حظ أم نصيب أم توفيق….!؟

by wisam-mo | 15 أبريل, 2020 10:32 م

لا يتوانى بعض الناس لحظة في ندب حظه و نصيبه و قسمته و تبنيها كسبب في كل شيء سلبي حدث أو يحدث في حياته , هذا الاعتقاد يأتي عند البعض عن قناعة و تسليم و اذعان و عند البعض الاخر كحجة يبرر فيها كسله و تهربه من مسؤولية أو استحقاق ما أو من واجبه في العمل على ذاته و استخدام المواهب العديدة التي لا تحصى الممنوحة له من العلي القدير, يدعم هذا الاعتقاد أمثالٌ شعبية تكرس هذا المفهوم: “المكتوب على الجبين لازم تشوفو العين”, “مش حيصيبك الا نصيبك”, اجري جري الوحوش غير نصيبك ما بتحوش”, الزواج قسمة ونصيب”….
نجد البعض الاخر يرفض الاعتماد على الحظ بحيث يسعى و بكل ما أوتي من مواهب و نعم أن يذلل كل ما يقف في طريق تقدمه و تطوره واعيا كل الوعي أن لا نجاح بدون فشل و لا أمل من دون خيبة و أن لكل حصان كبوته التي لا بد أن يعود بعدها أقوى و أكثر عزيمة و اصرارا على تحقيق طموحه الى نهاية السبق و وقوفه مع الغانمين في شتى مجالات الحياة. تأتي هذه الوجهة مدعومة بأقوال و حكم من عظماء أبدعو في تطبيقها أمثال توماس أديسون “أنا لم أفشل, أنا ببساطة وجدت 10000 حلا لا يعمل”, روبرت شولر”توقع العقبات, لكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم”, ديل كارينجي”الفارق بين المستحيل و الممكن يتوقف على عزيمة المرء و اصراره”, المتنبي”على قدر أهل العزم تأتي العزائم و تأتي على قدر الكرام المكارم”….
كالعادة يجد الانسان في كل شيء و لكل موضوع وجهات نظر عديدة و تأتي حرية المرء في تبني الوجهة التي تناسب ميوله و نواياه و اتجاهاته في هذه الحياة ليجني في ما بعد ثمار ما تبنى أو ليحترق بنار ما اختار و هنا اذ أقول ثمار فانني لا أعني الثمار المادية فقط و ان كانت مهمة كوسيلة لا غاية بل أعني الثمارالأكثر أهمية من سمعة حسنة و تصالح مع الذات و ثقة بالسير في الطريق الصحيح, و هنا و في مرحلة القطاف تحديدا نجد الغانمين يتغنون بالهمة و العزيمة و يرفعونها شعارا فوق رؤوسهم و نجد من خاب يرجؤ خيبته الى الحظ العاثر الذي أسعف هؤلاء و لم يسعفه متناسيا او متظاهرا بنسيان أنه هو الذي اختار وهو الذي لم يصغ الى صوت الحق المعلن للجميع فيزيد بذلك “الطينة بللة” لتتشعب شجرة الخطأ أكثر فأكثر وصولا الى حياة مليئة بالشكوى و الاثم و ايجاد المبررات الباطلة لكل عمل ضال. و هنا أدعو لمراجعة مقالة لي في عدد سابق في عدد سابق عنوانها “حتى لا نضل الطريق”.
هناك مثل يقول “الله يعطي لكل عصفور الدودة التي يأكلها, و لكنه لا يلقيها له في العش” أي يجب أن يسعى الانسان و يهتم و يسأل و يكافح لينال, و لا يجلس فقط منتظرا الحظ أو القسمة التي ستأتي اليه…! و في كفاحه هذا سيواجه الضغوطات و التجارب و المواقف و الوساوس التي تضعه على مفترق طرق يحتم عليه الاختيار و عندها يجب أن يختار الطريق الصحيح و يدأب على السير فيه مؤمنا وواثقا أن الرب سيمنحه التوفيق و اذ أقول توفيق فاني أعبر هنا عن قناعتي الايمانية بأنه الله يقف مع المجتهدين ذوي الأهداف النبيلة الذين يسهرون الليالي و يذللون المصاعب و يتقبلون المتاعب بصبر و عزيمة واثقين بعمل الله بحياتهم فاتحين أبوابهم لكلمته التي تنير دروبهم و تدعم سيرهم و تهديهم عند كل مفترق طرق الى الطريق الحق الذي به يتطورون و يغنمون الغنيمة الروحية و السلام الداخلي قبل الغنيمة المادية من مال أو مناصب أو جسديات كما يعلمنا الكتاب “اطلبوا أولا ملكوت الله وبرَّه وهذا كله يزاد لكم” (متى 6: 33), و هنا لا بد من الاشارة الى أن الشيطان “قد” يمنحك المال و الملك حيث نجده يجرب السيد المسيح !” ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ، وَأَرَاهُ مَمَالِكَ الْعَالَمِ كُلَّهَا فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، وَقَالَ لَهُ: “أُعْطِيكَ السُّلْطَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ عَظَمَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَىَّ وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَا لَكَ!” فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: “قَدْ كُتِبَ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!”. و لكن لسيتعبدك و يجرك الى الجحيم الأبدي الذي هو احتراق بنار الخطايا و ابتعاد عن الله و ثمار القرب منه التي لا يمكن شراؤها بالمال و التي من دونها يخسر الانسان نفسه “و ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه”(مر 8:36).

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/11953