الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الشاعر حبيب الصايغ يستدرج الشعر من مكامنه

the evening of poetry at  Emirates Writers Union in Abu Dhabi

 

في كل أمسية يحييها الشاعر العربي حبيب الصايغ يترسخ لديّ شعور بأن منجز هذا الشاعر في حاجة الى جهد نقدي يخرجه الى النور ويكشف عن العلائق الدقيقة التي تربط أوصال تجربته وتمنحها روحها المميزة وهذا التألق اللافت من خلال التنوع الكبير الذي تختزنه على مستوى الشكل، والجرأة الواضحة على مستوى التعامل مع المفردة.

وكأنما الصايغ يستدرج الشعر من مكامنه إلى نصوصه.

 

في أمسيته التي أحياها مساء أمس الاول ونظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في المسرح الوطني في ابوظبي، قرأ الصايغ مقاطع من قصيدته الطويلة الصادرة في ديوان مستقل عام 1985 بعنوان “ميارى” كما قرأ مختارات من مجموعته “الملامح” الصادرة عام 1986 ومن مجموعته “قصائد على بحر البحر” الصادرة عام ،1993 كما قرأ مختارات من قصائد اخرى له لم تطبع بعد كتبها في السنوات الأخيرة، وكالعادة تعددت اشكال الكتابة بين: عمود الشعر والتفعيلة والشعر المنثور، وفي كل ما قرأ كانت روح الشعر وثابة لا تعترف بزمن ولا تقف عند حدود حدث بعينه، ليس لأن الأزمان باتت متشابهة ولكن لأن الشعر الحقيقي يستخلص الجوهر الذي لا يبدله زمن.

استهل الصايغ أمسيته بقراءة مقطع من إحدى قصائده يتضمن توصيفاً لرؤيته لعلاقته بالكتابة:

“إذ أهملتني سنوات الورد

حاصرني ظلي

عرقلني ظلي

والشمس محدودبة الظهر

كشكل بارد الشكل

والظل يقظان

ثم قرأ قصيدة بعنوان “وجه المدينة” تخللها ذلك المزيج الذي يجيد صنعه في قصائده بين الوطن والحبيبة، ليبدو وهو يخاطب الوطن عاشقا وحين يخاطب الحبيبة باحثا عن وطن:

“تبدل وجه المدينة

خارج من يعتني بالملامح

خارج من يعتني بتفاصيل عينيك

أو ينتمي لهما”.

ثم قرأ الصايغ قصيدته “أنا والبحر”، وهي حوارية مطولة بين الشاعر والبحر، بين ندين كما تجليا في القصيدة، والبحر واحدة من مفردات الصايغ الأثيرة، بعدها، قرأ الصايغ قصيدته “العبار” التي يرصد خلالها – بعذوبة فائقة- تفاصيل الحياة من خلال “مبروك العبار” الذي يعمل في نقل الناس بين دبي وديرة في إمارة دبي، نجح الصايغ في قصيدته المنشورة في ديوانه “ملامح” الصادر عام ،1986 في تحميل النص رؤى وأفكاراً فلسفية راقية لها علاقة بنظرته الى التغيرات التي شهدها المجتمع الإماراتي في تلك الفترة دون ان يأسر الحدث والنص، ودون ان يمس ذلك بمرونته وقدرته على الوصول الى المتلقي:

“تلتصق الضفة بالضفة حتى ليكاد يكون الجسر

صباح آخر

ليل آخر

شمس محرقة وقيود

بين النقطة والنقطة مجذاف صلب

يحفظ مبروك الأسماء جميعا

ويواصل رحلته اليومية ما بين دبي وديرة

رجلاه مقيدتان إلى حبل

ويداه تشقان الدرب المائي

المجذاف يصير خلاص الظهر الأسود

كان قويا

لكن الوقت مضى كالدهر

ولكن الدهر مضى”

ومن مجموعته “قصائد على بحر البحر” اختار الصايغ نصين آخرين هما: “الشاعر” و”غزلية”، من أجواء الأخير:

تمنيت لو كنت خاتمك الحلو، ذاك الأنيق

لكي أرتدي اصبعك

تمنيت لو كنت قلبك

حتى أحرم أن أوجعك

تمنيت لو إنني ماء عينيك

حتى أحاذر أن أدمعك

تمنيت لو إنني معك، الآن

حتى أكون معك”.

واختتم الشاعر حبيب الصايغ الأمسية بقراءة لمقاطع من قصيدته المطولة “ميارى” والصادرة في كتاب مستقل بالعنوان نفسه عام ،1985 وتمتاز القصيدة بنفس ملحمي ورؤية مكثفة، وإن كان نص ميارى -بذاته – في حاجة الى تقديم يليق به وقراءة ترتقي الى مستواه، فإنه يثبت كذلك مدى الحاجة الى قراءة نقدية جادة تتناول كافة تجربة الصايغ الشعرية مكتملة وتضعها في مكانها الصحيح على خارطة المشهد الشعري العربي. من أجواء “ميارى”:

“قصب منتظم، سكره ينتظم النسمات

في فصل جديد لم يصادفه الزمان

إنه فصل السكارى

مهرجان المهرجان

إنه سحر ميارى

حفلة من حلم حف به الصحو

وما أعقبه المحو

لديه الزهو

ترجيع سؤال سلسل

وتر هذا الذي يقتد من عمري

دم المستقبل

وتر أم ترجمان؟

أم بلاد كلها بيت من الظل

علاقات جمان؟

يا ميارى

لم أكن وحدي، الظلام

كان قربي يعقد الحاجب

يستعصي على الفهم وكان

معتما حتى توارى

جسدي خلف المكان

والمكان

ما توارى

كان شيئا من ميارى موقع “الخليج”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *