الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حوار مع المغتربة الأديبة ابنة كفربو كراسيا العوض

*شكرا”سيدة  كراسيا على قبول التواصل الفكري والثقافي مع موقع مجلة كفربو الثقافية والتكرم بالإجابة على هذه التساؤلات, و التي تنطلق من ربوع كفربو العامرة إلى ابنتها المغتربة السيدة الأديبة كراسيا العوض, ونفتخر بإطلالتك على صفحات موقع المجلة لتزينيها بأريج زهر العنبر و البيلسان , فتفضلي لمتابعة هذه الأسئلة مع جزيل الاحترام :

 

– بل الشكر لكم لأنكم منحتموني فرصة العودة عبر هذا الموقع الجميل إلى المكان الذي أعطاني اسمي و ذكرياتي و أجمل سنين عمري و ربما أمرّها أيضاً، كفربو ليست ضيعتي فحسب و جزء من سوريتي التي احملها في صدري , بل هي عائلتي الكبيرة التي اشتاق و أتمنى اللقاء بها يوماَ…

kr6نسخ [640x480]

•حبذا لو نقرأ شيئا” عن السيرة الذاتية لحياة كراسيا ؟

– لم أعش بما يكفي لأحيط  سنيني بسيرة ذاتية، فأنا لا أعرف بعد على أي ضفة  ولدت ، مازلت طائراً أزرقاً يقطن في فوهة السؤال ارتجف خوفاً من بركان التفاصيل الصغيرة , تلك التي لا يهتم بها احد، تلك التي لا يهتم لها احد، تلك التي تحرك لعبة الكون الذي خلقت منه كائناتي القلقة.

kr8نسخ [640x480]

•المرأة السورية و الكفرباوية  جديرة بالاهتمام , ما رأيك بذلك ؟

– عندما نقول المرأة السورية تقفز إلى أذهاننا صورة تلك المرأة  المرتبطة بالخيال الجمعي للمجتمع السوري و الذي تكوّن منذ عشتار الإلهة السورية, إلى زنوبيا الملكة, إلى المناضلات اللواتي ساهمن في صنع تاريخ سوريا وصولاً إلى عصرنا هذا الذي تميزت به المرأة السورية و أثبتت جدارتها في جميع المجالات العلمية و الثقافية و العمل المجتمعي, و المرأة ” الكفرباوية هي جزء و امتداد لما تمثله المرأة السورية مثلها مثل نظيراتها في كل مكان في سوريا، سواء” بما قدمن و يقدمن أو بما يمثلن من معاناة المرأة في الجانب الآخر، المعتم من الصورة بفعل العادات و التقاليد و الأعراف الظالمة التي ما زالت سائدة إلى يومنا هذا … بكل الأحوال أرى أن المرأة جديرة بالاهتمام أياً كان مسقط رأسها، جديرة بأن تعاد من الهوامش إلى مكانها الحقيقي الفعّال كجزء من هذا المجتمع بل كنصف آخر لهذا المجتمع… متكامل بالحقوق و الواجبات و النظرة الاجتماعية …

•مسألة الحشمة لها أنصارها ما رأيك بقلة الحشمة في هذه الأيام  ؟

– ما لم تكن العفة في القلب و العقل لا تستطيع قطعة القماش مهما طالت أو قصرت اختراعها، في كل الأحوال مسألة الحشمة و اشكالياتها هي جزء من اشكاليات المنظومة الذكورية التي تتصف بها مجتمعاتنا العربية المكبّلة بالعادات و التابوهات الدينية و الثقافية و التي حصرت المرأة في خطوط حمراء  و لم تر فيها أكثر من قطعة لحم مثيرة  للعاب، فوقعت المرأة أيضاً بهذا الفخ لترى نفسها على أنها جسد و غواية… الحشمة لا يمكنها أن تكون عباءة ما دامت العقلية) الذكورية (و التي تمثلها بعض النساء أيضاً… ترتع في مجاهل التخلف الإنساني.في  النهاية جسد المرأة هو كيانها الخاص والحميم  ويخصّها وحدها و هي المسؤولة الوحيدة عنه

kr9نسخ [640x480]

•عفوا” إن حدود حريتي تقف عند حدود حرية الآخر…يسوع المسيح و الرسل تحدثوا كثيرا” عن ضرورة الحشمة متى (5 : 27-30) بطرس 1 (1:3-8) … و الحشمة ليست للمرأة فقط بل للرجل على حد سواء… و الرجل القوي من الداخل لا يهمه الموضوع نهائيا”… و لكن من مناّ يرضى أن يكون فخا” بيد الشيطان يستخدمه لاصطياد قلوب الضعفاء…..؟!!

– العفة و التي أكرر أنها إن لم توجد في القلب و العقل لن توجد في مكان آخر، أما عن السيد المسيح فهو لم يتطرق لشأن شخصي في أي من كلامه و رسالته, بل بالعكس قال لهم من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر…

– إن أحد أهم مقومات المجتمع الناجح أن نفصل بين ما هو ديني عن ما هو مدني، فالإيمان علاقة خاصة بين الفرد و الله و لكلٍ طريقته في تواصله مع خالقه و في إيمانه. لم يحدث أبداً أن تكون إمرأة محجبة أكثر إيماناً أو عفة” من أخرى تُظهر أجزاء من جسدها، إنما الصالح صالح القلب و الأعمال… و نريد لأنفسنا مجتمعاً مدنياً خالياً من العقد الدينية و الثقافية نتعّود فيه النظر إلى رأس المرأة و عقلها لا إلى جسدها… لست أنادي بالتعري لكنني أرفض التشدد و أرفض أن انّصب نفسي قاضياً على الآخرين فيما يفعلون. الرجل الضعيف كما قلت، يجب مساعدته  وتقويته لا قمع الآخر من اجله… المريض هو من يُؤخذ إلى الطبيب .

 

 

                                                            

•باختصار كيف تتصورين المجتمع المثالي ؟

– المجتمع المثالي فكرة طوباوية لا تتحقق إلا إذا تحققت مثالية أفراد هذا المجتمع، لكن و بما أن قدر الناس الاختلاف في المستويات الثقافية و الأخلاقية و الفكرية … إذاً هذا يجعل الأمر مستحيل على أرض الواقع. المجتمع المثالي ليس هدفاً بحد ذاته بل العمل إلى خلقه بمواصفات أقرب إلى الصورة المثالية التي نحلم بها. لعل أفضل من عبّر عن ذلك قول ادواردو غاليانو: “الطوباوية في الأفق كلما اقتربت منها خطوة ابتعدت خطوة ، و كلما مشيت إليها عشر خطوات ابتعد الأفق عشر خطوات، بماذا تفيدني إذاً؟ …في هذا، أن أمشي.. أن أظل أمشي.

•لديك ابنان (حماهم الله , هل قادتهم كراسيا إلى منحى ديني صحيح وفق قيم وتعاليم طفل المغارة ؟

kr2نسخ [640x480]

– علمتهم الإيمان بقوة الخير و المحبة وأن غاية الدين هي الأفكار الفضلى، أن نقترب أكثر من إنسانيتنا و من الرسالة السماوية بوصفها رسالة محبة و تسامح و أما الدين كموروث ثقافي فكان لابد من رسم خط واضح بين ما هو تاريخي و ما هو إيماني و على هذا الخط يقف احترام الآخر، المختلف دينياً و إيديولوجيا”

•عفوا” ماذا تقصدين بالدين تاريخيا”؟

-الأديان قبل المسيح لم تكن موجودة المسيحية و قبل محمد لم يكن موجود الإسلام و الشيء ذاته بالنسبة لليهودية و الأخرى.

أليس الدين هو جملة النصوص الموجودة بين أيدينا من الكتب المقدسة؟ ألا تتفق هذه النصوص مع حقبة تاريخية معينة كُتبت فيها؟ أليست امتداد لديانات سابقة؟ لا شك  الدين في جوهره هو الاعتقاد بوجود قوى ثابتة مستقرة وراء كل ما يحدث و هي إرادة الله لكن هذه الإرادة نفسها تتغير ملامحها من دين لآخر و من ثقافة لأخرى وأنا أتكلم عن الدين بشكل عام وليس الدين المسيحي فقط.

 

1510780_10153842275905441_1642693294_nنسخ [640x480] 

 

•أنت عشت الغربة… ما هي الصعوبات التي صادفتك في غربتك ؟

– الغربة هي بحد ذاتها صعوبة، الإحساس بالانتماء إلى عالمين في الوقت ذاته، أو اللانتماء إلى أي منهما، الحصار بين لغتين الأولى أتت بي و الأخرى أتيتُ إليها، هجمات الحنين المتكررة. أشعر أحياناً بأني طائر يبني عشه على كتف الريح  أو شجرة قُدّر لها أن تنمو في حقلين معاً. ربما  أقسى ما يمكن أن يعانيه مغترب على الصعيد السيكولوجي هو حالة الفصام هذه، بين ال هنا وال هناك

•ماذا تحدثينا عن تجربتك في إذاعة أرابيسك في الأرجنتين ؟

kr9نسخ [640x480]

– أرابيسك اسم لبرنامج اذاعي كنت اقدمه منذ عام 2005 إلى عام 2012 يسلط الضوء على الحضارة العربية بشكل عام و السورية بشكل خاص ليمتد جسرا بين ثقافتين الأولى هي بدايتنا و إرثنا و جذرونا و الثانية هي هذه التي ننهل منها الآن كمغتربين  و منحدرين من أصول سورية… أتينا إلى هذه البلاد بكل إرثنا الثقافي و تفاعلنا في هذا المجتمع و شكّلنا جزء من بنيانه الثقافي و الاقتصادي و حتى السياسي. طبعاً انتقلت  بالبرنامج بعدها في عام 2010 إلى التلفزيون حيث صار يُبث على إحدى القنوات في الولاية التي أعيش فيها…

kr 1نسخ [640x480]

•نود معرفة علاقتك مع مغتربي كفربو في الأرجنتين  وفي العالم ؟

– نتواصل دائماً عندما تتاح لنا الفرصة أو في بعض المناسبات التي تقام هنا. تربطني ببعضهم صداقة متينة ، ربما يجمعنا نفس الإحساس في الغربة… الإحساس بالعائلة…

• منذ أشهر كنت معنا في سهرة كفرباوية على الهواء مع فريقنا الثقافي في موقع مجلة كفربو الثقافية , حبذا لو تحدثينا عن انطباعاتك في هذا اللقاء على صوت الشباب في الإذاعة السورية ؟

– أولاً أريد أن أشكر إذاعة صوت الشباب و المايسترو فرح عيلان بالأخص لأنهم منحوني هذا الشرف بمشاركتهم هذه اللمّة العائلية  وسط الألم الكبير الذي نعيشه اليوم و التي كسرت صقيع غربتي بأصوات ما زالت تجول في شراييني و في ذاكرتي اليومية. شعرت بأني عدت  للحظات إلى وطني…

•نود معرفة بالكتب وأنواعها التي نهضت بثقافتك ؟

– اعترف أنني مقصرة جداً في القراءة و خصوصاً في فترة هذه الثلاث سنوات من الألم السوري الذي أبعدنا عن ذواتنا بشكل أو بآخر، لكن خلال حياتي حاولت أن  أطلّع على مجمل أنواع الأدب و الكتب.من الشعر و الرواية و الميثولوجيا و التاريخ و الفلسفة و علم النفس و بعض الكتب العلمية. سواء عربية أو ترجمات عالمية، أو بالاسبانية

• لك تجربة في إنجاز الكتب الفكرية والإبداعية كما سمعنا باللغة السبنيورية , ماذا تحدثينا عن هذه الكتب ولماذا لم تترجمي هذه الكتب إلى العربية ؟

– لي ديوان بالاسبانية صدر عام 2008 و قد لاقى تكريماً من عدة مؤسسات هنا , كما أن بعض قصائده استُخدمت كنصوص في مسرحية حازت على جائزتين وطنيتين، و كذلك إحدى المدارس اعتمدته في مقررات مادة الأدب لطلاب الثاني الثانوي منذ حوالي عامين, و كان لي لقاء مع الطلاب الذين درسوا القصائد و فوجئت و بسعادة عارمة عندما ترجموا بعض القصائد بلوحات تشكيلية علقوها على جدارن الصالة التي جمعتني بهم. طبعاً هناك ديوان آخر باللغة الاسبانية أيضاً قد يخرج للنور في أي وقت بالإضافة إلى مجموعة من النصوص باللغة العربية، قد تكون مشروع ديوان جديد

 

• عذرا” لماذا لم يصدر هذا الديوان إلى اللغة العربية لكي يتسنى للأهل و  الأصدقاء أن يقرؤه ؟

– لم يصدر ديواني باللغة العربية لأنني لم أفكر وقتها بأن كلماتي يمكن أن تصل إلى سوريا، فقد كنتُ منهمكة في شق طريق لي في هذا الأفق الأرجنتيني الذي وجدت في لغته عوالم من الدهشة و السحر، لكن سوريا كانت دائماً حاضرة في نصوصي و لها قصيدة نشرت في مواقع عدة و في الجريدة الرسمية و ألقيتها في عيد جلائها.

 

 

 

•علمنا من أحد الأصدقاء المقربين أن لك تجربة بأغاني وبرامج الأطفال , ليتك تحدثينا عن هذه التجربة ؟

– أثناء عملي في مدرسة للأطفال تدّرس اللغة العربية و بسبب افتقادنا للمواد التوضيحية و أغاني الأطفال في هذا النصف الآخر من العالم ، كان عليّ و بدفع من مديرة المدرسة و زملائي أن أسجّل بعض الأغاني للأطفال التي كانوا يرددونها في الاحتفالات المدرسية باللغة العربية، طبعا “بمساعدة احد الموسيقيين هنا  كنتُ أضع الكلمات و اللحن… و هناك أغاني سجلتها بالإنكليزية و الاسبانية إضافة إلى العربية… هي أغان بسيطة لا أكثر.

•كنت مديرة أعمال لسيناتور لبناني  , هل من توضيح أكثر ؟

– هو من أصل لبناني سوري، جده لوالدته سوري من حمص و جده الثاني من لبنان… عملت معه في قسم الاستشارات الثقافية و كمنسقة للعلاقات مع العالم العربي، حاولنا أن نمد جسوراً معرفية بين الثقافتين قدر المستطاع  عبر برامج التبادل الثقافي و اتفاقيات التعاون الدولي و خصوصاً أن الجالية العربية و بالأخص السورية اللبنانية كما تسمى هنا تشكل نسبة كبيرة من السكان الأرجنتينيين، لكن ظروفاً سياسية داخلية حالت دون تحقيق الهدف المرجو فاقتصر عملي على المنحى الثقافي.

kr3نسخ [640x480]

•كيف تكون الثقافة هي الركن الأساسي في تقدم الشعوب ؟

– لا يمكن لشعب أن يتقدم لا اقتصادياً ولا سياسياً ولا اجتماعياً ما لم يكن هناك قاعدة معرفية و ثقافية يرتكز عليها حيث أن الثقافة ليست انعكاس التاريخ و صورة الحاضر  لشعب ما فحسب و إنما بوابة للانفتاح على تجارب الأمم و خبرتها و التفاعل معها و الاستفادة منها لطالما  اُعتبرت الثقافة نبوغ القدرة الإنسانية و إظهارها لخبرات و تجارب شعب ما بطرق إبداعية و خلاقة . إذا عدنا إلى جذر الكلمة اللاتيني  لوجدنا أن كلمة ثقافة مشتقة من الفعل زرع الذي استخدمه شيشرون في الإشارة إلى أن الثقافة لا تختلف عن عملية  الاعتناء بالأرض و زراعتها و تهيئتها للعطاء المستمر، الإنسان أصل التطور لكن الإنسان الذي زرعت فيه المعرفة و الفكر و القيم الأخلاقية تسهم في دفع الحركة العملية في المجتمع.

 

• الكتاب أصبح ورقيا” والكترونيا” , أين أنت منهما  ولماذا ؟

– أنا بمكان بينهما كالمكان بين الزهور الطبيعية و الاصطناعية… للورق رائحته الخاصة، عطره، نكهته، خصوصيته التي لا يعوضها الكتاب الالكتروني، لكن أحياناً و بسبب عدم توافر الكتب و المكتبات العربية ألجأ إلى الإصدارات الالكترونية التي إتاحتها لنا تكنولوجيا الانترنيت…

                  

•من هم الأدباء الذين تأثرت بهم من العرب و الأجانب ؟

– كل نص يقارب عقلي و يقترب من روحي و من رؤيتي للكون من حولي يؤثر بي ,  لكن اعترف أن هناك شاعران اتمنى لو أني  كنتهما، محمود دوريش و بورخيس , وهناك بعض الأدباء الذين ما زلت أقرأ لهم بنفس المتعة و الشغف الذي قرأت لهم  لأول مرة مثل جبران خليل جبران، محمود درويش، أدونيس، غادة السما, وكذلك خوان غيلمان وشارل بودليير…

 

•الفن والموسيقا والأدب والشعر …الخ هي مواهب من الله , فمن كان له الدور في تنمية مواهبك ؟

– تجربتي القاسية، معاناتي، الخسارات المتكررة ، لا فضل إلا للألم على نزيفي…

•ماهي تجاربك الشعرية من حيث الأغراض ونوع الشعر وهل يوجد مشروع لطباعة بعض المجموعات الشعرية  ؟

– في بادئ الأمر لم أكن أدري أصلاً أن ما أكتبه كان من الممكن أن يُدرج تحت اسم شعر أو قصائد، كانت مجرد نثريات وجدانية أو  خواطر محمّلة بأسئلة وجودية قد ابتلعتني كما يبتلع البحر أسماكه… إلى أن أزهرت هذه النصوص في إحدى المجلات التي كانت تصدر في الإمارات عن دار البيان,  لكنها كانت تجربة قصيرة جداً بسبب سفري و إقامتي في الأرجنتين حيث انقطعت تماماً عن اللغة العربية و انشغلت بتعلّم الإسبانية  , وبعد ثلاث سنوات من إقامتي هنا و عندما بدأت عملي في البرنامج الإذاعي كنت أبدأ البرنامج بقصيدة كل أسبوع و كانت قصائد حنين إلى الوطن في أغلبها، وهذه النصوص نالت إعجابا” من مستمعين و متابعين لبرنامجي  , و نشرت بعضها في الجريدة الرسمية للمدينة، وهذه كانت الخطوة التي منحتني الشجاعة لأقول نعم أستطيع أن أكتب الشعر بهذه اللغة المخيفة بجمالها و غناها الذي لا يقل ثراء” عن اللغة العربية و خصوصاً أن بعض الأصدقاء من المهتمين بالأدب و الشعر  كان قد قرأ ما كنت أُخفي من نصوص أظنها غير صالحة …و أثنوا بإعجاب على تجربة شعرية جديدة مختلفة تلوّح في أفق( الأدب اللاتيني ( حسب تعبير إحدى المُجازات بالأدب و التي ساعدتني في عمليات التدقيق النحوية) من هنا كان علي أن أسمع للأصوات التي طلبت مني أن أُخرج نصوصي للضوء في كتاب، فكان ديوان ضحية الريح عام 2008 و هو مجموعة من قصائد وجدانية، حب وشوق للوطن سوريا.. ألَمٌ لما يجري للدم العربي.. و بعض النصوص باللغة العربية. شاركت بعدها في أمسيات  و ملتقيات  شعرية كان آخرها الملتقى العالمي لنساء شاعرات.

kr7نسخ [640x480]

•هل يوجد قصيدة غالية على قلبك وتودين أن نقرأها , و ماهي ؟

          

أعرف أن السكر المنثور فوق وجه الموت لا يغير طعم الفقد

           و لا الصباحات التي تفيض بالدمع

           تحجب لون الشمس

           و لا انزياحي عن قارات الصمت لبعض الوقت

           … يغير ما في نفس الوقت


           وأنت تعرف أن دمعي لك

           و صلواتي المشدوهة الملامح لك

           إلهي الصلصالي الرهبة

           الذي من بين أصابعي يتساءل فيَّ عليك لك

           عباءتي التي تركتها في حوزة الليل ذات جنوح لك

           الخيط الذي أطرز به قصائدي لك

           قلبي الذي تحت وصاية الوردة لك

           قطرة الدم التي التصقت في شفاهي

           يوم شقها الكلام لك

           و بوصلة صمتي

           وذلك الحبل السري

           الذي يشنقني على أشجار إخوتي لك

           والبئر التي تحتضنني

           مع يوسف والذئب البريء


           حجم لغتي على تخوم كل انتظار

           الأساطير التي تعبر من ثقوب اسمي لك


           النور الذي سرقته خلسة من نار بروميثيوس

           ابتسامة سيزيف التي تطوق محاولاتي

           تمتمة الشيطان على مأدبتي

           تلاوات خصر عشتار

           قراءاتي النقدية في أنوثة القصيدة لك

كمشة القمح في كف تموز…

شقائق أدونيس

و امتدادي منذ الكلمة البدء إلى حدود القبيلة

 و منذ ولادة البرق إلى رومانسية الطلقة

ولك ما تعرف و أعرف


– بداية هذه القصيدة و آخر عناقيد عتبي: أيها الوطن كن لي

• ماهو رأيك بالتراث السوري , نود أن نقرأ لمحة عن بلدة في الأرجنتين إسمها )سنجو كرار ( كفربو الأرجنتين ؟

– هذا التراث هو هويتنا الثقافية و ذاكرتنا الحية كمجتمع و كأفراد، قلب تاريخنا و جبين حاضرنا، هو البصمة التي تميز سوريا عن غيرها، هو جزء من حاضرها و دليل إليه و جواز سفرها بين العالم. أشعر بالألم اليوم و أنا أرى هذه الهوية  مهددة بالخطر و الاندثار أمام ما يحدث في وطننا الغالي.

– سنجو كرار..كفربو الأرجنتين , كانت تسمى كذلك لأن أغلب سكانها كانوا ممن أتوا من كفربهم تحديداً اليوم و بعد أن هاجرها أهلها إلى المدينة لم يبق فيها سوى ذكريات مشحونة بالحنين يتداولها السوريون الذين عاشوا فيها كعائلة…

• كيف نقلت صورة كفربو سوريا إلى الأرجنتين , وما هي المنابر التي بثّت وعرضت هذه الصورة ؟

– سوريا حاضرة دائماً في وجداننا، في أحاديثنا في احتفالاتنا، في المؤتمرات التي تخصص للاحتفاء بها، في البرامج التلفزيونية و الإذاعية التي تحمل اسمها، في الموسيقى، في الأطعمة . سوريا حاضرة بقوة هنا حتى بآلامها. و كفربو جزء من هذه الـ سوريا و بالتالي هي جزء من هذا النبض في صدورنا. و عاداتها أيضاً متداولة خصوصاً في المكان الذي أعيش فيه… حيث أن عدد الذين أتوا من كفربو كبير بما فيه الكفاية. العام الماضي قدمت برنامجاً عن عادات الأعراس في كفربو .الجدير بالذكر أخيرا أن المدينة التي أعيش فيها كان يطلق عليها سانتاغو دل استيرو أخت حماة و كان ذلك مكتوباً على لافتة كبيرة عند مدخل المدينة

• هل من كلمة إلى كفربو وسورية ؟

يا سوريا الجميلة كرسائل العشاق

يا سوريا البهية كطرحة عروس

        يا سوريا التعيسة كرحم عاقر

يا سوريا الشهية كينبوع

يا سوريا المرة كخبز الجائع

يا سوريا الدافئة كحضن أم

 يا سوريا الباردة كمنفى شاعر


يا سوريا الطيبة كتفاح الجنة

يا سوريا القاسية كثأر بدوي

يا سوريا الحلم كأغنية ثائر

يا سوريا الذاهبة في الجرح

العائدة مع الأمل

وإن تأخر في سفره المسافر

 يا سوريا الواجعة الموجعة

الصابرة المفجوعة

إنّا نحبك كما أنت

 و إنّا بانتظارك كيفما عدت

فالفجر آت لا محال

 مهما كان ظلام الليل جائر

-أما بلدتي الحبيبة فهي ما زالت معي هنا، أخبئها في حقائبي المحملة بالحنين و الذكريات و صور الناس الذين بينهم و معهم تعرفت على الحياة .سأعود يوماً إلى حضنها

ماهو انطباعك ورأيك بتجربة موقع مجلة كفربو الثقافية ؟

قد لا يكفي الشكر لجهود طاقم العمل في هذه المجلة التي  فتحت لنا كوة ثقافية من خلالها على الطاقات الفكرية و الإبداعية في البلدة و نستمد منها قليلاً من الروح التي تركناها قبل أن نغادر. خالص أمنياتي لكم بالتوفيق فيما تقدمون

لماذا طالت فترة الاغتراب عن كفربو , وهل ستزورين كفربو قريبا” ؟

لم تسمح الظروف بالعودة و أتمنى أن تزول هذه الظروف لأن الحنين يكاد يقتلني

 

 

ما هو سر نجاحك ؟

ليس هناك سر، لأنني لا أعتبر نفسي نجحت بعد، أحاول أن أكون ناجحة فقط …

هل هناك من سؤال تحبين أن أسألك إياه و لم أسأله… و إن كان فتفضلي بالإجابة عنه؟

ليس هناك من سؤال. فقط إجابة بالشكر لكم من أعماق قلبي…

 

•           تعجز الكلمات عن وصف كل ما قلته ووصفته  و لكن أكتفي بالقول : أتمنى لك التوفيق و النجاح…

 

———————-

* وقد بادر الفريق الثقافي برفقة الأستاذ مفيد ناصر لزيارة منزل الكاتبة والأديبة كراسيا العوض  في بلدة كفربو التابعة لمحافظة حماه السورية ,  حيث كان اللقاء حارا” وصادقا” يحمل نبلا” ورقيا” لا نظير له , ولدى سؤالنا للسيد نوري العوض أبو بشار  المحترم عن طفولة ابنته كراسيا قال لنا :

28022014218نسخ [640x480]

كانت منذ الصغر هادئة ومرتبة وذكية ..الخ  , وكانت من الأوائل بين زملائها في المدرسة ..فقد كانت متعلقة كثيرا” بالقراءة لدرجة أنها تقرأ وهي تأكل …

إضافة إلى أنها كانت تعشق الرسم والغناء فهي تستطيع وهي في الثامنة من العمر أن ترسم أي منظر أمامها

28022014223نسخ [640x480]

28022014227نسخ [640x480]28022014225نسخ [640x480]

*  وبعد هذا الحديث وجهنا نفس السؤال للسيدة فوزة العوض  أم بشار  المحترمة والدة الأديبة كراسيا حيث قالت لنا :

كنت أعتمد عليها في أعمال البيت منذ كان عمرها( 12 عام )  فقد كانت تطهو وترتب صفرة الطعام بطريقة أنيقة جدا” … وعندما أعود من عمل الحقل أجد كل شيء مرتب وجاهز برغم ظروفها الدراسية .. كانت خجولة ومهذبة… وفي الصف السادس أخذت المرتبة الأولى في الفصاحة والشعر وكان من المقرر أن تكون من الرواد على مستوى القطر ولكن شاءت الظروف  أن تكون غير ذلك…

28022014219نسخ [640x480]

28022014230نسخ [640x480]28022014232نسخ [640x480]

 

*ولدى سؤالنا لوالديها عن بعض الكلمات لابنتهم في غربتها  قالوا  :

28022014238نسخ [640x480]

28022014239نسخ [640x480]

سامحينا يا ابنتا … لم نؤدٍ واجبنا تجاهك

الله يوفقك بعملك وحياتك ويعوض عليك بأيام سعيدة مليئة بالأمل و التفاؤل …

يسوع والسيدة العذراء ينورون حياتك وطريقك ويكون هذا الطريق وردا” وياسمينا” ..

نحن ندعو لك من كل قلوبنا ولو كنا نستطيع أن نخرج من ذواتنا لذهبنا إليك ..

إن كتبك محفوظة لدينا حيث نتّصبح بهم كل يوم على أنغام شوقنا ومحبتنا لرؤيتك ..

أخيرا” أنت القريبة البعيدة يا فلذة القلب والعين وكل عام وأنت بخير في جميع الأعياد …

 

 

 

————————————–

 

لنا كلمة :

نتمنى التوفيق والنجاح والصحة لابنة كفربو الغالية المغتربة  كراسيا العوض ونشكرها على هذا الأفق الجميل من الحديث الرائع في مواضيع شتى ,  ونأمل أن تزور كفربو مسقط رأسها في أقرب فرصة ولها منا نحن إدارة موقع مجلة كفربو باقة ورد وحب وشكرا ” …

 

 

التعليقات: 1

  • يقول متابع دائم:

    غراسيا العوض

    الفتاة المجتهدة و المرتبة و الذكية التي تساعد أمها في أعمال المنزل و ترتيبه، الشاعرة و الاديبة و الكاتبة، فخر الكفرباويين في بلاد المهجر……

    الشاعرة غراسيا العوض تكتب الشعر باللغة الإسبانية بعد 3 سنوات من تعلمها اللغة الإسبانية؟
    الأديبة غراسيا العوض تعرف الحشمة بأنها مسألة عقليةفلا تأثير للباس الفاضح على موضوع الحشمة.
    وهنا أشير إلى العديد من الادباء و الكتاب من أمثال الشاعر شحود يازجي و الشاعر شحود زيدان و الاديبة ثروة حلاق و المايسترو فرح عيلان و الأديبة زهيدة أرتين (متاكد لو ان الاستاذ مرهج زعرور (الله يرحمو) امتحنهم فقط بكتابة الهمزات فلن يتجاوز أعمقهم ادبا درجة اربعة من عشرة.
    لست بصدد التهجم على غراسيا او اي شخص اخر و لكن لماذا لا تنادى الاشياء بمسمياتها؟ هل شاهدتم حفل التكريم الادبي لغراسيا و الصالة التي تم فيها التكريم؟ أرجو الانتباه إلى ان غراسيا منتسبة لمنظمة تعادي المسيحية شكلا و مضمونا فهي تؤمن بالله بطريقة مختلفة عن ما ذكر في الانجيل، من مبدأ العرب كلهم جهلة و متخلفين عقليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *