الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حوارمع القاصة فاديا عيسى قراجه

9999452019

 

«تفتحت براعم أدبها القصصي من قطع حجر على سطح منزلٍ عاصر بداياتها الأدبية، ودخلت عالم القصة التي استوحتها من الواقع المغلف بخيال الأنثى المرهف، فالقصة عندها لا يحددها عنصر دون آخر وعملية الإبداع لديها عبارة عن خلية نحل تتضافر جهود العاملات فيها كلٍ حسب اختصاصه لاستخراج عسل الكلام وذلك بإخضاعها لأقنيةٍ عديدةٍ.
وبعد خمس مجموعاتٍ قصصية، يتأرجح قلمها بين القص والرواية، من الأسماء? التي سُطرت على لوائح الجوائز العربية “فاديا عيسى قراجة” ، بمناسبة صدور مجموعتها القصصية “القصة الأخيرة” كان لنا معها هذا الحوار ..
القصة هي تجربة يرتبها ويبرمجها العقل الذي تنبثق منه »ما مدى صحة هذا القول وهل ينطبق على قصص “فاديا قراجة “؟?
ج- لعلني سأتوقف قليلاً عند هذه المقولة 😕
لحظة الإبداع هي لحظة تنويرية لا علاقة لها بالبرمجة ولا بأي رابط عقلاني لأن الكتابة هي الجنون عينه , بمعنى آخر.. قمة الجنون ما يفعله المبدع حيث يمضي أياماً وربما شهور برفقة عوالم قد لا تخصه لا من قريب ولا من بعيد ,يحاكيها , يختلف معها ,تتلاعب به ,يتلاعب بها, يقرر مصائرها , تغير قناعاته وقد يربطه بها علاقات عاطفية وأخرى اجتماعية, وقد تكون عدايئة لو شططنا بتفكيرنا ..كل ذلك يحدث في لحظة الخلق, ثم يأتي بعد ذلك دور العودة إلى العقل ..الذي سيعمل على الحذف والإضافة, لاحظي كم يشاغب العقل على لحظات التنوير الأولى وذلك بانتهاك حرمة جنونها وكل ما ذكرت ينطبق على تجربتي القصصية .
من تقصدين بالشخصيات التالية :”أبو عبدو النسونجي ؛لوحة العنقاء (أنا? شخصيا ً أصبح لدي فضول قارئ لمعرفة ما ترمز إليه هذه اللوحة) ؛تكرار اللون الأزرق في أكثر من قصة “؟
ج- قصة أبو عبدو النسونجي أعتبرها قصة الخروج عن مألوف القصة النسوية? التي تشتغل عليها بعض القاصات ..وأبو عبدو النسونجي شخصية تحمل من الواقع بالقدر نفسه الذي تحمله من الخيال فللرجل أيضاً هواجسه وهمومه ,له جماليات لا يمكن أن نتغاضى عنها ونكرس قلمنا لتعريته , ,لعلني بهذه القصة أضع النقاط على الحروف في كيفية فهمي للرجل ,أما عن سؤالك عن لوحة العنقاء في قصة الأصدقاء كنت أتمنى أن أترك للقارئ أن يقرأها بالطريقة التي تناسب فكره وثقافته ,ولكن دعيني أقول أن العنقاء هي لوحة تنعي الصداقة والأصدقاء ففي ذاكرتنا الجمعية أن أحد المستحيلات الثلاثة الخل الوفي ,لذلك تلجأ البطلة إلى رفقة كلب وتتواصل معه على طول القصة وعرضها وتختلف معه من أجل أصدقائها اللذين غدروا بها …..واللون الأزرق لون الأمداء (البحر والسماء ) ولعل تكراره في قصصي فُرض فرضاً لما يشكله من توق إلى تلك الأقانيم ..
هل تعتبرين أن قصصك هي نتيجة ً لإلهام أو خيال ،أم أن معظمها من الواقع ، ومن أين تستوحي “فاديا ” شخصياتها ؟?
ج- إن ُكتبت القصة بواقع محض ستتحول إلى قصة تأديبية تقريرية ,ستنفر? القارئ وإن ُكتبت بخيال محض فإنها ستدخل فيما يسمى بالفنتازيا وهذابدوره سيبعد القارئ عنها ,لذلك أكتب قصصي بعد أن أغمس من عالمي الخيال والواقع ,أحيانا نسمع عن قصص واقعية تفوق الخيال بجنونها وعدم مصداقيتها, فالذي يحصل في عالمنا فاق كل تصور ..أما شخصيات قصصي فهي من عالمنا السفلي وأعتذر عن هذا اللفظ فقد أصبحنا نتواطأ في تصنيفات المجتمع الإستهلاكي الذي أوصلتنا إليه المادة ,فلو أمكن لك أن تتصفحي قصصي ستجدين انحيازي الشديد للعالم الذي لا يهم أحد ..عالم المسحوقين.. المنبوذين الذين لا يسمع صوتهم ,حيث أن عالمهم لن يعني سواهم .
في أحد حواراتك قلت أننا بزمن عزّ فيه وجود قارئ حقيقي ، برأيك من هو هذا القارئ ،ولمن تتوجهين بكتاباتك وتحرصين على أن يقرؤوها؟?
ج- هذا الأمر ليس سراً و لا يخفى على أحد ما وصلت إليه القراءة في الوطن? العربي , ولا نستطيع أن نضع رؤوسنا بالرمال أمام تقارير المنظمات العالمية عن حصة الفرد العربي من القراءة أمام حصة الفرد الغربي ,لكننا ككتاّب محكومون بالأمل ونتوق إلى القارئ الحقيقي ,المتابع الذي يستوقفك بثقافته ووعيه ولكن للأسف نكتب ونقرأ لبعضنا دون مشاركة فعالة ممن نكتب عنهم وإليهم ,وكما ذكرت أتوجه في كتاباتي لكل الشرائح الإجتماعية وخصوصاً المرأة التي آن لها أن تنهي هذا الإعتصام غير السلمي بينها وبين الرجل من جهة وبينها وبين نفسها من جهة أخرى ..
يقول أحدهم أن الكتابة هي مقاومة للموت ودفاع عن الحياة ،ماذا تحقق الكتابة ل “فاديا “؟?
ج- الكتابة هي أهم انجاز بشري فلولا الكتابة والتدوين لما وصلت إلينا? أخبار وحكايات من سبقونا .. الكتابة تجعلك تقولين كل ما تهوين بطريقة جميلة شاعرية ,دافئة ,الكتابة مسؤولية كبيرة وجميلة ولا أستطيع أن أتخيل حياتي دون كتابة لأنها بدأت معي منذ الصغر ,ورافقتني كل مراحل حياتي , عبّرتُ من خلالها عن ارهاصاتي وعواطفي ,عن وجعي وألمي عن انتصاراتي وانكساراتي, الكتابة هي تواصلك مع كل الناس فبلحظة واحدة سيفترش طاولتك الأمير والفقير , الشاب والكهل, الرجل والمرأة …الكتابة هي أجمل اختراع لو لم نجدها لاخترعناها على رأي نزار قباني في وصفه للحب الذي يشابه فعل الكتابة ,وهي بالفعل مقاومة الموت ودفاع عن الحياة .
يقول الكاتب “إرنست همنغواي” :«القصة القصيرة مثل الجليد يجب أن يدعمها? الجزء غير المرئي وهذا الجزء يتلخص في كل الأفكار »ما رأيك بهذا القول ،وهل يمكن أن نقوله عن كتاب القصة القصيرة في بلادنا ؟
ج- أنا مع هذا القول إلى حد معين , فالكلام المجرد لن يقدم قصة ولكن? أيضاً الأفكار وحدها لا تصنع قصة, هناك خلطة سحرية تتضافر مجتمعة لتقدم لنا قصة لا يمكن أن ننساها فمثلاً انطون تشيخوف لم يقدم أفكاراً مجردة في قصصه المذهلة ,فهناك شيء سحري عندما تقرأين له ,شيء يخصك يتكلم بلسانك ,وهذا ينطبق على زكريا تامر بعفويته المدروسة وقربه من الشارع بألفاظ سهلة ساحرة رشيقة لا تستطيعين مهما حاولت الكتابة والمسح أن تكتبي كما يكتب هذا الرجل العملاق..
قلائل هم الكتاب الذين يحفرون قصصهم في عقولنا وعواطفنا ,وذلك برشاقة تعبيرهم, وسهولة طرحهم تلك المسماة السهل الممتنع ,كم قلماً حاول تقليد رشاقة قلم حسيب كيالي ,و زكريا تامر ولكن النفس بفتح الفاء كما تقول الأمهات ذاك النفس العبق الذي يميز قلماً عن آخر …إذاً القصة لا يحددها عنصر دون الآخر فهي خلية نحل تتضافر جهود العاملات كل حسب اختصاصه لاستخراج عسل الكلام وذلك باخضاع القصة لأقنية عديدة ..
ما هو جديد فاديا ، وهل ذلك الجديد سيرضي طموحاتك ؟?
ج- هناك مجموعة قصصية جديدة كل قصصها كتبت هذا العام ,ورواية كما ذكرت? وهذه تجربتي الأولى في كتابة الرواية ,أتمنى أن تلاقي ما لاقته قصصي من نجاح ,لا أريد أن أصل إلى مرحلة الرضا عما أكتب ,فالطموح لا سقف له عندي ,وعندما يصل المبدع إلى مرحلة رضاه عما يكتب سيبدأ بتكرار ذاته وهذا أكثر ما يرعبني .
الجدير بالذكر أن القاصة فاديا عيسى قراجه مواليد الجولان(القنيطرة) وقد حازت على الكثير من الجوائز والتكريمات .?عن منتدى المفتاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *