الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

ماذا يضر الشابة أو الشاب لو ذهب للعمل في أرضه؟

-ماالذي يمنع الأبناء من الاهتمام بالأرض وأقصد الجالسين في البيوت دون عمل؟ ولماذا هجرت أغلب الأسر العمل في الأرض؟ ولماذا لا يحب هذا الجيل أن«يسلطن» في مزرعة هو فيها الآمر والناهي ويجب أن يكون في الوظيفة؟ لماذا يركض وراء وظيفة ويعمل مئة دونم أقل أو أكثر من باب الفرض .
بحجة أو بغير حجة؟ من الذي يقول إن التعامل مع الأرض لايحقق الراحة النفسية والصدق ويبعد القلق والضجيج؟ – من الذي يمنع صاحب الأرض لو ذهب إلى مزرعته وهو يلبس أفخر الثياب ويحمل أعلى الشهادات العلمية، وهو يقطف الثمار المضمونة ويشرب الحليب المضمون، ويذبح الطير المضمون، ودلال أولادنا إلى أين؟ والمستند العلمي هل أصبح نقمة عند عدد كبير من الشباب؟ هذه الهواجس والأسئلة راودتني قبل البدء بالمقالة. – دعونا نقرر حقيقة بديهية: العمل شرف للإنسان، ولعل أصدق الأعمال هي التعامل مع الأرض لأنها ترد لك تعبك إذا كنت جاداً في العمل ومن حب الفلاح لابنه أراد أن يدفعه نحو العلم، وهذا أمر ممتاز وتوجه صحيح ، ولكن هذا التوجه خلق مشكلة كبيرة عند ابن الفلاح، بعد أن نال وتخرج من معهد غير ملتزم، أو من جامعة ولم تأت أية مسابقة للتوظيف راح ينتظر ، وربما ينتظر عشر سنوات وأثناء هذا الانتظار فعل الفراغ فعله والنتائج. – هجر أرض أبيه وترك أباه العجوز يدير ويعمل في الأرض وغدا المستهلك وغير المنتج ويأخذ مصروفه من والده الهرم. – أصبح يكرر بين رفاقه جملة «أنا متعلم» وكيف أعمل في الأرض، وأنا المثقف ولماذا تعلمت؟ وهنا يفكر في بيع ميراثه. – وهنا لايستطيع أن يتزوج طالما لايجد وظيفة مع أن الأرض التي أهملها ربما تقدم له رواتب عشرة موظفين. – كره الحياة الريفية وهذا مايردده في كل المناسبات والمجالس. وأبوه يهز رأسه حسرة ويندم على تعليمه، وعلى عدم اصطحابه إلى الأرض لمساعدته منذ الصغر لما حل به ماحل، وكأن الأب يقول بينه وبين نفسه: العلم والتعليم جريمة في واقع لايخطط لمستقبل هذا المتعلم، مافائدة الجامعات التي تخرج للشوارع وليس للمصانع؟ يا الله من يعمل في هذه الحقول التي خلت وابتعد عنها أبناؤنا ؟ أنا الذي دلل ابنه وأوصله إلى الضياع. – وكأن والده الفلاح قد سبق المفكر الألماني يورجن هابرمان الذي يقول : « إن المعرفة المنفصلة عن الفائدة هي معرفة ميتة» لذلك ذهب إلى القول بضرورة الوصل في التأسيس المعرفي بين العلم والتقنية في اتجاه وبين الأخلاق في اتجاه آخر والمعرفة ليست نقلاً عن الأجداد والغربيين والمعرفة التي تنهض بها الشعوب وتتقدم، ليست حشو الأدمغة بالزخم الهائل من المعلومات والحقائق الجامدة والمعطيات الوثوقية الجاهزة بل معرفة الدهشة والتساؤل والتفكير والانتقاء والمقارنة والمقابلة والتأمل والمراجعة وإعادة النظر بين الحين والآخر فيما يبدو متراكماً ومرونة تغيير وجهة التفكير والنقد معرفة الجدوى التي لاتقتصر على نيل شهادة والتفكير فحسب بفضاء الجامعة بل الانفتاح على المجتمع لتبين حاجاته واحتياجاته» كما أشار الدكتور مصطفى الكيلاني من تونس . – ففي الماضي يتم تقسيم العمل بين الرجل والمرأة حيث تعمل المرأة جنباً إلى جنب الرجل بكل الأعمال الزراعية،« تهيئة الأرض بالمحراث القديم، بذر الأرض باليد»، وتنضج المحاصيل ويتعاون أهل القرية بالحصيد والدراسة، ويرافق هذا الأغاني الشعبية.وتقوم المرأة بصناعة الخبز وتقوم بحرف وصناعات شعبية: – كالصناعة النسيجية وبواسطة الصنارة تنسج البنات طاقية توضع تحت العقال وتنسج الكنزات بواسطة الصنارة أيضاً وتصبغ الخيوط، وهناك خياطات بواسطة الإبرة يخطن الكلابية والتنورة وغيرها وضع الحرير على التنورة ، وتصنع التنور وتديره، وتقوم بصنع الدبس وتحضير الزبيب والقريشة، الجبن والقديد والبرغل – والملبن وغيره. وهكذا أرى أننا لم نفلح في استثمار الإنسان في التعليم بل صرفنا وضيعنا الأموال الطائلة في المعلومات النظرية، وأهملنا الجانب الحرفي، وهنا كانت الأزمة النفسية والفراغ عند شبابنا، وأرى أن على شبابنا وبناتنا التوجه نحو العمل الحرفي والزراعي والصناعي، ولو حصلوا على أعلى المستندات العلمية طالما لايوجد وظائف تشغل حياتهم، وأي عمل شريف يحمل الفائدة للإنسان ويبني المجتمع يرفع من شأن المرء، لأن الحياة دون عمل تبقى قاسية على الشاب والفتاة، وعند التوجه للعمل في الأرض يحقق الإنسان الهدوء النفسي ويقترب من البساطة الإنسانية عبر تعامله مع الحيوان والطير والنبات.
saloumsaloum1@hotmail.com
ــــــ

التعليقات: 1

  • الأستاذ سلوم:
    المواضيع المطروحة غاية في الاهمية و تدل على حس عال و مسؤولية كبيرة تجاه معشوقتنا (كفربو)، حبذا لو قرأ الجميع هذه المقالة التي تنطوي على فكرتين أساسيتين اولهما: تخليص عقولنا من الشعور بالخجل لممارستنا العمل الزراعي وهي المشكلة الاخطر و خاصة لدى المراهقين وبشكل أخص المراهقات و الفكرة الثانية هي التدليل و الإشارة و التعريف بأهمية هذه الأرض وارتباطها الوثيق بحياتنا.

    ولكن لنتكلم بصراحة، فعلى الرغم من كل المقالات المنشورة في المواقع الخاصة بقريتنا من مثل (موقع كفربو ) و غيرها من المواقع و التي تتناول نفس الفكرة المذكورة أعلاه، نلاحظ ان المؤشرات السلبية تتناسب طرداً مع عدد النداءات أو المقالات الناهية عن التصرف الخاطئ بهذا الميراث (ملكية الأرض المنقولة بالميراث من الاب إلى الأبناء)، و عليه تبرز الحاجة الملحة إلى تدابير أكثر صرامة او حتى زجرية لمنع هكذا ممارسات.

    سيدي الأستاذ سلوم:
    العمل الزراعي بمفهمونا مرتبط بالتعب و التعاسة و الجهد المضني من دون عائد مادي و لاكون اكثر صراحة فقد كنت أكره العمل الزراعي (أبدأ من نفسي خشية التحول إلى واعظ) لسبب وجيه جداً ألا وهو أن العائد المادي يذهب مباشرة للأب دون أدنى مبلغ لي بحجة الألتزامات المالية للعائلة وما إلى ذلك، فغياب المكافأة (حتى لو كانت رمزية) ينعكس سلباً على المردود، ناهيك عن طريقة الإدارة خاصة إذا كان الأب هو المتحكم بالموضوع وهو الآمر الناهي.

    سيدي إن العلاقة بين الآباء و الأبناء في قريتنا تحتاج إلى تصحيح (من يزرع فينا حب الأرض؟ من يعلمنا تقديسها؟) أليس أباؤنا؟؟ أم نحن سيئون منذ الولادة؟

    آسف لصراحتي واتمنى لكم دوام الصحة و الخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *