حوار مع الاديب نور الدين الهاشمي حول موضوع الادب الطفلي (2من2)

by tone | 1 ديسمبر, 2013 9:38 م

54656565[1]

 

 

 

 

يعتبر الأديب نور الدين الهاشمي احد ابرز كتّاب القصة القصيرة في سورية حيث استطاع من

خلال تجربته الابداعية ان يثبت مقدرته , و تميزه في كتابة هذا الجنس الأدبي , و التقاط الكثير من المشاهد الحياتية و تحويلها الى قصة تنبض بمشاعر البشر وأحاسيسهم , و ما يجيش في داخلهم من افكار و لواعج .‏

و الأديب نور الدين الهاشمي من مواليد مدينة حمص 1945 و يحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق منذ عام 1971 , و قد عمل في مجال التعليم منذ اكثر من ثلاثين عاماً , ثم تفّرغ للكتابة منذ عشر سنوات تقريباً . و يكتب في مختلف مجالات الأدب و الدراما فهو يكتب القصة القصيرة للكبار و له اربع مجموعات قصصية هي » نداء في ليل المدينة « و » قصة انتحار معلن « و » الدوران قي قاع الزمن « و » يوم بكى الشيطان « و له مجموعة خامسة قيد الطبع … كما كتب مسرح الاطفال و له عشرون مسرحية طفلية قدمت على خشبات المسارح داخل القطر العربي السوري و خارجه منها : » الصيد الثمين « و » جبل البنفسج « و » غدير الغزلان « و » اللمسة الذهبية « و » الاعداد السكرية « و » الشجرة الناطقة « …. و يقدم له الآن في حمص و في المحافظات السورية ثلاث مسرحيات هي » سندريلا « و » شجرة الحكمة « و » رحلة الاصدقاء « كما كتب قصة الطفل و له مجموعة قصصية بعنوان : » ازهار الصداقة « و كتب مسرح الكبار و له عدد من المسرحيات اهمها : » رقصة الممثل الاخير « و » الجدار « و » دائرة الرمال « و » السلسلة « و هي قيد الطبع ايضاً .‏

و قد اخرج بنفسه عدداً من المسرحيات … كما يكتب الأديب نور الدين الهاشمي الدراما التلفزيونية للكبار و الصغار و له عشرون عملاً تلفزيونياً فقد كتب عدداً من مسلسلات الاطفال اذكر منها » رحلة الحظ « و » وادي الكسلان « و » المهر الوفي « و » الرجل الآلي « و » سفينة الاحلام « …. الخ و هو مشارك اساسي في كتابة مرايا الفنان ياسر العظمة منذ عام 1999 و قد فاز في مهرجان القاهرة الثاني عشر للاذاعة و التلفزيون بجائزتين هامتين :‏

الاولى : الجائزة الذهبية عن مسلسل » الامنية الخامسة « و هو من اخراج محمد الشيخ نجيب و إنتاج التلفزيون العربي السوري .‏

الثاني : الجائزة الذهبية لاحسن كاتب عن فيلمه التلفزيوني » ازهار الصداقة « و هو من اخراج حسام داغستاني و إنتاج التلفزيون العربي السوري .» العروبة « ارتأت ان تجري سلسلة من الحوارات مع الأديب نور الدين الهاشمي و كان موضوع الأديب الطفلي هو البداية حيث طرحنا عليه مجموعة من الاسئلة كان اولها :‏

* عالم الاطفال بكل براءته و طهره و نقائه لماذا شدك للكتابة عنه ?‏

** ما شدني للولوج في عالم الطفل انني وجدت نقصاً كبيراً في الكتابة لهذا الكائن الجميل الذي سيصبح رجل المستقبل … كما رأيت ان الأدب قادر على غرس قيم هامة و ضرورية في روح الطفل و عقله , و اننا مهما قدمنا للطفل فنحن الرابحون في مستقبله … و علاقتي بالاطفال وثيقة , فانا كنت معلماً لمدة سبع سنوات فوجدت في نفسي القدرة على مخاطبة الطفل عن طريق الأدب و صياغة ما اقوله بشكل جذاب , و جميل , و هذا ما دفعني للدخول في هذا العالم بما امتلكه من تجربة واسعة في القدرة على التعامل مع الطفل .‏

* متى بدأت الكتابة للاطفال ?‏

** بدأت الكتابة للاطفال بشكل عملي عام 1983 إذ كتبت مسرحية بعنوان » الصيد الثمين « و قدمتها فرقة المركز الثقافي بحمص و اخرجها الفنان حسن عكلا … و قُدمت في حمص و محافظتها , و في كثير من المدن السورية و شاهدها آلاف الاطفال … , و بعد النجاح الذي لقيته هذه المسرحية تشجعت على الاستمرار في الكتابة , و تابعت نشاطي فكتبت مسرحية » جبل البنفسج « ثم » رحلة الحظ « و هكذا …‏

و ما زلت اكتب للاطفال حتى الآن … و منذ ايام انتهيت من كتابة مسرحيتي العشرين للاطفال بعنوان » شموع في الليل « .‏

* ما الذي يميز كاتب الطفل عن غيره ?‏

** كاتب الطفل يجب ان يكون محباً للاطفال … يحمل في داخله طفلاً كبيراً , و عالماً سحرياً يتسم بالبراءة و النقاء , كما عليه ان يمتلك خيالاً واسعاً , قادراً على صوغ الحكايا و العوالم الجميلة , و صوغ الشخصيات المحببة للطفل , و ان يمتلك روحاً مرحة , و لديه القدرة على نسج اللغة الملائمة للطفل , و صياغة الاغاني , بالاضافة الى فهم نفسية الطفل , و عالمه و القدرة على التواصل معه .‏

* ما هي ينابيع مصادر ادبك الطفلي ?‏

** مصادر الأدب الطفلي عندي تنبع من عالم غني عشته خلال الطفولة من خلال اسرتي و حكايا والدتي , و تجربتي في الحياة … فقد عملت في مهن عديدة وانا طفل لاساعد اسرتي , كما سافرت كثيراً , و قرأت كثيراً …‏

و ما زالت هذه الينابيع ترفدني حتى الآن بالقصص و الحكايا .‏

* ما الذي يميز قصة الطفل عن القصة المكتوبة للكبار ?‏

** هناك تلاقٍ و هناك اختلاف , و كلاهما لا بُد من ان يحمل فكرة يهدف اليها الكاتب .‏

و الحامل في كليهما هو اللغة لكن تختلف قصة الكبار عن قصة الصغار لا شك … فقصة الصغار تعتمد غالباً على حبكة تقليدية من البداية الى الوسط ثم النهاية , و لا بُد ان يكون الصراع واضحاً في قصة الاطفال , فهناك بطل يهدف الى تحقيق شيء نبيل , و تعترضه معوقات و عقبات كثيرة يتجاوزها شيئاً فشيئاً من خلال ذكائه , و شجاعته , و صبره , او مساعدة الآخرين ثم تنتهي القصة غالباً الى نهاية سعيدة , إذ لا بُد ان ينتصر الخير و هذا ما يجب ان تكون عليه الحياة , و من اجل غرس قيمة هامة في عقل الطفل تكون جزءاً من شخصيته.‏

* في الأدب الطفلي هناك الكثير من المباشرة فما اثر هذا الادب على الاطفال ?‏

** يعاني الأدب الطفلي في كثير منه من المباشرة , حيث يتخذ الكاتب من نفسه معلماً , و واعظاً فيقدم النصائح و الأوامر للاطفال , كما يقدم لهم شخصيات معقّمة من الشر و من السوء , و اعتقد ان هذا الأدب ( إذ سمي أدباً ) لا تأثير له على الطفل , لان الطفل يكره الأوامر المباشرة , فالقيم موجودة في الحياة كالامانة و الصدق و الوفاء والدفاع عن الوطن و الحرص على الممتلكات العامة , لكن المهم هو كيفية تقديمها للطفل ذائبة في ثوب الفن دون ان يشعر بها , كمن يقدم دواء نافعاً في كأسٍ من الحليب .‏

الفن اولاً ثم تأتي القيمة ثانياً لان الفن الجميل بالاساس هو القيمة بحد ذاته و معظم الاعمال التي قدمتها كانت للمرحلتين العمريتين الثانية و الثالثة اي ما بين ( 7 و 12 ) سنة و ( 12 و 17 ) سنة .‏

* حصلت على جائزتين ذهبيتين في مهرجان القاهرة الثاني عشر حبذا لو حدثتنا بالتفصيل عن الاعمال التي فزت بها في هذا المهرجان ?‏

**العمل الاول الذي فزت به كان مسلسلاً للاطفال بعنوان » الامنية الخامسة « و فيه تحدثت عن دفاع الاطفال عن البيئة من خلال قصة طفلة تصاب بمرض خطير بسبب تلوث النهر الذي شربت منه اكثر من مرة خلال قدومها الى المدرسة مع رفاقها … و حين تمرض و تهدد حياتها يرغب الاطفال مع والد الطفلة بتحقيق خمس امنيات لها … إذ تكون الامنية الاولى بان يعود للنهر الصغير صفاؤه و نقاؤه , بعد ان لوثه صاحب معمل جشع يلقي بسمومه فيه , و يستطيع الاطفال و والدها و مجموعة من الخّيرين من منع تلويث النهر من جديد , و عودة الحياة اليه …. و تكون الامنية الثانية التي تريدها الطفلة بأن تعود الطيور الى الغابة بعد ان تركتها بسبب الصيد الجائر و تتمكن الطفلة مع رفاقها من تحقيق هذه الامنية … اما الامنية الخامسة فتهديها الطفلة لصديقاتها و لوالدها و تكون امنية الاطفال لها بالشفاء .‏

اما الجائزة الثانية الذهبية فكانت لاحسن كاتب عن فيلم بعنوان » ازهار الصداقة « و فيه أتحدث عن طفل يتباهى بقوته الجسدية و يريد ان يسيطر على التلاميذ من رفاقه بتلك القوة , و حين يتمكن احد الاطفال من التغلب عليه يلجأ عن طريق غراب شرير الى ساحرة تقدم له القوة الجسدية و لكنها تنتزع منه روحه و قلبه بحيث يغدو انانياً جشعاً , و لا يساعد احداً , و مع ذلك فان الاطفال الاذكياء يتغلبون عليه …. و في النهاية يتحول الى شبه وحش فيلجأ الى اميرة البحيرة كي تطهره و تعيده الى انسانيته .‏

* ما رأيك بما تقدمه المطابع لنا كل يوم و بالعشرات من أدب الطفل – إذا صحت التسمية

– و هل يؤثر سلباً على عقل الطفل ?‏

** للاسف إن الطفل الآن يتعرض لسيل من المطبوعات السيئة السطحية التي يهدف اصحابها الى الربح اولاً , و احياناً الى غرس قيم مشبوهة تؤثر على عقل الطفل , و روحه , و تشوه توازنه لان طفلنا هو المستهدف في وسائل الاعلام التي تمولها شركات و اشخاص تابعة للغرب الاستعماري , و هدفها تشويه و تدمير عقل الطفل بحيث تسلبه هويته , و تحوله الى طفل عنيف متمرد يؤمن بالخرافات و الاوهام و ينفصل عن الواقع .‏

* ما الحل برأيك ?‏

** إن الانتاج الفني و الأدبي للاطفال قليل نسبة الى ما يقدم في التلفزيونات من إنتاج اجنبي مترجم , و هذا يعود الى عدم إنتاج الشركات العربية لاعمال تهتم بالطفل , و السبب يعود الى قلة ما تدفعه المحطات التلفزيونية لانتاج الاطفال , فالقضية مادية بالدرجة الاولى , و تتعلق بعزم و قرار اصحاب المسؤوليات … و امتنا العربية تمتلك قدرات أدبية و فنية لإنتاج اعمال للاطفال و يمكنها ان تغطي نفقات معظم ما يقدم للطفل الذي نعوّل عليه في المستقبل كي يكون ناجحاً و مفيداً لمجتمعه و هذا هو الحل .‏

/عن جريدة العروبة الحمصية عدد:

الاحد 14/1/2007/

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/54656565.jpg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/5994