هل بقي كبير؟

by tone | 30 أكتوبر, 2013 9:31 م

2013-10-10 21.29 [320x200]

 

كان الوقت مساء عندما دخل قطيع الغنم حظيرة أبي شهاب يتقدمها كبش ضخم يرفع رأسه وقرنيه المفتولين عالياً يشمخ على القطيع كله ,وما هي إلا لحظاتحتى دخل أبو شهاب يحمل العلف والحشائش إلى قطيعه الغالي ,وكان الكبش يشرئب برأسه عالياً وكأنه يتفقد غنماته ويعدها لأنه وضع نفسه الحارس الأمين عليها.

فاقتربت منه غنمة ذكية وخاطبت الكبش : أيها الكبش العزيز لا تتصور مدى سروري من منظر أخواتي الغنمات وهن مجتمعات على طبق واحد بوجبة العشاء لأن اجتماعهم على الطعام بركة ومحبة .

واسترخت الغنمات وأخذت تجتر ,حتى نامت , إلا غنمة وكبش من فرحهما لم يناما,

وجرت بينهما المحاورة التالية :

الغنمة: يا صديقي الكبش لماذا صاحبنا أبو شهاب لا يقلدنا هو وأسرته مثلما نعمل؟

الكبش: (مقاطعاً الغنمة) وكيف يا صديقتي؟

الغنمة: فتنهدت وقالت له: منذ عدة أيام سمعت أبا شهاب يصرخ ويشتم ويرغي ويزبد على هذه الفوضى في أسرته…. وفهمت من صراخه أن أولاده لا يطيعونه ولا يأتمرون بأمره, ولم يرهم مرة واحدة ,مجتمعين على الطعام مثل قطيعنا. لقد راقبته من باب الحظيرة وتأثرت عليه وهو واجم الوجه يخاطب أم شهاب :ما بال أولادك ضيَّعوا بوصلة حياتهم ونظامها : أولهم حسام: يأوي إلى البيت الساعة الثامنة مساء يتناول العشاء واقفاً ويخرج من البيت دون تحديد اتجاه ,وكأن لا أم ولا أب له ولا من يحزنون, والثاني سعيد: يدخل البيت الساعة التاسعة يجلس مع والديه وهو الموعد الذي يتناولون عشاءهم ,وهو الوحيد الذي يشاركهم ذلك ,وهنا حدَّق والده وقال : شكراً لك يارب اجتمعنا ثلاثة فقط على الطعام.والثالثة سهير المدلله والوحيدة بين أخوتها تتناول كل وجبات عشائها في البوفيات ,همبرغر ..شاورمة ..فلافل ..لحمة .. حسب الميزانية ,فالشارع والبوفيه أفضل مكان عندها لتناول العشاء والوجبات السريعة لأن وقتها ضيق , ويتابع الأب بسخرية:(لديها إدارة أعمال –وشطبت والديها من مخيلتها ) والابن الرابع بشير يعود في الهزيع الثالث من الليل فيوقظ أمه المثقلة بأتعاب النهار وهموم البيت,وتصدر عنه جلبة مزعجة ,في أرجاء البيت ,حتى يأكل, ويؤكد الأب سخرية على بشير أيضاً : مدير أعمال في الشوارع مع رفاقه مع رفاقه ولأنه الأصغر في أخوته لا يهمه الإزعاج للآخرين ,ويسترخي أمام التلفاز مع بعض أخوته وربما للصباح وبزوغ الفجر,وهو موعد نومهم,فهو آت على يوم جديد ,ينام النهار ويسهر الليل .

وتابع أبو شهاب مخاطباً زوجته ,وسمعته الغنمة الواقفة في باب الحظيرة تسترق السمع كان يقول لأم شهاب : رحم الله أيام زمان كنت أنا وأخوتي وأولادنا نفترش الأرض على حصيرة من القش ,ونتحلق حول (مقلي الفخار) يتبخر منه عبق الطعام الساخن ,وصوت المعالق الخشبية يصدح,وكلنا رهن إشارة والدنا الذي تخطى الثمانين ولا مجال لأحدنا أن يخالفه لأن كبيرنا,تنهدت الغنمة الذكية قائلة للكبش :

يا صديقي ما الذي غيَّر هذه العادات الجميلة البسيطة المتواضعة؟ أجابها الكبش بتهكم وسخرية: الحضارة والتطور يا صديقتي .

الغنمة: إذا كانت الحضارة والعلم يلغي احترام الكبير ويفسد العلاقات الأسرية فبؤس هذه الحضارة ولسنا بحاجة لها لأنها تفكك الأسرة .

شعر الكبش بالمرارة وهزَّ رأسه وجسمه منتفضاً وصاح بقطيعه متابعاً إياهم:انتبهوا كلكم مدعون غداً للتوقيع على اعتراض وبيان مفصل تشاركوني في كتبته ننفي هذه المعاملة السيئة لأبي شهاب من أولاده وفوضى حياتهم طالبين منهم ما يلي:

-يا أولاد أبي شهاب عليكم طاعة كبيركم واحترام الصغير للكبير وطاعة الوالدين أمر من الله وعليكم بنظام معيشة في الأسرة فيه كل الاحترام والمحبة وطاعة الكبير في الأسرة والحارة والبلدة .؟ إذا كان هناك كبير!

وفي الغد نظَّم الكبش الاعتراض وقدمه إلى لأبي شهاب موقعاً من الجميع في القطيع وممهوراً بخاتم الكبش وكتب تحت الخاتم محبة الوطن قبل كل شيء… سبحان من جعل الحيوانات تحب بعضها أكثر من الإنسان .

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/5597