الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

ارفعوا أيديكم عن الأدب

 

 

arton8145

يعد هناك فهم ثقافي صحيح، إلا في مشارب قليلة جداً، فكل خطاب يريد أن ينتصر لنفسه دون الضرب في قاع الحق، فالجميع يقاتل من أجل مبدئه صحيحاً كان أو خاطئاً.

إن الأدباء هم صناع الحضارة، والجسر الطويل الموصل إلى كل شبر حضاري في الأرض، فلن تلتصق بك أمة وأنت تخاطبها بمذهبك، ولن تجاورك أفكار الآخرين وأنت ترميهم بالإثم، ولن تقبلك نفوس السامعين عنك وأنت ترى فيهم ضعفاً. فالجلوس على ركام الماضي، والخشية كل الخشية من إعادة النظر في نتيجته على الحاضر، يضخم النفاق فينا أكثر وأكثر.

لقد حرص الإسلام على فعالية الكلمة في بناء وتكوين النفس البشرية وإنشائها لتكون مؤثرة في الحياة، حيث تمثلت في القرآن الكريم، عظمة البيان، وعلو الرقي، والإعجاز الفني التعبيري، وهنا كان الأدب حاجة من حاجات المجتمع، فلا تخلو سيرة فقيه إلا وله علاقة بالأدب، سواء من قريب أو من بعيد، قد يكون أقلها (الشعر) وأوسعها (القصة) بفروعها، صحيح أن طبيعة الأدب خلاف طبيعة الدين، لأنه يؤخذ بدلالته العامة، خلاف منازعه الذاتية والمؤثرات التاريخية، ومع هذا تبقى علاقة الدين بالأدب كبيرة، لذا أجزم أن الفقيه الذي لا يرتبط بالأدب قد ضيق واسعاً، وما هو إلا فقيه يحتاج الكثير لكي يبلغ فقهه، لأن كلمته بدون الأدب ستخرج غير مؤثرة، كما أنه من الظلم أن تنسب الحكمة للفقيه أو للعالم أو ترتب لهما دون الأديب، لمجرد أنهما: فقيه وعالم.

فالتاريخ العربي الأدبي اجتماعياً مُحبط تحوّله المرير، من زمن كان أبو نواس وأبو العتاهية يعيشان جنباً إلى جنب دون أن يقاتل أحدهما الثاني إلى زمن أضحت عقيدة الأدباء مجانية التداول.

وبمقاييس العقل (لا يقرأ الجزء دون الكل) لأن كل كلمة في النص الأدبي تشغل عملها المحسوب (عامة) لأنه يأخذ الموضوع من واقعه وحقيقته الاجتماعية والنفسية لغاية التبصر، وبسبب الجهل في ذلك، اجتمعت جماعة يوماً على ردة شاعر بعينه لأن قصيدته احتوت على كلمات غير لائقة إن صح قولهم، ويحصل هذا كثيراً دون الرجوع لأهل الاختصاص من الأدباء، لعمري إنها إعاقة لنمو الأدب، ومحاولة لمصادرة فضيلة بقاء الآخر.

ولعل القراءة الضيقة جداً للدين ما برحت ترى أنها المشروع الثابت للبشر، بل وأوكلت لنفسها بعدم السماح بالإبداع الأدبي إلا في مجال ضيق لا يريح المعنيين بالأدب خاصة، والمتذوقين له عامة، فمن الضروري أن تفتح نافذة على معاناة المبدع في مجتمعنا، لعلنا نتجاوز النزاع الذي لم تضع حرب الطرفين أوزارها بعد، على الأقل نحقق غاية واحدة من غايات الأدب ألا وهي بناء مجتمع أفضل، وفي الوقت نفسه نكون أكثر قرباً من مقاصد ديننا والتي أقلها الحفاظ على كل ما يربط البشر ببعضهم.

مجلة شهرية – العدد( 441 ) شوال 1434هـ – سبتمبر 2013م

المجلة العربية

 

ـــــــــــــــــــــــــ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *