الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

تجلّيات القصّة القصيرة في مجموعة ((أختي فوق الشجرة))

110565_2010_01_11_23_32_39

 

 

تتجلّى القصّة القصيرة لديه كشرنقة الحرير، وماأثمن هذه الشرنقة التي تمدّنا بخيوط زاهية إذا ماعرفنا كيف نقطفها في الوقت المناسب، قبل أن تفقس!! والقصّة لدى وليد معماري ليست ابتكاراً من خيال، بل هي إعادة الشغل على الواقع، بمعنى آخر القصّة هي رسم واقع مركّب من واقع «قائم» من دون التخلّي عن الخيال، أو اقتباسه من الخيال وحده!! ومجموعته القصصية .

الجديدة «أختي فوق الشجرة» تحمل مقولات متعددة هي حصيلة تجربته القصصية الممتدة منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، وتحديداً منذ أول مجموعة قصص له صدرت عام 1971 بعنوان أحزان صغيرة. وليد معماري من الكتّاب الواقعيين، يكتب في الحوادث العامة للحياة العادية، لكنه يكتب بنكهة خاصة، يكتب بإيحاءات حالمة، وهذه زواياه في جريدة تشرين شاهدة على ذلك، و«أختي فوق الشجرة» مجموعة قصصية صدرت عن اتحاد الكتّاب العرب العام الفائت 2007م، في كل قصّة- على الأعم الأغلب- يعيد إلينا ذكريات الجدّ والجدّة، ذكريات الدار العتيقة، وينشط في الكتابة في هذا المجال، ويبدو لي أنّ وليد معماري قضى زمناً طويلاً يبحث بجدّ، حتى يصل إلى هذا الأسلوب البسيط، وربما يكون قد قطع شوطاً بعيداً في غرامه بسلاسة اللغة وبساطتها، وله ملكة خاصّة في فنّ النقد الساخر، ومقدرة مدهشة في أن يضع نفسه في كل شخصية من شخصيات قصصه، يحيا حياتهم، ويعاني معاناتهم، ويقاسي أحزانهم وآلامهم، «قصة الهبوط نحو أمنا الأرض، وقصة أختي فوق الشجرة» ينطق شخوصه كل واحد بما يناسبه»: – نزل أبو الويلاد للنهر يريد صيد سمك… أشهدَن بالله نهيته، قلت له: يامعوّد، إشكارك بشغلة موشغلتك!! وهذا مايعطي للقصة فنّها المميّز، «مستويات متعددة للغة على منطوق شخوصه» «انظر ص146 من المجموعة، ومابعدها..» ويعدّ الكاتب شخوصه أحياء كأيّ أناس آخرين، يعقد بينه وبينهم صداقة متينة، في الحياة اليومية «شخصية الجدّ، شخصية الجدّة، شخصية العم، الأم، الأب، هدلا، وديعة، زحيمان، شيحة…» وفي كل مايكتبه يدمج الواقع بالمتخيّل، وفي «مايشبه السيرة» وهي ماقدّم لمجموعته هذه، قطعة أدبية قريبة من الرواية، لو تمهّل«وليد» قليلاً لكانت رواية!! لكنه «يكتب أحياناً كتابة العجلان» وكأنما الذي أراه أنّ هناك ناقداً يسكن في كل كاتب، وينشط ذلك الناقد أحياناً كثيرة ولأن كاتبنا يلتصق بالعمل الصحفي، يلتصق بالعمل اليومي، تراه كلّ يوم يأتي بأفكار جديدة، ولكنّ الأدب بعامة هو العمل الرئيس للكاتب «حتى لو أخذته الصّحافة وشغلته الجريدة اليومية»!! ربّمايخيّل إليك وأنت تطالع هذه القصص «الدار، رجل العلّية، أغلفة مجلات ملونة، الفونوغراف، أخت المحتضرين، دجاجات وديك» أنّها غير مترابطة، وأن غموضاً خفيفاً شفيفاً يلفّها ، وأنها تفتقر إلى الوضوح والكشف عن المغطّى، وكذلك في «مايشبه القصص»، غير أنك إذا ما أعدت قراءتها بتمعّن ستجد أن كل مافيها ممكن وجميل، وعرضة للتساؤل وفتح الباب على مصراعيه لتأويلات جديدة، بالإضافة إلى حضور النغمة الساخرة التي تمرّ بخفّة ورشاقة في كل قصة، وأزعم أن الكاتب الذي يكتب طوال الوقت لايزال يصارع عجلة الزمن بروح ساخرة معذّبة، وهو دائماً يريد أن يعبّر عن كلّ مايجول في خاطره وقلبه، لايحذف منه شيئاً حتى لو كان قصة قصيرة!! «بعض القصص وصلت إلى عشرين صفحة!!» ومع هذا وذاك فالكاتب يسيطر على أفكاره، على الرغم من أنها تنطلق في حرية، لذلك نلمح حضورها المدهش إلى جانب مشاعره المتناغمة مع قوّة شاعريتها، دائماً في جعبته شيء جديد، و.. ممتع.. يقوله من دون مواربة أو التواء، وملاحظاته عن الحياة كثيرة ومتنوعة، كأنّما امتلأت نفسه بالحياة، فهو يقّدمها لنا بيسر ومن دون حساب «قصص المجموعة الأخيرة، مايشبه القصص، تشفّ وترقّ حتى تطير كالأحلام ، وبكثافتها تنفذ إلى عالم الإنسان، وبما فيها من الملامح الشعرية ترتقي إلى الفنّ الذي يجعلك تقف متأمّلاً، مدقّقاً، تعيد النظر فيما بين السطور، لعلّ شيئاً خافياً وراءها يوحي ولايصرّح، أو يشير ولايوضّح»!! – ملاحظات عامة:

 – قي قصّة «الدار» يلحّ الكاتب على جماليات المكان،في قصة رجل العلية» وهي قصّة طويلة ذات مقاطع ومستويات متعددة تضيع ملامح «سودا» كأنّما هذا التقطيع يسهم في ذلك، على الرغم من تألّق العناوين: مرور العاشق- خربشات الشيخ- غريب في بيته.. – «أغلفة مجلّات ملونة» قصة مميزة، والمرأة غائبة حاضرة، والمرأة تدخل في صلب كلّ قصة من قصص المجموعة، وإن بدت لنا بلا ملامح!!

 – قصّة «الفونوغراف»، أجمل مافيها نهايتها« لعلّ معجزة الغناء تجيء»! وهي تنضم إلى المقاطع العذبة التي تجلّت في السرد الشائق «في قصّة أخت المحتضرين»: لمشغرة قمر يطلع في مطالع الصيف عند الأفق، يكاد الناظر إليه يحسب أنّ بالإمكان إمساكه من أذنيه، وإخضاعه لعملية ترويض، تجعل منه سراجاً دائم الاشتعال في ليالي الشتاء المعتمة!! «انظر ص98» و… حنينه كان دنّاً مترعاً بخمرة الشوق!! … الخ…الخ.. – يجدد الكاتب في السرد لذلك هناك «مقاطع متعددة في القصة الواحدة»، ويجدّد الكاتب أيضاً في الحكاية، والحكاية عنده هي أصل البناء، هي الجوهر لكلّ قصة، والسرد هو الحكي، هو الطريقة التي تروي بها الحكاية، «راجع قصّتي رجل العليّة، وأخت المحتضرين» -المجموعة ص47وص97.

 

– معظم القصص التي تشتمل عليها هذه المجموعة تصلح لتكون روايات صغيرة ونظراً لتشابك أحداثها وتعدد شخصياتها، وانتقالها من مكان إلى مكان، وكثافة حواراتها، وتداخل تداعياتها،لاحظ قصّة معطف أول الليل، وذكريات المدرسة وأيام الفقر وأثر ذلك في شخصية الخالة، وتنوّع السرد القصصي، والانتقال من الطريق إلى السفارة الروسية، إلى مدير المعمل «معمل الكونسروة» إلى الذهاب من أجل عقد العمل …إلى… إلى، وقل مثل ذلك في قصّة «صاحب سوابق» ومقاطعها: سارق المحفظة- الطاولة- اجتماع مغلق- مختصر المسافات الطويلة- شطف الحرارة- أحلام الحالم- القبض على المجرم- شهود عيان ثم النهاية وكذلك قصة «أختي فوق الشجرة» من التعريف بهدلا، وقطّها فادي و«أختي على البيدر- الحكيم- أختي فاطمة-..» – جاءت «مايشبه القصص» وفيها: شرفات الشوق والوجع- ومسافر نسيه القطار- ومرور العوسج- وآخر حافلات المساء، وحكاية فوق الرصيف، في نهاية المجموعة كأنّها خارج السرب، فكل هذه النصوص ذات منحى مغاير، لاتتواصل مع ماسبقها جاءت مختلفة أسلوباً وفضاءً، فيها رومانسية ناعمة، وفيها حميمية خاصة… وشاعرية محلّقة، بعيداً عن السرد الحكائي ذي التفاصيل الدقيقة!! – تداعت الحدود اللغوية في هذه المجموعة كما تتداعى الجسور، وتتماهى في لجّة الأمواه الهادرة، وكان هناك كلام شاعري متقن يتعايش مع الحوار العادي- العامي أحياناً- المغرق في المحليّة «انظر الحوار بين الراوي والمرأة البدوية في قصة: الهبوط إلى أمنا الأرض». وفي الختام،تجيء القصة لدى وليد معماري ليست عصية، ولامبهمة، تجيء مع رحلة الإبداع، متألّقة، شيّقة، والإبداع هو المغامرة، والمغامرة مستمرّة، والابداع هو اختراق لكل الأشياء المألوفة، تجيء القصّة هيّنة لينة، إليه تجرّر أذيالها، أو تكاد ترتمي بين يديه طائعة مختارة!!

 أختي فوق الشجرة- قصص- وليد معماري- منشورات اتحاد الكتّاب العرب-2007- دمشق‏

 

موقع رائد لتجارة الكتب والبرمجيات العربية – أختي فوق الشجرة – وليد …

www.furat.com/?Prog=book&Page=bookinfo&id… – نسخة مخبأة

لقد أجريت +1 لهذا بشكل عام. تراجع

موقع رائد لتجارة الكتب والبرمجيات العربية A Pioneer Online Arabic Bookstore & Software, أختي فوق الشجرة – وليد معماري.

صحيفة تشرين • تجليّات القصّة القصيرة.. وليد معماري وأختي فوق الشجرة

www.tishreen.news.sy/tishreen/public/read/164468 – نسخة مخبأة

لقد أجريت +1 لهذا بشكل عام. تراجع

24‏/11‏/2008 – تجليّات القصّة القصيرة.. وليد معماري وأختي فوق الشجرة. نزار نجار. تتجلّى القصة القصيرة لديه كشرنقة الحرير، وما أثمن هذه الشرنقة التي تمدّنا بخيوط …

 

 

جريدة الفداء الحموية -الأثنين: 10-11-2008

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *