الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

من الذي قتل الحب العذري العفيف؟

يسمع المرء لفظة حب عذري ولا يعلم ما هي خصائص وملامح هذا الحب , فكلمة عفيف تدل على أنه غزل نقي طاهر ممعن في النقاء والطهارة,

 

 

و لفظة الحب العذري كما قال الدكتور الباحث شوقي ضيف /نسب هذا الحب إلى بني عذره إحدى قبائل قضاعة التي كانت تنزل في وادي القرى شمالي الحجاز, و لم تقف موجة الغزل العذري لهذا العصر الأموي عند عذرة وحدها, فقد شاع في بوادي نجد وحجاز, و خاصة بين بني عامر, وهذا الغزل العفيف السامي الذي يصلي المحب بناره, يستقر بين أحشائه, حتى ليصبح كأنه محنة ,أو داء, لا يستطيع التخلص منه, ولا الانصراف عنه.
– في هذا الغزل نجد لوعة المحبين, و ظمأهم إلى رؤية معشوقا تهم, ظمأ لا يقف عند حد, ظمأ نحسّ فيه ضربا من التصوف, فالشاعر يتغنّى بمعشوقته, متذللا, متضرعا, متوسلا, فهي ملاكه السماوي, و كأنها فعلا وراء السحب, و هو لا يزال يناجيها مناجاة شجية, يصور فيها وجده الذي ليس بعده وجد, و عذابه الذي لا يشبهه عذاب ,و تمضي به الأعوام لا ينساها, بل يذكرها في يقظته, و يحلم بها في نومه, و قد يصبح كهلا, و لكن حبها يظل شابا في قلبه ,لا يؤثر فيه الزمن, و لا يرقى إليه السلوان, حتى ليظلّ يغشى عليه ,بل حتى ليجن أحيانا جنونا.)
إننا اليوم على صعيد الفعل لا نجد من يمثل الغزل العفيف إلا عدد قليل من الناس والشعراء حيث نجد هذا بأقوالهم ,يتحدثون عن الشوق, و الألم, و اللقاء, و العذاب ,ولكن ما هي الأسباب في فناء هذا الحب ؟
يمكن الإشارة إلى عدة أسباب ؛
1- منها ما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة/فضائيات-انترنيت …….وغيرها / التي استحضرت المثيرات وركزت على المرأة أو الرجل كجسد وليس كروح, و تقديم الصور غير المحتشمة . والصبغة المادية لكل شيء .
2- دخول فنون مختلفة من الأزياء المبتعدة عن الحشمة حيث التقصير والتضييق واظهار المفاتن المثيرة في وسائل الاتصال وفي الواقع وفي كل المناسبات السعيدة .
لذلك تساءلت عام 1988م في قصيدة وردت في مجموعتي /قيثارة القلب /طباعة 1988م, واعتبرت ضياع الحب العذري يشبه ضياع الكنز , وهل يعود ذلك الكنز الضائع؟لا أظن .

وهكذا نجد أن الحب العفيف في غزل الشعراء حامل الروحانية, و التصوف, و يجسّد حديث الروح للروح بين العاشقين, و كلما زاد احتراق العاشق ,شمخت القصيدة بصدقها, و جوهرها, و فنيتها, و لعلّ الآلام هي الطريق إلى الإبداع, في أغلب الأحيان, و مع الوصال يخمد الحب و الشعر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *