الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

رواد طربيه الراحل الباقي

images

 

أربعون سنة من الزمالة الادبية الحميمة، بل من الاخوّة بيننا، على الرغم من المسافة بين باريس وبيروت. لكن الصيف كان يجمعنا في لبنان، وبعض المناسبات الثقافية في عاصمة النور شتاء. لكن الحوار استمر في مرحلة نزاعه الطويل، هو الذي شاء أن يحيا حياته في نشوة خلاّقة مستمرة.
رواد طربيه، لم يكتب إسمه على صفحة الأدب الرائع بماء، بل بلهبة الاعصاب. ناثراً، تميز بجمالية أنيقة على سهولة عصيّة، لكأنه ينحت في مَرْمَر. لقد دلّل الكلمة، كما الام وحيدها كأن لها كياناً قائماً بذاتها، فكيف لو اقترنت بمضمون إنساني أصيل!
أخاله إتخذ له شعاراً، عبارة أطلقها اندريه جيد هي: (الفن يموت في الحرية ويحيا في القيود). فإذا البلاغة ميزة آثاره النثرية تقريباً لرائعة بول فاليري، وبحثاً ونقداً في (دفاتر الثقافة)، (الشوارد والشواهد)، أو في نتاجه الشعري (المرايا الدائرة) و(بنيت في الفجر بيتي).
ما أعذب قوله في شعره: (وأحب مَن، لا فرق، همّي ان احب وأن أغني). أجل كان همّه ان يغني، أن يحبّ، أن يتنفس على هواه في جوّ طليق.
ولكن هل استطاع أن يحقق مناه، أم كان شأنه، شأن سائر وراء سراب يتمتم سأماً.

(بئر الفراغ انا/تدور رحاي/جعجعة ولا طحن.
رمادٌ كأحلامنا منذ كان الشعر/رمادٌ/كفردوس أوهامنا في الصغر/رمادٌ بلون الضجر.
لعله اتخذ من بودلير في سأمه، مرشداً له، في سعيه المحموم الى المطلق. لكنه مع هذا ما هو سأمه بأفيون مصطنع، بل بأفيون الكلمة الملهمة:

وأشرب لُعاب الشمس
واستبق الضوء ليضحي الحاضر
غير امتداد الامس
غاب رواد طربيه عنا، لكنه استمر حيّاً في ما سلخه من عمق أعماقه من كلمات لا تموت.

 

الانوار – لبنان 3-7-2004

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *