الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

ادارة الذات:

123456555555

 

 

حدثني ذات مرة أحد الأصدقاء أن فتاة رفضت الارتباط به بسبب عدم قدرته على “ادارة هاتفه الجوال” حيث أنه كان مسرفا في فواتيره الى حد بعيد و من دون أن يشعر, حيث قالت له بالحرف الواحد “ان لم تستطع أن تسيطر على موبايلك فكيف يمكن لك أن تدير علاقة قد تنتهي بالزواج”…..
بصراحة استغربت الفكرة للوهلة الأولة أو ربما أنني تعاطفت مع صديقي كي لا أزيدها عليه, الا أنني في ما بعد اقتنعت بمنطية الفكرة و صوابيتها بغض النظر عن هل كانت تلك الفتاة تعي أبعاد ما تقول أم أنها كانت مجرد عذر من أعذار الجنس اللطيف…!؟
ان ما تفضلت به تلك الجميلة يتعلق بشكل أو بآخر بتطبيق أو فرع من فروع الادارة هو “ادارة الذات”, لا يدركه و لا يطبقه الا قلة قليلة من شعوب الدول النامية و يشكل غيابه عاملا أساسيا في الحفاظ على التخلف و لو نسبيا.
فما هو هذا العلم و كيف ندخل ثقافة ادارة الذات التي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن ادارة الوقت و ادارة الموارد البشرية و كل ما يمت بصلة للتنظيم و الادارة في حياتنا و ممارساتنا…
نجد الكثير من التعاريف لهذا المفهوم كلها تؤدي الى النتيجة ذاتها و اسمحوا لي بأن أقتبس التعريف المختصر التالي الذي وضعه أساطين علماء الادارة ألا و هو : ” قدرة الفرد على التحكم في توجيه مشاعره و أفكاره و أحاسيسه و امكانياته نحو تحقيق الأهداف التي يريد الوصول اليها”,حيث أن هذا التعريف ينطوي على كلام دقيق و قيم و غني جدا لمن يريد أن يعي و يطبق محتواه على ضوء المنطق القائل أن الفيصل و العامل الحاسم ما بين الفشل و النجاح و ما بين النجاح و النجاح المبهر يكمن في قدرة الانسان على التحكم في كينونته و موارده و تنظيم أفكاره و تنميتها و تغذيتها بما يناسب هدفه أو أهدافه التي يصبو اليها, و هنا لا أريد الاسهاب في شرح قد يطول لهذا التعريف و لكن أود أن أشير الى النقاط التالية من وجهة نظري:
. يمكن للشخص الواحد أن يكون له أهداف متعددة و ليس هدف واحد يصبو اليه و هذه سمة غالبة عند معظم الأشخاص الطموحين الذين لا يريدون أن يخرجوا من هذه الحياه كما دخلوا اليها “من دون أي انجاز يذكر لهم”و لكن هذه الأهداف ان لم تكن متسقة و متناغمة مع بعضها البعض و تخدم في محصلتها “الهدف الجمعي” الأسمى فانها تعيق بعضها الاخر و تضع العصي في عجلات عربة التقدم نحوه, و للتوضيح على سبيل المثال لا الحصر فانه لا يمكن للمرء الذي يهدف الى بناء سمعة طيبة و احترام بين الناس أن يجمع بين هذا الهدف و بين هدف أن يكون زير نساء يرتاد الملاهي الليلية و يمارس الفواحش -وان كان بعيدا عن أعين الناس, فهو لايدرك حينها أن “أول خطوة ليحترمك الناس هي أن تحترم نفسك”-, ففي مثل هذه الحالة و ما شابهها تكمن قدرة الانسان على التحكم بمشاعره و أحاسيسه و أفكاره و امكانياته نحو تحقيق الهدف الذي يريد الوصول اليه دون الاخلال بالمبادئ المجتمعية السائدة مقتنعا بها كان أم لم يكن.
. ان أهم الأمور التي يجب على المرء أن يدركها و يعمل على معالجتها وصولا الى ادارة سليمة لذاته هي نقاط ضعفه لا لكي يتجنبها بل لكي يواجهها و يذللها و يجهلعا من الماضي لأنها هي العقبة الأهم التي ستعيق تقدمه و قدرته على السيطرة على ذاته -و في هذا المجال لنا في الرسل مثل أعلى حيث أنهم كانو يواجهون لحظات الضعف البشري في نفوسهم بالصوم و الصلاة و الخلوات الروحية في البراري- كما يمكن للشخص أيضا الاعتماد على انتقادات الاخرين –كما حدث مع صديقي– السلبية منها و الايجابية و اجراء نوع من التحليل لهذه الانتقادات “دون اغفال شخصية المنتقد” بغية الحصول على تشخيص صحيح يفيده في اكتشاف نواقصه أو نقاط ضعفه و هنا أؤكد أن لا وجود لانسان ليس له نقاط ضعف.
. ان اجراء تقييم موضوعي للذات من فترة لأخرى لا يقل أهمية عن ما سبق لأنه يفيد باحراز أو عدم احراز التقدم المطلوب على الصعيد الشخصي مشيرا بذلك الى مدى نجاعة ما اعتمدته من أساليب لتطوير ذاتك والوقوف على تعديلها أو تغييرها أو اعادة النظر فيها ان لزم الأمر.
. أخيرا أقول أن هناك مثل شعبي قائل “ماحدا أحسن من حدا” و هذا المثل برايي أنه يحمل معنى أن الله أعطى لكل انسان موهبة أو شيئا يتميز به “مهما كان هذا الشيء” و أعطاه الارادة و العقل و الحرية لاستثمار ما وهبه اياه و هنا ينشأ التميز حيث نجد البعض لا يدرك ما لديه أو أنه يدرك ولكن الكسل يمنعه من تطوير ما لديه و توظيفه للارتقاء بذاته و نجد البعض الاخر يحصر امكانياته و يدرسها و يوجهها في الطريق الصحيح بكل ارادة و اصرار و طموح وصولا الى أهدافه ومرتقيا بذاته ليكون متميزا عن الاخرين و هنا فقط نجد المحامي المتميز والطبيب المتميز و الحلاق المتميز و بائع الفلافل المتميز و لنا في مثل الوزنات في انجيل متى “25: 14-30″ خير مثال للاقتداء ان كان على الصعيد الروحي أم على الصعيد المادي…

التعليقات: 4

  • يقول نائب رئيس التحرير:

    موضوع هام جدا” والتركيز على معاني أفكاره هو الأهم وأهمها :
    – تعريف الإدارة
    – الهدف الجمعي..
    – اكتشاف نقاط الضعف ومعالجتها …
    – التقييم الدوري والموضوعي للذات..
    – الموهبة وهبة الله …

    أشكرك سيد متابع على المقال مع خالص التحية …

  • يقول متابع:

    لا شكر على واجب, وواجبنا أن نساهم بغربلة “بغربلة” كل ما يسوق لنا من أفكار و قيم جديدة لنستخلص منعا الحنطة الجيدة التي تصلح بذورا صالحة لكل ما فيه خير لمجتمعنا و انساننا…

  • يقول م.محمد حمرا:

    لفت انتباهي في هذه المقالة الجيدة أن الكاتب الكريم طرق باباً قل طارقوه ،ودخل مضماراً عز داخلوه ،وهو يريد بمقالته هذه أن يرفع من همة الشباب, فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ،وكلما كان الهدف سامياً تعبت في مُراده الأجسامُ ،لأن من يتّهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحُفر ، ولا يستوي من جلس فوق القمم بأهدافه السامية وطموحه التّواق ،حيث الهواء العليل ،ينظر من علٍ كأنه الصقر إلى من هو في أسفل الوادي ،حيث الرطوبة والطير التي لا تقوى على مجاراة الصقور ..
    وعندما يحدد الإنسان هدفه في هذه الحياة ، ويجعله نصب عينيه يكون السير نحوه أسرع ،على أن لا يشغًل نفسه بأهداف صغيرة جانبيه فالأولوية للهدف الأسمى…
    م.محمد حمرا
    Eng.alhamra@hotmail.com

  • يقول متابع:

    نعم أيها الصديق محمد هذا جل ما أبتغيه و هو أن أساهم و لو بشكل متواضع في ايصال المفاهيم الايجابية الى كل الناس شبابا و شيابا لتكون لهم أساسا في ما يصبون اليه… تقبل اعجابي بمرورك الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *