الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

ألعاب نارية…

 

 

 

 

 

سؤال و جواب و اقتراح...
من أين أتتنا ظاهرةُ اطلاق ِ العياراتِ الناريةِ العشوائيةِ في الأفراحِ و الأتراحْ و كلّما الديك صاحْ…!؟ سؤال خطر و يخطر على بالِ كلِّ فردٍ في بلدتِنا الحبيبة, و تنقسم الآراءُ بين مؤيدٍ و معارض ٍ و متحفظٍ على الظاهرة, و النتيجة أن “لا نتيجة” و الظاهرةُ تتحولُ أو تحولتْ الى ما يشبهُ العرفْ و من لا يعجبْهُ فليقفْ في آخرالصفْ.
لا شك أن معظمَنا يعرِفُ أنَّ اطلاقَ العياراتِ الناريةِ في المناسباتِ مردًُّه “قبليٌّ” بامتياز حيث كانت في ذلك الزمانِ الغابرِ فرصة ً للقبيلةِ لاستعراض ِ عضلاتها أمام القبائل الأخرى و ترهيبها كنوع ٍ من أنواع الحمايةِ أو الرّدعِ ممّا هو متوقعٌ من غزواتٍ و حروبْ و لوئدِ مواطنِ الكروبْ….
تطورتْ المجتمعاتْ و كثيرٌ من العاداتِ مع التقدمِ ماتْ أو على الأقل تغيّر سلباً أو ايجاباً و باتَ لزاماً على الفردِ أن يرتقي على صعيده الشخصي و يواكبَ ما أفرزَهُ التطورُ من الغاءٍ لعاداتٍ لم يعد لها أيٌّ معنىً أو لزومْ –أقول هذا بتحفظ شديد-, لا بل أصبحت دليلاً على رجعية المجتمع في حال استمرارها و تعكسُ حالةً مخجلة ً لأي انسان عقلاني و هو يرى هؤلاءِ يتصرفون بعقلية القبيلةِ البدائيةِ لا بعقليةِ مجتمع ٍ مدني ٍ متحضرٍ فيه من العلمِ و المالِ و المواردِ و القيمِ ما يؤهله لمناطحةِ السحابِ في حالِ توجيهها كما يجبْ, زدْ على ذلك أنه لم يُعرَفْ “تاريخيا” أن بلدتنا الجميلة كانت بيئةً لأيةِ عاداتٍ من هذا القبيلْ, و عندما أقولُ تاريخياً لا أعني مئة ً أو مئتي سنة, بل أعني تاريخا مديداً يعود الى أغبر العصور و من لا يعرف فليعرف و التاريخ يشهد.
يتساءلُ البعضُ و يقولْ أن الألعابَ النارية َ و اطلاق الأعيرة النارية هي شيءٌ موجودٌ في كل المجتمعات و نكاد لا نستثني أية َ مجتمعٍ من هذه الظاهرة ….! أقول: نعم هذا صحيحٌ و لا أنكرُ أن الالعابَ النارية َ تطفي نوعاً من الفرحِ و الأجواءِ الاحتفاليةِ كما يمكن أن تطفي نوعاً من الرهبةِ في حالات مراسم التأبين –من وجهة نظري على الأقل-, و لكن يا صاحْ نحن في زمن أحوج ما نكون فيه الى “الدقةِ في فهم ماهية الأمورْ و تنظيمها و هيكلتها و عكس ِ روح ِ الرقيِّ و العمل ِ المنظّمِ في كل شيء”, فكم هي جميلةٌ الألعابُ الناريةُ التي تقام باشراف مختصين –أو مهتمين- بحيث لا تؤذي سمعاً و لا تؤذي طفلاً و لا توقعُ قتيلاً أو جريحاً و لا تسيءُ لمعنى العيد أو المناسبة, أليس ذلك أفضلُ من أن تنفجرَ المفرقعاتُ الناريّةُ بجانبكْ أومن أن يقومَ شخصٌ ثملٌ باشهارِ سلاحهِ و اطلاق النارِ و الناسُ من حوله بالمئات و ليسَ أحدٌ يحميهمْ من طلقةٍ طائشة قد توقع جريحاً أو قتيلاً, أو من أن تنفجرَ مفرقعةٌ ناريةٌ بيد طفلٍ مؤديةً لا سمح الله الى ما لا يحمد عقباه… ناهيك عن أن تلك العملية ليست بالتكلفة الباهظة التي يتخيلها كلُّ مدافعٍ عن الظاهرةِ موضوع النقد, فبحسبةٍ بسيطةٍ نجدُ أنه لو تبرّع كل فردٍ من محبي الألعاب النارية بنصف الذي يدفعه لشراءِ ما يشتريه منها -لقيامه باطلاقها عشوائيا في ما بعد- لحصلنا على مبلغ ٍ يكفي لاقامة عرض ألعاب نارية من أروع ِ العروض ِ و “أرقاها” كما أن تنظيمها ليس صعباً على أناس نفذوا بنجاح مبهر تجربة شجرة الميلاد التي كانت تقامُ كلَ عامٍ و التي لم يبخل أحد من أهالي بلدتنا الكرام عليها بشيء و هنا اذ أقول “كرام” فانني أعني ما أقولُ تماماً, فشيمة الكرم موجودةٌ و شائعةٌ في بلدتنا الحبيبة و كلنا ندعوا دائماً الى تكريسها و تشجيعها “بشكل مدروس”…
أخيراً أقول أن كلّنا يتحمل مسؤولية تطورِ أو انحسارِ ظاهرةِ الألعابِ و العياراتِ النارية العشوائية “فالمجتمع كالأرض” ان كانت مواتية ً لعشبةٍ ما –ضارة أو نافعة- تكاثرتْ فيها و تضاعفتْ و ان لم تكن مواتيةً فالعكس هو الصحيحْ. و لكن ما الحل و مجتمعنا متنوعٌ تنوع َ تربةِ أراضينا المحيطة و يكاد لا يوجد شيءٌ الا و يجد بيئة ً له لينمو و يزدهرْ , فكما تنبت أراضينا الغالية زيتونا و قمحا و عنبا و يانسونا و خبيزة و هندباء… كذلك تنبت شوكا و عليقا و “صفيرة”… و يبقى “الفلاح النشيط” هو الذي يحافظ على نظافة الأرض من كل ما هو ضارٌّ و يربي و يغذي كل ما هو نافع لتأتينا الأرض بأفضل الثمار, فلنكن جميعا مثالاً لهذا الفلاحْ

التعليقات: 3

  • يقول dr.mario:

    كلام جميل جدا ولكن …وما اصعبها كلمة لكن …. معظم الناس اصبحت تستمتع بهكذا ظاهرة حتى انهم سالوننا دوما بالاعياد هل هناك عيارات والعاب نارية وحرق وخبط واصوات الخخخ
    وكانها اصبحت مظاهر اساسية ومطلوبة بالمناسبات للاسف الشدديد ومثلما قلت هي استعراض عضلات تماما اتمنى ان ارى او اسمع بواحد فقط من الذين يعشقون هذه المظاهر ان يقتنع بالتراجع عنها حتى لو كتبنا له الاف الصفحات ولكن هيهات …عموما كل الشكر لك كونك عرجت على موضوع بالغ الاهمية

  • يقول جورج:

    المقال ممتاز ولكني أتسائل لماذا كاتب المقال لم يفصح عن نفسه فهل هذا كلام سياسي؟؟؟؟

  • يقول متابع:

    شكرا لك دكتور ماريو و أستاذ جورج على تقييمكم الايجابي للمقالة التي ترمي الى معالجة ظاهرة “اجتماعية” بحتة قد يؤيدها البعض و قد يعارضها البعض الاخر و لكن المهم في النهاية أن لا نسكت عن أي خطأ و أن ننتقده بموضوعية و منطقية و شفافية وصولا الى معالجته أو الى التخفيف منه على الأقل و هذا هو المهم و الباقي هو تفاصيل لا تؤئر على الهدف الرئيسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *