استفتاء…

by tone | 30 أبريل, 2013 9:56 م

[1]

 

يهتم علم الاحصاء بجمع و تلخيص و تمثيل و ايجاد استنتاجات من مجموعة من البيانات التي يتم جمعها بطرق متنوعة حسب كل فرع من فروع العلوم و حسب الحالة محل الدراسة.
من أهم طرق الحصول على البيانات في الدراسات ذات الطابع الاجتماعي و/أو الاقتصادي هي أساليب الاستطلاع أو الاستفتاء أو الاستبيان التي يتم من خلالها الحصول على اجابات من عينة صغيرة أو كبيرة يتم اختيارها بشكل موضوعي (غير متحيز) من المجتمع المدروس و ذلك بطرح أسئلة أو استفسارات موضوعية أيضا -على شكل استمارات- قد تكون الاجابة عليها بخيارات متعددة أو بنعم أو لا مع اعطاء المجال أحيانا لأن يعبر المشاركون في الاستبيان عن ارائهم. طبعا ما ذكر هو تعريف مبسط جدا لعلم الاحصاء و التوسع فيه يحتاج الى كتب و مجلدات, و لكن ما أريده هنا أن ألفت الانتباه الى جانب مهم جدا يؤكد عليه كل مطلع على هذا العلم ألا و هو حيادية طرح السؤال في الاستبيان و خاصة في المجتمعات التي تأخذها العاطفة و يكون اجاباتهم دائما ناتجة عن الانطباع أو الانفعال الأول , و ما أعنيه هنا بحيادية الطرح هو عدم صياغة السؤال بشكل يدفع المشارك في الاستفتاء الى الميل للاجابة باتجاه محدد, و للتوضيح أكثر أود ان أطرح مثالا و هو استفتاء العدد السابق في مجلتنا العزيزة الذي جاء على الشكل التالي:“مهمة المواقع الالكترونية أن تحمل راية الثقافة و الاعلام , و ليس التجارة و ضمان الدكاكين و الأراضي الزراعية…” ثم طلب من متصفحي المجلة الاجابة بنعم أو لا أو لا أعلم..!؟ و للعلم أنا كنت من المصوتين القلائل “بلا” من منطلق أنني أعلم أن المواقع الالكترونية هي واقع افتراضي تتمثل فيه افتراضيا كل مناحي الحياة (الثقافية و الاعلامية و التجارية و الدينية والاجتماعية ….الخ) ولا أنكر أنني تفاجأت أن أكثر المصوتين كانت اجاباتهم بنعم -مما يعني و جوب حصر مهمة المواقع الالكترونية بالثقافة فقط لاغير “من منطلق الديمقراطية” و اغفال الجوانب الأخرى التي تقوم بها هذه المواقع من تنشيط الحياة الاقتصادية و الاجتماعية- . تساءلت لدى العودة الى صيغة السؤال فيما لو تم كتابته على سبيل المثال بالشكل التالي: “يمكن لمواقع الكترونية أن تحمل راية الثقافة و الاعلام, كما يمكن لأخرى أن تقوم بتسهيل عمليات التجارة و البيع و الشراء و مقايضة السلع….” فهل كانت ستختلف نسب التصويت ؟. باعتقادي أنها ستختلف بالطبع و على الأغلب ستنعكس الاّية كليا لأنه بصيغة السؤال الجديد هناك لفت لانتباه المستقتى منه الى منطقية قيام المواقع الالكترونية بأدوار متعددة و مختلفة. اذا ما هي الصيغة التي من الأفضل طرحها هنا هل هي الصيغة الأولى أم الصيغة الثانية و أيهما سيوصلنا الى الاجابة الصحيحة التي لا خلاف عليها…!؟ الجواب هنا يحتمل الكثير من الاراء تختلف باختلاف الزمان و المكان و المؤثرات الخارجية لدرجة أننا نجد أن كبار المختصين في هذا الموضوع يعطوننا أجوبة مختلفة و لكنها لا تخرج عن منطق “موضوعية الطرح” بمعنى أن يحاول القائم بالاستفتاء أن يقف على مسافة واحدة من كافة الاراء المتوقعة و غير المتوقعة بمعنى أن لا يحاول الايحاء باجابة على حساب اجابة أخرى و خاصة في مجتمعاتنا التي للأسف ما زالت تأخذها العاطفة و قرارات اللحظة الأولى و ضعف الثقافة العامة مما يؤدي الى نتائج في مجملها خاطئة تؤدي الى ترسيخ أفكار معيقة لتطور المجتمع و تقدمه و تقف عائقا في وجه أي تجربة ديمقراطية صحية…

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/لبتتت.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/4009