المرأة وكؤوس الوطن

by wisam-mo | 30 يونيو, 2015 6:06 م

المرأة وكؤوس الوطن
………………………..

DSCF5868نسخ [640x480][1]

قالت لي:
زوجي رجل معروف وله مكانته في المجتمع، شاب وسيم ، النساء حوله كثيرات وعمله يفرض عليه التعامل مع مختلف شرائح المجتمع.

زوجي يحبني لكن الإغراءات كثيرة وﻻ أعلم إن كان سيصمد أمامها أم ﻻ.
أحب زوجي وأخاف على عائلتي ، كل يوم أسمع قصص عشق وخيانات وزواجات متتالية ، كل يوم ومع كل قصة أعاني كثيراً وأبذل قصارى جهدي ﻷحافظ على زوجي وعائلتي.
بهذه الكلمات الحزينة والمتوترة حدثتني بعد أن انطلقت اﻷحاديث في جلسة نسائية حول قصة المرأة التي اتفقت مع عشيقها لقتل زوجها، وقصة امرأة أخرى تزوجت رجلا متزوجا وحرمت عائلته منه، وقصص كثيرة عن عشيقات رخيصات.
شعرت بالحزن ﻷجل هذه الزوجة المخلصة وﻷجل كل امرأة تتعرض لظلم سببه امرأة أخرى وطبعاً دون إنكار ماللرجل من دور في ذلك.
المرأة أصل الحياة والموت سكنت مئات من القصص واﻷساطير عبر العصور فكانت آلهة مقدسة وأما طاهرة للأنبياء والقديسين، أما للأبطال والشهداء والرجال الحقيقيين في كل مكان، رمزاً لعطاء اﻷرض اللامتناهي وشموخ الجبال العالية وعفوية المياه الصافية، كانت العذراء مريم رمز العفة والفضيلة وآسيا زوجة فرعون وخديجة الكبرى، كانت المناضلة الصامدة في وجه العدو والفساد من تدفع أبناءها إلى ساحات المعركة للدفاع عن أرض الوطن.
اليوم مالذي جعل بعض النساء تظهر في صورة مختلفة عما رسمه لها التاريخ من صور أصيلة مشرفة؟ !..
هل هي أزمة الوطن بوجوهها المختلفة؟ !..
وهل يتحمل الوطن في محنته التفكك اﻷسري والانحلال اﻷخلاقي؟!..
تدور في رأسي حكاية ربما تجيب عن كثير من أسئلتي، تقول الحكاية:
جلس الملك أمام كأسه، الليل طويل وممل والخمر في الكأس لذيذ ومغري ، بدأ بالشرب حتى نسي نفسه ودخل في عالم آخر شاركه فيه وزيره ومستشاره مع لعبة الشطرنج بعد أن اتفقا على مبيت زوجة الخاسر في مخدع الرابح ليلة كاملة، فاز الوزير بالشرط واستفاق الملك الخاسر على صفعة أليمة بعد أن استغله وزيره ومستشاره وأقرب رجل إليه للوصول إلى رغبة دفينة في نفسه، وكونه الملك ورجل الدولة اﻷول منعه ذلك من التراجع عن وعد قطعه.
اتجه الملك إلى زوجته حزيناً مهموما وقص عليها الحكاية وهو يشعر بالخجل.
أحست الملكة بالألم كونها أصبحت رغما عنها طرفاً في مقامرة سخيفة سببها لها زوجها الذي كان من المفترض أن يكون سندها وحاميها، فهي معه كما قال الشاعر:ويلي عليك وويلي منك يا رجل…
إﻻ أنها يجب أن تجد حلا، وتعد زوجها بعودتها إليه كما خرجت طاهرة لم يمسسها أحد سواه.
يستعيد الوزير ﻻستقبال الملكة فيلبس أفضل ما لديه ويتعطر فزوجة سيده ستمضي الليلة بجانبه وعلى سريره.
تدخل الملكة مخدع الوزير وهي تحمل ستة كؤوس من الشراب، كل كأس بلون وكل لون مغر أكثر من اﻵخر، تطلب منه أن يشرب كل واحد على حدة ويتلذذ بالنكهة بينما تروي له قصصاً وحكايات مختلفة، يبدأ الوزير بتقمص شخصية الملك بل يوقن أنه الملك ويشرب الكأس اﻷول يجده لذيذا، يتناول الثاني والثالث، تصر الملكة على أن يكمل الكؤوس الباقية، فيتابع شربه مستغرباً تشابه الطعم رغم اختلاف اللون، ولتبدأ الملكة حديثها بعد تأكدها من وصولها إلى غايتها وتخبره بأن النساء تختلفن كذلك والاختلاف ﻻ يتعدى اللون والشكل، فيمنحها الوزير الأمان ويعدها بأن يكون لها أخا ﻻ يمسسها بسوء.
إﻻ أن الملكة تفاجئ الوزير مرة ثانية حين تحضر له ستة كؤوس أخرى ذات لون واحد وتطلب منه أن يشربها.
يتناول الوزير الكأس الأول مستغرباً تصرفها، يتمنى لو أنه لا ينتهي، يتذوق الثاني فيجده ألذ وأشهى، الثالث حاد محبب، الرابع طعمه كريه ورائحته منغرة، أما الخامس فكان عادي النكهة، والسادس بنكهة غريبة لم يتذوقها قبل اﻵن لذيذ وحار حلو وفيه شيء من المرارة.
أنهى الوزير الكؤوس الستة مع شروق شمس الصباح و نظرات التعجب ترسم مﻻمحه حين عاودت الملكة حديثها:
نحن النساء هكذا وإن تشابهنا باللون والشكل إﻻ أن لكل واحدة منا طبع و ميزة، وأنا لست كأي منهن وﻻ أقارن بإحداهن، بل إن فكرة المقارنة مرفوضة بالنسبة لي فأنا زوجة سيدك الملك وسأبقى زوجة الملك…
جمد الوزير في مكانه و اشتعل الانفعال في داخله،لكن الليلة انتهت والرجل ﻻ يتراجع عن عهد قطعه.
قال جان جاك روسو:
((إذا أردتم رجالا أفاضلا عظاما فعليكم بالمرأة تعلمونها ماهي الفضيلة وما هي عظمة النفس)).
كذلك لو أن كل أفراد المجتمع من ذكر وأنثى كانوا كالملكة السابقة حكمة وتعقلاً لما وصل وطننا لما هو فيه.

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/DSCF5868نسخ-640x480.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/9317