«الأسود لا يليق بكِ»

by tone | 2 سبتمبر, 2014 11:30 م

0d32414264f505[1]

«الروايات الفاشلة ليست سوى جرائم فاشلة لابد أن تسحب من أصحابها رخصة حمل القلم، بحجة أنهم لا يحسنون استعمال الكلمات، وقد يقتلون خطأ بها أي أحد، بمن في ذلك أنفسهم، بعدما يكونون قد قتلوا القراء ضجراً». أحلام مستغانمي

في البداية.. لا يستطيع أحد إطلاقاً أن يشكّك في حضور أحلام مستغانمي الأدبي على مدى أكثر من 30 عاماً. انطلاقاً من هذه النقطة، أحببت في هذا المقال – والمقال السابق – أن أقول رأيي كقارئ لا غير في ما تكتبه، أديبتنا الجميلة، أحلام مستغانمي أخيراً.

منذ «نسيان. كوم» – في اعتقادي – بدأت أحلام مرحلة ردّة أدبية، قوامها الانفعال، والتعميم، وما إلى ذلك!

فهذا الكتاب يمعن في ترويع المرأة من الرجل، بدلاً من توعيتها بجذور الاضطراب كله في حياته وحياتها، ويدّعي تحرير حوّاء  فيوهمها بأنّ آدم هو أصل بلائها. أول ما يلفت النّظر في الكتاب هو تلك العبارة المستفزة  المكتوبة بخط أحمر سافر  على الغلاف: «يُحظر بيعه على الرجال». عبارة كافية لإثارة فضول القارئ الرجل،  وسخطه، وله مطلق الحقّ في ذلك، فالكتاب – ومؤلفته – ليس له من مهمة إلا أن يجعل من الخيانة صفة ذكوريّة بامتياز والوفاء صفة أنثوية دون منازع!

هذا التعميم المجحف، والتحامل غير المبرر ضد الرجل انتقل مع أحلام إلى كتابها الأخير، مع إضافة واحدة، فبدلاً من أن تكتفي أحلام بذم الرجل.. ذمت معه المرأة من حيث لا تدري!

لو تجاوزنا السطح، القشور، وقصة الحب المبتذلة في «الأسود يليق بكِ»، لوجدنا أن  أحلام كرست  – بقصدٍ أو دون قصد – في روايتها نظرة عنصرية/دونية للمرأة، فنجد – مثلاً – أن ذوق المرأة وقيمها الأخلاقية ليس لهما وجود مستقل، إنما ذوقها هو الذي يعجب الرجل، ولذلك نرى بطلة الرواية التي ترتدي الفستان الأسود طول حياتها حداداً على والدها وشقيقها، تكتشف فجأة أن للون الأسود قيمة أخرى غير الحزن،  لمجرد أن حبيبها قال لها، مجاملةً، أن الأسود يليق بها، فليس لدى المرأة ذوق مستقل، ولكنها تعتمد في ذوقها على ذوق الرجل. وهي كذلك لا تمتلك مفاهيم أخلاقية مستقلة، بل تستعيرها من الرجل، فالصواب والخطأ هما ما يراه الرجل صواباً وخطأً. وهذه هي بالضبط نظرة العقاد وتوفيق الحكيم ألدّ خصوم المرأة.

فالعقاد، كما ينقل عنه أنيس منصور، كان يردد دائماً أن المرأة عندما تقول للرجل: إنني لم أخنك، فليس لأنها تكره الخيانة، ولكن لأن الخيانة تغضب رجلاً، ولأن الأمانة – في المقابل – ترضيه.

بل إن المرأة، حسب أحلام، عدوة للجمال، فهي لا تتزيّن لأنها تحب ذلك، ولكن تفعل ذلك من أجل الرجل، فتظهر البطلة في أكثر من مشهد وقد ظلت أياماً دون أن تفكر أن تسوّي شعرها وتصبغ وجهها لأن حبيبها كان غائباً، فلما فاجأها بحضوره استأذنت منه لتستعد بكل ما أوتيت من ماكياج لهذا اللقاء.

المرأة باختصار، كما تصورها أحلام في روايتها، كائن يعيش لإرضاء الرجل أو لإغوائه.. وهو بالتأكيد لا يستحق.
وعلى الرغم من كل مساوئ الرجل التي حاولت أحلام تضخيمها أو تلفيقها، إلا أنها تناست أن الرجال قاموا – ويقومون – بأعمال عظيمة.. أهمها الصبر على أحلام مستغانمي!

al-marzooqi@hotmail.com

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/0d32414264f505.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/7769