الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

القرشي..شعراً..وشاعراً

243266

 

برحيل الشاعر الأستاذ حسن عبدالله القرشي.. تكون المملكة قد فقدت علماً من أعلامها الشعرية.. ورمزاً من رموز التجديد الشعري فيها.. وصوتاً ندياً من أصواتها التي شنفت الأذن العربية على مدى نصف قرن أو يزيد.. ببوجه الذاتي، ومشاعره القومية؛ والوطنية.. فكم اعتلى من منبر أدبي.. ومهرجان شعري.. داخل المملكة وخارجها..وكم أسمع، وأطرب، وأشجى.. بذوب وجدانه.. ورهافة مشاعره الإنسانية.. وشحناته المتقدة بالهموم الكبرى نحو دينه وأمته ووطنه.وقد تجاوز الثمانين من عمره عند رحيله.. حيث ولد عام 1344هـ 1927م – لا كما جاءت التخبطات في بعض ما كتب عنه نهاية الأسبوع بأنه ولد عام 1934م.
ولتأكيد تاريخ ميلاده: أنه سألني ذات مرى عن عمري فأجبته بأن حفيظة النفوس تقول بمولدي عام 1349هـ وأنا أرجح أنني قبل ذلك بسنتين أي 1347هـ قال: أما أنا فأجزم أني أسن منك حيث ولدت عام 1344هـ وكنت أتوقع أني أسن منه..!لقد ملأ الراحل الصديق هذا العمر المديد – نسبيا – بما أنتج وخلف من آثار شعرية ونثرية.. ستبقى شاهداً على إسهاماته القلمية في خدمة دينه وأمته ووطنه.. وفي خدمة الأدب، والشعر منه بخاصة.
شعره:
شعر الأستاذ حسن القرشي ذو مناطات.. ومنطلقات مختلفة ومتنوعة.. ككثير من الشعراء الشموليين.. الذين يسرجون خيول خيالاتهم وإبداعاتهم في فضاءات الحس النفسي.. وارتفاق مرايا الحياة التي تعكس ما لا يحصى من صورها المختلفة الألوان والأبعاد.. منها المشرق في ذاته.. وفيها المعتم بتأثير غيرها فيها..!
في ديوانه (زحام الأشواق) والذي أرخ إهداءه إلي بـ29-2- 94م مع كلمات عطرة نفحني بها.. تدل على خلقه النبيل، وسمو نظرته نحو أصدقائه ومجايليه في هذا الديوان ثلاث قصائد تخرج عن إطاره العام.. هي (مع القمر) ومرثيته في (الشيخ علوي مالكي) ومرثيته في (علي باكثير – رحمهم الله جميعا) أما ما عدا هذه القصائد الثلاث.. فهي (الوجدانيات) التي جعلها مقطوعات.. منها الطوال نسبياً ومنها القصار.. وكلها تدور حول الحب والأشواق الملتهبة.. والهوى والعتاب والشباب…!
وفي رأيي – وقد قلت هذا في أحد كتبي – أن شعر الغزل هو الذي يدل على شاعرية الشاعر.. ومن لا يجيد شعر الغزل فحري به أن لا يجيد ما سواه.. وشاعرنا القرشي من أجود من يصوغ بسمات الحب.. وترانيم الهوى..وليس بالضرورة أن تكون همهمات الحب والعشق والهوى ذات منطلقات محرمة.. إذ قد تكون القصيدة الغزلية الجميلة في رفيقة الدرب.. وشريكة الحياة (الزوجة) ولمَ لا.. وهي التي.. والتي..!
ومن مقطوعات شاعرنا القرشي في هذا المجال مقطوعة بعنوان:(نقش النار): (زحام الأشواق) ص46.
أو تخشينني..؟ عداك الوجيب
كيف تخشين مِن هواي هروب؟
علقتك الضلوع قبل الحنايا
وتنادى الفؤاد أنتِ الحبيب
كل عمري مطيع قبل حُبِّيك
وشعري مروع منهوب
كل رسم في القلب ولّى ليبقي
في فؤادي رسمٌ وحيدٌ يلوب
نقشت رسمك المحبب نارٌ
هي الشمس نورها مشبوب
أو تخشينني وقد قيدتني
عينُكِ البكرُ فالمحب سليب؟
من يدرس شعر حسن القرشي.. أو حتى من يقرؤه قراءة فاحصة.. وبحاسة ذوقية.. يجده لوحات تعبيرية متناسقة أسلوباً وصياغة.. وان تفاوتت محتوى ورؤى.. وليس شرطا للجودة أن تكون كل لوحة زاهية الألوان.. فقد تجد الزاهي كما (روضة خريم) بعدما تسكب السحب دموعها عليها بغزارة ويؤدي جمالها الربيعي كامل معنى الجمال.. وقد تجد فيها الألوان المحروقة.. والصحارى القاحلة..!
فالشاعر المنفتح على جميع الأطياف هو الذي يلتقط صوراً متنوعة ومختلفة من مشاهد الحياة الحسية والمعنوية.. غنية بالنغم المطرب او النغم المشجي.. وهذا ما يتكىء عليه شعر فقيدنا القرشي في غالبية شعره.وليس تفاعله بقضايا أمته وأحداثها المؤلمة.. بأقل من تفاعلاته الوجدانية والعاطفية.
فهو حين يقارب بين ماضي العرب والمسلمين غابراً وحاضراً.. يكاد لشدة تألمه أن يختنق لفداحة ما آل إليه حال هذه الأمة من ضعف و خور وانخذال واستكانة لأعدائها:
(أغَصُّ أغَصُّ ان ذكرت لنا أمجاد ماضينا
خوِينا قد تجمد دمعنا عدنا ملايينا
ملايينا من الأشباح تُسقى اليأس غسلينا
كأن (محمداً) و(الهدى) ما مرَّا بوادينا
كأن الفتح فتح الأمس حلم في مآقينا
كأن علوج (إسرائيل) تعشقهم روابينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *