشرين التحريرية ومستبشراً بنصر القدس وتحريرها بعد وحدة العرب :

هاتي يمينك .. يا عفراء .. وانطلقي فاليوم يشرق في عينيك نيسانُ
جراحنا الحمر في أسيافنا شعلٌ وتلك أعيننا شهبٌ ومرّانُ
درب الأحبّة بالزيتون نفرشه وإن غضبنا فمنّا الإنس والجانُ
لو تسألين عدوّ الشمس يعرفنا كم دوّخته بساح الريح عقبانُ
وكم رجمناه بالبارود فانفجرتْ غيومه السود .. واصطادته نيرانُ
فاهتزّت القدس بالبشرى وواعدها على المشارف عبّاسٌ ومروانُ

أخبرني الشاعر رضوان الحزواني عن الألم الذي يعتصر قلبه لما تعانيه القدس مسرى الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ومولد رسول السلام عيسى ابن مريم في محيطها وقال:
– تأبى القدس وآلام أمتنا وجراحاتها إلا أن تكون مشهداً مؤلماً يسكن روحي وشعري ولكنني مع ذلك مازلت أنتظر شروق الشمس التي لابد طالعة. أقول في قصيدة أشجان ربيعية :
ما عدْتُ أحصي جراحاتٍ نُكابدُها بغدادُ والقدسُ بعضٌ منْ مآسيها
واليوم غزّة أشلاء على حجر وحسبها الله من أعدى أعاديها
قلوبنا معها والسيف معتقلٌ قلوبنا معها والسيف معتقلٌ
ماذا أحدّثُ يا أمّاهُ ! أنتِ على وَقْدِ الجراحِ ، وإنّا مَنْ نعانيها
لا تقفلي البابَ ، إنّ الشمسَ طالعةٌ مهما أناخَتْ على البلوى لياليها

من خلال لقاءاتي السابقة وبعد قراءتي السريعة لشعر عدد من شعراء حماة وجدت القدس في شعرهم عشقاً مقدساً وجرحاً يدمي القلب والروح وثورة عارمة بالحزن والغضب تندد بحالة العرب الراهنة وترى أن السيف والدماء هما الحل لاسترجاع كل أرض محتلة مستحضرة تاريخ البطولة العربية ومطالبة بالوحدة للقضاء على ذل وظلم العدوان،مستبشرة بالأطفال أبطال المستقبل وبحجارتهم التي ستنير قادم الأيام .

لما عبدالله كربجها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *