by tone | 31 يناير, 2014 8:29 م
[1]
سيدة محترمة من بلدة كفربو, تتحدث لنا عن مرحلة الطفولة والصبا , وتربية الأولاد ,وصورة المرأة الناجحة في حياتها, ورؤيتها في السعادة, و هذا الجيل, وقضايا متنوعة …
إنها السيدة نعيمة عبود محفوض, من مواليد 1948م, متزوجة من السيد حنا ميخائيل ناصر ولديها سبعة أولاد , حيث قالت في إيقاع من البساطة :
كانت حياة الطفولة والصبا , و التي كان الفرح عنوانها والذكريات الجميلة كلماتها… و لا أنسى دور الأصدقاء في تلك المرحلة … فقد كانت السيدة زهوة فرح العبد الله من إحدى الصديقات الغاليات على قلبي … حيث كنا نذهب إلى النبع لنملأ الجرار …والشعر يشكل سدا” عاليا” فوق الرؤوس لذلك كان الناس يسموننا ب(السد العالي) …
و ماذا أحدثكم عن العرس الكفرباوي , فقد كان يضم كل أهل القرية , إذ يأتي الجميع إلى العرس بدون بطاقات دعوة , حيث كانت الفرحة تغمر الجميع و خاصة” في الدبكة , حيث لا تستطيع أن تميز أهل العرس عن المدعوين , فالعرس للجميع …
وتأتي السعادة ويطل الفرح في ذهابنا إلى العمل في الأرض, حيث يشمخ الغناء و ضحك الطبيعة… لدرجة أنك تشعر بأن النهار وكأنه ساعة من الزمن , مع أنه من السادسة صباحا” حتى السابعة مساء”… حيث نعمل في حكش وقطف القطن وزراعة الخضروات والبطيخ وغير ذلك …
ولا أنسى حراسة الأرض بالمحراث القديم و وجود إخوتي وأولاد عمي معي… حيث كانوا يصطادون العصافير والطيور المختلفة , وكنت أقوم بتجهيزها لهم من أجل الغداء و العشاء… و كنا ننام – في بعض الأحيان – في الأرض , و خاصة” في أيام الحصاد … إذ كانت التربة النقية فراشنا و السماء لحافنا , و لا أستطيع أن أصف لكم جمال السماء في الليل , بل كنت أسمع صوت الصمت…
ما بقي في الذاكرة هو قيامي بتلبية طلبات جدي (نعمة الحنّا ) …وهو وجه من وجوه القرية وعنده منزول , حيث كنتُ أقوم بصب القهوة لضيوفه وأنا في سن الطفولة , وأتذّكر كيف كان يقص في منزوله (الشيخ الراحل فرح الجمال ) القصص المختلفة عن الزير سالم و أبي زيد الهلالي وعنترة وغير ذلك …
كنّا نعيش ببساطة , و كنت أنا و إخوتي نرعى الماشية و أنا أجمع النباتات الصالحة للأكل من هندبة و خبيزة و دردار… حيث يمر الوقت بين لعب الطانجي و تسلق الأشجار و الغناء …
ومع هذا درست حتى الصف السادس الإبتدائي في دور الدير , حيث كانت هناك في تلك الفترة مدّرسات من حماه وأتذكر منهم الآنسة ليلى الصباغ ومن السقيلبية الآنسة أميرة الأسعد , وطالما أن المرحلة الإعدادية في مدينة حماه رفض أهلي إرسالي إلى المدينة ..
ومن ذكريات الطفولة أيضا” أنني كنت شجاعة القلب لا أخاف … فعندما أرسلني أهلي إلى تل أفيون لكي أطعم الحصان …وهناك قام إخوتي بإنزالي في بئر الركية – و عمري كان آنذاك /7/سنوات – لأملأ لهم الدلو من أجل أن نشرب وتشرب الماشية …
–وبادرنا بالسؤال للسيدة نعيمة عن كيفية تربية الأولاد عندها فقالت :
كنت دائما” أذّكرهم بالتمييز بين الخطأ والصحيح , مع حالة دائمة من المراقبة غير المباشرة… مع تدخلي في الوقت المناسب , فقد كنت لا أسهو عن بيتي ولا أضيّع وقتي في الزيارات غير المفيدة , مع علمي بأن المرأة وحدها لا تستطيع تربية الأولاد فهناك مساعدة ضرورية للرجل ولو على شاكلة تخويف للأولاد حتى لا يخرجوا عن طورهم …
وأسلوبي التربوي يعتمد على طرح الأمور الإيجابية أمامهم … كالذهاب إلى الصلاة والتمسك بالقيم التي زرعها الآباء و الأجداد … فقد كنت قدوة أمامهم في علاقتي مع الله ومتابعة الصوم والصلاة … ولا أحب التربية المعتمدة على العنف فقد كنت عبر الكلمة المنيرة والنصيحة الهادئة والتأكيد على الصح… و هذا كان سلاحي في التربية ….
[2]
– ولدى سؤالنا السيدة نعيمة عن مسألة الاقتصاد المنزلي ودور المرأة فقالت :
إنني أستحضر الضروري والمهم للبيت… والذي لا نحتاجه أبعده, وأقدم لعائلتي المهم ,وأحقق شرط إحضار اللازم من المواد المختلفة حتى لا يتم أي تبذير , وكنا سابقا” ومن باب التوفير نستغل مزروعات الطبيعة ونقوم بقص بعض الحويش, الذي يُؤكل, وكنت مؤمنة بالمثل القائل : الرجل جنّا والمرأة بنّا , ولا أعتمد في سياستي الاقتصادية في تخزين لا لزوم له …
– وسألنا السيدة نعيمة عن أسلوبها في إرشاد بناتها في مسألة اختيار الشريك , فقالت :
لم أتدخل في اختيار الصهر, إلا عبر بعض التوجيهات لبناتي ,والرأي الأخير لهنّ , وأنا أعتبر الصهر مثل الإبن, وخاصة” الصهر الإنساني الراقي… وكنت أقوم بالتجهيز الكامل للبنت قبل الزواج ولا أبخل عليهم ….
و لي كلمة أقولها بأن زوجي كان له الباع الكبير في بناء أسرتنا فقد أمضى معظم وقته في تأمين لقمة عيشنا … فقد كنا فقراء و لكن بفضله – بعد الله – قد أمنّ لنا المال لكي أدّرس أولادي في الجامعات و المعاهد …إضافة” إلى دوره في توجيه أولادي نحو العمل الصالح…
[3]
– ولدى سؤالنا عن هذه الكلمات أجابت السيدة أم مفيد:
–الجيل : يختلف هذا الجيل عن جيل مضى فهو في أكثر الأحيان لا يسمع ولا يقبل النصيحة , علما” أن الكبير له خبرة في الحياة أكثر من الصغير … وينبغي على هذا الجيل أن يرفع راية الاحترام ويذهب للكنيسة ويتعلم الأمور الصحيحة والمهذبة …
– السعادة : سعادة المرأة بزوجها وأولادها… و خاصة” عندما يحبون بعضهم بعضا” … وأرى بأن القناعة هي أساس السعادة , والمال ليس كل شيء في هذا العالم ….
–المرأة الناجحة :هي المرأة المحترمة والعاقلة والتي تفهم كيف ترعى أولادها بشكل جيد , أما المرأة المهملة لبيتها وأولادها حُكما” سيكون الأولاد فاشلين… و بشكل عام ومن الغلط أن تُظهر الخلاف مع زوجها أمام الأولاد … أما المرأة الحنونة هي الناجحة لأن هذا الحنان ينعكس على الأولاد ويرفع راية المحبة , والأم الناجحة تعّلم الأولاد البساطة والمحبة وتزرع بهم ذلك , ولا تعلهم اللؤم حتى و لو كان الأب في خلاف مع أخيه أو قريبه , فلا تنقل هذا الخلاف لأولادها …
– الكنّة :الحمد لله عندي كناين ليتهم في بيت كل صديق , فهن مثّقلات بالذهب كأنهن أخوات يحببن بناتي ويعشن كأنهن في بيت واحد …
– الحشمة: وقار المرأة بحشمتها… لذلك أرجو من صبايانا و بناتنا أن يذهبوا للكنيسة و يقتنعوا بضرورة الحشمة…
–الأرض : جذور… فهل يستطيع الإنسان أن يتخلى عن جذوره… و أتأسف من بعض صبايانا بأنهم يتكبرون على الأرض و يعتبرون بأن العمل في الأرض يقلل من مستواهم الاجتماعي و يفضلون العمل الوظيفي … فأنا لست ضد العمل الوظيفي و لكن بشرط أن لا نتكبر على أرضنا التي لحم أكتافنا من ثمارها و التي عرّفها أجدادنا بأنها (العرض و الشرف) و أيضا” ( الأرض إن لم تغنيك بتسترك)
–
أخيرا” أقول : أتمنى أن يبقى زوجي وأولادي وأحفادي وبناتي في صحة جيدة وتحية لصديقة الطفولة زهوة فرح العبد الله ( أم أيمن ) متمنية من الله أن يعيد الأمن لسورية الحبيبة وكل الشكر والتقدير لأسرة موقع مجلة كفربو الثقافية..
Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/6458
Copyright ©2024 مجلة كفربو الثقافية unless otherwise noted.