مليونير على الرصيف

by tone | 31 مارس, 2014 11:55 م

images[1]

 

مررت به قبل الظهر بقليل وقد جلس على الرصيف في ظل بيته وبجانبه صديقه عمره الأركيلة ذات الخرطوم الملون الذي يشبه الأفعى التي تنفث السم القاتل ويتصل ببلورة عليها رسوم ورد وأزهار وينفث هذا الشاب من فمه دخان الأركيلة ذو الرائحة المعطرة بعد أن يكون هذا الدخان أودعه النوكتين والقطران في الرئة كبير ليزيدها انتعاشاً وتوسعاً ويعطي الدم اللون الأحمر القاني أمام هذا الشاب طاولة صغيرة عليها صحن من البزر وبكيت ما لبورو ومبايل يعمل باللمس وهو جالس وقد وضع رجلاً فوق رجل كأنه السلطان الأول سليم باشا ، حييته فرد السلام وجلست بجانبه نتبادل أطراف الحديث وبعد هنيهة من الوقت جاءت أخته الجامعية واغتصبت منه خرطوم الأركية دون استذان وراحت تسحب سحب الدخان لعلها تأتي بالمطر وكأنها محترفة بتعاطي الأركيلة وصرنا نتبادل الحديث بادئاً أنا : كم ثمن هذا الموبايل فقال باعتزاز رافعاص رأسه كالطاووس : خمسون ألف ليرة سورية قلت له : مجاملا: حسناً هذا عظيم وصمتّ ولسان حالي يقول : من أين لهذا الطانط خمسون ألف ليرة حتماً عصر أهلاً عصراً مع أنهم فقراء وحرمهم كثيراً من مواد البيت الضرورية حتى اشترى الموبايل ثم استدرت نحوه قائلا وفقاعات ماء الأركيلة في الزجاجة تعطي موسيقا معزوفة بيتهوفن: وكم سعر المالبورو قال: أربعمئة ليرة سورية قلت: يعني ثمن عشرين ربطة خبز كل يوم وهنا دخلت على الخط فتاة زميلة أخته وجلست معنا وتناولت حية الأركيلة دون إذن وراحت تغب وتبتلع وتسحب باحتراف وفور جلوس الفتاة راح أخونا يشعل سيجارة المالبورو وكأنه رجل أعمال ليظهر رجوليته أمام الفتاة وأخذ ينتفض كالطاووس ويركز جلسته ويصلح ياقته وعندما رفع رجله ليضعها على الأخرى وكان يلبس شحاطاً لفت نظري جرابه الممزق من الخلف وكعبه ظاهر بكامله من الجراب ودون أن يكترث نظرت إلى ياقة قميصه المهترئة من الخلف تساءلت ما هذا التناقض ؟ هل يلتقي الموبايل والمالبورو مع الجراب والقميص الممزقين؟
قلت يا أخي عائلتكم بسيطة ومستورة ألا تقدر الوضع فقال : على الأهل تأمين كل شيء ولا يهمني وضعها فقلت : ألا تلاحظ الغلاء والظروف فقال: هذه ليست مسؤوليتي. أجبته بصوت رقيق: أيها الشاب أنت فرد من أبناء هذا الوطن العزيز المقدس ولبنة وحجرة في جدار وطننا الحبيب وعلى كاهل الشباب يقوم الوطن وسورية الحبيبة بحاجة لكم لتكونوا الرديف لمن يبني الوطن ويحميه.
فقال : نحن ما زلنا طلاب وعيش يا …….. ونظر إلي بغضب وقال : هل أنت مزعوج من شربي الأركيلة والمالبورو فقلت : لا إنما البساطة والتواضع في كل شيء جميل ,أنا لم أر شاباً يشرب مالبورو ويلبس جراباً ممزقاً,وقميصاً مهترئاً في ياقته, فوقف حانقاً وعلا صوته : هل ستحاسبني ؟وسخرت منه قائلاً: على مهلك ,جلِّس شواربك ورقِّع جرابك وغيِّر قميصك حتى تُعجب الجنس الآخر اللواتي يحببن المظاهر ولا يعرفن ما خلف السواتر .
وبالمقابل هناك شباب يحملون المسؤولية وهم في جدية كبيرة يقدرون ظروف عائلتهم وهم مخلصون وعندهم حكمة الشيوخ بارك الله فيهم ونهضت وتركت مجلس هذا غير المبالي المتمظهر.

ملاحظة رئيس التحرير: /فكرة القصة من الدكتور خليل جرجس/ لذا اقتضى التنويه

Endnotes:
  1. [Image]: http://kfarbou-magazine.com/wp-content/uploads/images39.jpeg

Source URL: https://kfarbou-magazine.com/issue/6948