أمة لا تقرأ…

by wisam-mo | 27 فبراير, 2015 8:41 م

650424_1353947367-(1)[1]

يسوؤني في الحقيقة معرفة أننا أمة نتذيل دول العالم بنسب “القراءة” بمعدل ست دقائق سنويا كمعدل للانسان العربي مقابل 200 ساعة سنويا كمعدل للانسان الأوربي و بمعدل ربع صفحة سنويا مقابل 11 كتابا يقرؤها الأمريكي و سبعة كتب يقرؤها الألماني أو البريطاني بحسب احصائيات لمنظمة اليونسكو. و بغض النظر عن مدى صحة هذه الاحصائيات فان ما يزيد من استيائي أكثر أننا نعيش هذا واقعا ملموسا جليا لا لبس فيه في بلدة تصل نسب التعليم و التعليم العالي فيها الى مستويات قياسية و لا نجد فيها

سوى القليل القليل ممن يخصصون و لو خمس دقائق من وقتهم لتصفح موقع ثقافي يحمل اسم بلدتهم (أكبر تواجد كان 48 شخصا!) ويسعى بحسب الامكانيات المادية و الفكرية الى الارتقاء بالفكر وتكريس القيم و الحفاظ عليها و حماية الهوية و تعزيزها و بصرف النظر عن مدى جودة المنشورات التي تتراوح ما بين الضعيف و المتوسط و الجيد برأيي (و هنا لا أستثني نفسي)…
لماذا هذا النفور و خاصة بين الأجيال الصاعدة من كل ما يمت الى الثقافة بصلة فيمضون ساعات و ساعات من الهرج و المرج على مواقع التواصل الاجتماعي و لا يجدون نصف ساعة لقراءة مقالة أو قصيدة أو كتاب يغذي الفكر و يوسع الادراك و يشجذب العقل…؟!
يجاهر البعض و يقول أننا من دول همها الأول هو لقمة العيش و الواجبات الاجتماعية كثيرة و المناهج الدراسية ثقيلة الحمل و ليس الجميع يملك وقتا يقرأ فيه,متناسيا بذلك أن نسبة كبيرة “ان لم تكن الأكبر” من أوقاتنا هي أوقات فراغ سواء في العمل أو في البيت أو في العطلات أو فيها كلها و أننا و بحكم العادة لم نعد نشعر بقيمتها و بماذا يمكن أن نسخرها, و متناسيا أيضا أن تلك الشعوب يعملون ساعات طويلة “فعلية” و مع ذلك يجدون وقتهم للقراءة و “تطوير الذات” التي هي من أهم ثمار القراءة و متابعة كل ما هو جديد…
المشكلة يا صاح و في أي موضوع تكمن في الرغبة و الرؤية و الوعي و الارادة, فعندما تنعدم الارادة و الرغبة و المحبة في فعل شيء مهما كان مهمّاً فانه من المستحيل الاقبال عليه و ان تم فانه من المستحيل استيعابه أو فهمه و من هنا قال عنا الغرب ” العرب شعب لا يقرأ و اذا قرأ لا يفهم و لا أعلم متى يستيقظ العرب من هذا السبات العميق!!”, و هنا أقول لهم بأننا لن نستيقظ ما دمنا نعتبر الغرب مسخر لخدمتنا, و لن نستيقظ ما دام كل منا يعتقد نفسه أنه مشروع نبي جديد لا يخطئ و بأننا لن نستيقظ ما دمنا نحقر العلم و العلماء و نهلل لبنات الهوى و جاريات العصر, و بأننا لن نستيقظ ما دام منطق الدم و الخبث و رفض الاخر يعلو على منطق الحوار الانساني الخلاق, و غيرها الكثير الكثير من السلبيات و الموبقات التي سببها يكمن في هذا الانغلاق الثقافي و عدم القراءة و الاطلاع الا على ما هو ضروري لتحصيل شهادة أو درجة علمية و حتى هنا نقرأ بما يفيد أن نجيب على ورقة امتحان أو اجتياز اختبار ما, لننساه في ما بعد و كأن شيئا لم يكن.
يا صاح ان القراءة هي محيط كبير و في أيدينا الآن و بحكم التطور التكنولوجي الهائل كل التسهيلات التي تتيح لنا الغوص في كل ما يهمنا و يطور ذواتنا و يوسع ادراكنا وصولا الى السلوك في الطريق الصحيح الذي نسير به الى هدىً عارفين الى أين نمضي ناهيك عن المتعة الكبيرة التي سنجدها في القراءة و في حصولنا على المعلومات الجديدة التي تغني حياتنا, هذه المتعة التي يغفل عنها الكثيرون لأنهم لا يدرون ما تخبؤه لهم من أفكار تثري تفكيرهم و تفتح أمامهم آفاق جديدةً للتفكير و فهم الأمور على حقيقتها.
يقول الكتاب المقدس : “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ” (إنجيل متى 22: 29؛ إنجيل مرقس 12: 24), “اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 4: 13). و في هذا دعوة واضحة الى المعرفة التي هي سلاح لا يدانيه سلاح و الوسيلة الوحيدة لاقتنائه هي القراءة و الاطلاع على كل ما نستطيع اليه سبيلا من كتب علمية و دينية و فنية و أدبية يقودنا فهمنا لها و تطبيقنا لما هو ايجابي فيها الى أن نعود و كما كان أجدادنا الى مقدمة الأمم…

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/650424_1353947367-1.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/8714