الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حوار مع الاديب نور الدين الهاشمي حول موضوع الادب الطفلي (2من2)

54656565

 

 

 

 

يعتبر الأديب نور الدين الهاشمي احد ابرز كتّاب القصة القصيرة في سورية حيث استطاع من

خلال تجربته الابداعية ان يثبت مقدرته , و تميزه في كتابة هذا الجنس الأدبي , و التقاط الكثير من المشاهد الحياتية و تحويلها الى قصة تنبض بمشاعر البشر وأحاسيسهم , و ما يجيش في داخلهم من افكار و لواعج .‏

و الأديب نور الدين الهاشمي من مواليد مدينة حمص 1945 و يحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق منذ عام 1971 , و قد عمل في مجال التعليم منذ اكثر من ثلاثين عاماً , ثم تفّرغ للكتابة منذ عشر سنوات تقريباً . و يكتب في مختلف مجالات الأدب و الدراما فهو يكتب القصة القصيرة للكبار و له اربع مجموعات قصصية هي » نداء في ليل المدينة « و » قصة انتحار معلن « و » الدوران قي قاع الزمن « و » يوم بكى الشيطان « و له مجموعة خامسة قيد الطبع … كما كتب مسرح الاطفال و له عشرون مسرحية طفلية قدمت على خشبات المسارح داخل القطر العربي السوري و خارجه منها : » الصيد الثمين « و » جبل البنفسج « و » غدير الغزلان « و » اللمسة الذهبية « و » الاعداد السكرية « و » الشجرة الناطقة « …. و يقدم له الآن في حمص و في المحافظات السورية ثلاث مسرحيات هي » سندريلا « و » شجرة الحكمة « و » رحلة الاصدقاء « كما كتب قصة الطفل و له مجموعة قصصية بعنوان : » ازهار الصداقة « و كتب مسرح الكبار و له عدد من المسرحيات اهمها : » رقصة الممثل الاخير « و » الجدار « و » دائرة الرمال « و » السلسلة « و هي قيد الطبع ايضاً .‏

و قد اخرج بنفسه عدداً من المسرحيات … كما يكتب الأديب نور الدين الهاشمي الدراما التلفزيونية للكبار و الصغار و له عشرون عملاً تلفزيونياً فقد كتب عدداً من مسلسلات الاطفال اذكر منها » رحلة الحظ « و » وادي الكسلان « و » المهر الوفي « و » الرجل الآلي « و » سفينة الاحلام « …. الخ و هو مشارك اساسي في كتابة مرايا الفنان ياسر العظمة منذ عام 1999 و قد فاز في مهرجان القاهرة الثاني عشر للاذاعة و التلفزيون بجائزتين هامتين :‏

الاولى : الجائزة الذهبية عن مسلسل » الامنية الخامسة « و هو من اخراج محمد الشيخ نجيب و إنتاج التلفزيون العربي السوري .‏

الثاني : الجائزة الذهبية لاحسن كاتب عن فيلمه التلفزيوني » ازهار الصداقة « و هو من اخراج حسام داغستاني و إنتاج التلفزيون العربي السوري .» العروبة « ارتأت ان تجري سلسلة من الحوارات مع الأديب نور الدين الهاشمي و كان موضوع الأديب الطفلي هو البداية حيث طرحنا عليه مجموعة من الاسئلة كان اولها :‏

* عالم الاطفال بكل براءته و طهره و نقائه لماذا شدك للكتابة عنه ?‏

** ما شدني للولوج في عالم الطفل انني وجدت نقصاً كبيراً في الكتابة لهذا الكائن الجميل الذي سيصبح رجل المستقبل … كما رأيت ان الأدب قادر على غرس قيم هامة و ضرورية في روح الطفل و عقله , و اننا مهما قدمنا للطفل فنحن الرابحون في مستقبله … و علاقتي بالاطفال وثيقة , فانا كنت معلماً لمدة سبع سنوات فوجدت في نفسي القدرة على مخاطبة الطفل عن طريق الأدب و صياغة ما اقوله بشكل جذاب , و جميل , و هذا ما دفعني للدخول في هذا العالم بما امتلكه من تجربة واسعة في القدرة على التعامل مع الطفل .‏

* متى بدأت الكتابة للاطفال ?‏

** بدأت الكتابة للاطفال بشكل عملي عام 1983 إذ كتبت مسرحية بعنوان » الصيد الثمين « و قدمتها فرقة المركز الثقافي بحمص و اخرجها الفنان حسن عكلا … و قُدمت في حمص و محافظتها , و في كثير من المدن السورية و شاهدها آلاف الاطفال … , و بعد النجاح الذي لقيته هذه المسرحية تشجعت على الاستمرار في الكتابة , و تابعت نشاطي فكتبت مسرحية » جبل البنفسج « ثم » رحلة الحظ « و هكذا …‏

و ما زلت اكتب للاطفال حتى الآن … و منذ ايام انتهيت من كتابة مسرحيتي العشرين للاطفال بعنوان » شموع في الليل « .‏

* ما الذي يميز كاتب الطفل عن غيره ?‏

** كاتب الطفل يجب ان يكون محباً للاطفال … يحمل في داخله طفلاً كبيراً , و عالماً سحرياً يتسم بالبراءة و النقاء , كما عليه ان يمتلك خيالاً واسعاً , قادراً على صوغ الحكايا و العوالم الجميلة , و صوغ الشخصيات المحببة للطفل , و ان يمتلك روحاً مرحة , و لديه القدرة على نسج اللغة الملائمة للطفل , و صياغة الاغاني , بالاضافة الى فهم نفسية الطفل , و عالمه و القدرة على التواصل معه .‏

* ما هي ينابيع مصادر ادبك الطفلي ?‏

** مصادر الأدب الطفلي عندي تنبع من عالم غني عشته خلال الطفولة من خلال اسرتي و حكايا والدتي , و تجربتي في الحياة … فقد عملت في مهن عديدة وانا طفل لاساعد اسرتي , كما سافرت كثيراً , و قرأت كثيراً …‏

و ما زالت هذه الينابيع ترفدني حتى الآن بالقصص و الحكايا .‏

* ما الذي يميز قصة الطفل عن القصة المكتوبة للكبار ?‏

** هناك تلاقٍ و هناك اختلاف , و كلاهما لا بُد من ان يحمل فكرة يهدف اليها الكاتب .‏

و الحامل في كليهما هو اللغة لكن تختلف قصة الكبار عن قصة الصغار لا شك … فقصة الصغار تعتمد غالباً على حبكة تقليدية من البداية الى الوسط ثم النهاية , و لا بُد ان يكون الصراع واضحاً في قصة الاطفال , فهناك بطل يهدف الى تحقيق شيء نبيل , و تعترضه معوقات و عقبات كثيرة يتجاوزها شيئاً فشيئاً من خلال ذكائه , و شجاعته , و صبره , او مساعدة الآخرين ثم تنتهي القصة غالباً الى نهاية سعيدة , إذ لا بُد ان ينتصر الخير و هذا ما يجب ان تكون عليه الحياة , و من اجل غرس قيمة هامة في عقل الطفل تكون جزءاً من شخصيته.‏

* في الأدب الطفلي هناك الكثير من المباشرة فما اثر هذا الادب على الاطفال ?‏

** يعاني الأدب الطفلي في كثير منه من المباشرة , حيث يتخذ الكاتب من نفسه معلماً , و واعظاً فيقدم النصائح و الأوامر للاطفال , كما يقدم لهم شخصيات معقّمة من الشر و من السوء , و اعتقد ان هذا الأدب ( إذ سمي أدباً ) لا تأثير له على الطفل , لان الطفل يكره الأوامر المباشرة , فالقيم موجودة في الحياة كالامانة و الصدق و الوفاء والدفاع عن الوطن و الحرص على الممتلكات العامة , لكن المهم هو كيفية تقديمها للطفل ذائبة في ثوب الفن دون ان يشعر بها , كمن يقدم دواء نافعاً في كأسٍ من الحليب .‏

الفن اولاً ثم تأتي القيمة ثانياً لان الفن الجميل بالاساس هو القيمة بحد ذاته و معظم الاعمال التي قدمتها كانت للمرحلتين العمريتين الثانية و الثالثة اي ما بين ( 7 و 12 ) سنة و ( 12 و 17 ) سنة .‏

* حصلت على جائزتين ذهبيتين في مهرجان القاهرة الثاني عشر حبذا لو حدثتنا بالتفصيل عن الاعمال التي فزت بها في هذا المهرجان ?‏

**العمل الاول الذي فزت به كان مسلسلاً للاطفال بعنوان » الامنية الخامسة « و فيه تحدثت عن دفاع الاطفال عن البيئة من خلال قصة طفلة تصاب بمرض خطير بسبب تلوث النهر الذي شربت منه اكثر من مرة خلال قدومها الى المدرسة مع رفاقها … و حين تمرض و تهدد حياتها يرغب الاطفال مع والد الطفلة بتحقيق خمس امنيات لها … إذ تكون الامنية الاولى بان يعود للنهر الصغير صفاؤه و نقاؤه , بعد ان لوثه صاحب معمل جشع يلقي بسمومه فيه , و يستطيع الاطفال و والدها و مجموعة من الخّيرين من منع تلويث النهر من جديد , و عودة الحياة اليه …. و تكون الامنية الثانية التي تريدها الطفلة بأن تعود الطيور الى الغابة بعد ان تركتها بسبب الصيد الجائر و تتمكن الطفلة مع رفاقها من تحقيق هذه الامنية … اما الامنية الخامسة فتهديها الطفلة لصديقاتها و لوالدها و تكون امنية الاطفال لها بالشفاء .‏

اما الجائزة الثانية الذهبية فكانت لاحسن كاتب عن فيلم بعنوان » ازهار الصداقة « و فيه أتحدث عن طفل يتباهى بقوته الجسدية و يريد ان يسيطر على التلاميذ من رفاقه بتلك القوة , و حين يتمكن احد الاطفال من التغلب عليه يلجأ عن طريق غراب شرير الى ساحرة تقدم له القوة الجسدية و لكنها تنتزع منه روحه و قلبه بحيث يغدو انانياً جشعاً , و لا يساعد احداً , و مع ذلك فان الاطفال الاذكياء يتغلبون عليه …. و في النهاية يتحول الى شبه وحش فيلجأ الى اميرة البحيرة كي تطهره و تعيده الى انسانيته .‏

* ما رأيك بما تقدمه المطابع لنا كل يوم و بالعشرات من أدب الطفل – إذا صحت التسمية

– و هل يؤثر سلباً على عقل الطفل ?‏

** للاسف إن الطفل الآن يتعرض لسيل من المطبوعات السيئة السطحية التي يهدف اصحابها الى الربح اولاً , و احياناً الى غرس قيم مشبوهة تؤثر على عقل الطفل , و روحه , و تشوه توازنه لان طفلنا هو المستهدف في وسائل الاعلام التي تمولها شركات و اشخاص تابعة للغرب الاستعماري , و هدفها تشويه و تدمير عقل الطفل بحيث تسلبه هويته , و تحوله الى طفل عنيف متمرد يؤمن بالخرافات و الاوهام و ينفصل عن الواقع .‏

* ما الحل برأيك ?‏

** إن الانتاج الفني و الأدبي للاطفال قليل نسبة الى ما يقدم في التلفزيونات من إنتاج اجنبي مترجم , و هذا يعود الى عدم إنتاج الشركات العربية لاعمال تهتم بالطفل , و السبب يعود الى قلة ما تدفعه المحطات التلفزيونية لانتاج الاطفال , فالقضية مادية بالدرجة الاولى , و تتعلق بعزم و قرار اصحاب المسؤوليات … و امتنا العربية تمتلك قدرات أدبية و فنية لإنتاج اعمال للاطفال و يمكنها ان تغطي نفقات معظم ما يقدم للطفل الذي نعوّل عليه في المستقبل كي يكون ناجحاً و مفيداً لمجتمعه و هذا هو الحل .‏

/عن جريدة العروبة الحمصية عدد:

الاحد 14/1/2007/

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *