العلاقة بين الحميماتي والحمام

by tone | 28 فبراير, 2015 10:21 م

1517504_309666885905013_5494465165517045554_n[1]

10408557_309666905905011_1210049610958870080_n[2]

رجل غريب لا تقبل شهادته وطائر وفيّ مسكين…
…………………………………………………………….
…………………………………………………………….

10801662_309666852571683_4587932168343867932_n[3]

بعد تفكير عميق وقلق طوال الليل بصحبة كأس الخمر قرر الحميماتي عمر شراء مجموعة من أجهزة الخليوي الحديثة وتعليق كل جهاز برجل حمامة ليتمكن من معرفة مكان هبوطها في حال اختطافها ووقوعها في يد حميماتي آخر كما حدث البارحة مع إحدى حماماته الغالية .

يكتنف حياة الحميماتي نوع من الفكاهة والمرح بقصصهم الغريبة ومحبتهم اللامتناهية لطيورهم المدللة وتفضيلهم لها عن عائلاتهم وارتباطهم معها بعلاقة حميمة متبادلة ،ففي عهده الاحتلال البريطاني لمصر عادت حمامة استخدمها السلاح البريطاني المستقل في إيصال رسالة إلى جزيرة كريت إلى عشها بعد أن قطعت 800 كيلو متراً منها 200 فوق البحر وأخرى عادت من الخرطوم إلى مربيها في القاهرة بعد غياب سبع سنوات مؤكدة عمق العلاقة بين كشاش الحمام وطيوره الوفية فالحميماتي بات بعينيه المتعلقة نحو السماء ظاهرة منتشرة منذ القدم وكأنه أصبح جزء من التراث وكل حارة لا تخلو من حميماتي أو أكثر ففي الصباح الباكر تبدأ دور حياتهم بأصواتهم المرتفعة بالتصفير مع علم أسود قد يكون قطعة من القماش أو حتى كيساً من النايلون المربوط على عود طويل ليدفع حماماته على الارتفاع عالياً في الهواء مع رشقات متتالية من الحجارة وكل هذا لا يكون إلا بعد تقديم طعام الفطور لها والذي يكون عادة خلطة الحبوب المؤلفة من القمح والذرة البيضاء والصفراء والجلبان ويطلق على مجموعة الحمام الطائرة اسم الكشة كما هو متعارف عليها في معظم المدن والشقفة في دمشق والزرزورة في حمص ولكشاشي الحمام أيضاً لغة خاصة يتعاملون بها فيما بينهم كعبارة صلح والتي تعني الاتفاق بين شخصين أو أكثر على عدم صيد طيور الآخر بل إعادة تلك الطيور في حال وقوفها على شبكته وهي نوع من لوح خشبي مائل تقف الطيور عليها ليرمي الحميماتي الشباك فوقها وعبارة قص أو صيد تعني أن كل طير يصل إلى أي حميماتي يصبح ملكه إلا أن صاحبه يستطيع استرجاعه بنوع من الفدية تدعى الفكاك وعبارة قص ذبح وهذا يعني أن الحميماتي سوف يذبح كل طير يقع بين يديه وقد يرميه بوجه صاحبه وهناك قصص كثيرة تدور حول محور هذه اللغة الخاصة بما فيها الصراعات الشرسة والدامية والمضحكة أيضاً بين الكشاشين فسعيد يملك كشة حمام فوق سطح منزلهم وقد وقف على شبكته أحد طيور جاره فأخفاه تحت قميصه وأخذ يقسم ((عليّ الطلاق بالثلاثة ,عليّ الحرام، بأولادي)) ليس عندي ليخرج في تلك اللحظة طير الحمام من ياقة قميصه فينسل له ريش ذيله بعد أن أحرجه ويرميه لصاحبه الذي بدوره ينهال بالشتائم عليه وعلى الطائر المسكين الذي يلقى عضات شرسة متتابعة من صاحبه ،أما يوسف فقد كانت حيلته أشد مكراً وقساوة أمام علاقة الصلح ففي حال إدراكه لمعرفة صاحب الحمامة بوجود طائره لديه يحضر كرة معدنية صغيرة ويرغم الطائر على ابتلاعها ليصيبها الصدأ داخل معدة الطائر وليبدأ بالذبول والمرض التدريجي فتنتهي حياته بعد خمسة عشر يوماً بميتة طبيعية لا يشك بها أحد ، لكن صبحي أصر على كون العلاقة بينه وبين كشاشي حارته علاقة قص ورفض إرجاع الطير لفريد وقبول فدية الفكاك بل ذبحه ورماه في وجهه أمام إلحاحه الشديد ليخرج فريد سكيناً من جيبه يضرب بها صبحي ولتنتهي الحال بصبحي في المشفى وفريد داخل السجن وهناك أيضاً حيلة معروفة لدى أغلب الكشاشين فحين يتضايق أحدهم أو يصيبه الحسد والغيرة من حمامات جاره يحضر مصباحاً كهربائياً صغيراً “لمبة” ويقوم بفك أسفله ويملأه بحبوب مشربة بسم الجرادين الجاف ثم يعيده كما كان ويرميه على السطح المطلوب فينفجر وتنتشر الحبوب المسمومة لتأكل منها الحمامات المسكينة .
فالحميماتي يتبع المثل الذي يقول الغاية تبرر الوسيلة ويركض خلف حمامه وحمام جاره من سطح إلى آخر متناسياً الأخلاق والمبادىء ليسود مجتمعه السرقة والإدمان والمخدرات وأمور أسوأ حيث نلاحظ عندما نصعد سطح منزل أي حميماتي الثقوب في الجدران فهذه يتلصص منها على نساء الجيران وتلك على حمامات غيره وهو رجل لا تقبل شهادته في المحاكم كونه مستعد للتنازل على أغلى ما يملك مقابل طير الحمام وقد ظهرت أيضاً مقاهي الحمام وهي عبارة عن دكان تحوي خماً كبيراً يوجد فيه مختلف أنواع الطيور المعروضة للبيع والتي يتراوح ثمنها مابين خمس وعشرين ليرة إلى خمسين ألف ليرة وأكثر بكثير حسب نوعه ولونه ومظهره فنجد حسب مصدره الهندي والبغدادي والإنكليزي والمعري أما بالنسبة للون فهناك المسود والمنمر والابلق والمرقع أما المظهر المتشابهة مع طيور أخرى فهناك البلبل والوطواط وهناك أيضاً أسماء غريبة كالشخشرلي والبرملي وطوربيد سنفور وهذا على سبيل المثال لا الحصر فالأنواع كثيرة كما يستخدم البعض الطيور للتجارة حيث تعتبر وسيلة سريعة للثراء تعود بربح سنوي قابل للاتساع يقدر ب50% وذلك إن تم تأمين جميع الشروط اللازمة لتربيتها من نظافة وتغذية وعلاج.
في الماضي استخدم الحمام الزاجل لنقل الرسائل لتميزه بالسرعة التي يصل متوسطها بين 30و 120كيلو متراً في الساعة وبذاكرته القوية وغيرته الشديدة على أنثاه وحاسة بصره التي تصل إلى مسافات شاسعة بالإضافة إلى حواس خفية وغير عادية ففي عام 1931تمكنت حمامة من العودة إلى موطنها بعد أن قطعت سبعة آلاف ومائتي ميل في أربع وعشرين يوماً رغم إحضارها من سايجون في باخرة أبحرت حول الهند ثم دخلت البحر الأحمر فالأبيض لتصل إلى مدينة آرمن في فرنسا دون أن ترى الطريق كي تحدد علامات تعينها على العودة .وقد تأسس الإتحاد الدولي للحمام في مدينة بروكسل عام 1938ليضم 39اتحاداً وأقيم أول أولمبياد دولي لسابق الحمام في بروكسل خلال شهر فبراير عام 1971ولكننا اليوم نشهد الحمام بين أيدي الكشاشين ذوي الأخلاق السيئة الذين يستغلونه في تحقيق متعتهم الخاصة وتعديل مزاجهم بحب تملكهم لأكبر عدد منه دون مراعاة المجتمع والعادات بل إننا نجد في تصرفاتهم الغريبة مايدفعنا للتفكير الطويل والعميق ….

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/1517504_309666885905013_5494465165517045554_n.jpg
  2. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/10408557_309666905905011_1210049610958870080_n.jpg
  3. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/10801662_309666852571683_4587932168343867932_n.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/8798