حوار مع القاص عيسى اسماعيل

by tone | 1 سبتمبر, 2013 6:50 م

120757_2010_10_07_14_36_01.image1[1]

 

بدأ اسمه يظهر في الصحف والمجلات في أوائل ثمانينات القرن الماضي مترجماً عن اللغة الانكليزية

ثم بدأ ينشر قصصه القصيرة وبعض الزوايا الصحفية إنه الأديب القاص عيسى اسماعيل مواليد قرية عرقايا التابعة لمحافظة حمص يحمل الاجازة الجامعية في اللغة الانكليزية وآدابها من جامعة دمشق عام 1982 مارس التدريس لفترة طويلة في ثانويات حمص ومعهد اعداد المدرسين وكذلك في المملكة العربية السعودية‏

– عضو مشارك في اتحاد الصحفيين في سورية‏

– عضو شرف في النادي الأدبي في مدينة الرياض – السعودية‏

– نال عدداً من الجوائز في القصة القصيرة من فرع اتحاد الكتاب العرب ومن نقابة المعلمين والادارة السياسية, وآخر جائزةكانت من »النادي الأدبي في الرياض« عن بحثه بعنوان : »صناعة المجتمع القارىء .. مسؤولية من?!«.‏

صدرت له مجموعتان هما » الانسان والأفعى« 1998 و»حدث ذلك اليوم« 2005 وستصدر مجموعته الثالثة قريباً بعنوان »على الشاطىء الآخر«.‏

معه .. مع الأديب القاص عيسى اسماعيل كان » « هذا الحوار:‏

* متى كانت البدايات مع الكلمة وماهي الروافد التي ساهمت في صياغة عالمك القصصي?‏

* البدايات الأولى ..هي بدايات التفتح والوعي على الحياة ..هي تجارب الطفولة الأولى.. مرحلة اللعب مع أطفال القرية.. ثم مرحلة المدرسة الابتدائية وبداية تعلم الحرف وحكايات المعلم الذي كان قديساً – بالنسبة لنا, وحكايات المدرسة كنت أقارنها مع حكايات جدتي لأمي, بشكل عفوي.. وحكايات أمي التي تكرر سردها كل ليلة كي ننام , هي حكايات العفاريت والجن والكائنات المجهولة .‏

ويأتي بعد ذلك كله تحفيظ قصار السور من القرآن الكريم من قبل الوالد.. الذي كان قاسياً أحياناً , رحيماً أحياناً أخرى, وثمة قصص من القرآن الكريم كان يسردها – رحمه الله- على مسامعنا هي قصص ا لأنبياء ابراهيم وعيسى وموسى وغيرهم عليهم السلام وكذلك القصص المتعلقة بحياة النبي الكريم محمد صلوات الله عليه وسلامه, وتلك القصص كانت تأخذ عقولنا وتطلق الخيال لأفكارنا وقد تركت أثرها في نفسي, فكنت أجمع أطفال الحارة بعد الانتهاء من اللعب في زواريب القرية وساحاتها وأقص عليم تلك القصص فكانوا يعجبون بي وكنت أيضاً أقص على الأطفال قصصاً من خيالي أتوهم أنها حصلت لي وهي عن عصافير تتكلم وأشجار تبكي وبشر يصير لهم أجنحة فيطيرون..!! ولاأنسى أبداً ذلك اليوم الذي جاءني فيه طفل من أترابي ورفض الاصغاء الى قصصي لأنه سأل أهله عن بشر يطيرون وعصافير تتكلم فأنكروا ذلك..!!‏

ولاشك بأن القرية قد منحتني البيئة القصصية في قصصي الأولى حيث مفردات القرية وبساطة الحياة والحب والتعاون .‏

وفي مرحلة الثانوية والجامعة رحت أكتب قصصاً بدائية من حيث الفكرة والحبكة.. ومرحلة الجامعة كانت غنية بالمطالعة .. ففي دمشق كنت أواظب على حضور المسرحيات والأمسيات الأدبية وسعيت للتعرف على أعلام الأدب والثقافة في تلك الفترة, سبعينات القرن الماضي ومنهم أستاذي في الجامعة المرحوم الدكتور هاني الراهب الذي أطلعته على أعمالي الأولى وأفادتني ملاحظاته وتوجيهاته كثيراً .‏

* لماذا اخترت القصة القصيرة كجنس أدبي?! وهل كتبت القصة القصيرة جداً.. ومارأيك بهذا الجنس الوافد الى عالم القصة?!‏

** في بداياتي حاولت كتابة الشعر ولي بعض القصائد في الرثاء وهي قليلة غيرأني كنت – ومازلت- أحب القصة قراءةً واستماعاً وكنت استعير دائماً كتب القصة من مكتبة المركز الثقافي وقلما فكرت باستعارة كتاب شعري 000أحب سماع الشعر وليس قراءته أما القصة فأعشقها.‏

والقصة القصيرة جداً خرجت من معطف القصة القصيرة وهي فن مدهش لكنه صعب يحتاج الى ثقافة لغوية عالية, فاللغة الكثيفة المختزلة والكلمات المتوهجة والنهاية المدهشة, تصدم القارىء وهذه هي أركان القصة القصيرة جداً وللأسف قلة ممن كتبوا هذا الفن نجحوا فيه وأشير الى مجموعتين للقصة القصيرة جداً نالتا الاعجاب هما»ايحاءات« للأديبة ضياء قصبجي و»سرير ماء« للأديب محمد غازي التدمري‏

من جهتي لي محاولات في كتابة القصة القصيرة جداً نشرت بعضها ولكنني لاأميل الى هذا الفن.. وربما لأنني لاأحسن توظيفه جيداً لأنني أميل الى التوسع في السرد.. وال¯ ق .ق. ج لاتسمح بذلك.‏

* كيف ترى تعدد التقنيات الفنية في القصة القصيرة تحت عنوان »التجريب«?‏

** القصة القصيرة وصلت الى مرحلة متطورة من الناحية الفنية وتعددت تقنياتها فهناك القصة السردية وأساليبها والقصة المعاصرة غير مشروطة بمقدمات انشائية مباشرة ويمكن الدخول الى الحدث بعتبة مفتاحية تطرق باب الحدث أوالخبر وتضيء المكان لتتماهى معه ويمكن أن تبدأ من النهاية أو تكون النهاية كالبداية وأحياناً تبدأ القصة من الوسط ثم تعود الى البداية عن طريق »الخطف خلفاً« أو الاستقدام أو استخدام المونولوج الداخلي »تيار الوعي « بلغة ضمير المتكلم أو تداخل الأزمنة وذلك لتفعيل الحدث وتصعيد الدراما والقصة الحداثية تعتمد الشعرية المكثفة والرمز والاشارات الدلالية وغيرها من أساليب وتقنيات غير أن التجريب إذا أسيء استخدامه يجعل القصة لغزاً وغير مفهومة عندما تتداخل الأحداث وتتعقد هنا التجريب يصبح ضاراً لأن القارىء لايتابع القصة فالقصة يجب أن تقدم المتعة والفائدة الفكرية بأسلوب ممتع سهل وفي أوروبا اليوم عودة الى القصة السردية الجميلة كردة فعل على تجارب الغموض والتعقيد في القصة .

* لغة القصة عندك كيف هي.. هناك من لجأ الى اللغة الشعرية في القصة القصيرة.. وماتأثير ذلك على القصة من حيث الأسلوب والبناء القصصي?!.‏

** اللغة هي عنصر أساس في بناء القصة, بل هو أهم العناصر واختيار الكلمات الأكثر تعبيراً عن الفكرة من عمل القاص الماهر فالفكرة تفرض كلمات بعينها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن لكل شخصية مفرداتها فالمفردات التي يستخدمها الفلاح غير تلك التي يستخدمها طبيب أو مهندس في المدينة مثلاً, أما اللغة الشفافة الموحية والعبارة الرشيقة.. أي اللغة الشاعرية فهي تخدم لغة القص في بعض المواضيع وليس في كلها مثل مواضيع »الحب- الأمل- التفاؤل..الخ« ولكن اللغة الشاعرية قد تبدو غير مناسبة في مواضيع مثل (الفقر والجهل والمرض والجريمة…) ماأريد قوله هو أن الموضوع يفرض اللغة وليس العكس .‏

* أبطال قصصك هل هم من الخيال المحض أم من الواقع أم مزيج بين الواقع والخيال?‏

** في أغلب قصصي أبطالي هم مزيج من الخيال والواقع هناك أناس التقيتهم وسمعت منهم أو عنهم.. غير أنني لم أكتف بما سمعت أو شاهدت بل أضفت شيئاً من الخيال فامتزج الخيال بالواقع غير أن أبطال مجموعتي »على الشاطىء الآخر« التي هي قيد الطبع, هم على الأغلب واقعيون, أعرفهم جيداً وتربطني ببعضهم زمالة عمل أو صداقة من نوع ما أو آخر, وقد ذكرت الأسماء الحقيقية لبعضهم بعد أخذ موافقتهم أو استبدلت الأسماء بأخرى لكنني لم أرو الأحداث بحرفيتها كما جرت في الواقع بل أضفت أو حذفت لضرورات فكرية وفنية000أحياناً تحصل مصادفة أن يكون اسم البطل أو البطلة هو اسم لأحد معارفك فتشعر بشيء من الاحراج في إحدى الأمسيات قرأت قصة قصيرة عن امرأة عانس وصراعها النفسي والاجتماعي .. وبعدما خرجت من الأمسية اعترضت طريقي امرأة وقالت:»أنا فلانه وأنا عانس وأنا أبحث عن عمل وأنا أعيش وحيدة مع أمي..« شعرت بالحرج لهذه المصادفة ووعدتها أن ألبي طلبها بتغيير اسم البطلة وهذا مافعلته .‏

* أنت أقمت فترة في المملكة العربية السعودية وكتبت هناك العديد من القصص.. ماتأثير الغربة على قصصك?‏

** كانت تجربة غنية بالكفاح والصبر والمشاعر والأحاسيس أود هنا ألا أستخدم كلمة »غربة« فأنا كنت في بلد عربي ولم أكن غريباً ولاشعرت بالغربة بمعناها الدقيق نعم شعرت بالبعد والأسى لفراق الأهل والأسرة ولكن استطعت أن أكون هناك أصدقاء وزملاء من سعوديين وعرب مقيمين هناك وهذا ماخفف آلام البعد 000لاشك تركت في نفسي تلك الأماكن الشيء الكثير من الحب والحنان والأمل واليأس والشوق وقد أرسلت الى الأهل والاسرة أكثر من مئتي رسالة عن أحداث وأشخاص وعن يومياتي هناك بما يشبه »يوميات الحلاق البديري« التي أرخ بها يوميات دمشق في القرن التاسع عشر ومنها رسالة من ستين صفحة عن رحلة حج قمت بها عام 1997 وأشير هنا الى أن مجموعتي »على الشاطىء الآخر«» تضم القصص التي كتبتها في السعودية وهي عن أماكن وأشخاص وأحداث حصلت في نجد والحجاز وأماكن متفرقة في ذلك البلد الشقيق.‏

* بدأت مترجماً عن اللغة الانكليزية.. ماالذي قدمته الترجمة لعالمك القصصي?‏

** لقد بدأت مترجماً بحكم دراستي وولعي باللغة الانكلزية وقد نشرت ترجماتي الأولى في »العروبة« والثقافة الاسبوعية وفيما بعد وعلى نطاق واسع كتبت زاوية بعنوان من الأدبي العالمي في صحيفة »البعث« ولسنوات عديدة ضمنتها ترجماتي أما قصصي المترجمة فقد نشرتها في »الآداب الأجنبية« والكثيرون يعرفون أنني مترجم لقد أثرت دراستي وترجماتي في تجاربي القصصية لأنني اطلعت بشكل واسع على أعمال الأدباء الانكليز والأمريكان الكبار وتعرفت على أساليب متنوعة وأحداث كثيرة وهذا كله مدّني بأفكار وأساليب ومعلومات ومفردات وقد انعكس ذلك في قصصي لجهة تنوع الأسلوب والمفردات وصياغة العبارات..!!‏

* كيف ترى حركة القصة القصيرة في حمص ?!‏

** ربما تكون القصة القصة القصيرة في حمص متقدمة عن مثيلاتها في المحافظات الأخرى لجهة عدد القاصين كما أن النشاطات الثقافية الكثيفة لاسيما مهرجانات القصة القصيرة التي تقيمها رابطة الخريجين الجامعيين وفرع اتحاد الكتاب العرب ومديرية الثقافة بحمص .. إضافة الى الأمسيات الاسبوعية والمسابقات القصصية التي تقيمها تلك الجهات كل هذا أعطى القصة القصيرة زخماً وتنوعاً وتشجيعاً ولاأنسى صحيفة العروبة التي تخصص صفحة اسبوعية للكتاب الشباب وتنشر للقاصين وللقاصات فهناك في حمص قاصون مبدعون أمثال نور الدين الهاشمي ودريد الخواجة وهناك مصطفى الصوفي وسامر الشمالي وصفوان حنوف ونبيه الحسن وغيرهم.. ومن القاصات وفاء خرما وسوزان ابراهيم وفاديا قراجة وغادة اليوسف ورنا أتاسي وغيرهن.‏

* ثمة قاصون كثيرون انتقلوا من كتابة القصة القصيرة الى كتابة الرواية.. هل حاولت كتابة الرواية?‏

** القصة القصيرة هي نقطة ماء بينما الرواية هي كوب ماء الرواية مجال واسع لأحداث تغطي فترة زمنية طويلة, وهذا يحتاج الى نفس طويل وخيال واسع وصبر وجهد لربط مشهد متكامل لحياة تمتد الى فترة طويلة زمنياً , كنت أتهيب هذه التجربة لكني بدأتها برواية تتحدث عن أحداث وأشخاص يتماهى فيها العام مع الخاص وتجري أحداثها في تسعينات القرن الماضي.. وربما أنشرها إذا اقتنعت بها .‏

* نقد القصة القصيرة بشكل عام .. هل هو نقد مثابر في رصده للقصص الصادرة وقول كلمته فيها.. أم هل تراه مقصراً?وهل تناول النقد قصصك?!‏

** هناك احصائية تقول أن لكل خمسة عشر قاصاً هناك ناقد وهناك عشرات المجموعات القصصية التي تصدر سنوياً وهذا الكم الهائل يحتاج الى نقاد مثابرين وهذا غير موجود لدينا نقاد جيدون وقد جرت العادة أن يذهب القاص بنتاجه الى الناقد ويقدم له عمله.. ويبقى الخيار للناقد يكتب أولاً يكتب عنه.‏

من جهتي فقد تناول قصصي نقاد معروفون أمثال : علي الصيرفي وغازي التدمري وخالد زغريت, وقد أفرد الصيرفي فصلاً لدراسة أعمالي في كتابه النقدي »صدى الأقلام« كما كتب عن أعمالي عدد من الصحافيين والكتاب الذين يتناولون الأعمال الصادرة حديثاً وأنا أعتز بكل الكتابات التي تناولت أعمالي وأحاول الافادة منها وممن كتبوا عن قصصي : وليد العرفي ومحمد فيصل شيخاني والشاعر غسان لافي طعمة وسامر الشمالي وقد كتب عن مجموعتي »الانسان والأفعى« الناقد السعودي عبد العزيز السنيد مقالاً ضافياً في صحيفة الرياض عام 2007‏

عن جريدة العروبة الحمصية الاحد 13/5/2007

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/120757_2010_10_07_14_36_01.image1_.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/5151