الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

شيشرون– Cicero 106 – 43 ق.م

12463791_463921757146191_934239050_n

  كانت روما بأكملها على موعد مع ميلاد أحد أساطين الخطابة العمالقة. شخصية متعددة النشاطات والمجالات ؛ فتارة رجل قانون ، و تارة أخرى رجل سياسة بارع ،

و مرة مثقفا وصاحب فكر نير ، ومرة أخرى خطيبا مفوها لا يشق له غبار . درس القانون وتمكن من كل شاردة وواردة فيه . اشتهر – على مستوى روما كاملة – بنبوغه الأخاذ ، خاصة في مجال فن الخطابة و البلاغة ، والتعبير الذي كان يقوم بتدريسه لأناس تواقون لهذا الفن ، بغية الإبداع والتميز. ينحدر شيشرون من أسرة الفرسان . فقد شاءت الأقدار أن تعقد أسرته العزم على إيفاد هذا الشاب اليافع إلى أروقة العلم آنذاك ، ليدرس الفلسفة والخطابة على أيدي المهرة في مجالات العلم والقانون والمعرفة . بز أقرانه ، وأنهى مواضيع الدراسة بتفوق قل نظيره ، مما أهله لنيل المكانة الأعلى في ميدان الخطابة والإلقاء . القانون عشقه ، والمحاكم بيته الثاني . فأول عمل اضطلع به هو المرافعة عن المظلومين أصحاب الحقوق المهدورة والمهضومة . تألق ، و بزغ نجمه في هذا المجال ، حتى أصبح يشار إليه بالبنان كنصير للضعفاء والبائسين ، ممن سطت عليهم سلطات التغول ، و هضم الحقوق التي لا ترحم . ولأن مهنة المحاماة والمرافعة تتطلبان لغة قوية ، وتراكيب نحوية دقيقة وواضحة ، فقد لجأ شيشرون إلى بلاد أخرى لتحقيق مأربه . فوجد ضالته في أسيا الوسطى وأثينا . لفت انتباه مدرسيه هناك كعادته ، وأنهى مقررات الدراسة والمراس في وقت قياسي ، وعاد إلى روما ، محملا بأرقى أنواع البلاغة ، والفصاحة، والإتقان المبهر ، وعلى اثر ذلك ، بويع رئيسا عاما للخطباء في بلادة. خلق شيشرون عند بقية الخطباء ورجال القانون مركب نقص ؛ فسرى تأثيره في المجتمع كسيل العرم الجارف ، وبات يحصد الانتصار تلو الانتصار في مرافعاته ، والتي كان في الكثير منها ، يجهز على خصمه من الجولة الأولى . أحبه أهل صقلية وعشقوا ذكاءه وعلمه وبلاغته ، وفوق ذلك كله ، عشقوا عدله ، ولم يتوانوا في اختياره ممثلا شرعيا ورسميا في قضية ضد حاكم جزيرتهم التي كسبها بجدارة ، وكنتيجة لذلك ، ساندته الطبقة الارستقراطية في روما عام 63 ق.م. ، و حصل على لقب قنصل ، وهو ارفع منصب سياسي في روما في ذلك الوقت . برع شيشرون في كتابة الخطب الرائعة ( 100 خطبة) ، حيث تميزت كلها بالاختيار الدقيق للفظ والتركيب اللغوي السليم . وكان لبعض خطبه تأثير حارق وصاعق في ان . ففي إحدى المرات القي أربع خطب ضد ” كاتلين ” ، أحد الرومان المتآمرين على زعزعة أمن الحكومة ، أدت إلى سوقه – كاتلين – وأتباعه الى حبل المشنقة . شيشرون لا ينكر فضل تأثره بعمالقة الفلسفة أمثال أفلاطون وأرسطو وتبنيه للكثير من أرائهما . فقد حذا حذو أفلاطون في تبني فكرة المدينة الفاضلة ، حيث العدل والاستقرار والتآخي . من أقواله الشهيرة: الكاذب لا يصدق ولو قال صدقا / البلاغة هي الضوء الذي يجعل الذكاء يشع / من لا يقرأ التاريخ يبقى ابد الدهر طفلا صغيرا / بحسن التقدير نجعل الآخرين من ممتلكاتنا . انتهى المطاف بشيشرون مقتولا على يد معارضيه عام 43 ق.م.، وقطع رأسه ، وقيل كذلك لسانه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *