الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

شخصية من بلدي-الحاج أحمد حسن حسين الشيخ خليل ( أبو راغب )

 

للتاريخ فقط أحدثكم عن والدي المغفور له
الحاج أحمد حسن حسين الشيخ خليل ( أبو راغب )
1929 – 16/6/2017م الموافق 21 رمضان 1438 هـ

______ بقلم:خالد أحمد الشيخ خليل
.

وقفتنا اليوم مع شخصية عربية فلسطينية اغتصبت أرضه من قبل الصهاينة واحتضنته بلده الثاني سوريا العربية الأبية فكانت رحلة حياته مليئة بالجهد والعمل لم تثبط عزيمته من حرمانه وطنه انخرط بالعمل وعارك الحياة طويلاً .
*- أحمد حسن حسين الشيخ خليل ( أبو راغب ) مواليد قرية صفورية التابعة لمدينة الناصرة في فلسطين الحبيبة عام 1929 والده المجاهد حسن حسين الشيخ خليل الذي قارع الاستعمار الإنكليزي وقبله التركي وجده الشيخ خليل الذي يعتبر من علماء فلسطين المعروفين بالإفتاء أما جده الشيخ عبد الهادي وهو شقيق جده الشيخ خليل كذلك عرف عنه بأنه من علماء فلسطين المشهورين في حفظه لكتاب الله وتفسيره . والدته الحاجة فاطمة الأحمد كذلك هي ابنة عمه .
*- متزوج من ابنة عمه الحاج سليم عبد الهادي الذي أنجب منها خمسة أولاد بقي منهم ثلاثة على قيد الحياة وأربعة بنات بقي منهم ثلاثة .
*- تعلم عند الكتاب بفلسطين حتى وصل إلى ما يعادل الصف الثاني الابتدائي ونظراً لعدم وجود العيال الكافية للعمل بالأرض توجه إلى العمل مع والده في أرضه المشهورة بعطائها الكثير ولحاجة القرية افتتح له والده فرن بالقرية ضمن أرضه يعمل على المازوت والحطب ويقول كنا نخزن الحطب والمازوت حتى يصبح مثل البيادر . وكان باب داره يدخل منه جملاً محملاً بالحطب وله فسحة تتسع لأكثر من 500 رأس غنم وعدد من الأبقار الحلوبة والتي تستخدم للحراثة ( ثور عمال )عدا غرف المعيشة .
*- تكلم الحاج أبو راغب عن دخول الصهاينة لبلدة صفورية أنهم دخلوها أربعة مرات وفي كل مرة يردهم ثوارها وفي النهاية شهامتهم دفعتهم لمساندة أهل قرية شفا عمرو وكانت مصيدة لهم فدخلوها ودمروا كل القرية ما عدا نبع القسطل وقلعتها ومعلّم أثري روماني باقٍ حتى الآن .
*- وفي عام 1948 اغتصب الصهاينة أرض فلسطين من أهلها في شهر الصوم بعد أن سلطوا نيران مدافعهم وطائراتهم أنداك فقتلوا الأبرياء من نساء وأطفال وعملوا أكثر من مذبحة منها المذبحة المشهورة بدير ياسين عندها ما كان منهم إلا أن لجؤا إلى المدن الكبيرة بفلسطين حيفا ويافا وعكا ولا زالوا ومنهم من لجأ إلى مدن الأردن الكبرى وسار الباقي باتجاه لبنان وعانوا ماعانوا فيها حتى شربة الماء هناك من حرمهم منها ومع ذلك تحمل البعض وأقيمت لهم المخيمات في بيروت وصيدا وصور وطرابلس ولا زالوا فيها لاجئين وتابع القسم الباقي باتجاه سوريا الحبيبة فوجدوا فيها الحضن الدافىء لهم والمعاملة الطيبة فعندما لم تعد دمشق تتسعهم توجه البعض إلى حمص فحماة فحلب فاللاذقية وفي كل منها خصص لهم أماكن متعددة ولم يقطعوا الأمل الموعود بالعودة إلى فلسطين الحبيبة فأسس لهم مخيمات نظامية .
*- يقول الحاج أبو راغب كان نصيب عائلتي مدينة حماه بعد أن سمعنا عن أهلها الكلام الطيب وأهم من ذلك قالوا عنها أنها أم الفقير فاستقر بنا الحال أولاً على الشرفة (البرناوي حالياً) بجانب ثكنة عسكرية وبعدها تم نقلنا إلى مساجد المدينة وخاصة الجامع الكبير بالمدينة وبعدها قالوا المكان المناسب لهم هو قلعة حماة وكان ذلك عام 1950 وبقوا فيها أكثر خمس سنوات وكان فيها ولاتي أنا لابن الثاني ثم استقر الحال من قبل مجلس المدينة بعد أن اشترت مؤسسة اللاجئين مكاناً في منطقة طريق حلب شمال جامع أبي الفداء ( الحيات ) شرق وشمال البساتين المطلة على العاصي وإلى الآن تطور كثيراً من خيم إلى عرائش من تراب إلى إسمنت والسقف من خشب إلى بناء نظامي والآن هناك بناء يتجاوز الخمس طبقات
*- هذه الرحلة الطويلة القصيرة عانينا بها الكثير في تحصيل لقمة العيش يقول الحاج أبو راغب في بداية الأمر بحثت عن العمل وكان صعباً جداً حتى وجدته فعملت عاملاً على كسارة الأحجار وكذلك عاملاً على متورات ضخ المياه للأراضي الزراعية كمنكسيان وتعلمت قيادة السيارة وحصلت على شهادة خصوصي ثم عمومي ثم سائق شاحنة كبيرة وعملت على الكاتربلر والأنتر (عنتر) الذي يجر وراؤه 40 شفرة (سكة) لحراثة الأرضي الواسعة والشاسعة في منطقة الجزيرة وأخذنا ضمان أراضي زراعية كثيرة منها في زور أبو درده بحماة بعدها انفصلت عن أهلي وبدأت أكون حياةً جديدة لي ولعائلتي علمت بطلب سائقين سيارات ثقيلة ومداحل للمطارات توجهت إليها وعملت كسائق مدحلة في مطار الدمير ومطار حماة في الخمسينيات من القرن الماضي .
*- وفي مرحلة إنشاء السدود في سوريا عملت على رافعة كبيرة في سد الرستن الذي يشهد بناء أحجاره الكبيرة حتى الآن والتي رصفتها كما يرصف البناء على الأرض حجر تلو الحجر من خلال عمال يكبلون الحجر الكبير ومن ثم تقوم الرافعة بدقة متناهية بوضعه بمكانه المناسب ونتيجة لجهدي الكبير وتفاني في العمل وبعد انتهاء سد الرستن طلبوني للعمل في سد محرده حتى انتهى بناؤه كذلك من قبل الشركة البلغارية وكذلك بقيت معهم إلى أن بدؤا بشق طريق من قرية الجلمة إلى منطقة العشارنة البالغ /12/ كم حيث عملت به كسائق مدحلة وبعد انتهاء الطريق بقيت أعمل معهم حتى انتهى مشروع السد وانتهى عقد الشركة البلغارية ومن شدة قناعتهم بعملي طلبوا مني الذهاب معهم إلى بلغاريا ولكني فضلت البقاء في بلدي الثاني سوريا .
*- في هذه المرحلة كان الوضع الاقتصادي جيد والحمد لله ولكن الساقية التي ليس لها نبع تجف تعرض ابن أخي الأكبر إلى حادث أليم جعله مشلولاً من أطرافه السفلى وكان وضع والده صعباً فتوليت أنا بالإشراف على معالجته من مشفى إلى آخر في سوريا حتى استقر بنا المطاف إلى الأردن مشفى الملك حسين آنذاك وقد أخذت الموافقة من الحكومة السورية بمعالجته هناك وقد تكللت ثلاث عمليات بعموده الفقري بالنجاح حيث أخرج الجراحين من عموده الفقري ثلاث مسامير كانت مستقرة فيه وكان ذلك عام 1966 م وقد كتب الله لي وله زيارة أرضنا المقدسة كلها حيث كانت الضفة الغربية تشرف عليها الأردن وبقيت فيها أكثر من شهر منها للمعالجة وفترة النقاهة ثم عدت إلى سوريا على أساس نعود ثانية لاستكمال العلاج وحدثت نكسة الخامس من حزيران 1967 وخسر العرب مرةً ثانية ما خسروه وبقيت بدون عمل لفترة ونفذ مني زادي وقوتي حتى فرج الله علي وعلى عائلتي بأن طلبت بلدية مصياف سائق مدحلة على نظام العمل الشعبي توجهت إليها وتم قبولي وقمت بدحل طرقها كاملة حتى وادي العيون وشوارعها وأهلها الطيبين والحمد لله يشهدون لي بذلك وخاصةً الطريق الذي يصل إلى مقهى شاهر الموجود حتى الآن كان صعباً وأذكر أن سائق صهريج الاسفلت التي تبلغ حرارته /2500/ درجة عندما وصل إلى هذا الشارع رفض السير به لشدة خطورته ونفذته أنا وكان ذلك أمام مدير المنطقة وعدد كبير من الأهالي ونفذت المهمة والحمد لله وهم يهللون لما حدث وكنت عندهم من أحب الناس وكنت لديهم دائماً في حسن كرم الضيافة الكريمة .
*- حدثنا الحاج أبو راغب كيف تم تعينه في بلدية حماه فيقول : بعد أن انتهى العمل الشعبي في مصياف وسلمت الآلية لمدير المنطقة وكان حزيناً جداً وقد رغب أن أبقى بمصياف ولكن العمل الشعبي انتهى فيها وقتها سمعت بإعلان مسابقة في بلدية حماة وسارعت للتقدم إليها وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان وبفضل الله أخذت الترتيب الأول على جميع السائقين المتقدمين وعملت أوراقي للبدء بالعمل بها هنا تدخل أحدهم ( من المعارف ) وأقنعني بأن أعمل سائقاً في مديرية الثروة المعدنية والتي كان مقرها مقابل بناء النفوس قديماً بشارع الدباغة وكان من مهامها الاشراف على المقالع في المناطق الجبلية وشاء القدر أن قبلت كسائق على سيارة (جيب) تتسع لأربعة أشخاص والسائق فقط وهنا كانت المفاجئة التي لم أتوقعها حيث كان مديرها آنذاك ولا أريد أن أذكر اسمه يحب (شماة الهوى والسهر والعزائم) وأنا كسائق ظُلمت كثيراً معه حيث كنت أمضي حتى الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر وعند المساء يطلبني أصبحت سائقاً خاصاً له ولأصدقائه وأحبابه وعياله وقد تعتبت جداً جداً من هذا العمل كنت أحسب أنني لقضاء حاجة الوظيفة ولكني لم أعد أدخل بيتي أحياناً حتى الواحدة أو الثانية ليلاً وتحملت فترة ستة أشهر ولكن طفح الكيل عندي فتوجهت إلى صديق وأخ ومسؤول في البلدية آنذاك ودون علم مديري وشرحت له ما عانيته بهذه الوظيفة وكان والحمد لله جوابه لي محلك بعدوا موجود ونحن بحاجة ماسة إليك . ووقتها طلب مني تقديم استقالتي والمباشرة في البلدية وكان ذلك حاول مديري أن يقنعني بعدم الاستقالة لكنني صممت وكان لي ما أردت وصبيحة اليوم التالي تسلمت العمل في البلدية والحمد لله كسائق مدحلة ولكن قطار العمر يمضي دون أن أشعر فيه تعرضت لمرضٍ مهني أدى بي إلى طلب استقالتي بعد أن حدد لي إصابة عمل بنسبة 75% وكان ذلك بموافقة الدكتور مليشو وقتها وتقاعدت في نهاية السبعينيات تقريباً .
*- يقول الحاج أبو راغب بعدها توجهت إلى المملكة العربية السعودية مع ابنة أخي التي قُبلت كمدرسة وأنا مرافق لها فترة عشر سنوات تقريباً من خلالها عملت بعدة أماكن فيها ومنها سائق أليات ثقيلة لنقل أعمدة الكهرباء في شركة كهرباء المملكة وقد أكرمني الله بالحج ثلاث مرات وأكثر من 25 عمره .
*- عدت إلى مدينتي وأهل بيتي ومن وقتها لزمت بيتي وفي عام 2003 توفيت زوجتي رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه وبقيت كل وقتي مخصص لتلاوة القرآن الكريم والحمد لله وبالعالمين .
وفي صباح الخميس الواقع في 15/6/2017 أدخلته مشفى الحوراني على أساس وعكة صحية بسيطة وشاءت الأقدار في الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة 16/6/2017 الموافق 21 رمضان 1438هـ . رحمه الله فقد كانت سيرته العطرة مليئة بالجهد والعمل الدؤوب والصبر على الشدائد وتخطي المحن والصعاب الحياتية وقد تعملنا منه الكثير هذا غيض من فيض .
ولده المعلم المتقاعد خالد أحمد الشيخ خليل (أبو أحمد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *