نتجمل بالثقافة الرقمية

by tone | 1 أكتوبر, 2013 8:18 م

hqdefault[1]

 

تتردد في الآونة الأخيرة عبارات الثقافة الرقمية والأدب الإلكتروني, والمقصود بهما ذلك الأدب وتلك الثقافة التي تتخذ من الفضاء الرقمي وسيلة للتواصل مع القراء والتفاعل معهم لإعادة إنتاجها من جديد, وتأسست على ذلك أوراق عمل ودراسات وأبحاث تقدم في الندوات والملتقيات والمؤتمرات. غير أن بعض هذه الأوراق تصدر عن تفكير ورقي أو ممن ثقافتهم ورقية وتاريخهم وإنتاجهم ورقي, وهو أمر لا يغض من شأن الأديب أو المثقف أن يكون منطلقاً من مرجعية ورقية وتفكير ورقي, فإن تراثنا العربي والإسلامي انتقل من الشفوي إلى الورقي المكتوب, والأسفار الكبيرة والضخمة التي تحفل بها المكتبة العربية إنما هي تدوين ورقي حمل إلينا تراث الأمم كلها وليس تراثنا فقط. غير أن المشكلة هي في أن نوصّل أو ننظر للأدب الرقمي بعقلية ورقية أو ثقافة ورقية, فحين أنقل كتاباً أو ديواناً أو رواية من نسختها الورقية إلى نسخة إلكترونية على شكل صورة أو بصيغة PDF  فإن ذلك لا يعني أن هذا هو الثقافة الرقمية, وحينما أنقل مقطعات وقصائد وقصصاً قصيرة على شبكات التواصل الاجتماعي ومصدرها ورقي فإن هذا ليس أدباً رقمياً.

الأدب الرقمي هو ذلك الأدب الذي نشأ في رحم الإلكترون وتأثر بقوانينه وسار على أسلوبه, فالشعر الرقمي هو ذلك الشعر الذي يكتبه المغرد في حدود المساحة المتاحة في تويتر يكثف فيها العبارة.. ويختزل الفكرة في 140 حرفاً, ويكون البيت هو القصيدة مختلفاً عن القصيدة القصيرة جداً, والرواية الرقمية هي تلك التي يكتبها الرقميون على الشبكة العنكبوتية بقوانينها وليس بقوانين النشر والرقابة لغة وأسلوباً ومضموناً, تكتب منجمة وتتأثر سرديا بالتعليقات الآتية المستمرة حول ما ينشر منها, وقصة الأطفال الرقمية ليست أن نحول صفحاتها من ورقية إلى إلكترونية ونسبغ عليها شيئاً من المؤثرات الصوتية والإلقاء الشفوي أو القراءة الجهرية, وإنما تبنى منذ البدء على أن تكون قصة أطفال رقمية تفاعلية يقرؤها الأطفال على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية ويتفاعلون معها ويأخذون شخصياتها وموتيفاتها, ويكوّنون بناء على قراءتهم للقصة قصتهم الخاصة ويحولونها إلى قصة كرتونية بأصواتهم ويختارون  لها المؤثرات التي يرون أنها مناسبة لقصتهم التي أبدعوها من وحي القصة التي قرأوها.

ولذلك فإن الثقافة الرقمية والأدب الرقمي ليسا مجرد حلية إلكترونية أو صبغة عصرية نحاول بها أن نوهم أنفسنا قبل الآخرين بأننا نواكب آخر المستجدات, ويعرف الجيل الجديد أننا نتجمل بها ولسنا حولها.

 

افتتاحية مجلة المجلة العربية – العدد( 442 ) ذو القعدة 1434هـ – أكتوبر 2013م

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/hqdefault.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/5409