منفى “المتنبي” الأخير… ( إرهاصات عنق الزجاجة )

by tone | 28 سبتمبر, 2016 9:01 م

قُطِّعتَ أَشلاءً, فَقاطِعْ
وَاقمَعْ خُطاكَ, وَلا تُتابِعْ

دَفَعُوكَ في تِيهِ النَّوى
عَمَّن تُحاوِلُ أَن تُدافِعْ؟

باعُوكَ بَخسًا, راوَدُو
كَ بِغُربَتَينِ؛ فَيا فَتى (ااا)…؛ بِعْ

أُولاهُما: عَن حَبلِكَ السْـــ
ـــسُرِّيِّ في وَطَنٍ يُنازِعْ

وَالغُربَةُ الأُخرى: عُوا
ءُ أُخُوَّةٍ خَلفَ البَراقِعْ

سَبعًا نَزَحتَ, مُهَجَّرًا
بِالشِّعرِ مَصفُوعًا, وَصافِعْ

حَتَّى البَياضُ اسوَدَّ! لَـــ (ااا)
ـــكِنَّ احمِرارَ الجُرحِ فاقِعْ!

أَعَلِمتَ جُذمُورًا يُحَطْـــ
ـــطَبُ؟ قَبلَ إِثْمارِ الطَّلائِعْ!

أَرَأَيتَ إِذ سَرَقُوا الصُّوا
عَ؟ وَسُنبُلاتُكَ في الصَّوامِعْ!

أَسَمِعتَهُم صَدَقُوا نَبِيْــ
ـــيًا ما؟ بِلا صَكِّ القَواطِعْ!

يا عُنفُوانَ النَّخلِ كُنْ
صَلْبًا: يُهَدُّ… وَلا يُطاوِعْ

بالنور- يا زيتونة الـــ ـ
ــمِشكاةِ من نار الجوى- شِعْ

مِزمارُكَ السِّحرِيُّ- يا
ذا الأَيدِ وَالأَبصارِ- رادِعْ

لَنْ يَخدَعُوكَ, وَإِنَّما…
قَد تَخذُلُ الكَفَّ الأَصابِعْ

سَيُطارِدُونَكَ في البِحا
رِ, وَفي الفَضاءِ, وَفي البَلاقِعْ

وَيُمَجِّدُونَكَ بِالرِّثا
ءِ- إِذا قُتِلتَ- وَبِالطَّوابِعْ

وَيُعَلِّقُونَ “اسمَ الشَّهِيـــ
ـــدِ” عَلى الحَدائِقِ وَالجَوامِعْ

يا مَالِئَ الدُّنيا؛ وَشا
غِلَها؛ اجتِراعُ الذُّلِّ لاذِعْ

كَيفَ اتِّقادُ الكِبرِيا
ءِ بِأَصغَرَيكَ يَبِيتُ خانِعْ؟!

العَقلُ: أَنتَ, هُمُ: الجُنُو
نُ المُستَبِدُّ, البَونُ شاسِعْ

الخَيلُ, وَالبَيداءُ, وَاللْـــ
ـــلَيلُ: اتِّكاءاتُ المَراجِعْ

وَالسَّيفُ, وَالقِرطاسُ, وَالـــ
ـــقَلَمُ المُذَخَّرُ بِالذَّرائِعْ

دَمُكَ: المَسافَةُ, وَالمَسِيـــ
ـــرُ إِلى خُلُودِكَ: بِالأَضالِعْ

“كافُورُ” راعَكَ بِالصَّدى؟!
بِالصَّوتِ أَنتَ؛ عَلى المَدى؛ رِعْ

سِكِّينُهُ ارتَدَّتْ, وَذِبـــ
ـــحٌ في يَدَيكَ- يَدِيكَ- طالِعْ

يا حامِلَ الأَلواحِ؛ في
يَدِكَ العَصا, وَاليَمُّ طائِعْ

الفُلكُ ضَيِّقَةٌ عَلَيـــ
ـــكَ؟ اقفِزْ… فَمُ التَّنُّورِ واسِعْ!

أَدمَنتَ لَيلَ الدَّاءِ؟ وَالـــ
ـــيَقطِينُ- يا ذا النُّونِ- ناجِعْ!

ما زِلتَ مَخدوعًا بِعِشـــ
ـــقٍ, سُمُّهُ بِالوَجدِ ناقِعْ

بِالشَّوقِ يَحتَلُّ الزَّوا
يا, وَالحَنايا, وَالمَواضِعْ

لَقَدِ التَحَفتَ بِكِذبَةٍ
كُبرى عَلى حِضنِ المَعامِعْ

حَتَّى صَحَوتَ بِراحَتَي
وَطَنٍ يَهُزُّكَ بِالمَباضِعْ

حَتَّامَ نَبشُ الذِّكرَيا
تِ النَّازِفاتِ؟ وَما الدَّوافِعْ؟

حَقًّا؛ تَعُودُ إِلى الجَحيـــ
ـــمِ؟ وَأَنتَ في الفِردَوسِ قابِعْ!

تَرتَدُّ لِلمَنفَى الكَبيـــ
ـــرِ مُصَفَّدًا بَينَ القَواقِعْ؟!

لِتَضُخَّ في شِريانِ ما
ضِيكَ- الحَنِينَ- دَمَ المُضارِعْ!

وَتَلُوكَ مُضطَرًّا شِعا
راتِ انبِطاحَةِ مَن يُمانِعْ!

وَتَدُورَ في عُنقِ الزُّجا
جَةِ بَينَ مَقمُوعٍ وَقامِعْ!

وَتَفِرَّ مِثلَ طَرِيدَةِ الـــ
ـــقَنَّاصِ في كُلِّ الشَّرائِعْ!

وَتَمُوتَ ذَبحًا بِالمُدى
إِمَّا تَجَنَّبتَ المَدافِعْ!

ماذا بِوِسعِكَ أَن تَزُو
رَ؟ وَلا بُيوتَ! وَلا شَوارِعْ!

مَن ذا تَوَدُّ لِقاءَهُ؟
وَالكُلُّ مَفجوعٌ! وَفاجِعْ!

أَتَصُبُّ بِالمَنفَى الدِّما
ءَ؟ إِذا فَرَغتَ مِنَ المَدامِعْ!

أَم تَحمِلُ الوَطَنَ ارتِعا
شَةَ خائِفٍ مِن كُلِّ طامِعْ؟!

أَم تَستَدِلُّ عَلى عِنا
دِكَ بِالجَماجَمِ وَالمَواجِعْ؟!

أَتَرى هُناكَ هُنا؟! وَما
بِـــ “هُنا” هُناكَ؟! أَأَنتَ قانِعْ؟!

يا ضَيِّقَ الأُفقِ؛ المَدى
ناداكَ, لِمْ حَجَّرتْ واسِعْ؟!

طِرْ فِيهِ, حَلِّقْ, مِثلَ مَن
طارُوا, وَإِلَّا بِتَّ واقِعْ

مَزِّقْ بَقاياكَ المُحَنْـــ
ـــنَطَةَ التي جَفَّتْ, وَسارِعْ

سَبَقوكَ, لَكِن بِالهَوى اثْـــ
ـــثَاقَلتَ, فَاسَّاقَطتَ ضائِعْ

تَرَكوكَ وَحدَكَ لِلصِّرا
عِ, فَخَلِّهِ, أَو عُدْ فَصارِعْ

مارِسْ هُنا حُلمًا وَإِمْـــ
ـــمَا عُدتَ كابوسًا فَضاجِعْ

وَاضرِبْ بِرِجلِكَ رَوعَ مُغْـــ
ـــتَسَلِ القَرارِ, وَخُضْهُ رائِعْ!

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/10721