الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

أين أنت من الإشاعة …!؟

101_8648نسخ [640x480]

 

 

أسمع في المجالس الإشاعات الكثيرة التي تسيء لوجه كفربو المشرق وتسيء لبعض الأشخاص الذين تم الافتراء عليهم ,ومع ازدحام الصحيح والخطأ والقول الصادق والقول الكاذب تضيع الطاسة وتكون الطامسة , ويدل ذلك على الخواء الفكري وعندما يصدق الإشاعة عدد كبير من الناس وتسري كاشتعال النار في الهشيم هذا يعني أن الحالة الفكرية تعيسة والوعاء المعرفي في نضوب ,والأمر يندرج على أماكن كثيرة في هذا الوطن .

ولا يقف بعضهم عند حدود الإشاعة بل يزيد عليها,وهذا ما ذكَّرني بقصة الفلاح الذي رأى أفعى في حقله وعندما تحدث عن الأمر لجيرانه وقال: رأيت أفعى طولها متر و نصف, فلم يمض أكثر من يومين حتى كان الخبر في دار المختار أن الفلاح فلاناً قد رأى أفعى طولها عشرة أمتار,ولها أربعة أنياب ,وابتلعت خروفاً و رأى الفلاح فلان ذلك بأم عينه.

وكل إنسان لا يرد النبع (الأصل) في أخباره وشربه يبقى تابعاً وضحلاً في أفكاره, والجملة الخبرية تحتمل التصديق والتكذيب ,والإنسان العقلاني يستطيع أن يفرز الصحيح عن المغلوط وفق المحاكمة العقلية,ووفق الأفعال الماضية ووفق الصورة المرسومة في ذهنك, هل نستطيع أن نحكم على إنسان أنه عفيف أو صادق أو أبي ,أو عصامي عبر سنة أو سنتين , فالأمر يتطلب عشرات السنين لتثبت الصفة في الشخص ,نقول: فلان شاعر أو متكلِّم أو لبق أو مهذب أو عفيف هذه الصفات يتم تحصيلها عبر زمن طويل, جرِّب أن تقول عن شخص مشهود له بالصدق في مجلس يضم أهل الخير :إن فلان كاذب ,وسوف ترى كيف يكون توبيخك من أهل الخير.

هذا ما استدعى عندي قصة حاتم الطائي الذي طرد ذات يوم أعرابياً أتى يطلب العطاء منه,وهنا شتمه حاتم الطائي ووبخه, وعندما رحل الأعرابي ,تنكَّر حاتم بزي رجل فقير والتقى بالأعرابي في الصحراء فقال حاتم للأعرابي: من أين كانت وجهتك يا أخا العرب؟ ,فقال الأعرابي: من عند حاتم الطائي,فقال حاتم المتنكر: ماذا أعطاك؟

فقال الأعرابي: لقد أعطاني الكثير واحتفل بي,وملأ لي رحلي. هنا رفع حاتم عن وجهه اللثام وقال: أنا حاتم الطائي لماذا تكذب؟ أنا طردتك وشتمتك في باب داري. فقال الأعرابي: اعذرني لو قلت غير ذلك لم و لن يصدقني أحد.

من هنا فالحارة ضيقة وارتسمت ذاتيات الجميع في عقولنا , الغبي من يطلق إشاعة على شخص كبير في أخلاقه وتصرفاته,وقد قال الأجداد في أمثالهم: (حكى القرايا لا ينطبق على حكي السرايا), قصدوا بذلك أن حديث وثرثرة الناس في القرى والحارات لا ينطبق على حقيقة الخبر الموجود في المحكمة أو في ضبط الشرطة ,أو قرار الإدانة.

أتمنى أن لا تكونوا من المساهمين في قطع النخوة والإساءة لصورة البلدة , نعم هناك أخبار صحيحة ,ينبغي أن نشتم (بطلها) ,ونسكب الوعي في أذهان الجيل , وهذا الكلام(الإشاعة) تصل بنا إلى حالة سيئة من النميمة الصفة المذمومة عند أهل الخير , لأنها تولد الضغينة والغضب والكراهية بين الناس, والحل في إبعاد الفرد عن هذه الصفة المذمومة هو في القراءة أو في الاهتمام بشؤون بيته, بدلاً من أن يملأ وعاء فكره بثرثرة الجارات الحسودات الفارغات الوضيعات .

وعندما يكون الحل بالمطالعة وسيف القراءة يقص لسان النميمة كما قلت منذ سنوات يجني القارئ الفوائد الكبيرة في المجال المعرفي والسلوكي والتربوي والإبداعي والحضاري لأن القراءة تلبي الحاجات الإنسانية المختلفة كالحاجات المعرفية والجمالية والأخلاقية , ومن يقرأ فهو بعيد عن تأثير الإشاعة لأنه محصن بالثقافة العلمية ,ويجد نفسه صغيراً عندما يذكر خبراً قد لا يكون صحيحاً. فهو بالأصل غير جاهز لاستقبال كلام أهل الجهل وأهل النميمة.

كم اختلفتُ مع أشخاص يسردون الأخبار منطلقين بكلمة: سمعت أن …. أو يقولون …… وحبذا لو دققوا في السند أي في الذين تناقلوا الخبر,هل هم أهل للمصداقية ؟هل هم ثقة في قولهم ؟ هل مشهود لهم بالصدق؟ وحتى في الخلافات علينا أن نسمع الطرفين ونحكِّم العقل في قناعتنا عندما نعطي الحق.

وهكذا فالإشاعات الصحيحة والكاذبة قد راجت في المدة الأخيرة , والوعي هو المنقذ , والاهتمام بتحصين الأسرة هو المهم ,وحتى لو كانت الإشاعة صحيحة علينا أن ندرِّب لساننا على ذكر ما يُشَرِفُ ويجعل رؤوسنا تدق السماء.

التعليقات: 2

  • يقول جورج:

    على أرض الواقع خبر السوء يحتاج لشخص كي يذكره فيبتشر بسرعة الرياح القوية وأما تكذيب هذا الخير فيسير على خطى السلحفاة ونادراً مايصدّق ذلك الناس فالإنسان المهذّب والواعي والمؤمن عليه أن لايصدّق أي خبر سوء وينشره قبل التأكد من مصداقيته وليتذكر أنه لايوجد إنسان معصوم عن الخطأ وكما ترغب أن يعاملك الناس بادر أنت بمعاملتهم

  • يقول متابع:

    وضعت يدك على جرح نازف في مجتمعنا و لكن و كما أفدت يبقى الرهان على الوعي و على العقول الواعية القادرة على الفصل “المنطقي” ما بين الخطأ و الصواب وما بين الكذب و الحقيقة, و أود هنا أن أستشهد بقول السيد المسيح في موعظته الأزلية على الجبل”لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، 15 وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ”, قالحق واضح و الباطل واضح و لكن عند أبناء الله…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *