الاثنين 1يناير 2024: هيئة التحرير وادارة موقع المجلة تبارك للجميع بحلول عام جديد متمنين لكم عاما مليئا بالخير والمحبة راجين من الله أن يعم السلام كل سورية ودمتم بخير ..  * 

حوار سابق مع الراحل ميخائيل عيد

o-883

أعتقد أنني لم أصل إلى مستوى من يطلق عليهم لقب الشاعر.. فكلمة شاعر تعني جزء من نبوءة أو مستوى ثقافي رفيع وأنا أرى أن الشاعر مسؤول عن مصير الأمة فأنا ما زلت أدنى من هذا المستوى بكثير وقد تستغربين أنني لا أحلم أن أصل إلى هذا المستوى وأنا ليس لي تجربة فقد مميزة عشت حياتي التي كانت في البداية فقيرة مادياً جداً وكنت دائماً أعمل ولم يكن يخطر في بالي يوماً أن أتجه نحو الكتابة رغم أني ما زلت منذ بدايتي أتدخل في محاورات الزجالين فإذا تلكأ أحدهم فأرد عليه بجواب يحرجه مما يغضبهم وأحياناً كانوا يضعون شروطاً ألا أدخل وكنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي وعرفت فيما بعد أن القصائد مثل الزير سالم أعطتني شيئاً من السليقة والإيقاعية فأصبحت أنظم الشعر قبل أن أتقن علم العروض وفي تلك المرحلة بدأت أكتب الزجل والشعر الفصيح لم يخطر في بالي أن أجدد في الشعر الفصيح لكني جددت في الشعر بالعامية فكتبت على أوزان غير مألوفة أما أغاني فيروز فقد أثرت في جداً وحلمت أن تولد فيروز أخرى في سوريا وقد بذلت جهدي لأكتب بالعامية شيئاً أرضى عنه وفي ذلك الوقت كان ما كتبته جديداً بالنسبة لي أما الآن فهو عادي قياساً لما كنت أطمح إليه أما قياساً على ما كان يجري من مساجلات ويطرح من زجل لم يكن عادياً وفي الشعر لم أتجاوز الحدود المتوسطة ولكن في الزجل كتبت أموراً أرضى عنها.الأمر ليس تواضعاً والآن لم أعد أكتب الشعر أو الزجل.
ـ لماذا؟
ربما دراستي للفلسفة جعلت تلك الفورة العاطفية تخفت وبدأ يحل محلها النقد والقراءة السياسية مع أنني حتى في مقالاتي أكتب شيئاً فيه طلاوة.
ـ ما رأيك فيما يقال عن موضوع الحداثة في الشعر وما تلقاه من هجوم ودفاع؟
نحن لم نعرف الحداثة بعد.. لا أعرف كيف ترجموها شكلاً في التعبير الشعري ،فقط الحداثة هي انقلاب مجتمعي كامل علمي أولاً وقد بدأت في الغرب بإزاحة الأرض من مركز الكون أي في علم الفلك ولكن ترجمت لنا وكأنها إزاحة الشكل الكلاسيكي في التعبير الشعري بينما الحداثة الحقيقية هي انقلاب كوني في مفاهيم الإنسان وطرح مسألة العلم على كل صعيد وأن لا سلطان إلا للعقل وكان بعد ذلك النهوض في الصناعة والمواصلات وأدوات الطباعة ووسائل النشر ثم يقول أحد الباحثين إن الحداثة الغربية خرجت من زنزانات محاكم التفتيش بمعنى أن المحاكم منعت قراءة الشعر الكلاسيكي اليوناني. وكان يسجن كل من يقرأ شعراً كلاسيكياً وعندما حطمت جدران السجون خرج الشعراء الممتلئون حماساً للقول وقد نسوا الأساليب الكلاسيكية فأبدعوا، ما صار يدعى حداثة من هنا أقول مؤكداً لقد وصل إلينا ظل الحداثة ولم نعرف الحداثة بعد أو لنقل بشكل ما، أخذنا قشور الحداثة وعرفناها شكلياً فقط.
فالحداثة في الشعر تحتاج إلى حداثة في المجتمع أي يجب أن يكون المجتمع حديثاً في كل شيء لا أن أركب المرسيدس وأغني للجِمال أو أتلقى الصواريخ وأقذفها ثم أغني للسيف والقلم.. وهذا ليس من الحداثة في شيء..
إن قصيدة النثر والقصة القصيرة قديمتان جداً وقد وجدت في الحكايات وفي الأساطير ولكن كجزء من كل فجمالية الكلمة موجودة.
نستطيع أن نقول كل كلام جميل هو شعر على إيقاعات معينة أو من غير إيقاعات.
فلا ضوابط للشعر الحديث إذا أردنا أن نتوسع في ذلك، في الكنيسة الأرثوذكسية ترجموا ألف لحن من ألحان بيزنطية إلى لغتنا العربية.
وهي تغنى على الألحان البيزنطية فاللغة العربية تحتمل كل شيء وتتسع لكل أوزان الشعر العالمي فأي نثر ممكن أن يلحن ويغنى وكل كلام ممكن أن يصبح له إيقاعات فالشعر ليس شكلاً وليس إيقاعاً فحسب هو روح مبدعة تنصهر وتسيل في كلمات على الورق، يميز بما فيه من روح المبدع ،الوزن لا يعني الجمال.
فهناك قصائد موزونة مقفاة ولا خلل عروضياً فيها ولكنها لا تمت للشعر بصلة وتفتقر إلى كل حس جمالي وإذاً الشعر ليس شكلاً إطلاقاً ،وكل تحديد لشكل الشعر هو قتل لروح الشعر وجوهره وافقار لكلام الجوهر..
ـ ما رأيك في هذا الكم الهائل من الشعراء؟
إن غير الموهوبين لن يكتبوا شعراً هذا لا يعني ألا تتقن كل فنون القول والموجة التي تدور الآن وجدت في الأزمنة كلها إن عصر المتنبي قد ضم عشرات ، مئات بل ألوف الشعراء إلى جانب المتنبي ولكن الذي عبر عن روح ذلك العصر كوكبة قليلة من الشعراء لن نمنع أحداً عن الكتابة وإذا لم يكن وليكونوا قراء جيدين فشجرة الشعراء الكبيرة العملاقة تتغذى بالأعشاب التي تنمو حولها .
ـ هناك مقولات يرددها الجيل الجديد إن جيلكم يحاربه فما ردك؟
ـ لا أفهم كيف يقولون إننا نحاربهم؟ نحارب ضعفهم ممكن وأنا أتمنى أن يحارب أحداً ضعفي ليخلصني منه بعد أن يدلني عليه وبهذا الكلام الذي يزعمونه يقرون بضعفهم أنا لم أسمع سنديانة في حياتي شكت من عصف العواصف حولها.. كانت تواجهها مبتسمة وتبقى شامخة الرأس وتعد العاصفة من بين العواصف التي مرت بها إذا كان الشبان الذين يكتبون شعراء حقيقيون فلا يخافوا نقد الناقدين وإذا تدربوا على القتال في ميادين حقيقية فيها فرسان حقيقيون يصبحون فرسان حقيقيين فلماذا الشكوى.
ـ يقودنا هذا إلى موضوع آخر ما رأيك كميخائيل عيد بميخائيل عيد الشاعر؟
ـ أنا نادم على أكثر من 70 بالمائة مما كتبت وأن ما كتبته لا يرضيني، مع أنه هو ما جعلني أصبح أنا وليس كل ما أكتبه الآن جيداً أنا أمر بحالات أكتب عنها ولا أرضى تماماً عن كل ما أكتب.
أحياناً عندما أكتب أكون متحمساً لحالة الغليان التي بي ثم أرى أنه فاتر وليس بالحرارة التي يجب أن يخرج بها.
ـ هل تعتقد أنك حققت من الشهرة ما تستحق؟
أنا لم تكن الشهرة تعنيني مطلقاً وكان الأفضل أن تسأليني هل ضميرك مرتاح؟أنا كتبت ما اقتنعت به وخيل لي وأنا أكتب أنه مفيد وأنه صوتي الخاص منذ صغري وفي كل ما كتبت كنت أرفض أن أكون ظلاً لأحد وكنت دائماً أقول وما زلت أقول الطبيعة تتسع لكل الكائنات والمسخ هو مسخ حتى لو كان مسخ الله من الآلهة القديمة.
الكائن الحي حتى الغراب هو جميل بذاته والطبيعة تحتاجه أفضل أن أكون غراباً ولا أكون مسخ نسر..
حاولت جهدي أن يكون لي هذا الصوت الخاص وأخذت من كل ما وصل إلي من ثقافات العالم ولم أقلد أحداً.. وسعيت إلى أن ابقى أنا لا أفتعل.. إذا أعجب الآخرون حسناً وإذا لم يعجبهم فليس لدي غيره لأقدمه..
قد أتأثر وهذا طبيعي ولكني لا أقلد.
ـ ماذا قدم اتحاد الكتاب العرب للثقافة العربية؟
ـ اتحاد الكتاب العرب منظمة نقابية مهنية تؤدي دورها الثقافي في حدود إمكانياتها وفي الحدود التي تتيحها هذه الإمكانات لأفراده لم يرغمنا أحد على الانتساب إلى الاتحاد ولا نرغم أحداً على الانتساب كانت ميزانيتنا محدودة فكانت مساهماتنا أيضاً محدودة.
ولسنا نادمين على ذلك فنحن بذلنا كل ما في وسعنا لنقدم أقصى حد ممكن من الخدمات الثقافية إلى المبدعين وإلى الثقافة وأعضاء الاتحاد..
كثيرون من الذين يتكلمون عن الاتحاد يطلون علينا من شرفاتهم الفردية ويتفرجون على ما نعانيه ونحن نخوض في وحل الواقع الثقافي العربي.
يقولون أخطأتم هنا.. لم تحسنوا المسير هناك وليس في وسعنا أن نقول لهم تفضلوا أنزلوا من شرفاتكم وخوضوا معنا التجربة.
كان اتحاد الكتاب العرب يصدر مجلة واحدة هو الآن يصدر خمس مجلات وبدأنا نصدر السادسة وهي بالإنجليزية والفرنسية لنقل تجارب كتابنا إلى الآخرين.
كانت ميزانيتنا السنوية لا تتجاوز ثلاثة ملايين ليرة سورية أو تجاوزتها بقليل حتى أواخر الثمانينات الآن نحن ننفق على ما ننشره من كتب ومجلات ومعونات وفاة ورواتب تقاعدية للكتاب ما يعادل خمسين مليون ليرة سورية .
ـ ولماذا إذاً يهاجم الاتحاد؟
إنهم يهاجموننا لأنه لنا موقف أساسي واضح معادٍ للتطبيع.
ولقد هوجم الأستاذ علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب على مقال لم يكتبه ويتحدى أن يكون قد سطر كلمة واحدة منه. وهي إحدى الافتراءات الصغيرة التي تم توجيهها لرئيس الاتحاد وللاتحاد باسم رئيسه.
هناك حلقة قبيحة بكل أسف أحد الكتاب الذين دعوا إلى التطبيع فصلناه من الاتحاد فقامت الدنيا ولم تقعد كتب أحد الصحفيين (النشامى)/ أنا لم أستغرب طرد اتحاد الكتاب لمثل هذا العملاق من صفوفه الذي أستغربه كيف انتسب هذا العملاق إلى الاتحاد/ عندما قرأت هذا الكلام ضحكت كثيراً ووددت أن تصل همستي إلى هذا الشاب المتحمس لأقول له أن عملاقك هذا انتسب إلى اتحاد الكتاب العرب وانتسب إلى الجمعية السكنية التي خصصناها لفقراء الأعضاء بل باع نصيبه بالسوق السوداء.. وربح ربحاً مرموقاً وحرم آخر من فقراء الاتحاد فلا يزايدوا علينا وسنرد بالمزيد من العمل المتواصل والدؤوب.
إننا نصدر سنوياً في الاتحاد عدا المجلات مئة وخمسين كتاباً سنوياً موزعة على الأجناس؟
نصدر كل سنة بين السبعة والعشرين كتاباً تكريماً لأعضاء تم تكريمهم من قبل الاتحاد..
ـ لنتكلم قليلاً عن ميخائيل عيد المترجم؟
ـ أنا بدأت الترجمة بعد أن عدت من صوفيا وأقمت في دمشق عام 1970 وبدأت بترجمة القصص قرأت لكبار الكلاسيكيين البلغار واخترت من أعمالهم القصصية ما أعجبني ثم وقعت على كتاب نقدي هو بين أهم ما قرأت في حياتي اسمه (أبطال وطباعة) فترجمته وتعرفت على كاتبه الكبير فترجمت للكاتب إيفريم كارانفيليوف كتابين ثم ترجمت كتاباً في الفن التشكيلي عنوانه الفانوس السحري وهو من الكتب الهامة جداً وبين هذه الكتب ترجمت عشرات الكتب للأطفال وللشعراء ومسرحيين وترجمت عبر البلغارية للكثير من الكتاب العالميين حوالي 48 كتاباً وكتيباً.
أنوي أن أترجم الآن للكاتب الساخر الكبير (تشودمير) كما أترجم فعلاً قاموس المصطلحات الأدبية العالمية وأنشره تباعاً.
وأنا مسرور جداً لما ترجمت من كتب الأطفال فقد انتقينا الأجمل وقد نفدت كلها..
ما أستغربه حتى الآن أنني لم أجد ناقداً جاداً يضربني على يدي ويقول لي أخطأت هنا أو هنا لقد سمعت الكثير من المديح لما ترجمت وأنا أعود الآن إلى ما ترجمت فأجد أخطاء لم يكن من الواجب أن أقع بها وكنت أتمنى من هم أكبر مني وافهم من نقدوني وأرشدوني إلى أخطائي الشائعة في اللغة التي الآن أخجل منها مع أنها ليست كبيرة والحمد لله.
الأستاذ الكبير عبد المعين الملوحي هو الوحيد الذي نبهني إلى بعض الأخطاء الشائعة في أروع كتاب ترجمته.. وأتمنى أن أصل إلى حلمي بعيد المنال.. ألا أجد أخطاء في اللغة العربية…
ـ ما رأيك بما يجري على الساحة العراقية حالياً؟..
أنا لست مفكراً ولا يوجد في الأمة العربية مفكر، إني قارىء وأسعى أن تكون لي وجهة نظر فيما يجري وقد يكون رأيي مبنياً على شعوري الوطني أولاً فأنا أرفض أن يوجد في العالم قيّم على أحوال العالم خصوصاً إذا كان هذا (القيّم) يبني نظراته على مصالح احتكاراته المعادية لمصالح شعوب العالم بما فيها مصالح الشعب الأمريكي نفسه.. أنا أسأل نفسي كثيراً عن من دعم وساند طغاة العالم كلهم هل جرى في العالم انقلاب ضد الديمقراطية الحقيقية في العالم الأمر كانت اليد الأمريكية وراءه هل وجد على الأرض نظام طغيان لم تمد له الولايات المتحدة يد العون فجأة يقال لنا الولايات المتحدة دولة مسيحية إذا كانت الولايات المتحدة (مسيحية) فالمسيح ليس مسيحياً ما يجري في العراق هو جزء من اللعبة العالمية ،العدو الرئيس لنا الآن في العالم ولكل العالم هو الولايات المتحدة ونحن نرى كيف أنها لا ترى ما يفعله شارون بأهلنا في فلسطين ولا نرى أي شر يخدم مصالحها في العالم.
أنا شخصياً وهذا مع الكثير من المرارة أقول أصبحت أفرح حتى عندما عاصفة تعصف واحدة من عواصف الولايات المتحدة مع أنني أكره أن أقتل نملة لقد زرعت في قلوبنا وفي قلوب الشرفاء في العالم كله ما يمس إنسانيتنا ويؤذيها..
يقولون الإرهاب وهم الإرهاب نفسه في الولايات المتحدة أسلحة

ـــــــــــــــــت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *