الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

التعليم والتنمية المستدامة

صثصثصثص

 

يعتبر حق التعليم للجنسين أحد الأهداف الإنمائية للالفية، كما يؤكد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشأن التنمية البشرية على أن” التنمية المستدامة لا يمكن اختزالها في البعدين الاقتصادي والسياسي، بل يجب كذلك مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية والإيكولوجية والإنسانية والروحية، مما يجعل دور التعليم حاسماً بقدر أكبر. ويُعدّ الحدّ من الفقر والقضاء على الجوع وتوفير التعليم للجميع وزيادة المستويات التعليمية للشباب وتعزيز المساواة بين الجنسين، بعض الأهداف التي تتيح في رأي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المضي صوب تحقيق أشكال من التنمية المستدامة”.

 

يسرّني أن أكون هنا اليوم للمشاركة في هذا اللقاء المهم، وأود أن أشد على يد مؤسسة الفكر العربي على حشد هذه الكوكبة من الباحثين والخبراء ليطرحوا رؤاهم الثاقبة في موضوع حيوي، له بلا شك انعكاسات على مستقبل المنطقة والأجيال القادمة.

وأوجه شكري الخالص إلى صاحب السموّ الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز، رئيس مؤسّسة الفكر العربي، على دعوته الكريمة لصندوق الأوبك لحضور هذا المنتدى والإسهام في مداولاته. وبصفتي أحد ابناء هذه المنطقة، فإني أثمن هذه الفرصة لعرض آرائي أمام هذا الحشد الكريم.

ليسمح لي الأخوة الكرام في بداية هذه الجلسة، وقبل أن أستعرض نشاط صندوق الأوبك، أن أطرح جملة من الأفكار والتساؤلات والتي آمل ان تثير العديد من الاسئلة في ختام هذا اليوم:

يعتبر حق التعليم للجنسين أحد الأهداف الإنمائية للالفية، كما يؤكد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشأن التنمية البشرية على أن” التنمية المستدامة لا يمكن اختزالها في البعدين الاقتصادي والسياسي، بل يجب كذلك مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية والإيكولوجية والإنسانية والروحية، مما يجعل دور التعليم حاسماً بقدر أكبر. ويعدّ الحدّ من الفقر والقضاء على الجوع وتوفير التعليم للجميع وزيادة المستويات التعليمية للشباب وتعزيز المساواة بين الجنسين، بعض الأهداف التي تتيح في رأي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المضي صوب تحقيق أشكال من التنمية المستدامة”.

التعليم يمكِّن الإنسان من العيش الكريم والمشاركة في تنمية المجتمع. ولهذا فإن القضاء على الجهل والأمية والتخلف “حتمية” لا يمكن تجاهلها، وتستحق بذل الموارد الاقتصادية من أجلها. لأن تعزيز القدرات الفردية من خلال التعليم ، هو شرط من شروط المشاركة الفاعلة في التنمية.ولهذا، فإننا وإذ ندعو إلى الاستثمار في التعليم، يجب أن توجه الجهود إلى تحسين “نوعية وكيفية” هذا التعليم، ومدى تناغمه مع المتغيرات المعرفية والثقافية والمجتمعية.

من هنا تأتي الحاجة إلى تقويم التعليم باستمرار حتى نضمن تجدده وتوافقه الدائم مع المتغيرات على الساحة الدولية. يجب ألا ننسى أننا نعيش في عالم تلاشت فيه المسافات الجغرافية، وآخذ في التعولم، وهذا يدفعنا الى المناداة بإعادة نظر جادة في نسق التعليم في منطقتنا العربية إذا أريد للتعليم أن يسهم في تشكيل الرافد الفكري للمجتمع وفي تطوّر التنمية وردم هوة “التخلف” التنموي.

نحن نعيش في زمن سريع التغير ويتّسم بالمنافسة الحادة،وهذا يبرز أهمية التعليم وإعادة تشكيل مناهجه حتى تنسجم مع الاحتياجات المجتمعية وتتوافق مع المتغيرات التقنية والإعلامية التي تشهدها المنطقة.

لقد أصبح تطوير منظومة التعليم ومناهجه مطلباً ملحاً ليتلاءم مع متغيرات العصر الثقافية. كما أن التكيف مع متطلبات الألفية الثالثة يعني تعزيز تمويل المشاريع التعليمية لخلق فرص حياة أفضل، ولإكساب الطبقات الفقيرة والمهمشة في الدول النامية القدرات والخبرات الأساسية لتعزيز رأس المال البشري ورفع إنتاجيتها وتوظيفها للصالح العام.

-هناك ضرورة لوجود تعليم “نوعي” مختلف يتولّى زمام قيادة المجتمع ويوسّع دائرة حرية الإبداع والتجريب. وهذا التعليم”الكيفي” هو أحد المحاور التي تخلق فرداً قادراً على تطبيق استراتيجية إنتاجية تكفل تحقيق أهداف تنموية مستدامة .إن التعليم النوعي هو الرافد الفكري الأول لأيّ استراتيجية للتنمية الوطنية والحافز لرفع كفاءة أداء المجتمع بقطاعاته كافة.

إن التحديات الماثلة أمام مجتمعاتنا العربية تفرض الحاجة إلى تكوين قدرات بشرية مؤهلة وقادرة على التكيف والتعامل مع كلّ جديد، فنحن نعيش في عالم يتميّز بديمومة التغير، مما يفرض مراعاة دؤوبة لاحتياجات الموارد البشرية كأساس جوهري لتطوير التعليم وجعله متوافقاً مع طموحات الأجيال القادمة. إن المطلوب هو تحديد مهارات نوعية تُمكّن النشء من الاندماج في مجتمعاتهم على المستويين الوطني والإقليمي التي يعيشون فيها. بيد أنه لا يمكن إتاحة المهارات من دون توفير بيئة تحفز الإبداع وتنمي قدرات الإنسان الخلاقة وإمكاناته الإبداعية. إن فشلنا في إعادة النظر في فلسفة التعليم وأهدافه لتنمية ملكات التفكير النقدي والإبداعي يعرّض مؤسّساتنا التعليمية، لا محالة، لأن تفقد هدفها الرئيس وهو التنمية البشرية، وإحداث التغيير.

إن التنمية المستدامة تضع في اعتبارها أن التعليم هو حقّ من حقوق الإنسان الرئيسة، وهذا الحق له أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية تنعكس على ديمومة التنمية وتعزيز فرص نجاحها في تلبية الاحتياجات الإنسانية.

-إن التحديات التي أمامنا لمواجهة إشكاليات التنمية المستدامة، سواءً في الدول العربية أو النامية، ستبقى أكبر من موارد أيّ جهة مانحة واحدة. إن المستقبل ثري بالاحتياجات المتجددة التي تفرزها البيئة الدولية، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب التنبؤ بمعطياته. وهذا يستلزم حتمية استشراف المستقبل والدخول في شراكات تضامنية مع مؤسّسات تنموية استراتيجية بغرض تحقيق المساعدات الإنمائية اللازمة لتخفيف حدّة الفقر ورفع المعاناة عن ملايين الفقراء الذين يعانون من التهميش والتخلف.

– من جملة التحديات المستقبلية التي تضع ضغوطاً على وكالات التنمية الإقليمية والدولية مواجهة تنامي الطلب على المساعدات والقروض الموجهة للتنمية،والتزايد الملحوظ للكوارث الطبيعية التى تخلف وراءها مآسي إنسانية تعرقل عجلة التنمية.

لو عدنا إلى العلاقة بين التعليم والتنمية لوجدنا أن هناك شبه اتفاق بين الأكاديميين وبعض السياسيين على وجود خلل يعيق عملية التعليم في المنطقة العربية. هذا الإدراك بما نطلق عليه “مأزق العملية التعليمية” ازدادت حدته في ظلّ المتغيرات الدولية والإقليمية ورياح التغيير التي عصفت بمجتمعاتنا العربية. ولم يكن بالمستغرب أن ينادي البعض بصحوة تعليمية تكرس قيماً إصلاحية خلاقة وتنموية في المجتمع.

-هناك حاجة إلى “تنمية الإنسان” وبناء الطاقات الفردية وإعادة بناء مؤسّسات المجتمع المدني التي تتيح للفرد الحرية للإبداع والنمو. فالتنمية الإنسانية بمعناها الحقيقي تنطوي على دلالات بعيدة الأثر. حيث إنها تعزز الخيارات الإنسانية وتسعى لضمان التوازن المناسب بينها من أجل تحاشي الإحباط الناجم عن فقدان التناغم بينها .ومفهوم التنمية البشرية يعني أن يشارك الناس في صناعة وتشكيل القرارات والعمليات التي تؤثر في حياتهم اليومية.

اسمحوا لي الآن أن أنتقل بعجل إلى إسهامات صندوق الأوبك في التعليم والتنمية المستدامة:

من أهم أولويات الصندوق العمل على دعم القطاعين العام والخاص في الدول النامية غير الأعضاء وتمكينهما من دفع عجلة التنمية إلى الأمام من خلال تقديم القروض الميسرة. وتحظى تلك المشروعات المخصصة لتحسين البنى التحتية فى الدول الفقيرة بعناية خاصة نظراً لأهميتها فى الرفع من المستوى المعيشي لسكان تلك الدول.

-يعطي صندوق الأوبك أهمية خاصة لمكافحة الإيدز وفيروسه، نظراً لما يسببه من إبادة لمكاسب التنمية التي تجنيها الدول النامية بمشقة شديدة، وتحرم تلك المجتمعات من عمودها الفقري الاقتصادي. وبغية كبح جماح هذا الوباء، أقرّ المجلس الوزاري لصندوق أوبك إنشاء صندوق خاص لمكافحة الإيدز، وقد تمّ تجديد موارد الحساب باستمرار ليصل إلى مبلغ 50 مليون دولار.

-منذ 1980 قام الصندوق بتخصيص حسابٍ للبحوث العلمية والتدريب ودعم ورش العمل والحلقات الدراسية بهدف زيادة المعرفة وتطوير الطاقات البشرية. وتهدف تلك المشاريع التي مولت من قبل حساب المنح إلى تحقيق أحد الأهداف الرئيسة للصندوق ألا وهو التنمية البشرية والأنشطة المعرفية، وإلى تعزيز روح الوحدة والتعاون بين الدول النامية وتحفيز الطاقات الكامنة عند الباحثين والعلماء في المنطقة العربية والدول المستفيدة من مخصصات هذا الحساب.

– يأتي الدعم الدؤوب لأكاديمية العلوم للدول النامية TWASمنذ 1988 كأحد الشواهد على التزام الصندوق بمسؤوليته تجاه الدول النامية من خلال دعم المشاريع البحثية العلمية وبالأخص برنامج التبادل العلمي الذي يحتضن بشكل منتظم باحثين باختلاف مشاربهم في ورش عمل وحلقات دراسية.

كما دعم الصندوق مؤسسة التعزيز الاجتماعي للثقافة والتي اتخذت من إسبانيا مقراً لها. وتهدف هذة المنظمة غير الربحية إلى المساعدة في القضاء على الفقر من خلال تشجيع التعليم والتدريب المهني، وتقديم الدعم للنساء والأقليات وتعزيز القيم الإنسانية والثقافية. وجاء دعم الصندوق، على سبيل المثال، من خلال تمويل توسعة مدارس التدريب المهني في باراغواي، وآخر لدعم المزارعين – خصوصاً النساء- في فلسطين، وتزويدهم بالدعم التقني والتدريب لاكتساب المهارات اللازمة للاكتفاء الذاتي.

– كما دعم الصندوق تمويل مشروع يدعم القطاع التعليمي في جمهورية موريتانيا يهدف إلى تشجيع الالتحاق بالمدارس الابتدائية وإنشاء فصول لمحو الأمية، وإعداد الدورات التدريبية التي تعالج أساليب وطرق التدريس الأساسية لتأهيل المدرسين.

-بلغ عدد المنح التي قدمها الصندوق لدعم المشاريع البحثية وحتى مارس/آذار من هذا العام 198 مشروعاً تمّ بمقتضاها استكمال 167 مشروعاً منها بنجاح حتى الآن. ولعل ما يميز هذه المنح هو التنوّع الجغرافي، فقد قُدمت منح لدعم البرامج التعليمية في أحد الأقاليم الأفغانية وللمساهمة في إنشاء صحيفة “التعليم العربي” والمشاركة مع جامعة هارفارد في مشروع بحثي لعلاج مشكلة تسمم مياه آبار الشرب في بنغلاديش، ، وإنشاء مركز تدريبي في مجال الصحة العامة في بوركينا فاسو، وعدد من المنح في اليمن والأردن والسودان للمساهمة في بناء المدارس أو تجهيز المعامل الدراسية. وقد بلغ اجمالي قيمة المنح حتى الآن ما يربو على 17 مليون دولار أميركي.

-لقد اجتذبت أنشطة الأبحاث التي دعمها الصندوق منحاً قدمت إلى منظمات مثل المعهد العربي للتنمية الحضرية، والمعهد الآسيوي للإدارة، ومعهد التعاون في المشاريع الإنمائية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. كما ساعد الحساب أيضاً على تمويل ترجمة عدد من الكتب الأكاديمية إلى اللغة العربية.

-في مجال البحوث التقنية الزراعية دعم الصندوق المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الأكثر جفافاً( ايكاردا) وكذلك المنظمة العربية للتنمية الزراعية للمشاركة في تمويل بحوث لاستئصال سوسة النخيل الحمراء في الشرق الأوسط، وإلى المركز الدولي للزراعة المحلية، كما دعم كذلك منظمة “من الناس إلى الناس” لأجل برنامج لتدريب المعلمين في أنغولا. وقُدّمت أيضاً منح للمساعدة على إنشاء مركز للتدريب المهني والترفيه للمعوقين في تونس. كما كان للصندوق مشاركات في برامج تعليمية مع اليونسكو واليونيسيف في كوريا الشمالية ودول جنوب شرق آسيا ودول في إفريقيا لبناء مجمعات تعليمية. كما تجدر الإشارة إلى أن الصندوق قدّم الدعم الخاص لقطاع التعليم للشعب الفلسطيني للمساعدة في بناء الجامعات ومنظمات المجتمع المدني، للأخذ بأيدي الفلسطينيين وتمكينهم من إدارة أعمالهم على الوجه الأمثل.

-بلغ عدد المشاريع التعليمية التي ساهم الصندوق في تمويلها، من خلال نافذتي الإقراض للقطاعين العام والخاص، في أفريقيا 55 مشروعاً بمبلغ 264 مليون دولار، وفي آسيا 23 مشروعاً بمبلغ 149 مليوناً، وفي أميركا اللاتينية وأوروبا وأميركا الجنوبية 20 مشروعاً بمبلغ إجمالي قدره 94 مليون دولار.

-يسعى الصندوق من دون كلل إلى بلوغ المستوى الأمثل في تأثير إسهاماته في التنمية من خلال التعاون الوثيق مع مؤسّسات أخرى تعمل في ميدان التنمية الدولية. مثل هذا التعاون يتيح المجال لتجميع الموارد المالية والقوى المجتمعية والمهارات، ويساعد على اجتناب إهدار الجهود وازدواجية العمل. وطوال السنوات المتعاقبة، عمد الصندوق إلى بناء شبكة واسعة من الشركاء المتعاونين، تشمل وكالات التنمية الثنائية والمتعدّدة الأطراف التابعة للدول الأعضاء في الأوبك، والوكالات المتخصّصة داخل منظومة الأمم المتحدة، ومصارف التنمية الإقليمية.

http://mawdoo3.com

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *