الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الأمثال الشعبية .. تعبير عن تجارب الإنسان ومواقفه وانفعالاته

بلاتنكمن

 

في استطلاع لآراء الكتاب في الأمثال الشعبية السورية حيث عرفت الكاتبة جمانة طه الأمثال على أنها محاولة فكرية لتجريد الواقع المطلق لاظهار المضمون من خلال مقولة محددة.

وقالت الكاتبة ان الأمثال من أهم موضوعات المأثورات الشعبية عامة والأدب الشعبي خاصة من حيث أنها تعبير أدبي موجز عن تجربة خاضها الانسان وخبرها في مواقف وانفعالات إنسانية معينة وذلك من خلال الممارسة اليومية للحياة.‏

أما الكاتب ياسر المالح فيرى أن المثل قول فيه حكمة نبعت من موقف يمكن أن يتكرر عبر الزمان فيشيع بين الناس ويغدو من محفوظهم الشعبي أما المثل في اللغة فهو الشبيه والمثل والقول السائر.‏

ونشأة المثل غير واضحة تماماً فليس هناك من يجزم بأمر ما في نشأته وتاريخ مكانه والأرجح أن يكون نشوء المثل قد ترافق مع ذيوع الكلمة وتذكر الكاتبة جمانة التي ألفت كتاباً مهماً في هذا المجال هو /الجمانة في الأمثال/ أن المثل قصة في كلمتين واستخدمت الأمثال نمط المقارنة والتشبيه بالحيوانات في حالتي الذم والقدح وذلك تبعاً لنوع وصفات الحيوان المشبه به والتي يتم إسقاطها على الانسان وطبائعه فاختارت البومة رمزاً للتشاؤم /الحق البوم بيدلك على الخراب/.‏

كما أظهرت الأمثال بعض أنواع النباتات والأزهار والخضراوات /فلان مثل عود الخيزران/ أو مثل/ الزيزفون زهر بلا ثمر/ كما تأتي الأمثال على ذكر بعض المهن والحرف مثل/ الحلاق بيضحك ع الأقرع بطقطقة المقص/.‏

وتضيف جمانة يمكن لأي باحث اجتماعي أن يتوصل إلى طبيعة المعيشة في المجتمع بعد دراسة أمثاله التي تساعد على استخلاص تلك المعارف الشعبية والتاريخية فإذا بحث عن الطعام ونوعيته وجد مطلبه /صحن كنافة وراه آفة/ وعن الأعمال المنزلية /كنس بيتك ما بتعرف مين بيدوسه/ وعن الصناعات الشعبية واللباس /دكة مطرزة على لباس خام/ وغيرها يذكرنا بطرق المداواة /آخر الطب الكي/.‏

وإذا كانت الأمثال تجري على لسان كل الفئات الشعبية فيتمثل بها الغني والفقير والقوي والضعيف والراجي واليائس والفرح والحزين وفي مختلف المناسبات الحياتية فهذا يعني أنها محك جوهري ولا يخطىء لبيان التشابه أو الاختلاف بين الحضارات والأقطار والمدن والثقافات لذا نجد تشابها عميق الغور يربط بين الأمثال السومرية والأكادية والبابلية والفرعونية والسريانية والانكليزية والفرنسية والهندية والعربية وغيرها فلا الزمان ولا المكان يمنع المأثورات الشعبية من الاستمرارية والحيوية إذ لا يمكن الفصل بين ثقافة المجتمعات كإبداع إنساني ولا يظهر إلا الاختلاف بين الأمثال التي لها خصوصية البيئة والمحيط وبعض الاختلاف بين البيئة الصحراوية والساحلية أو الجبلية.‏

كما أن المثل تضيف الباحثة طه يتجاوز الطرافة والسخرية إلى غايات ودلالات تضمنت الحكمة وحملت التحذير فهي تحث على الإقدام حيناً وتشجع على التراجع حيناً آخر وتختلف لهجة المثل باختلاف المواقف فتندرج بين نصح وتحذير ولوم وتقريع وقد تتصاعد اللهجة وتصل إلى حد الاقناع والتخويف وللمثل دلالات متعددة منها سياسية ودينية وأخلاقية واجتماعية ومن الأمثال نلمس عمق الحس الشعبي في مواكبة الأخلاق ويمكن القول ان الأمثال اشتملت على النظام الأخلاقي الكامل فهي تنصح بالعبر /طولة البال بتهد جبال/ وتشجع الكرم /الكرم ستار عيوب/ وتحث على حفظ الجميل والوفاء /ربيته جرو وصار كلب عضني/ ومما لاشك فيه أن بعض الأمثال وضعت لتخدم طبقات معينة وقد حفظها الشعب وظهرت الفوقية الطبقية في بعض الأمثال /اللي بيطلع لفوق بتنكسر رقبته/ .‏

والمثل في عمومه يعكس صورة المجتمع وأوضاعه وأحواله ويعكس تاريخ الأمة تقاليدها وعاداتها وسلوكيتها وأخلاقها وتتناقله العامة والخاصة من الناس.‏

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *