رحل التربوي الدكتور خليل سليمان جرجس (1950-2016)

by tone | 5 يناير, 2017 9:47 م

رحل يوم 26-11-2016 الراحل المرحوم خليل بن سليمان جرجس وهو من مواليد1950م نال الشهادة الثانوية الفرع العلمي سنة 1969م ورغم ظروفه القاسية حصل على مجموع يسمح له للانتساب أي فرع في الجامعة عدا كلية الطب البشري الذي كان حلمه منذ الصغر حيث كان طالباً متفوقاً وأساتذته

وزملاؤه يؤكدون ذلك لكنها الظروف أقوى من كل الأعاصير العاتية وخاصة عندما تضغط عليك في المحطات المصيرية وانتسب إلى كلية الهندسة من أجل التأجيل عن الخدمة العسكرية وبعد سنتين ذهب إلى فرنسا لدراسة الطب في مونتبليه ولم يمكث فيها إلا ثلاثة أيام إذ لم يكن يحمل إلا تسعمائة ليرة سورية لذلك نحر الحلم الذي لم يتمكن من تحقيقه بسبب عدم توفر الدعم المادي اللازم وخاصة في السنوات الأولى ورجع والخيبة تحبطه , وتابع حياته في العمل في المقلع وكعامل في الزراعة إذ إنه فقد الإعانة كلياً وكم هو صعب عندما تتتالى المطبات والانكسارات في مسار الإنسان ولا يكون أي سند له .
– وفي مطلع 1973 التحق في الخدمة العسكرية التي حاول الانتساب إلى إحدى كلياتها أكثر من مرة قبل ذلك ولكنه فشل ,واستمر في خدمته الإلزامية حتى مطلع عام 1977م وبهذا يكون قد مضى على حصوله الشهادة الثانوية سبع سنوات عجاف وبعدها استأنف دراسته في قسم الرياضيات بجامعة دمشق هذه المادة التي ذهب له في الثانوية (27)علامة مع العلم أن كلية الطب كان يلزمها (182) علامة وكان ينقصه سبع درجات . استأنف دراسة هذا الفرع في منتصف العام الجامعي ودون إعادة البكالوريا , وأنجز الدراسة بوقتها المحدد تماماً رغم أنه درسها كما قال لي : مكرهاً لا بطل ولكي نحصل على مستند ربما نعتبره المنطلق لتحقيق طموحات ضائعة وخلال دراسته الجامعية كان يعمل وبشكل خاص في العطلة الصيفية كعامل على السيارة مع العلم أنه كان يدرّس ساعات خارج الملا ك منذ حصوله على الثانوية ,وللعلم أيضاً أنه لم يتلق إعانة من أي أحد . طموح الإنسان وإمكاناته التي يعرفها هو بالذات إذا كانت أكبر من إمكاناته المادية يجعلانه يشعر وكأنه يحلم , بدأ مدرساً داخل الملاك منذ عام 1980م , ودرس دبلوم التأهيل التربوي وهو على رأس عمله عام 1986 مع العلم أنه قبل لدراسة الدكتوراه في فرنسا وبأفضلية عام 1983م وكما قال لي: ضربت يدي في جيبي فما وجدت إلا يدي لذلك بقينا نحلم ولم نستطع السفر بسبب المادة , وتابع يقول: أصبح لي مع ضم الخدمة العسكرية ثلاثون سنه لذلك يكفي تكرار سنوات لم يأت بعدها أي جديد.
– وأقول لك أنني لم أعط ساعة خصوصية منذ حصولي على الثانوية وأنا إذ أقول هذا ربما مبدأً وقناعةً فقدت الكثير فهل يعوّض ذلك ما ضاع من الطموح ؟ ! مدرس رياضيات ومتفرّغ كلياً لعمله , ومن خلال معرفتي الحميمة به وجدت عنده الركن الثقافي الراقي و الاهتمام في اللغة العربية وخاصة في المجال التربوي وفي مخطوطاته وأرشيفه الكثير من المقالات والخواطر التي بدأ كتابة العديد منها منذ المرحلة الثانوية وربما ستصدر في كتاب في يوم من الأيام 
– سألته السؤال التالي : إذا قدمت استقالة هذا العام كيف ستمضي الوقت؟ قال لي:( أستاذ سلوم كما أقول لك دائماً سنظل نحلم حتى نهاية العمر فإذا حرمتنا الأيام بسبب الظروف من تحقيق ما كنا نصبو إليه فهل تحرمنا من الحلم لا تستغرب إذا قلت لك : أنه لم يعد يربطني أي شيء بعد وفاة والدتي العاجزة رحمها الله وأضع في ذهني وأنا في السادسة والخمسين من العمر أن أنتسب لدراسة الماجستير والدكتوراه لا من أجل الوظيفة ولامن أجل المنصب الذي لم أفكر به ولن أفكربه في يوم من الأيام لأنه كيف سأقضي الوقت وأنا لاأعمل ولا أستطيع أن أعمل في تجارة أو صناعة في زمن أصبح فيه الفهلويون يمررون عليك كل شيء , وتحضرني الكلمات الجميلة التالية: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ولا نملك إلا هذا الرصيد) .ومما تقدم نستنتج الإرادة الصلبة لهذا الرجل في محطات حياته الذي أعطى ضمن امكاناته المتاحة وحيث يقول لي:( لم تساعدني الأيام لكي أتمكن من أن أعطي ما كنت أسعى لتحقيقه ) وأرجو من الله أن يكون لنا عوناً على الدوام وبخاصة في تلك الأوقات التي لا نرى فيها أحداً وحقق الماجستير والدكتورا في الرياضيات ,وشارك في وضع كتاب الرياضيات للصف الثاني الثانوي مع التدقيق اللغوي , وحاول أن يحقق بعض الطموحات ولكن المرض العضال عاجله .
رحم الله الصديق المربي والأستاذ والدكتور خليل سليمان جرجس وأسكنه فسيح الجنان .

– بقلم سلوم درغام سلوم

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/10876