الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

تنوع المعالجات بإثراء المساهمات

9_2_1

 

من يحكم على النص الرديء؟! وما هي الآليات التي بواسطتها يمكن الحكم بها من دون أن يُظلم النص وصاحب النص؟! وهل يعتبر النقد الأدبي حرفة لها قوانينها ومسمياتها، كونها خارج أطار العمل الإبداعي؟! واسئلة كثيرة أخرى وضعتها الكاتبة أميرة علي الزهراني في افتتاحيتها للعدد الجديد من مجلة البحرين الثقافية الذي حمل الرقم 73 والمعنونة ” هل أنت مضطر لقراءة عمل رديء؟! ويبدو أن الهم الحقيقي في عمل أي هيئة تحرير لأي مجلة ثقافية جادة يقع بين خطوط الطول والعرض لهذه الأفتتاحية، فالواقع الثقافي العربي مرتبك ويحمل في متنه أرتباكات المجتمعات العربية، فالثقافة ليست بمعزل عن الحياة في كل عصر من عصورها بل هي تعبير إنساني وفني عما يدور.

فماذا تنشر المجلة الثقافية في أوضاع كالأوضاع التي تعيشها مجتمعاتنا العربية؟ وهل تعبر بما تنشره عما يدور فقط حتى ولو كان ما يدور لا يبشر بأي خير لهذه المجتمعات، ويوحي بالإحباط والتشرذم؟! أم تتخذ جانباً من الثقافة دون غيره، أو تقف على الحياد مما يدور؟! مكتفية بالنظر لنصف الكأس الممتلىء، وحالمة بوعود المستقبل المشرقة؟!ولا تنتهي المسألة بعدد واحد بل تتجدد الأسئلة عند إعداد كل عدد جديد، خصوصاً حين تكون المجلة الثقافية فصلية وينتظرها جمهور المثقفين في مختلف أرجاء الوطن العربي.

مما يضطرها لمواكبة أنعكاسات الهم الأجتماعي على المثقفين، وتسد حاجتهم للمنشور الثقافي الغني بكل جديد وهادف، مما ينشر أو يذاع أو يصوّر في الشرق والغرب. العدد الجديد من المجلة جاء طامحاً لتحقيق هذا الهدف الثقافي النبيل، ولنا أن نحزر الجهد الكبير المبذول ومن كان وراء هذا الجهد الجليل، الذي يتكرر كل ثلاثة شهور بلا كلل ولا ملل، ولم يفت في عضد منفذيه كل المثبطات والصعوبات في فرز الجيد من الرديء .

جدلية الأب المؤسس

أتسمت مواد العدد بالتنوع والغنى الثقافي، ففي محور دراسات نقرأ ” نظرية الذوق عند الجرجاني ” لحسين غديري.

طرحت الدراسة عبر العديد من الأسئلة والإجوبة أشكالية التذوق الفني والأدبي، ومنها: ” هل يقوم الذوق الذي يحتكم إليه عبد القاهر الجرجاني في معالجاته على الموهبة الفطرية، أم على العلم والمعرفة؟ وما علاقة ذلك بالممارسة والدربة ثم الأكتساب؟ يقول الكاتب في اجابته عن ذلك السؤال ” لقد شكل الذوق مفصلاً رئيساً للنقد الأدبي عند القدماء ” وقد عُرف النقد حسب فهم الجرجاني المتوفي سنة 471 هجرية: ” النقد هو تمييز بين الجيد من الرديء ” و ” الذوق هو العماد الذي يقوم عليه هذا التمييز “.

ومن الجرجاني ينقلنا الباحث نذير الماجد إلى ” الهويات .. من الجوهرانية إلى التعدد ” فمن ضربه المثال للبورتريه المرسوم، والذي يشي بالحركة والأنفعال الجامد، وحتى تعريفه للهوية التي يعتبرها في دراسته ” هي خطاب التماثل والثبات والوحدة ” فهي تبدو ” كموديل ونصب ثابت ” حسب تعريف الكاتب لها.

فالهوية تعتبر كينونة بالرغم من أختلافات الفلسفة والتأريخ ” واثبات هويتنا يبرهن أننا أختلاف وأن عقلنا هو أختلاف الخطابات، وأن تأريخنا هو أختلاف الأزمنة، وأن أنانا هو اختلاف الأقنعة، وإن الأختلاف أبعد ما يكون عن أصل منسي وخفي بل هو ذلك التبعثر الذي نحن عليه أو الذي نقوم به “.

وتنقلنا الدراسة المعنونة ” الوظيفة (الأبستمية ــ المعرفية (للدراماتورجيا ” بين شخصنتها ودمجها بالمنجز الإبداعي ليوسف رشيد جبر حول المسرح وعلاقته بالمجتمع، الذي يؤسس لشاعريته. وكتب علي عبد الأمير صالح عن رواية ” مصابيح أورشليم ” لعلي بدر دراسة بعنوان ” رواية بوليفونية عن النفي والأغتراب والأستشراق “. وكتب فراس عباس البياتي دراسة بعنوان ” جدلية الأب المؤسس في علم الأجتماع ” عن طروحات مؤسس علم الأجتماع ” إبن خلدون ” في وصف الطبيعة البشرية ونعتها بأنها تضامنية وتنازعية بوقت واحد، ولا يمكن الفصل بينهما وهما وجهان لحقيقة واحدة وعد ذلك اللبنة الأولى لنشوء علم الاجتماع. وقد خلق الله تعالى الإنسان في أكمل صورة، كشكل وذهنية قابلة على التكامل مع الآخرين والتعايش معهم، ومن هنا نشأ التكليف الإلهي لهذا الإنسان لأستعمار الأرض وأصلاح شأنها، وأحقاق الحقوق فيها، ليتمكن الإنسان من فعل ما خلق من أجله عبادة الله الواحد، كما جاء في المقدمة لأبن خلدون.

قصص هاربة

وفي محور ” أدب ونقد ” كتبت أنيسة السعدون نقداً بعنوان ( مغامرة الشكل والرؤية البديلة في “أغنية أ.ص الأولى” لأمين صالح ( محاولة الولوج الى النص الروائي عبر مفهوم التجريب الأدبي، الذي توسل به الكاتب للأستعانة بمقومات فكرية وأخرى جمالية على مستويي الشكل والمضمون. وكتب سعيد بوعيطة نقداً لرواية أرض المدامع للبشير الدامون، وكتب علي كمال الدين الفهادي عن ديوان ” لا فضاء سوى وحشتي ” لعبد الوهاب إسماعيل بعنوان ” جدل الخيط الأبيض “. وكتب أحمد المؤذن عن مجموعة قصص ” قصص هاربة ” لمهدي عبد الله بعنوان ” مهدي عبد الله يهرول خلف قصص هاربة “، وقد وجد في نصوص القاص ” انه أمام قاص يتحد وجدانياً مع شخوصه ويضخ بعروقها الدماء من فيض رؤاه الملتحمة بحب القرية، التأمل في أحوالها، لملمة تلك النتف الصغيرة من قصصها، هذا ما تكشفه أسلوبية الكاتب مهدي عبد الله “. وتناولت نزيهة الخليفي في نقدها لـ “الدراويش يعودون إلى المنفى لإبراهيم درغوثي أنموذجاً ” الرمز في الرواية السياسية. ونقرأ في محور حوارات وشهادات بورتريهاً للجرافيتي حسين المحروس، كتبه عباس يوسف، وحواراً مع الدكتور عبد الله المدني أجراه فهد حسين، وفي محور تأريخ وسير، نقرأ لعبد الرحمن سعود مسامح بعنوان ” أوراق قديمة “.

ثغرة في الثقافة

وفي محور فنون نقرأ لعبد الله السعداوي ” التواصل الوجداني للممثل ” ويكتب محمد السمهوري عن تجربة الفنان محمد نصر الله التشكيلية. ونقرأ من ترجمة علي مدن ” محادثات من الرجل الخفي : والتر مارش وفن المونتاج السينمائي ” كتابة مايكل أوداجانتي، و” شاعرية الجسد .. تعليم الإبداع المسرحي ” ترجمة محمد سيف وتأليف: جاك لوكوك. وفي محور نصوص نقرأ لشيماء الوطني قصة” تووت .. تووت.. تووت” ولمحمد محمود المرباطي ” التصرف العفوي ” ولأحمد رضي ” معجم الهاوية”، و” وادي الضجوج” لوجدي الأهدل، و” التحليق خارج النافذة ” لأفراح فهد.

ونقرأ” إننا مثلهم ” لعارف البرديسي، و” أصابع الرولة ” للولوه المنصوري، و” جنون الغريب ” لعبد الحميد القائد” و”الممسوس? لجمال فتحي عبد الرحيم، و” عشرون صلاة فإلا ” لجنان العود، و” عندها .. فارق الحياة ” لعمر بن قينة. ونقرأ ” من أحاديث الكباش ” لحسين القباحي، و” امرأة من نور” لعبد السلام مصباح، و” يوتوبيا” لمحمد محمد عيسى. وفي محور مراجعات نقرأ ” صلوات إنهيدوانا ” بقلم رباب النجار، و”أحلام مستغانمي في روايتها ” الأسود يليق بك .. مُغنية الحي التي لا تطرب ” بقلم فيصل عبد الحسن، و” ملاذات الشطح ” بقلم محمد سيف الإسلام بوفلاقة. لقد أتسم العدد 73 من البحرين الثقافية بحيوية الطرح وتنوع المعالجات، ومساهمة أكبر عدد من الكتاب وأختيار النصوص والدراسات والنقد الأدبي والحوارات والنصوص والمراجعات لتقديم حلقة تتكامل مفرداتها وتسد ثغرة في الثقافة العربية

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *