الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

الأدب الضاحك في ثقافي “حلفايا”

images

 

الخميس 14 أيار 2009

«وكما أن عارضة الأزياء بحاجة إلى جمال وجاذبية وانسيابية جسدية، والمطرب بحاجة إلى صوت جميل لينال إعجاب سامعيه، فإن مؤلف النكتة أو راويها أو كاتب الأدب الضاحك بحاجة إلى خفة دم وظل لطيف ليأتي نتاجه ممثلاً له في الظرافة واللطافة، وإلا جاءت أحاديثه أو كتاباته واخزة للأذن وثقيلة على القلب، ويمكننا من خلال النكتة والأدب الضاحك أن نستشف شخصية الراوي والمتلقي في آن واحد»

هذا ما تحدث به الأستاذ “مصطفى صمودي” والذي قدم بحثه في النكتة والطرفة والأدب الضاحك في مدينة “حلفايا” مساء الإثنين 11/5/2009، وذلك ضمن فعاليات ونشاطات المركز بإدارة الأستاذ “عبد الرزاق الرحمون”، وموقع eSyria كان من بين الحاضرين لهذا النشاط الثقافي، الذي ابتدأه الأستاذ “مصطفى صمودي” بالحديث عن خطواته الأولى في جمع موضوعه، حيث قال: «لملمت موضوعي هذا من هنا وهناك، من مبدأ العدسة المكبرة، بما حوته بعض كتبنا التراثية من أدب ضاحك وأدب هجاء والمثل الشعبي الضاحك والنكت والطرف والنوادر وأخبارالمجانين والحمقى والمغفلين، وآثرت أن أقدم ما يبعث على الابتسامة والمعرفة بما حوته كتبنا التراثية، وصولاً إلى خيال الظل المتمثل بـ (كركوز وعيواظ)».

ودخل الأستاذ “مصطفى” صلب الموضوع وهو (الضحك) عن طريق فلسفة الحياة، والثنائيات الحياتية من صحة ومرض، وفرح وحزن، وذكر قول فلسفي (الضد يظهر حسنه الضدُ)، وكذلك قول لأمه بعد الضحك (الله يعطينا خير هالضحك) وكأن الضحك يحمل في طياته حزناً قادم لا محالة.

وعرّف الضحك، وماله من فوائد صحية حيث قال: «الضحك وسيلة من وسائل الترفيه عن النفس إن لم نقل أهمها على الإطلاق، ودلت الدراسات العلمية أن الذين يضحكون كثيراً، قلما يصابون بمرض القلب، وأن دموع الحزن أكثر ملوحة من دموع الفرح، وعندما يضحك الإنسان يفرز أنواعاً من الهرمونات مثل (الأدرينالين، والنورادينالين والروبامين) والتي تسري مع الدم وتوزع في

 
الجمهور بـقا عة المركز الثقافي

كافة أنحاء الجسم وتنشطه، ويؤكد الدكتور “بيل مللر” أن المرء عندما يضحك من الأعماق يفرز جسمه مادة (الأندروفين) المخفضة للألم، يقول “أحمد أمين”: (الضحك بلسم الهموم ومرهم الأحزان)، ويقول المثل (بالضحك والمزاح تشفى الأرواح)، (اضحك تضحك لك الدنيا ابكِ تبكي لوحدك)».

وتابع الأستاذ “مصطفى” حديثه عن المزاح وميز بين المزاح المحبب إلى القلب والمزاح الجارح، وذكر حدود المزاح واستشهد بالمثل (لا تمازح صغيراً فيجترىء عليك.. ولا تمازح كبيراً فيحقد عليك)، واستشهد بقول لـ “أبي الفتح البستي” مبيناً حدود المزاح:

أفد طبعك المكدود بالهم راحة/ قليلاً وعلله بشيءِ من المزاح

ولكن إذا أعطيت المزح فليكن/ بمقدار ما تعطي الطعام الملح

وميز الأستاذ الشخصية الفكاهية، وذكر أمثلة على ذلك حيث قال: «هناك فرق أعظمي بين أن يضحك الناس على أحد متى شاؤوا كما يضحكون على أبله، وبين أن يضحكهم هو متى شاء وساعة يريد، ممسكاً بخيوط اللعبة الإضحاكية بيده، لم يكن العرب هم الوحيدون الذين لديهم شخصيات فكاهية مثل (جحا)، فلكل أمة (جحاها)، فـ(جحا الأتراك يساوي نصر الدين خوجه) و(جحا البلغار يساوي خيتر بيتر) و(جحا الألمان يعني أولنشبيغل) و(جحا الطليان يدعى بورتولدو) و(الانكليز يسمى جوميلر)».

وتعرض الأستاذ في بحثه على دراسة شخصية المُتلقي من خلال ردة فعله وضحكته، وتصنيف الضحك، حيث قال: «أولاً: من خلال ردة الفعل لديه فضعفاء الشخصية تهزهم النكتة والأدب الضاحك، ويشعرون

 
الأستاذ “مصطفى صمودي”

بارتكاس ونكوص وعودة إلى جوانية الذات ويظهر ذلك على وجوههم لأنهم يتوقعون بشكل أو بآخر أنهم هم المعنيون والمستهدفون وأن الضحك عليهم ليس إلا.

ثانياً: نستطيع رسم شخصية الضاحكين من خلال ضحكهم، فالذين يكتفون بالتبسم يكون (ترجيعهم بعيد)، أما الذين يقهقهون بصوت عالِ (فإن ترجيعهم قريب) أي سريع البديهة، والتبسم أول مراتب الضحك كما صنفه “الثعالبي” في كتابه (فقه اللغة)، ثم (الإهلاس) وهو إخفاء الضحكة، ومن ثم (الافترار والإنكال) وهما الضحك الحسن، ومن ثم (التكتكة) وهي أشد منها، وآخرها (الإزهاق) أو(الزهزقة) وهي أن يذهب الضحك بصاحبه، ويتنهد بعد الضحك أو يقول: (آخ رح يوقف قلبي من الضحك)».

وذكر الأستاذ “مصطفى” بعض كتّاب الأدب الضاحك أمثال (ابن الرومية، وأبو دلامة)، وشخصيات فكاهيه أمثال (جحا، وأشعب)، كما أنه ذكر أمثالاً شعبية ضاحكة، وتحدث عن النكتة من تعريف وأنواعها، حيث قال: «قال بعضهم: إن أصل الكلمة هي “النقطة” بعد تخفيف (القاف والطاء)، والنكتة كلام مستملح مستظرف وهي نتاج العقل الذي يخترعها، وسرد النكتة باللهجة الدارجة يجعلها أكثر قبولاً من عرضها بالفصحى، وقد استطاعت أن تتناول مواضيع الحياة كلها، ابتداءً من النكتة (البايخة) مروراً بالنكتة الاجتماعية والسياسية وصولاً إلى النكتة (الجنسية)، وقد تولد النكتة بطريقة عفوية وبريئة وهي أجملها».

ومن المتواجدين في المركز الثقافي الأستاذ “ماجد عفور” من أهالي “محردة” المجاورة لمدينة “حلفايا”، حيث قال رأيه بما

 
الجمهور يضحك على إحدى الطرف

قدمه الأستاذ “مصطفى صمودي”: «لقد أيقظت فينا دراسة الأستاذ الإنسانية، وحب الحياة، وأغنت ثقافتنا الحياتية اليومية، وأضافة لها الكثير من المعلومات العلمية، ويجب على الإنسان ترك هموم الحياة وفهمها بشكلها الصحيح، ليعيش سعيداً فيها».

ونذكر بأن الأستاذ “مصطفى صمودي”، شغل منصب مدير للمركز الثقافي بـ”حماة” لمدة 30 عاماً، وله 30 كتاباً مطبوعاً آخرها “من جلجامش إلى نيتشه”، وعشرة دواوين للشعر، آخرها ديوان “من عليها السلام”، وله عدة مسرحيات مطبوعة، بالإضافة أنه موسيقي وعازف عود وله تجارب في تلحين بعض الأغاني.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *