حين يموت الضمير…!؟

by wisam-mo | 28 فبراير, 2014 8:07 م

 

1388604663[1]

 

الضمير هو صوت الله في الإنسان ,فهل كل ما يصيبنا هو أزمة ضمير … بل كيف نُنمي الضمير … و ما دور المرشد الروحي في ذلك… هذا ما يجيب عنه أحد آبائي الأجلاء و هو الأب بطرس … إذ يقول:
الضمير كأي جهاز من أجهزة الإنسان يمكن أن يضعف وأن يقوى,و يمكن أن يستنير بالدراسة والتعليم والنمو الروحي، كما أنه يمكن أن يضعف وأن ينحرف، وتطغى عليه المصلحة و الإرادة الرخوة…
ما أسهل أن يختّل الضمير، وتتغير أحكامه وتنقلب موازينه… كالطالب الذي يدفعه ضميره ليغش من زميل له في الامتحان… أو كالطبيب الذي شفقة منه على فتاة يجهضها… أو يعمل عملية ليستر فتاة فقدت بكوريتها… أو يكتب شهادة مرضية لشخص غير مريض ليساعده… أو كالأم التي تستر على أولادها لكي تنقذهم من عقوبة أبيهم… فتغطي أخطاءهم بأكاذيب مختلفة…

إذا مات الضمير يُصبِح كل شيء مباح… فمن كلام الزور و الخيانة إلى القتل و السكوت عن الانحرافات والهمجية… وحين يموت الضمير يصبح طعم الدم لذيذ كعصير البرتقال… وتهون الأوطان وتكثر الخيانات ويُزّيف التاريخ و…

والعجيب في كل هؤلاء أن ضمائرهم لا تتعبهم ولا تبكتهم… بل على العكس يشعرون أنهم عملوا شيئًا حسنًا يفرّح قلوبهم الحزينة…! يقول لنا يسوع: “ستأتي أيام يظن الذي يقتلكم أنه يقدم لله ذبيحة. “(يوحنا16).
إن عدم تبكيت الضمير على الخطأ يدل على خللٍ فيه… فكونه يفرح بالخطأ… فهذا يدل على انحرافه عن الحق و الحقيقة…
الضمير موجود قبل الشريعة المكتوبة… وفيه تسامى ضمير يوسف الصدّيق عن خطية الزنا، ولم تكن هناك خطية مكتوبة وقتئذ و تقول لا تزن… وبالضمير وُجد في العالم الوثني فلاسفة يدعون إلى الخير والفضيلة، ولم تكن تقودهم شريعة إلهية…
ولكن لاختلاف مفاهيم الناس، ولاختلاف تربيتهم ونفسيتهم اختلفت هنا الضمائر… فيوجد ضمير صالح مثل ميزان الصيدلي، حيث الزيادة تضر، والنقص يضر… وضمير آخر، يهتم بالحرف لا بالروح. ..وهناك ضمير منحرف، وضمير لا يبالي… وقد يوجد إنسان له ضميران، واحد يحكم به على غيره بكل عنف… وواحد يحكم به على نفسه بكل رقة ومجاملة! وهناك ضمير واسع يمكنه أن يجد تبريرًا لأخطاء كثيرة، وضمير آخر ضيق، يظن الشر حيث لا يوجد شر، ويضخّم من قيمة الأخطاء… وهو ضمير موسوس يقع في “عقدة الذنب”، ويرى الشخص نفسه مسؤولا عن أمور لا علاقة له بها، وتملّكه الكآبة أحيانًا واليأس… ويظن أنه لا فائدة من كل جهاده، وأنه هالك لا محالة…!

الضمير تؤثر عليه العادات والتقاليد… فعابد الوثن كان يتعبه ضميره إذا لم يبخّر أمام الوثن ويسجد له… وفي بعض البلاد كان الأب الذي لا يقتل ابنته إن فقدت بكوريتها، يثور عليه ضميره لأنه لم يغسل شرف الأسرة من العار… وبنفس الوضع كان الابن الذي لم ينتقم لقتل أبيه بقتل قاتليه، يعذبه ضميره…!
أحيانا يحب شخص إنسانًا آخر، فيدافع عنه في كل تصرفاته مهما كانت صحيحة أو خاطئة… دون أن يُتعبه ضميره، بل قد يعذبه ضميره إن لم يدافع عنه… ويسمّي هذا الدفاع الخاطئ لوناً من الوفاء والواجب، كما يقول المثل الشعبي: “حبيبك تبلع له الظلط، وعدوك تتمنى له الغلط”… فأين الضمير المتزن…!؟
والضمير تؤثر عليه الرغبات والعواطف، حبًا كانت أم كرهًا… فعندما يقع إنسان في مشكلة، ويرى أنها لا تُحل إلا بالكذب…! نراه يسّمي الكذب ذكاءً أو دهاءً أو حيلة”… وإن حاول ضميره أن يلومه، فإنه يخفف حكمه عليه، ويلتمس لنفسه ألف عذر، ويسّمي الكذبَ كذباً أبيضا”.
الضمير قد يضعف من جهة أحكامه… فلا يبّكته في حالات تستحق التبكيت، أو يوبّخه بأسلوب هادئ جدًا في أمور خطيرة… والصعوبة الكبرى أن يكون الضمير ضعيفًا، وفي نفس الوقت أيضًا يكون غير عادل…! لذلك لا يصح للإنسان أن يعتمد على ضميره وحده… بل عليه أن يلجأ لتحكيم ضمائر أناس آخرين تكون ضمائرهم سليمة ومحايدة، وبعيدة عن تأثير الأغراض شخصية… وهنا تظهر أهمية الإرشاد الروحي من مرشد موضع ثقة، يمكنه أن يقوّم مسيرة الضمير وينّميه ويجعله يقظا”… لأن هناك طرقًا” تبدو للإنسان مستقيمة”، بينما تقود إلى طريق خاطئ…!؟
فالضمير، إذاً، يتأثر بالإرشاد الخاطئ… بينما المعرفة السليمة تجعل الضمير يستنير بالفهم… وما أكثر الذين يخطئون عن جهلٍ، فإن استناروا بالمعرفة، يمتنعون عن الخطأ… لهذا أرسل الله الأنبياء والرسل، وأوجد المعلمين والمرشدين، لكي ينيروا للناس الطريق السليم، لأن ضمائرهم لم تعد كافيةً لإرشادهم، أو لأن ضمائرهم قادتهم إلى طرق معوجة…

قلنا أن الضمير يتأثر بالإرشاد الخاطئ. لنوضح أكثر:
هناك معلمون يدعون تلاميذهم إلى الجدية الكاملة وعدم الضحك إطلاقا، على اعتبار أن هذه من علامات الرزانة، وهي من صفات الرجل الكامل…
وأنا شخصياً لا أحب هذا الإرشاد
بينما معلمون آخرون يدعون تلاميذهم إلى حياة البشاشة والمرح، لأنهم بهذا يكسبون محبة الناس والتفافهم حوله…
ليتنا كلنا نعيش بهذا الأسلوب.
هناك معلمون يقولون إن تحديد النسل ضد إرادة الله… وهكذا تتعب ضمائر الذين ينظمون النسل… بينما معلمون آخر يقولون إن هذا محلل ونافع، لتتمكن من تربية الأولاد تربية سليمة...
لذلك على الإنسان أن يحترس من نوع التعليم والمعرفة التي يتلقاها، سواء كانت من المعلمين أو عن طريق الكتب أو المنشورات المنحرفة…
لقد نبهنا يسوع المسيح من المعلمين الكذبة الذين يظهرون للناس بلباس الحملان و في الداخل ذئاب خاطفة…
علينا، يا أحباء، أتباع تعاليم الكنيسة، التي استمدت المعرفة الكاملة من شخص يسوع المسيح الينبوع الحي. له المجد إلى الأبد. آمين.

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/1388604663.png

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/6750